فيض الخاطر- (الثبات على المبادئ).
(الثبات على المبادئ)
الثبات
على الدين والاستقامة حتى الممات، من أعظم الكرامات.
الثبات
على المبادئ والقيم المثلى، والرسوخ على الإيمان حتى في زمن الفتن والبلوى؛ من أهم
صفات المؤمن الصابر القوي، وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن
الضعيف، وفي كل خير).
من
أسباب الثبات على الدين، والاستقامة على شرع الله الحنيف، وصراطه المستقيم:
أن
تعرف الله حقا، وأن تقبل عليه صدقا، وأن تكون معه دائما، وألا ترجو إلا هو، ولا
ترهب غيره، وأن تستشعر أنه يراك، وهذه منزلة عظيمة، ومرتبة رفيعة، قل من يصل
إليها، وفي الحديث: (اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك).
محاسبة
النفس على التقصير، وتعاهدها بالتذكير؛ من أهم مقومات الثبات على الدين، ومواصلة
الطريق إلى الله ـ جلا وعلا ـ.
محاسبة
العبد نفسه على التقصير في جنب الله، والتفريط في حقه ـ سبحانه وبحمده ـ وحق خلقه؛
مما يجعله يستشعر ثقل الأمانة التي كُلِفها، وعبء المسؤولية التي حُمِّلها، قال
ربنا ـ جل جلاله ـ في محكم كتابه المطهر: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).
الأحزاب: 72.
من
أكثر من محاسبة نفسه، وذكرها بالله، وخوفها وعيده؛ أمن يوم الفزع، ونجا يوم الهلع،
وكان حسابه يسيرا، كما قال ربنا: (فسوف يحاسب حسابا يسيرا). الانشقاق: 8.
نهيُ
العبد نفسه عن الوقوع في المعصية، وإصرارُه على التقرب إلى الله بما يحب، والإسراع
إليه بما شرع، من التوبة النصوح، ورد المظالم إلى أربابها؛ من أعظم التوفيق له؛
لأنه قد اهتدى إلى النور التام، والركن الركين، الذي ما آوى إليه أحد إلا نجا.
ومن
الأسباب المثبتة في السير إلى الله والدار الآخرة:
الرفقة
الصالحة. فعندما يأمر الله ـ تبارك وتعالى ـ نبيه محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ
بأن يلزم نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، ويخشونه لا يخشون أحدا إلا هو؛
يتبين لك ـ وبجلاء تام ـ ما للصحبة الصالحة من أهمية بالغة في التأثير على السلوك
والأخلاق وسائر المعاملات، قال الله ـ جل وتقدس ـ : (واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه...). الكهف: 28.
وإننا
ـ اليوم ـ نعيش في زمن كثرت فيه الفتن وتعددت، وماجت موج البحار، من فتن في
الشهوات والأخلاق، وفتن في الشبهات والعقيدة فيزداد الأمر تأكيدا على اتخاذ
وانتقاء الرفقة المعينة على الحق والبر والتقوى، ولترشده سبيل النبي المصطفى،
وتزهده في هذه الدار الصغيرة الحقيرة، كما في الآية: (...ولا تعد عيناك عنهم تريد
زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا).
الكهف.
ولا
ينكر عاقل ما للصحبة من تأثير قوي، فلقد مات أبو طالب على الشرك، وحوله أصحابه
يذكرونه دين آبائه وأسلافه.
ومن
الأسباب المثبتة على الاستقامة:
الإقبال
على كلام الله ـ جل وعلا ـ القرءان الكريم، قراءة وعلما وحفظا وعملا.
وإن
المداومة على الإقبال على القرءان الكريم آناء الليل وأطراف النهار، وتعاهده
بالمراجعة والتدبر؛ من أعظم أسباب ثبات العبد على دينه وقيمه ومبادئه المستقيمة، الموافقة
للشريعة، في زمن تخلى فيه الكثيرون عن جل مبادئهم، وتنازلوا عن كثير من القيم
الصالحة.
وإن
الإقبال على القرءان الكريم بخشوع وإخلاص وخضوع، ومحاولة تفهم آياته، والغوص في
أعماق أسراره ولطائفه؛ يجعل العبد مهتديا إلى ما أراده الله له، من الفهم والعلم
والبصيرة، فيسكن قلبه الاطمئنان، وتتأثر تبعا لذلك جوارحه، فيثبت بنور القرءان
وهدايته.
إن
العمل المتقن بما أرشد إليه القرءان الكريم قدر الاستطاعة من الأمور اللازمة لذوي
البصيرة والحجى؛ لأنهم آثروا الباقي على الفاني، والآجل على العاجل، عملا بقول
الله تعالى في كتابه المقدس: (...وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع). الرعد:
26.
الاثنين:
14/3/1436
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق