السبت، 22 أغسطس 2015

ميزان العدل

فيض الخاطر- (ميزان العدل).

(ميزان العدل)


إن من الناس من يتبرم ليلا نهارا، سرا وجهارا، لا يرى من الحياة سوى الموت، ولا من العيش سوى النكد، قد ألف طبع المتسخطين، الذين يرددون التشاؤم كل حين، ويقتلون أنفسهم من حيث هم لا يشعرون، فتراهم لا يتفكرون في أنعم المنعم ـ سبحانه ـ عليهم، ولا يؤدون حق شكرها، بل ينظرون إلى ما في أيدي الناس، وكأنهم غفلوا عن ما حباهم الله ـ جل وعلا ـ من النعم والأعطيات!!

إن من العدل والإنصاف ألا تنظر من عين واحدة للحياة والأحداث؛ لأنه من الجور والظلم والحيف، بل يجب عليك أن تفتح كلا عينيك لتنظر من خلالهما وتقارن، وتميز، وتفحص، فإذا كنت فقيرا، فيوجد من هو أفقر منك وأشد بؤسا، وإذا كنت كفيفا، فيوجد من هو كفيف ومقعد ومهموم، وإذا كنت وحيدا، فهناك طريد من الأوطان، مغرب عن الأحبة والخلان، فاعتبر، وتبصر، ولا تتعثر، وتذكر، وتأمل وتفكر، في أنعم الله عليك، وكيف أنك فيها تتنعم، وغيرك قد سلبها، فأصبح أعمى بعدما كان بصيرا، وأبكما بعدما كان يستطيع أن يتكلم ويتحدث مع من شاء، وأصما بعدما كان يسمع جيدا، ومعاقا لا يستطيع الحراك، وقبل كان يجيء ويذهب، ومعافا من السرطان، فأخذ المرض الخبيث منه مأخذه، فأصبح يترقب الموت، ومن حوله قد تأهبوا لتلقينه الشهادتين، وحادثات أخر كثيرة، وفواجع عديدة، قد حلت بساحة قوم آخرين، فأضحوا في أضيق عيش، وأبأس حال، وأنت يا من عافاك الله، وتفضل عليك بهذه النعم الجليلة، التي لا تعد ولا تحصى، ألا شكرت الله بلسانك وجوارحك، فلا تصرفها إلا فيما يرضيه ـ سبحانه ـ ، حتى لا يحل عليك سخطه، وينزل بك غضبه، وحتى ـ أيضا ـ تكون من ضمن قافلة السعداء، الذين قد انشرحت صدورهم، واتسعت خواطرهم، وتفتحت مداركهم، فعاشوا الحياة بدون تكلف أو ضغوطات...

أذكرك ـ أيها الأخ الحبيب ـ بهذه الآية العظيمة، التي يجب أن تقض مضجع كل واحد منا، كيف لا؟!! وقد توعد الله فقال: ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم). التكاثر.
وأرجو أن تكون قد وعيت هذه الآية بقلبك، وعملت لها بجوارحك، فإن الإيمان ـ كما تعلم ـ قول وعمل واعتقاد.

بقلم: الراجي عفو ربه: عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
عام/ 1433هـ.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق