(وإن تعجب فعجب ٢)
٧- كذلك من أسباب ضعف الأمة الإسلامية:
التفرق والتحزب والتجمع والولاء والبراء على أسس بشرية لا ربانية؛ فكثرت الأحزاب الإسلامية، وانتشر فكرها في بعض نواحي البلاد، وتأثر بها بعض الأغرار والسفهاء وقليلي البضاعة في العلم الشرعي المؤصل، فأصبحت تلك الجماعات تنطلق في دعوتها على أساس من الفكر المصادم للشريعة الغراء، والسنة البيضاء، فهم لا يقتدون بالسلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -؛ بل غايتهم التجميع والكثرة - ولو على حساب المخالفة في الدين -؛ فجعلوا الولاء والبراء على أساس "الجماعة" و "الحزب"، وكان يجب أن يكون على أساس "الدين" و "العقيدة" و "المنهج"، وادعوا بذلك زورا أن غايتهم الوصول للسلطة؛ من أجل تحكيم الشريعة، ولما مكنوا؛ زاروا إيران، وفتحوا الأبواب للمجوس للدخول إلى "مصر الكنانة" و "الإباء" و "الجمال"!
وبغض النظر عن تعرض كثير منهم للظلم والتعذيب، والسجن؛ بل والقتل؛ فإننا - ها هنا - بصدد الحديث عن أصل ما هم عليه؛ فإن أصولهم فاسدة، ودعوتهم غير منتجة؛ لأنهم زهدوا في العلماء الربانيين، وادعوا بأنهم لا يفقهون الواقع، ونفروا من الإصغاء إليهم؛ بل والطعن فيهم صراحة؛ بأنهم مداهنون للسلطة، ولا يستطيعون القيام بواجب النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم!
وأيدوا الثورات بوجه عام، ولم ينظروا للمصالح والمفاسد، ولم يعتبروا مقاصد الشريعة؛ فضلوا وأضلوا كثيرا.
وأحد كبرائهم كان من دعاة التقريب بين السنة والرافضة - ومنهم الخمينية، الذين هم كفرة مردة، دخلوا في الإسلام ظاهرا، وحاربوه ظاهرا وباطنا، وهذا ظاهر جلي، وما أحداث إحداثهم في حرم الله، وحربهم العراق، واحتلالهم لسوريا، واليمن، ولبنان عنا ببعيد؛ فأعملوا القتل في رقاب المسلمين؛ بل لم ير أفضع منهم، ولا أحقد ولا أخس ولا أكفر منهم؛ فقد رأيناهم كيف يعربدون هناك في أرض الشام؛ قتلا وتعذيبا، وانتهاكا للأعراض، ونهبا للأموال، ولم يسلم منهم الإنسان؛ بل ولا حتى الحجر و الشجر والحيوان؛ فقد شاهد العالم بأسره كيف يلقون البراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين المظلومين، والذين لا يملكون من الأمر شيئا، كهول وأطفال ونساء؛ فتنفجر فيهم، وإننا رأينا كيف هذه العمائر المكونة من ستة أطباق؛ تسوى بالأرض - ، ورأينا من يضرب حتى الموت، ومن يعذب بالكهرباء، ومن تقطع أيديهم، ومن ينحرون بالسكاكين، ولما انكشف الغطاء عن الحقد الدفين لهؤلاء الرافضة المشركين؛ تبرأ منهم، وصوب موقف علماء المملكة العربية السعودية، وبعدما حصل خلاف بين بلاد الحرمين الشريفين - المملكة العربية السعودية - ودولة قطر - التي يقطنها، وهي محط الإخوان المسلمين، وهي التي احتوتهم، وقربتهم من القرار السياسي، وفتحت لهم الإعلام؛ تنظيرا لفكرهم الخطير؛ القائم على الانقلابات، والثورات، والمظاهرات، والغوغائيات، وشق الطاعة، ومفارقة الجماعة، والتبرء من السنة وأهلها الخلص الصادقين، الصادعين بدعوتهم -؛ ظهر مرة أخرى؛ ليصرح بوقوفه مع إيران - زعيمة الشر، وموقدة الشرر، وحمالة الحطب في العالم الإسلامي؛ التي تحتل منه أكثر مما يحتله اليهود في دولة فلسطين؛ فإن هؤلاء المجوس الحاقدين على أمة الإسلام، قد وقع العراق بأيديهم بمعونة أمريكا؛ زعيمة الصليبيين، وربيبة اليهود الملاعنين، مع أن هؤلاء المجوس يلعنونها وينبزونها بأنها "الشيطان الأكبر"!، وتمكنوا في لبنان من خلال ما يسمى ب "حزب الله" وفي اليمن من خلال ما يسمون ب "الحوثيين" الذين يرفعون شعار "الموت لأمريكا، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام" ولم تمس أمريكا، ولا اليهود بشيء من قبلهم، ولن يمسوهم؛ فلذلك لم يدرجوهم على قائمة الإرهاب المزعوم، مع أننا نرى أن القتل دائم في أهل السنة والجماعة، ولم ينتصروا للإسلام؛ بل لشيطانهم الأكبر "عبدالملك الحوثي" المتصل بنظام الملالي والخمس والمتعة في "إيران"؛ المنفذ لخططهم الخمسينية؛ التي وضعها زنديقهم الخميني؛ عليه لعائن الله تترى؛ بهدف السيطرة على الدول الإسلامية، وهدفهم الأكبر: مكة والمدينة، ولكن هيهات هيهات؛ فإن اليهود لم يستطيعوا على أطفال الحجارة بفلسطين من سبعين سنة، والعالم الصليبي والمجوسي واليهودي والإلحادي الروسي عجز عن وقف الحراك الشعبي في سوريا؛ بطائراته ومدرعاته وعساكره، والكل رأى كيف أن النظام النصيري الحاكم في سوريا لم يستطع وقف زحف الثوار الأحرار، الهاتفين بقولهم: "الله أكبر" وبصيحاتهم "هي لله هي لله، لا للسلطة ولا للجاه" وندائهم "من قامشلوا لحوران، الشعب السوري ما بينهان" وكذلك "لن نركع إلا لله" وأيضا "الشعب يريد إسقاط النظام"، فالله غالب على أمره -، وتصريحه بموقفه هذا الظاهر - والله أعلم - من توجيهات السلطة، وإلا لماذا هذا النكوص عن موقفه قبل ذلك؛ لما صوب علماء المملكة العربية السعودية في رأيهم في الرافضة؟!!!
ويغلب على دعاة الإخوان المسلمين الحماس والعاطفة، والتهور في مواقف يجب التثبت فيها والتأني، وكذلك أنهم مضطربون في علمهم؛ بل وحتى عملهم ومبادئهم، فما أسرع تقلباتهم، وما أشد تخبطهم، وقد اشتهر أمرهم هذا؛ فلا حاجة للتطويل.
وإن تعجب فعجب:
النصوص متظافرة متكاثرة في لزوم جماعة المسلمين، والطاعة لإمامهم، سواء من القرآن أم من السنة، ومن ذلكم:
قول الحق - تبارك وتعالى -: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين). الأنفال.
فحتما - كما نصت الآية الكريمة - أن طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مأمور بها، ولا يأمر الله إلا بما يحبه - جل وعلا -، وما يحبه الله عاقبته النصر والفلاح، والتمكين في الأرض والنجاح.
وكذلك نصت على تحريم التنازع، وأخبرت بأن مؤداه إلى الفشل الذريع في كافة وجوانب الحياة المختلفة، والضعف والتبار والخسار على مختلف الأصعدة وكافة المجالات - سياسيا واقتصاديا واجتماعيا الخ -.
ومع ذلكم؛ ما زالت الأمة ترزح تحت وطأة الأحزاب والجماعات "كل حزب بما لديهم فرحون". الروم.
والواجب:
الإصلاح الداخلي قبل الخارجي، وإصلاح الناس والمجتمع والأسرة؛ أوجب من التوجه إلى النزاع في السلطة من خلال أي تبرير.
قبل أن نسأل الحكام تحكيم الشريعة؛ علينا النظر في أنفسنا، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولا يولي الظالمين على الظالمين إلا بسبب ما كسب الناس من المعاصي والسيئات، والاجتراء على الحرمات، والتفريط في الواجبات؛ فإنه قد ورد أنه "ما منع قوم زكاة أموالهم؛ إلا ابتلوا بجور الحكام، وقحط السنين الخ".
حرره/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الاثنين ١٤٣٩/٤/٢٨.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق