(حضور أول لقاء لمعالي العلامة/ الفوزان)
وفي يوم الاثنين كان اللقاء المفتوح بمعالي فضيلة الشيخ الدكتور العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله ورعاه -، الموافق لتاريخ ١٤٣٩/٥/١٢، بالمسجد الذي أسس من أول يوم على التقوى، بالمدينة المصطفوية - على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تسليم -.
كان أول لقاء أحضره لمعاليه مباشرة؛ حيث كنا نفيد من دروسه المسجلة - صوتا أو صورة -، أو من كتبه القيمة النافعة، فالشيخ له أسلوبه الخاص، ويغلب عليه في أجوبته على السائلين الاختصار، مع بساطة في الأسلوب، وعدم تقعر في اللغة، أو تنطع في الدين.
كان لقاء مفتوحا مع الناس بعد المغرب، ولم أكن أتصور كثافة وحجم الحضور؛ حيث أن أحد المشايخ من الجامعة الإسلامية الحاصلين على الشهادة العالمية في العقيدة قال بأن معاليه قد حضر قبل فترة في مسجد القبلتين، والحضور إذ ذاك صف أو صفان، وعلل لذلك بقوله: أن الشيخ أكثر مريديه هم طلبة العلم الجادين، وأن أسلوبه علمي؛ فهو ليس بقاص - كغيره ممن يحضر له الجم الغفير، ويتابعه الكثير الكثير، ويخرج في الفضائيات بأسلوب جذاب في الطرح، ورقي في اللغة الخ...-.
فأكثر الناس لا يتحملون أعباء تلقي العلم، فلذلك يستروحون بالقصص والفكاهيات، والنوادر والطرائف والملح، أما العلم الصلب؛ فأهله ندرة في كل زمان ومكان.
أقول: برغم تصوري المسبق؛ لما قاله لي ذلك الشيخ عن معاليه؛ إلا أنني فوجئت بالكم الهائل من الناس، وصلت قبيل أذان المغرب بعشر دقائق - والصفوف إلى آخر المسجد ممتلئة بالناس وطلبة العلم -، جلسنا على مائدة الإفطار كغيرنا الكثير، وبعد الصلاة ألقى معاليه كلمته المتواضعة، التي تلمس منها شفقة ورحمة، وعلما جما، وحرصا على وحدة الصف، ولم الشمل، وحفظ الأمن؛ فكان يتكلم بعلم، ويجيب بحلم، وإن كان في بعض الأسئلة يشتد؛ لما يرى في ذلك من عدم المناسبة؛ فقد سئل فضيلته: إذا كان الخروج من باب المصالح والمفاسد؟ فقال: اتركونا من هذه الأمور، الخروج على ولي الأمر لا يجوز، ولو كان فاسقا أو ظالما أو عاصيا في نفسه؛ لما تحفظ به السبل، ويأمن الناس به، ويدحر بوجوده العدو.
وإجابة من معاليه استوقفتني؛ حيث سئل عن حكم زواج المسيار؛ فقال بأنه لا يتصوره - أو لا يعرفه -؛ حتى يحكم عليه!
وكذلك سئل - حفظه الله ورعاه - عن نصيحة يقدمها لرواد - أو مستخدمي - مواقع التواصل الاجتماعي؛ فأجاب فضيلته قائلا:
نصيحتي ألا تنشغلوا بها؛ فإنها لا خير فيها؛ بل فيها مضرة!
ولعله يقصد - حفظه الله - بأن الحكم للأغلب؛ فعلى أساس ذلك حكم، وكان ينبغي أن يفرق - مبني للمجهول - بين هذه الوسائل ومستخدميها، فالوسائل هذه سلاح ذو حدين، فهي في جهة هي خير، وفي جهة أخرى هي شر وشرر مستطير، فبإمكان الإنسان المسلم أن يدعو - من خلال هذه الوسائل - إلى الرحمن، وبإمكانه أن يستخدمها في الدعوة إلى الشر والمنكر، والباطل والشيطان، وهذا أمر واقع ومشاهد للعيان.
وعندما سئل الشيخ عن أفضل شرح لكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - قال بأنه فتح المجيد.
وكثيرا ما يسأل فضيلته عن كتب ينصح بها للمبتدئ في طلب العلم؛ فكانت إجابته: أولا يلزم شيخا يقرأ على يديه، وهو يوجهه ويرشده، ويختار له الأصلح.
وسئل فضيلته عن من يقول لا تقولوا الله في السماء؛ فإنه لا يحده مكان؛ فقال: قولوا له: أنت كذاب؛ فالله يقول: (ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور* أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير). الملك.
وسئل عن من يشكك في صحيح البخاري؛ فقال: هو أصح كتاب بعد كتاب الله، ولا يطعن فيه إلا جاهل أو مغرض؛ يريد الفتنة والشر.
ومن الطرائف أنه طلب منه - حفظه الله ورعاه - أن يجدد اللقاء بهم كل شهر، أو ثلاثة أشهر؛ فقال: سكني في أقصى بلاد المملكة العربية السعودية، والحمدلله عندكم مشايخ؛ إلا إذا تستطيعون أن توفروا لي طائرة خاصة؛ فهذا طيب؛ فضج المسجد بالضحك!
هذه بعض النتف والشذرات من لقاء معاليه - حفظه الله ورعاه -، وأطال في عمره على طاعته، وأخلف للمسلمين علماء عاملين، صادعين بالحق ولو على أنفسهم، ناصحين لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. آمين آمين.
بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الاثنين ١٤٣٩/٥/١٢.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق