أهديت كتابي (شذرات من كتب ابن قيم الجوزية) وكذلك كتابي الآخر (كنوز من مكتبتي) من طباعة (مكتبة دار الحجاز)، لبعض الناس، منهم بعض أساتذتي في المرحلة الابتدائية، ومنهم في المرحلة الثانوية، ومنهم في الجامعية، ومنهم من أثر علي في مسيرتي الشعرية.
وأهديته لمؤثرين في ساحة الثقافة والأدب والمعرفة، ومنهم د. محمد المشوح، صاحب دار الثلوثية، والشيخ عبدالله البطاطي الذي يظهر في قناة زاد في برنامج "الخزانة" يعرف بالكتب، ومنهم زملاء وأصدقاء، فكانت أصداء الإهداء كالآتي:
منهم من أثنى ودعا وشكر.
ومنهم من تجاهل ولم يرد بشيء.
ومنهم من أخبرني بأنه أهداه لغيره!.
ومنهم من رفض قبول الهدية، قال: مقبولة، لكن لست بقارئ!.
علمت حق العلم أن الأمة لن تتقدم شبرا واحدا حتى يكون الكتاب في حياتها، حتى ينتشر العلم، حتى تعم الثقافة الصحيحة العقول، وتستولي على النفوس.
لا حضارة ترتجى مع ضياع ما نوه الله به (ن* والقلم وما يسطرون).
(وقل رب زدني علما).
(في صحف مكرمة).
والدرس المستفاد: لا تهدي الكتاب لمن لا يعرف قدره.
وعلى المهدى إليه أن يعلم آداب الهدية، فهي دخلت في حيز ملكيته، لكن ليس من الأدب في شيء أن يخبر المهدي كونه أهداها لآخر!، وليس من المقبول أن يرفض الهدية، بل يقبلها وإذا رأى أنه لا يستفيد منها إلا بإهدائها، فله ذلك.
قال الشيخ د محمد بن إبراهيم الحمد في كتابه الذي أنصح به (مروءة العلم، دار ابن الجوزي، ط١- ١٤٤٥) - بعد أن خص الإتحاف بالهدايا وجعله من مقومات المروءة - قال:
"ولقد كان أهل العلم ولا يزالون يتهادون، ويتقرب بعضهم من بعض من خلال الهدية على اختلاف ما يهدى من الكتب، أو المخطوطات، أو الطيب، أو الملابس، أو المراكب، أو الأموال، أو نحو ذلك من أنواع التهادي". ١٧٢.
وقال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه العظيم (زاد المعاد، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط١- ١٤١٧) وهو يتحدث عن رسول الهدى - صلوات ربي وسلامه وبركاته عليه -:
"وَيَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُكَافِئُ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ بِأَضْعَافِهَا". ٢٢/٢.
فهذا خلق المروءة ومن أخلاق النبوة: أن تهدي، وأن تقبل الهدية، وأن تكافئ عليها بمثلها أو بأفضل منها.
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
طبرجل- الاثنين- ١٤٤٦/١١/٧.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق