قيد الخاطر- (من آثار كثرة المقروء: الميل إلى العزلة)
من الأمور التي هي من آثار كثرة المقروء، والتثقف: الميل إلى العزلة، لأنه يجد فارقا بينه وبين من حوله ممن هم دونه في المستوى العلمي والقرائي والثقافي والفكري، وهذا ما أحسه في أحايين كثيرة، وكلما قرأت كلما تقلصت شبكة العلاقات، فلا يرتاح عقلي ولا يهدأ ضميري ولا يطمئن خاطري ولا يسكن فؤادي إلا في مقابلة من هم في ذات المستوى أو يزيدون عليه، وهذا من أسباب الرقي، مع التأكيد على أنه ينبغي الانتباه إلى التوازن في مثل هذه الحالات وغيرها، فهم العلاقات وكمية المسافات بين المثقف والمحيط، هذا مما يعزز الشعور بالانتماء، ويجلب المودة، وينفي الشحناء، والخلاصة: تخير في علاقاتك، وركز في مقروءاتك، وتوازن في شؤون حياتك، واعلم أنك لن تعيش سوى حياة واحدة، فالعمر مرة، فتعلم كل مرة، لا تستعجل ولا تسوف، لا تشعر نفسك كونك في سباق مع أحد سوى مع نفسك، فنافس نفسك في مراقي التزكية والتطهير بالعلم والتثقف والتنوير، دائما وأبدا، ولتستروح إلى قليل من المباحات بعد كثير من إنفاق الجهد، فالأصل هو العمل، والراحة تبع، وكلما زاد مقدارك من العمل، زاد مقدارك من الراحة، فاللذة والراحة والنعيم الجسدي والنفسي والعقلي نتيجة حتمية للعمل، والإنسان في الحقيقة هو صاحب العمل، الكون كله في حركة دائبة مستمرة، مسخر لهذا المخلوق، لكن لما كثر الترف وصنع صناعة في مصانع الشيطان وصدر للعالم، كثر مسمى "عاطل"، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كتبه/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
في حارة المكيسر، في وادي الدوداء، جنوب غرب المدينة، في يوم/ الجمعة، بتاريخ ١٤٤٦/١١/٤.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق