الخميس، 6 مارس 2025

شذرات من بطون الكتب- (الفرق بين مطر وأمطر)

شذرات من بطون الكتب- (الفرق بين مطر وأمطر)

"وفُرِّقَ بَيْنَ مُطِرَ وأُمْطِرَ فَعَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّ الثُّلاثِيَّ في الرَّحْمَةِ والرُّباعِيَّ في العَذابِ ومِثْلُهُ عَنِ الرّاغِبِ وفي الصِّحاحِ عَنْ أُناسٍ أنَّ أُمْطِرَتِ السَّماءُ وأمْطَرَتْ بِمَعْنًى. وفي القامُوسِ لا يُقالُ أمْطَرَهُمُ اللَّهُ تَعالى إلّا في العَذابِ.
 وظاهِرُ كَلامِ الكَشّافِ في الأنْفالِ التَّرادُفُ كَما في الصِّحاحِ لَكِنَّهُ قالَ: وقَدْ كَثُرَ الإمْطارُ في مَعْنى العَذابِ وذُكِرَ هُنا أنَّهُ يُقالُ: مَطَرَتْهُمُ السَّماءُ ووادٍ مَمْطُورٌ ويُقالُ: أمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ كَذا أيِ أرْسَلَتْهُ إرْسالَ المَطَرِ.
وحاصِلُ الفَرْقِ كَما في الكَشْفِ مُلاحَظَةُ مَعْنى الإصابَةِ في الأوَّلِ والإرْسالِ في الثّانِي ولِهَذا عُدِّيَ بِعَلى.
وذَكَرَ ابْنُ المُنِيرِ أنَّ مَقْصُودَ الزَّمَخْشَرِيِّ الرَّدُّ عَلى مَن يَقُولُ: إنَّ مُطِرَتْ في الخَيْرِ وأُمْطِرَتْ في الشَّرِّ ويُتَوَهَّمُ أنَّها تَفْرِقَةٌ وضْعِيَّةٌ فَبَيَّنَ أنَّ أُمْطِرَتْ مَعْناهُ أرْسَلَتْ شَيْئًا عَلى نَحْوِ المَطَرِ وإنْ لَمْ يَكُنْ إيّاهُ حَتّى لَوْ أرْسَلَ اللَّهُ تَعالى مِنَ السَّماءِ أنْواعًا مِنَ الخَيْرِ لَجازَ أنْ يُقالَ فِيهِ أمْطَرَتِ السَّماءُ خَيْرًا أيْ أرْسَلَتْهُ إرْسالَ المَطَرِ، فَلَيْسَ لِلشَّرِّ خُصُوصِيَّةٌ في هَذِهِ الصِّيغَةِ الرُّباعِيَّةِ ولَكِنِ اتُّفِقَ أنَّ السَّماءَ لَمْ تُرْسِلْ شَيْئًا سِوى المَطَرِ إلّا وكانَ عَذابًا فَظُنَّ أنَّ الواقِعَ اتِّفاقًا مَقْصُودٌ في الوَضْعِ ولَيْسَ بِهِ. انْتَهى".
روح المعاني، الآلوسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق