شذرات من كتاب (نور وهداية، للشيخ/ علي الطنطاوي).
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله والصحابة والتابعين، وبعد:
فقد ابتدأت قراءة كتاب (نور وهداية، للشيخ علي الطنطاوي عليه رحمة الله) في طبرجل، في يوم الأربعاء، بتاريخ 2/8/1444، وفرغت منه في طبرجل، في يوم الاثنين، بتاريخ 7/8/1444، في الساعة الثانية عشر ظهرا بحمد الله تعالى.
الكتاب يقع في مئتين وثلاث وثمانين صفحة، من منشورات (دار المنارة- ط 12- 2021).
وهذه شذرات منتقاة من هذا الكتاب الحافل في معناه، الممتع في مغزاه، الشيق في طرح رؤاه:
1- وإذا كان الزارع يُتعب نفسه في الحرث والبَذر أملاً بيوم الحصاد، فإن الدنيا مزرعة الآخرة، فازرعوا فيها من الصالحات لتحصدوا ثمرتها حسنات يوم يقوم الحساب. 9.
2- ورمضان الذي أُنزل فيه القرآن أحق الشهور بتلاوته وتدبّره والإقبال عليه. 10.
3- أوَلا تحبّون أن تغشاكم الرحمة من الله؟ ومَن غشيته رحمة الله فقد نال كل خير ونأى عنه كل ضرر وكل ألم. إذن فاتلوا القرآن وتدارسوه. 11.
4- إن ليالي رمضان -يا سادة- هي مواسم الزَّرْع لِمَن أراد أن يزرع للآخرة، وهي مواسم التجارة لمن أراد الربح الباقي في الآخرة. 11.
5- الطريق...طويل، و... السفر بعيد، و...هذه الحياة الدنيا مرحلةٌ من مراحل العمر ليست هي العمر. 12، بتصرف.
6- نظن أن الموت كُتِب على الناس كلهم إلا علينا، ونبصر القبور تملأ الأرض ولا نفكر أننا سننزل يوماً إلى القبر:
ولو أنّا إذا مِتْنا تُرِكنا … لَكانَ الموتُ راحةَ كلّ حَيِّ
ولكنّا إذا مِتنا بُعثنا … ونُسأَل بعدَها عن كلّ شيِّ. 12.
7- فإذا كنت موجوداً قبل أن تعرف نفسك، فكيف تكون قد خلقت أنت نفسك؟. 16.
8- يقول الشيوعيون: نحن نسيّر الصاروخ والقمر الصناعي، فنقول: إن الله يسيّر قمرَكم مع سير الأرض فسيّروه بعكس سَير الأرض!. 17.
9- الذرة الواحدة بأسرارها وعلومها تكفي لتكون الدليل على وجود هذا الخالق. 18.
10- ولقد قيل لرابعة العدوية: إن فلاناً من العلماء أقام ألف دليل على وجود الله، فقالت: لو لم يكن عنده ألف شك لما أقام ألف دليل. قالوا: فما الدليل؟ قالت: إذا كان رجل يمشي في الصحراء وحده فسقط في بئر ولم يكن عنده من ينجيه، ماذا يقول؟ قالوا: يقول «يا الله»، قالت: ذاك هو الدليل!. 18.
11- إن الإيمان مستقر في أعماق كل قلب ولكنه يحتاج إلى هزة شديدة تبديه وتظهره، لذلك كانت المصائب والأزمات سبباً لظهور الإيمان. 18.
12- رأي عالم غربي معروف هو دوركايم...يرى أن وجود الله بديهية لا تحتاج إلى إثبات، وله في ذلك كتاب مشهور. بديهية مثل بديهية أن الذي هو هو، وأن الجزء أصغر من الكل. 20، بتصرف.
13- يقول دوركايم إن فكرة الإله ملازمة لكل إنسان لا يستطيع أن يتخلى عنها، ولكنه يكون أحياناً صحيح الجسم مكفيّ المَؤونة فينساها، وربما وصل إلى معرفة الإله الحق أو توهّمه في شيء من الأشياء فأفاض عليه فكرة الإله فعبدها. 20.
14- ولقد كنت مرة أجادل مجنوناً من هؤلاء المجانين (من معشرٍ كفروا بالله تقليداً) أقول له: ويلك خَفِ الله، فيقول: ما في إله! فلما ضايقته وعجز عن الحجة سبق لسانه فقال: والله ما في إله.
يحلف بالله على نفي وجود الله! فضحكت عليه وتركته. 21.
15- لقد شغلتكم مناظر الطريق عن غاية الطريق، واكتفيتم بمُتَع السفر عن التفكير بنهاية السفر. 23.
16- لقد رأيت ثلاث دورات كل دورة في خمس عشرة سنة، مرّت كأنها يوم واحد. 24.
17- أما قَسَم الله في القرآن بشيء فإنما يكون لتنبيه الناس إلى مَزيّة فيه. 24.
18- إنها خسارة كل شيء إلا شيئاً واحداً تأخذه معك إلى الدار الآخرة، هو الإيمان والعمل الصالح: {والعَصْرِ، إنّ الإنسانَ لَفي خُسْرٍ، إلاّ الذين آمَنوا وعَمِلوا الصّالحات}. 25.
19- فالعاقل مَن استبدل بداره الفانية هذه داراً هناك باقية، وعلم أن الموت يطرقه في كل لحظة فاستعدّ للقائه دائماً، فكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين استثناهم الله من الخَسار بفعل الزمان. 27.
20- وصدري أغنى بالمعاني منه في الأوقات كلها، ولكن ازدحام المعاني على الفكر وتكاثرَ الصور في الصدر يعيق المرء عن الكتابة كما تعيقه قلّتها. 29.
21- لا الماضي يعود ولا الحاضر يدوم ولا المستقبل يأتي؛ تفنى اللَّذاذات وتذهب الأحزان، وتمر الأيام بنا في طريق القبر حتى نبلغه. 30.
22- ويا ليت الموت هو الغاية! إن الموت بداية لذّة لا آخر لها أو ألم ما له من نهاية. 30.
23- وما أحمق العلم حين يرفع رأسه ليتكلم في الموجِد وقد خرس عمّا أوجد، ولينظر إلى الخالق الباقي وقد عمي عن المخلوقات الفانية! وهل عرف العلم من نحن ومن أين جئنا وإلى أين نسير؟. 30.
24- هذه هي الطبيعة فهل تخلق الطبيعة شيئاً؟ ثم إن معنى «الطبيعة» -كما تعلمتُ بَعدُ- أنها «مَطبوعة»، فأين الطابِع؟. 31.
25- غايةُ الحياة؛ أن تتصل بالله وتعبده، وأن تُعِدّ نفسَك لحياة الخلود. 34.
26- إن غاية الحياة تتحقق كلها في الصلاة؛ فالصلاة اتصال بالله واستعداد لحياة الخلود، ثم إنها لذة لا تعدلها -إذا أقيمت على وجهها- لَذّةٌ من لذائذ الدنيا، وهي راحة للنفس ومتعة وليست تكليفاً شاقاً ولا «مهمة» صعبة. 34.
27- والجسم لا يقوم إلا بالروح، فإذا خلت منها الصلاة كانت صلاة ميتة لا تنهى عن فحشاء ولا منكر ولا تُشعِر بلذة. 34.
28- فالصلاة تحقيق لغاية الحياة وحياةُ لحظات في «الحياة الأخرى». 34.
29- فيا بؤس مَن قنعَ بالحياة المادية وحُرم من لذائذ الروح! ويا ويح من يكفر بما وراء المادة وما بعد الحس، يا ويحه!. 35.
30- وللمسجد في ساعة الفجر روعة وجلال وأثر في النفس لا يدركه البيان. 35.
31- لقد كنا في الزمن الأول كما قال شوقي في الزمن الأخير:
وإذا أتَوْنا بالصّفوفِ كثيرةً … جئنا بصَفٍّ واحدٍ لن يُكسَرا
صف واحد لا صفوف شتى، صف واحد له وجهة واحدة وله قائد واحد، هو سيد العرب، بل سيد العالم، بل خاتم الأنبياء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله منهج واحد هو كتاب الله.
لقد كنا نياماً فصحونا، فإذا شئتم أن تجعلوا هذه الصحوة صادقة مستمرّة لا صحوة عارضة نعود بعدها إلى المنام، وإذا صدقتم العزم على أن تجددوا المسيرة، فهذا هو الطريق. 39.
32- إنه لا سبيل إلى تحرير القدس إلا إن سرتم على هذا الطريق، من هنا من حول هذا البيت الذي لبس من الديباج ثوباً أسود، لا من البيت الأبيض وراء البحر في الغرب ولا من البيت الأحمر في الشرق. 40.
33- إن النهاية هي النصر المؤزَّر إن كانت البداية من الصلاة القائمة. 40.
34- لما أهوى المسلمون الأولون بجباههم إلى الأرض، حيث تطأ النعال خضوعاً لله، جعل الله رؤوس الجبّارين تنحني خضوعاً لهم وتيجانَ الحكام تتهاوى على نعالهم، وجعلهم بالإسلام سادة الدنيا وأساتذتها. 41.
35- إن الله أعز العرب بالإسلام، فإن ابتغوا العزة بغيره ذلّوا. 35.
36- ولئن كان من ندعوهم بالمتمدنين يثيرون اليوم مشكلة الأجناس أو يتمسك فريق منهم بفوارق الألوان، فلقد جاء الإسلام بعبد أسود وهو بلال الحبشي فجعله وزير الدعاية لأول حكومة إسلامية. 41.
37- وهل المؤذّن إلاّ وزير الدعاية يعلن مبادئ الإسلام كل يوم خمس مرات؟. 41.
38- وحين يستشعر المسلم العبودية لله والذلة بين يديه يعطيه الله السيادة في الدنيا والعزّ في الأرض، ولا تذل هذه الجباه إلا لله وحده لأن الذُّل لله عزّ. 43.
39- فإذا أردتم -وقد صحوتم هذه الصحوة المباركة- أن يعود لكم النصر الذي كان لأجدادكم فاسلكوا طريقه، فإن مَن لا يسلك الطريق لا يبلغ الغاية، وادخلوه من بابه، فإن من أخطأ الباب لم يصل إلى المحراب. 43.
40- فإن أميركا لمّا وقف أمامها الفيتناميون يقاتلونها بإيمان (وإن كانوا يؤمنون بالجبت والطاغوت لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) لم تقدر أن تخضعهم بسلاحها. 43.
41- يا أيها الناس، إن الذي يقاتل عن إيمان لا يمكن أن يُغلَب، فكيف إن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر؟ فكيف إن كان الناس يخافون الموت وكان هو يطلب الموت لأنه يرى في الموت الحياة الدائمة الباقية؟. 43.
42- وفي بلاغة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أكبر من البلاغة والبيان؛ هي أنها قانونٌ مَن عَمِلَ به نال سعادة الدنيا والأخرى. 46.
43- هذه كلمة واحدة جمعت الدين والخلق والتهذيب والأدب، فمَن ذكرها دائماً وعمل بها كان مَرضِيّاً عند الله مُقدَّماً بين الناس، هي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه».
فتصور نفسك دائماً في موضع مَن تعامله، وانظر ماذا تحب أن تعامَل به فعامله بمثله. 46.
44- فإن القوة هي جمال الرجل، لا جمال في الرجل إلا بالقوة: قوة الجسد، وقوة الفكر، وقوة المال، وقوة اللسان. 47.
45- وقد جمع فلسفةَ القوة كلها حديثٌ واحد في ست كلمات، وعرضها في صورة ملموسة لا في فكرة غامضة، هو قوله صلى الله عليه وسلم «اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى». 47.
46- إنه لا يعود الشباب إذا ولّى ولكن يبقى إذا لم تقتله بالمعاصي. 50.
47- العفافَ والتقوى يحفظان على الرجل شبابه والفسوقَ والعصيان يهدمانه قبل أوان الهدم. 50.
48- وابدأ في الصدقة بأقربائك، فإن إعطاءَ الفقير الغريب حسنةٌ وإعطاءَ القريب الفقير حسنتان، لأنه صدقة وصلة رحم، ولا يقبل الله صدقة عبد وفي قرابته مَحاويج. 52.
49- أما هؤلاء الشحادون الذين يتخذون السؤال حرفة وهم أقوياء أصحّاء يستطيع الواحد منهم أن يجرّ عربة فلا تُعطِهم، فإن إعطاءهم يشجعهم على هذه المهنة التي يأباها الإسلام. 52.
50- إذا فرضنا أن القمر يبعد عنا بمقدار ما يبعد باب الحرم عن مقام إبراهيم فإن الشمس تكون أبعدَ من جاوة عن باب الحرم!. 55.
51- فتصوروا الفرق بين سعة عالَم السماء وضيق عالَم الذرة، هذه الدقة التي لا يتصورها العقل مقابل ذلك الكبر الذي لا يتخيله العقل! وما الإنسان بينهما؟. 58.
52- أمّا أهل الفكر فإنهم يجدون في كل كشف جديد لبعض ما أودع الله في هذا الكون من أسرار دليلاً جديداً على وجود الله ووحدانيته، وأنه لا إله إلا هو. 59.
53- إن الله قد أودع الكون هذه الأسرار لتكون داعية إلى الإيمان لا حافزاً إلى الكفر: {إنّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللَيْلِ والنّهارِ لآياتٍ لأولي الألبَابِ، الذينَ يَذكُرونَ اللهَ قِياماً وقُعوداً وَعَلى جُنُوبِهِم، وَيَتفكّرونَ في خَلْقِ السّماواتِ والأرْضِ، رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً، سُبحانَكَ فَقِنَا عَذابَ النّار}. 59.
54- لقد فتحنا بالإسلام ثلث المعمور من الأرض في ثلث قرن، ورفرفت رايتنا على ما بين البحر الهادي والبحر الأطلنطي، فلما تركنا الإسلام رفرفت راية اليهود على القدس، ثالث الحرمين وأولى القبلتين. 62.
55- ولن نطهر فلسطين من رجس قوم صهيون، ولن نغسل عن الأرض المسلمة بقايا الاستعمار، ولن نستعيد ما كان لنا من عزّ ومجد، ولن نسترجع مكانتنا في الدنيا إلا باتّباع الإسلام. 62.
56- القوة النفسية تغلب القوة المادية. 65.
57- غلَبَنا اليهودُ لمّا حاربنا لغير القضية الكبرى. 66.
58- الذي يقاتل دفاعاً عن قضية مقدسة عنده لا ينهزم. 67.
59- الذي يقاتل دفاعاً عن دينه، يستحيل أن ينهزم. وإذا فوجئ فانهزم أولاً فإنه لا يلبث أن يرجع إليه عقله فيعود، وإذا لم يستطع العودة وخسر الجولة فإنه يستعد لجولة أخرى. 67.
60- ورأس الأمر ومِلاكه أن نثير في نفس الجندي القوة الكامنة فيها، وهذا ما يفعله الإيمان. 67.
61- هذه الأمة المسلمة دُعيت إلى الجهاد والتضحية والبذل عشرة آلاف مرة، ولا تزال مستعدة للإجابة إن دُعيت من جديد، ولكنها تحتاج إلى من يدعوها باسم الدين، باسم العِرض. 68.
62- الاشتراكية بضاعة يهودية. ماركس الذي ابتدعها يهودي، ولينين يهودي، وستالين أصله يهودي، وتروتسكي يهودي. 68.
63- إن اليهود (ومن ورائهم دول الشرق والغرب معاً) لا يريدون إلا أن يصرفونا عن إسلامنا ليسلبونا أمضى سلاح في أيدينا، فهل تبلغ الغفلة بنا أن نعاونهم على أنفسنا؟. 69.
64- كل مَن يدعو إلى مذهب يخالف الإسلام يعين العدوَّ علينا، وكل من يدعو إلى التحلل والفساد يعين العدوّ علينا. 69.
65- ونحن في غَبَش الفجر، لا نزال نعالج بقايا الليل ولكنّ النهار أمامنا، ستطلع الشمس فتطرد فلول الظلام. 71.
66- فما في الدنيا جبين أعز من جبين المسلم ولا جبهة أكرم؛ إنها لا تذلّ إلا لله، لا تذلّ لأحد سواه، والذُّل لله عز. هذه الجباه التي جعل الإسلام أصحابَها سادة الدنيا وقادتها. 71.
67- إن لذائذ الدنيا إذا نالها الإنسان وأَلِفَها ذهبت الألفة بمتعتها، وصارت عادة له يَالَمُ لفقدها ولكنْ لا يحسّ بوجودها، إنها كالسراب. 72.
68- اللذّات المادية لها حدّ تقف عنده، واللذة الباقية التي لا حدّ لها هي لذة الروح. 73.
69- فإذا ذاق لذة الخلوة بالله ومتعة المناجاة في الأسحار والصلاة في الليل والناس نيام، وجد أوهام العشق قد تبددت وذهبت كما ذهب تمثال من الثلج سطعت عليه الشمس. 73.
70- فالمتع واللذات درجات:
أدناها اللذات المادية...وفوقها لذة الصحة...، وفوقها لذة العاطفة...وفوقها كلها لذة الروح التي تكون بها سعادة الدنيا والآخرة. 73، بتصرف.
71- والإنسان إذا استيأس صنع الأعاجيب. 79.
72- الإيمان مستقر في كل نفس حتى في نفوس الكفار، ولذلك قيل له «كافر»، والكافر في لغة العرب «الساتر». 79.
73- وكان يدعو لي كثير ممّن يحبني، وإن كنت لا أستحق هذا الحب من الأقرباء ومن الأصدقاء. 82.
74- قدم علي الطنطاوي – عليه رحمة الله - المملكة عام 1382، أقام سنة في الرياض، ثم لبث في مكة. 83.
75- إن الله لا يرد دعوة داع مخلص مضطر أبداً، ولكن الإنسان يدعو بالشر دعاءه بالخير، والله أعلم بمصلحته منه. 83.
76- إذا كان الأب وهو أعرف بمصلحة ولده لا يعطيه كل ما يطلب لأنه قد يطلب ما لا يفيده، فالله أرحم بالعباد من آبائهم ومن أمهاتهم. 84.
77- والدعاء لا ينافي اتخاذ الأسباب، والله الذي جعل الشفاء بالدواء جعله أحياناً بمجرد الدعاء، لكن لا تَدْعوا تجريباً. 87.
78- فإن من شرط استجابة الدعاء أن تكون واثقاً منها. ثم إن الله لا يضيع دعوة داع أبداً؛ فإما أن يعطيه الذي يطلبه، أو يعطيه ما هو خير له منه، أو يدّخر الدعوة له في الآخرة. 87.
79- واعلموا أن الله جعل للحوادث أسباباً وفتح للمطالب أبواباً، فاطلبوا الأمور بأسبابها وادخلوا البيوت من أبوابها. 88.
80- فالأسباب لا تُنكَر، ولكن الدعاء هو أقوى الأسباب. 90.
81- وإذا كانت أبواب الملوك عليها الأقفال والحُجّاب فباب ملك الملوك مفتوحٌ دائماً. 91.
82- من سنّة الاستسقاء أن يكون الخروج بالثياب العتيقة التي ليس فيها أناقة ولا مفاخرة، المقصود من ذلك أن نطرح الأنانية وحب الجاه ونخلص النية لله. 92.
83- وبنت ستالين نشرت من أيامٍ مذكراتها، فذكرت فيها كيف عادت إلى الدين وقد نشأت في غمرة الإلحاد، وتعجب هي نفسها من هذا المَعاد. 96.
84- فالإيمان بوجود الله كامن في كل نفس. إنه فطرة (غريزة) من الفِطَر البشرية، والإنسان «حيوان ذو دين». 96.
85- الإيمان غريزة، وأصدق تعريف للإنسان أنه «حيوان مؤمن». 98.
86- وإذا جاء الإيمان جاءت معه البطولة بأروع أشكالها والتضحية بأعجب أنواعها، وجاء معه الصبر والإيثار والقوة والشعور وكل فضيلة من فضائل البشر. 105.
87- أما هؤلاء الغربيون فحسبوا أن الغاية من الحياة هي الحياة. جعلوا السبب هو المسبَّب والوسيلة هي الغاية، فعمدوا إلى ترفيه الحياة واستخدموا لأجل ذلك ما قدروا عليه، فصارت حضارتهم آلية جامدة، وصاروا لطول ما اشتغلوا بالحديد والنحاس يفكرون بعقول من حديد ونحاس، وانقطعت صلتهم بالروح وانبَتّوا مما وراء المادة. وأما هؤلاء المشرقيون، من الهنود وأمثالهم، فساروا على الضد وأهملوا الجسم وعاشوا للروح، فظنوا بأن غايةَ الحياة الفناءُ في المطمح الروحي، فقتلوا أجسامهم وأعرضوا عن دنياهم، وأغرقوا أعمارهم في تأمل لا أوّل له ولا آخر، ولا جَدا منه ولا منفعة. أما الفلاسفة فكان منهم الماديون الذين بلغ من رقاعتهم أن أنكروا الروح إنكاراً وجحدوا الله. 105.
88- المرء ليس أدنى إلى الموت وهو في غمار المعركة الحمراء منه وهو في بيته بين أهله وولده. 108.
89- لقد قرأت السيرة وتلوت القرآن فلم أجد في القرآن إلا أن محمداً صلى الله عليه وسلم بشر كسائر البشر في تركيب جسمه وصحته ومرضه وطبيعة فكره وخطئه وصوابه، ولكن الله اختاره للرسالة الكبرى فعصمه من كل ما يُدخل الخطأ على الرسالة أو يؤدي إليه أو يشين الرسول. 109.
90- أما هذه الطرق الصوفية فليست في أصل ولا فرع ولا تكاد تمشي مع المأثور من الذكر، وإن أكثرها مَسْخَرة ولهو ولعب: رقص سمّوه ذكراً وغناء دعوه عبادة! فما أدري ألَهُم أنبياء بعد محمد أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله؟ وإلا فما بال هذه الحَمْحَمات وهذه الدَّمْدَمات وهذه الطامّات المخزيات التي نشهدها في تكيّة الدراويش المولوية وأشباهها من دور أصحاب الطرق؟. 111.
91- وأجد في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان -وهو يعاني آلام مرض الموت- ينهى عن اتخاذ القبور مساجد، فأعجب من حال المسلمين اليوم إذ لا أرى مسجداً كبيراً إلا بُني على قبر أو كان فيه قبر. 112.
92- وكما يجمع المسافر متاعه في الحقيبة ليحملها ويمشي، يستعدّ المرء بالتوبة وقضاء الحقوق؛ فكونوا دائماً في حال التوبة. 115.
93- وعلى مقدار عظم الثواب تكون مشقة العمل. 121.
94- يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، النبي ابن النبي ابن النبي ابن النبي، وليس في البشر كلهم أربعة أنبياء على نسق واحد إلا هؤلاء الأربعة. 124.
95- كلُّ مَن في الوجودِ يَطلُبُ صَيداً … غيرَ أنّ الشِّبَاكَ مُخْتَلِفاتُ
فمن كان أوسع حيلة وأكمل وسيلة أخذ حظاً أكبر. 127.
96- تعددت الأسباب وكَثُرَت الطرق، وكلٌّ إذا نظر إلى مَن هو أشقّ عملاً منه رأى نفسه في خير. 128.
97- لقد أقسم ربنا في كتابه بكثير من مخلوقاته؛ أقسم بالشمس وضحاها، وأقسم بالليل، وبالفجر، فلمّا ذكر الرزق أقسم بذاته جلّ جلاله فقال: {وَفي السّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون. فَوَرَبِّ السّمَاءِ والأرْضِ إنّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أنَّكُمْ تَنْطِقُون}. 128.
98- ما كان لك فسوف يأتيك على ضَعفِك، وما كان لغيرك لن تناله بِقوّتك، رُفِعت الأقلام وجفّت الصحف. 129.
99- وإذا كان المؤرخون قد عُنوا بتاريخ القصور وأهلها والمعارك وأبطالها وأهملوا عادات الشعوب وأوضاعهم، فإن القاضي التنوخي طرق في كتابيه العظيمين: «الفرج بعد الشدة» و «نشوار المحاضرة» باباً لم يطرقه إلاّ قليل جداً من المؤرخين، فارجعوا إليهما فاقرؤوهما. وكتابُ «الفرج بعد الشّدة» من أوائل الكتب التي قرأتها في صغري، وأحسب أني أعدت قراءته ثلاثين مرة، وكانت طبعته سقيمة مملوءة بالتطبيعات وبالأغلاط فكنت أصحّح الكثير منها من حفظي أكتبه على هامش الكتاب. 130.
100- نمشي مشياً لا نسعى سعياً، لأن الله قال لنا في مجال الرزق: {فَامْشُوا في مَنَاكِبِها} وقال في مجال العبادة: {فَاسْعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ}؛ هذا هو الفهم الصحيح لمسألة الرزق. 133.
101- وإن عرضَت لك الشدائد فلا تفلّ عزيمتَك الشدائدُ، فرُبّ شدّة أعقبها فرج وضيق جاءت بعده السّعة: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فيهِ خَيْراً كَثِيراً}. 133.
102- ديل كارنيجي...كتابه النافع الذي سمّاه مترجمه «دع القلق وابدأ الحياة» (وكان أَولى أن يسميه «دع الهمّ» فالذي يتكلم عنه مؤلف الكتاب هو الهمّ لا القلق). 134، بتصرف.
103- وتقوى الله فيها -من بعد ذلك كله- اطمئنان النفس، واطمئنانُ النفس أعظم نِعَم الحياة. 135.
104- شعراء دمشق الأربعة، وهم:
خير الدين الزِّرِكْلي وشفيق جَبري وخليل مَرْدَم بك والبِزِم. 135.
105- والدنيا لا تخلو من المصاعب ومن المتاعب:
خُلِقَتْ على كَدَرٍ وأنت تريدُها … صَفْواً من الأقذارِ والأكدارِ؟
ومُكلِّفُ الأيامِ ضِدَّ طِباعها … مُتطَلِّبٌ في الماءِ جَذوةَ نارِ!
فإذا دهمتك مصيبة فلا تقنط ولا تيأس من رحمة الله وابدأ. 136.
106- وليكن المال عبداً لصاحبه ولا يكن صاحبُ المال عبداً لماله، فقد ورد: «تَعِسَ عبدُ الدرهم، تَعِسَ عبدُ الدينار». 138.
107- فإذا أردتم أن يصعد حجّكم فخفّفوا عن عواتقكم أثقال الذنوب، واقطعوا الحبال التي توثقكم بأرض الشهوات أو حلّوها. 139.
108- ولا يغرُرْك أن الربا سُمّي بالفائدة، فلقد ورد أن الناس في آخر الزمان يسمون المحرمات بغير أسمائها ليستحلّوها. 140.
109- ولا تقبل من كل من يتكلم في العلم، فربما تكلم في العلم في زماننا وتصدّر للإفتاء من ليس بعالم ولا بطالب علم. 143.
110- حتى إذا وقفتُ على باب السلام صفّق من الفرحة القلبُ وبكت من السرور العينُ، فما رأيت الكعبة إلا من خلال الدموع:
هذه دارُهُم وأنت مُحِبُّ … ما بقاءُ الدّموعِ في الآماقِ؟
إني لا أتمنى إلا أمنيّة واحدة، هي أن أنسى هذا المشهد لأستمتع برؤيته من جديد. 147.
111- يا سادة، إن البشر كلما ازداد علمهم بأسرار هذه الطبيعة التي طبعها الله وبما أودع فيها من أسرار زاد إيمانُ العقلاء منهم بالله. 154.
112- ليس في الدنيا دين، سواء في ذلك الدين الصحيح الذي هو الإسلام والأديان الباطلة، إلا وعماده الصلاة. وإلا ففيمَ يكون الدين؟ هل يكون بالرقص والتمثيل والقفز على الحبل؟. 158.
113- مَن لم تنهَه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر، وكان قد فعلها رياء وتظاهراً، لم يزدد من الله إلا بعداً. 159.
114- والصلاة أهم الأعمال كلها في نظر المسلم، وقد يترك من أجلها كلّ عمل من الأعمال مهما كان كبيراً، ولا يتركها من أجل عمل من الأعمال مهما كان كبيراً. 159.
115- وينبغي أن تحدَّد مواعيد الأعمال كلها في المجتمع الإسلامي تبعاً لأوقات الصلاة. 160.
116- الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي التي تُصلح المجتمع وتمنع العدوان وتهذب الأخلاق، ولا سيما إن صُلِّيت في المساجد مع الجماعات. 161.
117- المؤتمر الذي ليس له نظير في الدنيا ولم يعرف البشر قبله ولا معه مثله، ...هو الحج. 161، بتصرف.
118- إن هذه الصلاة هي أساس صرح الحضارة الإسلامية، وهي الدافع لهذه الفتوحات، هي الركيزة لهذا المجد الذي نطح النجم ودان الدهر. 161.
119- إن المسلمين سادوا الدنيا وكانوا هم ملوكها وكانوا أساتذتها، وكانوا هم حَمَلة منار الحضارة فيها، لمّا كانوا يصلّون حقيقة وكانت صلاتهم جسداً وروحاً، لم تكن كصلاة كثير منا. 162.
120- إن نار الدنيا إذا قيست بنار جهنم كانت نعمة، ونحن مع ذلك لا نستطيع أن نتحمل عذابها. 165.
121- إن كل ما في الدنيا من متاع ولذة ومال كَوْمة حطب لا تقدر أن تحمل معك منه شيئاً، وعملك الصالح هو الجواهر التي تحملها أو تنتفع في سفرك إلى الآخرة بها. 166.
122- وليس في الذنوب ما لا تمحوه التوبة: {قُلْ يَا عِبادِيَ الذينَ أسْرَفُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله، إنّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَميعاً}. 167.
123- فمَن تاب من ذنب وهو لا يزال مقيماً عليه كان كالمستهزئ بربه والعياذ بالله. 168.
124- فلما دخل الإسلام المعركةَ على يد عماد الدين، ثم نور الدين، ثم صلاح الدين، كانت معركة حطين وكان النصر المبين، واسترددنا القدس وطهّرنا بلادنا كلها من الغاصب الدخيل. 173.
125- والإسلام لا يزال كما كان، وهو يستطيع -إن أدخلناه في المعركة- أن يكسبنا بعون الله المعركة، ولكن ناساً يدّعون أنهم منا يفزعون كلما ذُكر الإسلام. 173.
126- الإسلام أن نُقبل على العلم، العلم كله: علم الأديان، وعلم الأبدان، وعلم الأكوان، وعلم البلدان، وعلم الحيوان، وعلم الإنسان، حتى نكون في ذلك كله أعلم الأمم. 173.
127- الخطوة الأولى في طريق الظفر أن نتفق على مبدأ الرجوع إلى الإسلام. 174.
128- ولقد أقرت الدولة الإسلامية من تلك القرون البعيدة مجانية الطب ومجانية التعليم، فأباحتهما للجميع. 175.
129- من مبادئ الإسلام أن المرأة لا تكلَّف العمل وأن الرجل لا يُسمَح له بالبطالة والكسل. 176.
130- إن اللجنة التي وضعت قانون نابليون استندت إلى كتب كثيرة في الفقه أخذتها من مصر واعتمدت عليها، ولا سيما كتب المالكية. يقول هذا أستاذ القانون المدني في جامعة ليون، وفيها أرقى كلية حقوق في فرنسا، مستنداً إلى ضبوط جلسات اللجنة التي وضعت هذا القانون. 177.
131- الإسلام يقول للمرأة: صوني جمالك عمّن يريد أن يجعلك عبدة مسخّرة لشهواته، عمّن ألغى رقّ الأجساد فشرع رقّ الأعراض. 178.
132- الإسلام يقول للمرأة: لا تمنحي الرجل شيئاً من المتعة بهذا الجمال إلا بعد أن تربطيه من رقبته برباط الزواج. 178.
133- إن معك جوهرة إن ضاعت منك لا تعوَّض، والسوق أمامك فيه التجار الأمناء يشترونها بأغلى الأثمان، وعلى الطريق لصوص يريدون أن يضحكوا عليك وأن يسلبوها منك. 178.
134- ولا تسمحوا لليهود والموضات التي يخترعها اليهود وللمذاهب الباطلة التي يضع أسسها اليهود، لا تسمحوا لليهود ولا لعملاء اليهود أن يعبثوا بكم ويحققوا مآربهم على أيديكم. 179.
135- عندنا في الإسلام دواء لكل داء من أدواء الفرد والمجتمع، عندنا حل كل مشكلة، عندنا جواب كل معضلة. 179.
136- ولقد جربنا المذاهب كلها وسلكنا الطرق كلها فما أوصلتنا إلا إلى ما ترون، أفما آن لنا أن نعود إلى تجربة طريق الإسلام؟. 180.
137- من كتب أكبر فيلسوف عقلاني (راسْيونالِسْت) في العصر الحديث، عمانويل كانط:
«نقد العقل المجرد» و «نقد العقل العلمي». 182، بتصرف.
138- من المقرَّر الذي لم يبقَ فيه شك أن حكم العقل قاصر على عالم المادة (أي الفيزيك)، فإن وصل إلى حدود ما وراء المادة (الميتافيزيك) ضلّ وعجز ولم يبقَ له عمل أصلاً. 182، بتصرف.
139- والمعارف البشرية لها منبعان: منبع كَسْبيّ، وهو قاصر على عالم المادة. ومنبع عَينيّ، أي أنه آتٍ من خارج النفس وخارج العقل، من الوحي، وهو المنبع الوحيد لمعارفنا عن عالم الغيب (الميتافيزيك). 183.
140- كل ما في الكون مسيَّر مجبَر، حتى الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمَرون.
المخلوق الوحيد الذي أُعطي «اختياراً»، فهو يستطيع أن يطيع أو يعصي ويصلح أو يفسد، وكانت حياته هذه اختياراً بين اتّباع شهوته أو امتثال أمر ربه، لذلك كان مستحقاً للمثوبة إن أصلح والعقوبة إن أفسد، هذا المخلوق هو الإنسان. 183.
141- إن صلاح الدين انتصر لأنه دعا بدعوة الإسلام... رفع راية القرآن... انتصر لأنه ضرب بسيف محمد، وسيف محمد صلى الله عليه وسلم لا ينبو ولا يكِلّ، وسيف محمد صلى الله عليه وسلم لم يضرب به أحدٌ إلا انتصر. 188، بتصرف.
142- ما نزل بالمسلمين خطب إلا ردّته عنهم دعوة الإسلام إذا صدقوا الدعوة بها، وإن الخطوب التي تحيط بالمسلمين اليوم لا يردها عنهم ولا ينجيهم منها إلا دعوة الإسلام. 189.
143- وما انتصر أجدادنا في كل معركة خاضوها، ولن ننتصر نحن على إسرائيل وغير إسرائيل، إلا بشيء واحد هو الإيمان. 191.
قلت:
الأحرى أن يقول: "اليهود" أو "بني صهيون" بدلا من "إسرائيل"؛ لأنه من المعلوم أنه لقب لنبي الله يعقوب – عليه السلام -.
144- لقد فتح أجدادُنا بالإسلام الأرضَ، وفتح اليهودُ قلبَ بلادنا وقبلتنا الأولى لمّا تركنا الإسلام. فهل اعتبرنا أم نحن نحتاج إلى درس آخر؟. 192.
145- فما وجدت حلاوة تبقى ولا مرارة تدوم، ووجدت اللّذاذَات كلها محدودة، إذا بلغتَ غايتها ووصلت إلى حدها لم تعد اللذة لذة، ولكن صارت عادة فذهب طعمها وبطل سحرها، وصارت كالنكتة المحفوظة والحديث المعاد. 193.
146- اللذاذات المادية ضيقة المدى قريبة الحدود. 194.
147- العالم المجهول المختبئ وراء عالم المادة حقيقة قائمة، تحن إليها الأرواح وتحاول أن تطير إليها، ولكن هذا الجسد الكثيف يحجبها عنها ويمسكها عن أن تنطلق وراءها. 195.
148- الرواية لا تنتهي بانتهاء هذه الدنيا. 197.
149- ولكن الأربعين الذين كانوا معك في دار الأرقم كانوا أشدّ حماسة وأقوى إيماناً وأرجل رجولة وأعظم في الأرض أثراً، لأنهم حملوا سكان ثلث المعمور في ثلث قرن على اتباع الإسلام، ونحن لا نستطيع أن نحمل على اتّباعه أبناءنا في بيوتنا ولا بناتنا. 200.
150- ونحن ندعو من هذه المنابر المزخرفة المنقوشة التي تذاع خطبُها في الأرض كلها فلا يلبي أحد، لأننا قلنا من ألسنتنا فقط فسمع الناس بآذانهم فقط. 201.
151- ونحن نغني بالقرآن كما نغني بالأشعار، كل همنا النغم والإيقاع. 201.
152- انقسمنا وتنازعنا الإمارة والتجارة، وفرقتنا السياسة والرياسة والآراء والمذاهب والنزعات والقوميات. 201.
153- لقد عدنا -يا سيدي يا رسول الله- إلى جاهلية شر من الجاهلية الأولى.
أضعنا سلائق العروبة، وأضعنا أخلاق الإسلام، ودعونا بدعوة العصبية. 203.
154- لقد ذلّ الأسد حتى كُتب عليه أن يقاتل ضَبُعاً منتنة تعيش على جثث الأموات! لقد امتُحن العرب بقتال اليهود. 203.
155- وما كان اليهود أكفاءنا، ولَنحن -على ضعفنا- أقوى من اليهود، ولكنا انقسمنا وتنازعنا وسمعنا نصيحة من غشّنا، حتى غلبَتنا على أرضنا أذل الأمم، غلبتنا بانقسامنا وتنازعنا لا بقوتها وضعفنا. 203.
156- واليقظة قد عمّت، لقد أذّن فينا مؤذن النهضة بعد ليل الخمول الطويل، فأفقنا وأزمعنا ألاّ نعود إلى المنام. 204.
157- لقد بطلت فتنتنا بالغرب وبطل سحر الغرب فينا، وصرنا نميز خيره من شره ونفرق حقه من باطله، ولا نأخذ منه إلا العلم المادي الذي كان له السبق به علينا، أما الدين، أما الأخلاق، فحسبنا أخلاقنا وديننا. 204.
158- ومن نعم الله ومظاهر رحمته أنه جعل نية الخير حَسَنة، ونية الشر إن لم يحققها العبد بالفعل حسنة أيضاً. 208.
159- وليس للظواهر في الإسلام قيمة، إن القيمة للقلب؛ جاء في الحديث: «التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا»، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى قلبه. 210.
قلت:
الأكمل: تجميل الباطن والظاهر معا، ولا ينبغي هذا التعميم، فيقال: "ليس للمظاهر قيمة"، ومن المعلوم أن المظهر دليل المخبر، هذا في الأصل، وأن المظهر يؤثر في المخبر، يؤثر على نهج الإنسان وفكره وعاطفته وميوله ورغباته.
160- فالإسلام دين، وقانون مدني، وقانون جزائي، ودستور وقانون دولي، وأخلاق وتوجيه وآداب. 230.
161- ونحن الآن في آخر الزمان، الذي خبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر.
والصبر على مثل جمر الدنيا أهون من الصبر على جمر الآخرة. 237.
162- إن في هذه البقعة من الأرض دعوات كثيرات: دعوات يسارية، ودعوات قومية، ودعوات إلى حزبيات متعددة مختلفة، فدعوها كلها وتمسكوا بدعوة الإسلام. 237.
163- طريق الجنة صعب ولكن آخره السعادة الدائمة، وطريق النار سهل ولكن آخره الشقاء الباقي. حُفَّت الجنة بالمكارِهِ وحُفَّت النار بالشهوات. 239.
164- والقوة في مقاومة النفس. 240.
165- والصعود إلى العلاء صعب، أما الهبوط فهو هيّن. 240.
166- المرض يُعدي والفسادَ يغلب الصلاح. مريضٌ واحد يعدي عشرةَ أصحّاء، وبرتقالةٌ واحدة فاسدة في الصندوق تفسد برتقالَ الصندوق. 243.
167- قَوّوا أنفسكم وأجسادكم، فلا جمال للرجل إلا بالقوة. وروضوا ألسنتكم وأقلامكم على البيان، فلا تنجح دعوة لا تَمُدّها الألسنة والأقلام. 245.
168- فإن من كان مع الله كان الله معه، ومن كان الله معه لا تغلبه جبابرة الأرض. 245.
169- وليس في الإسلام رجال دين مسؤولون عنه وقائمون به ووكلاء عليه، ولكن رجال الدين عندنا هم كافة أهله وأتباعه. 251.
170- السلطان عبد الحميد...وما نقموا منه إلا أنه كان -على سوء أسلوبه في الحكم- مسلماً عاملاً لرفعة الإسلام ووحدة المسلمين. 255، بتصرف.
171- فإذا الرجل ينزع عنه جلد الغازي مصطفى كمال ويلبس جلد أتاتورك، ويأخذ في محاربة الإسلام ونقض بنائه في بلاد الترك حجراً حجراً وحلّ عُراه عُروةً عروة، حتى وصل إلى «أياصوفيا» التي أكرمها الله حين شرّف تلك الديار بالإسلام فجعلها مسجداً، فعاد بها فجعلها متحفاً، ولولا الخوف لأرجعها كنيسة!
وروّع ذلك القلوبَ المسلمة وآلمها وحزّ فيها، وانطلقت تقول فيه الألسنة والأقلام، فكان مما قيل مطلع قصيدة لحافظ إبراهيم ما أتمّها، ولو أتمها لكانت أروع ما قال:
أيا صوفيا حان التفرّقُ فاذكري … عهودَ كِرامٍ فيكِ صَلّوا وسَلّموا
إذا عدتِ يوماً للصّليبِ وأهلِهِ … وحلّى نواحِيَكِ المسيحُ ومَريمُ
فلا تُنكري عهدَ المآذن إنه … على الله من عهد النّواقيسِ أكْرَمُ. 257.
172- لقد كنا نردّ كذب أقوال أعدائنا بصادق أفعالنا، يقولون ونفعل، فهل صاروا يفعلون ولا نملك نحن إلا الأقوال؟. 259.
173- أما العامة والدهماء فلا يفرّقون بين السراب وبين الماء. 261.
174- إن نور الإسلام لا يمكن أن ينطفئ، وإذا جال الباطل جَولة فإن العاقبة دائماً للحق. 264.
175- إن الليل مهما طال لا بد له من آخر، وستطلع شمس الإسلام على النفوس فتكسِف فيها شموعَ المذاهب والنِّحَل والأباطيل، وتجيء عصا موسى فتلقُف تهاويلَ السِّحْر، ويصحو النائمون فتمّحي مشاهد الرؤى وتذهب أضغاث الأحلام. 264.
176- مَن يسقط عن الكرسي ليس كمَن يسقط عن المنارة!. 265.
177- إن الأمم التي لا ماضي لها تخترع لها ماضياً، لأن حاضر الأمة وليدُ ماضيها وهو الذي يلد مستقبلها. 267.
178- فأنا مولع بكتب التاريخ من صغري أقرأ كل ما يقع تحت يدي منها، وأستطيع أن أقول إن المعجزة الكبرى في التاريخ العسكري للأمم كلها هي الفتح الإسلامي. 267.
179- فما دخل الفتح الإسلامي بلداً إلا استقرّ فيه وبقي. 268.
180- ولا ينفع اجتماع الأجسام -أيها السادة- إذا لم تجتمع القلوب والنفوس. 270.
181- وأضرب المثل بواحد من قُوّاد المسلمين، لو أنصفه التاريخ العسكري لاعتبره أعظم قادة التاريخ، أعظم من هانيبعل ومن الإسكندر، هو خالد بن الوليد الذي تجلّت عبقريته في الدفاع وفي الهجوم كما تجلّت في الانسحاب، يوم انسحب من معركة مؤتة بثلاثة آلاف كانوا وسط مئة ألف أو مئتَي ألف من الأعداء لو أطبقوا عليهم لسحقوهم سحقاً، ولكن هذا القائد العبقري استطاع أن يَسُلّهم من وسط المعركة سَلاً. 273.
182- وأستطيع أن أقول إن المسلمين لم ينتصروا في معركة قط إلا كانوا أقلّ من عدوهم عدداً وأضعف منه عدّة. كانوا يقاتلون بسيوف ملفوفة بالخِرَق، فانتصروا بالإيمان الذي يحرك في الإنسان القوى المُدَّخَرة التي لا تُظهرها إلا الحاجة. 278.
183- إننا ما هُزمنا في حَزيران، بل هُزمت فينا المبادئ المخالفة للإسلام، هُزمت فينا الخلائق التي أخذناها من عدونا، هُزم فينا خلق الانقسام وخلق التردد والانحراف. 279.
184- على أن الهزائم لا تقتل الأمم، فكل أمة تصيبها الهزائم، بولندا مُسِحت من خريطة أوربا عدة مرات وأُعيدت! وكل واحد في الدنيا وكل جيش يَغلِب ويُغلَب، ولكن العاقبة لمَن يثبت على حقه ويستأنف المعركة من جديد. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم انهزم جيشه مرتين، ولكنه سرعان ما ردّ الهزيمة وحولها إلى نصر. 279.
185- والعاقل يعتبر بتجارب الماضي. 280.
186- فإذا انهزمنا في معركة فإن أمامنا معارك. إن لهم وعد بلفور، وإن لنا وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا سنقاتل اليهود ونغلبهم. 280.
187- ومهما كبر العدو فاعلموا أن الله أكبر منه، وثقوا أنكم إن كنتم جنداً لله فإن جند الله منصورون دائماً، وإذا كنتم مع الله بقلوبكم فلن يغلبكم أحد، لا إسرائيل ولا من هم وراء إسرائيل: {وإنّ جُنْدَنا لَهُمُ الغَالِبونَ}. 283.
انتقاها/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل العوفي- طبرجل- الاثنين- 7/8/1444.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق