شذرات من كتاب (دمشق، صور من جمالها، وعبر من نضالها، للشيخ علي الطنطاوي).
بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد بدأت قراءة كتاب (دمشق، صور من جمالها، وعبر من نضالها، للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، ط- 12، 2021- دار المنارة) في طبرجل في يوم الأحد بتاريخ 1444/7/21، وختمته في يوم الاثنين بعده مباشرة في الساعة الثالثة وخمس وثلاثين دقيقة فجرا - بحمد الله تعالى -.
وهذه شذرات منتقاة من هذا الكتاب الحافل بالمتعة والفائدة:
1- يقول في مقالة منشورة بتاريخ (1934، أي: 1354 هـ تقريبا): "وفي دمشق النعيم المقيم، وليست تخلو من ثمر قط". 22.
إلى آخر ما قال، ونحن الآن في عام (1444) ورأينا ما حل بسوريا من العذاب الأليم، وما لا يطاق من الجحيم (وتلك الأيام نداولها بين الناس).
2- وأهل الشام كالماء، لهم في الرضا رقته وسيلانه، وفي الغضب شدته وطغيانه؛ بل ربما كان لهم من البركان فوراته وثوراته. 23.
3- "المِزة" ضاحية دمشق، أصح المنازل وأبعدها عن العلل، مساكن العرب الغر من سالف الدهر. 27.
4- الغيد الفواتن تعرين على الشط؛ ليضنين الشباب لوعة وشوقا، ثم ليجعلن هذه الأجسام حطبا لنار جهنم؛ جزاء هذا الفسق وهذا الفجور:
وما ينتحين الشط يبغين برده * ولكن ليقتلن البريء "المغفلا". 28.
5- والناس يهبطون إلى حضيض الشهوات والمعاصي على أهون سبيل، ولكنهم يلقون في التسامي إلى معالي الأمور عنتا وأينا. 29.
6- في مقالة بتاريخ (1946، أي: 1366 هـ تقريبا) قال:
"هذي دمشق التي مزقت ثوبها؛ لتلبس ثوبا أوربيا، فلم تجده على مقياسها، فبقيت عريانة إلا من خرق وأسمال". 31.
7- "السميساطية" ...منزل خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز. 35، بتصرف.
8- المكتبة "الظاهرية" نسبتها إلى الملك الظاهر بيبرس، القائد المظفر، صاحب الوقائع الهائلة، وله تاريخ طويل، ومآثره مشهورة، توفي سنة 676 هـ. 36، بتصرف.
قلت: وقد كانت المكتبة "الظاهرية" مليئة بالكتب والمخطوطات، وكان محدث الحديث في العصر الحديث الإمام المجدد محمد ناصر الدين الألباني - رحم الله الجميع - أعطي مفتاحها، فيدخلها أولا، ويخرج منها آخرا، وكان له فيها تاريخ سني، ومجد مؤثل مضيء.
9- هكذا يدور الفلك في السماء، ويدور السلطان في الأرض، فينشأ من القبر الحياة، ويغطي على الحياة القبر، والسلسلة لا تنتهي، والناس لا يعتبرون. 40.
10- حكومة "صلاح الدين" ...ردت - على صغرها - أوربا كلها يسوقها الجهل والتعصب، وانتزعت في حطين الفريسة من "قلب الأسد". 43، بتصرف.
11- الحب...في كل نفس إنسان منه ذكريات. 50، بتصرف.
12- وقد أنشأ "حي الصالحية" الجد الأعلى لآل قدامة أو آل المقدسي. 51.
13- كل حزب يهدم الأحزاب، فتنهدم جميعا، ويبني العدو ما يبتغي. 54.
14- اللهم كما جعلت دمشق درة الكون، ومنحتها ما لم تمنح بلدا، أكمل عليها نعمتك، وهب لها الحرية والمجد. 55.
15- وهل كان يطمع في الحياة طامع لو عرف أن كل يوم يزيد من حياته، إنما ينقص من حياته، فإذا بلغ كمال الحياة؛ فقد صار إلى الموت؟!. 59.
16- جمال الحقل أبلغ في التهذيب من عصا الشيخ. 60.
17- من يؤمن لمن لم يتبع دينه - كما فعل الحسين بن علي - كمن يدخل النار ويرجو ألا تحرقه النار. 62، بتصرف.
18- فإن الإنسان - مذ كان - منكر للمعروف، جاحد للإحسان. 63.
19- لا يبقى إلا الإسلام؛ لأنه من ملك الله الباقي. 63.
20- فإن الدنيا لا تدوم على حال. 64.
21- في مقالة بتاريخ (1935، أي: 1355 هـ تقريبا) قال:
"تعودنا مرأى جثث النساء والأطفال الذين ماتوا من الجوع، نراها كل صباح ومساء في غدونا إلى المدرسة، ورواحنا منها". 67.
22- في مقالة بتاريخ (1935، أي: 1355 هـ تقريبا)، وفيها وقعة "ميسلون" ضد الاحتلال الفرنسي قال:
"وفقدت دمشق كل شيء، ولكنها لم تفقد الشرف" 68.
23- إننا بنو المجد والحرية والحياة، لا أمتعنا الله بالحياة إن لم ننتزعها من بين فكي الموت انتزاعا. 71.
24- في مقالة بتاريخ (1936، أي: 1356 هـ تقريبا) قال:
"إنهم لا يقتلون بالقنابل والرصاص والسيوف والخناجر إلا قليلا، ولكنهم يقتلون الأمم بالحانات والقينات (الأرتستات) والأزياء، وربما قتلوها بالمدارس والقوانين! 78.
25- وما دمشق بالتي تعرف أنة المكلوم، أو استغاثة العاجز، ولكنها تعرف الصبر على ما لا يصبر عليه الدهر. 80.
26- وما دمشق بالتي تعرف هذا الاحتجاج الضعيف، احتجاج "أوسعته شتما وأودى بالإبل"، ولكنها تتلقى الضربات بصدر كأنه الجلمود، لا يشقق ولا يرْفضُّ ولا يلين.
27- في مقالة بتاريخ (1936، أي: 1356 هـ تقريبا) قال:
(و "أطفال دمشق" يقابلون بالحجارة والعصي دبابات فرنسا، الدولة القوية المعظمة). 86.
28- الموت لا يأتي من يريده؛ بل يلحق من يفر منه. 86.
29- إن لنا - معاشر العرب - مطمحا بعيدا، إن لنا آمالا، إننا أبناء المجد، أحفاد الملوك، سلائل العظماء، ولم نولد أمس، ولا نحن من حثالة الشعوب. 89.
30- لقد زادوا علينا - أي اليونان والغرب - في باب "الماديات"، وارتفعوا، ولكن نحن أنشأنا الأساس، نحن أصحاب الدار، لسنا متطفلين ولا لصوصا ولا سائلين. 89، بتصرف.
31- تعلموا يا إخوتي واقرؤوا تاريخكم؛ لتاعرفوا أنفسكم. يجب أن يقرأ التاريخ العربي في المدارس مفصلا، لا كما يقرأ الآن. 89.
32- يجب أن يكون في كل بيت من البيوت كتاب يقرأ صباح مساء، هكذا تفعل الشعوب الحية، هكذا تصنع الأمم القوية. 89.
33- إن الماضي الفخم لا يكون قيما إلا إذا صنع المستقبل الفخم، وإلا كان لهوا وعبثا. 90.
34- فالإخلاص الإخلاص، الاتحاد الاتحاد، العلم العلم، العمل العمل، هذه هي أركان النجاح. 90.
35- قال في مقالة بتاريخ (1941، أي: 1361 هـ تقريبا):
"وكيف السكوت وما حل بدمشق ينطق بوصف هوله الجماد لو كان ينطق الجماد، وتفيض له أعين الصخر لو بكى الصخر لذي مصاب؟!".91.
قلت:
قد كان ذلك في ذلك التاريخ، قبل ثلاث وثمانين سنة تقريبا، واليوم لو بيننا الشيخ علي الطنطاوي - يرحمه الله - ويرى ما يفعله النصيرية بأهلنا في سوريا، وما يرتكبه النظام الإيراني الخبيث، وما تقوم به روسيا القيصرية من مجازر يندى لها جبين كل حر، ذبح للأطفال والشيوخ والعجائز كما تذبح النعاج، واغتصاب للأحرار والشرفاء والأبرياء، وبراميل متفجرة تهدم العمارات على من فيها من المدنيين العزل، ماذا سيقول؟ وماذا سيكتب؟ وبم سيصرح؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
36- الشام في الأصل ما يسمى سوريا، وفي عرف الدمشقيين دمشق، والقسم القديم منها على التخصيص دون الصالحية والميدان، كما أن مصر عند أهلها القاهرة وحدها، أو الجزء القديم منها. 94.
37- البطل صلاح الدين (آخذ الدنيا ومعطيها). 96.
38- في مقالة بتاريخ (1945، أي: 1365 ه تقريبا) قال:
"اللهم علم قومي كيف يحفظون استقلالهم، وسدد خطاهم نحو وحدتهم، وأعدهم إلى شريعتهم التي لا حياة لهم إلا بها". 109.
39- في مقالة (الجلاء عن دمشق) منشورة سنة (1946، أي: 1366 ه تقريبا) قال:
"أمة آخى الله بين أفرادها من فوق سبع سماوات، فأراد الظالمون تفريقها بخشبات ينصبونها على الطرقات يسمونها حدودا! خسئ الظالمون وخابوا". 112.
40- إن بناء تقيمه يد الله؛ لا تهدمه خشبة نخرة، ولا خرقة مرقعة، ولا نحلة ضالة يدعو إليها حمقى جاهلون. 112.
41- دمشق ...أول بلد عربي خلص لأهله بعد الاحتلال، فلا يشاركهم فيه جيش حليف، ولا منتدب، ولا وصي، ولا محتل. 121، بتصرف.
42- العجب العجاب أن يكون في ديار الإسلام احتلال، العجب أن لا نحكم نحن الأرض ونحن خلقنا من أصلاب من حكموها وورثنا القرآن الذي به دانت لهم الأرض. 124.
43- الأندلس، الفردوس الإسلامي المفقود، الذي سيعود. 125.
44- الباكستان "ديار الأطهار"، تلك ترجمة الكلمة. 124، بتصرف.
45- وليس في الدنيا أقوى ممن يريد الموت؛ لأن الذي يريد الموت لا تخيفه وسائله ولا آلاته!. 131.
46- في مقالة بتاريخ (1946، أي: 1366 ه تقريبا) قال:
"إننا لن نلقي السلاح وفي الدنيا بلد إسلامي يحتله أجنبي". 133.
47- في مقالة بتاريخ (1957، أي: 1377 ه تقريبا) قال:
في كل بيت قبيلة: الأم والأب، والإخوة، والعم وزوجته، وأولاده والعمات والجدة...والبيت يرفرف عليه السلام...فماذا دهى الناس حتى صار الزوج والزوجة - وهما في الدار وحدهما - يختلفان على كل شيء، ولا يستريحان يوما...يا أسفي على تلك الأيام!. 139، بتصرف.
48- ليعلم المسلم أنه إن كان مع الله؛ فلا يخشى في الحق أحدا مهما كان كبيرا؛ لأن الله أكبر. 142.
49- في مقالة بتاريخ (1957، أي: 1377 ه تقريبا) قال:
"فقدنا روح هذه الاجتماعات كما فقدنا الروح في عباداتنا كلها، فلم يبق إلا مظاهرها!".143.
قلت:
وماذا يقول الآن في عام (1444) لو رأى هذا الزمان الذي نعيشه، بعد تلك المقالة المنشورة قبل سبع وستين سنة تقريبا؟!
50- يحرم على المسلمين أن يخضعوا لغير حكم الإسلام، وأن يستكينوا لغاصب أو مستعمر. 146.
51- فإذا أحس المسلم أنه لم يعد يستطيع أن يقوم بشعائر دينه في بلد؛ كان عليه أن يهاجر منه، كما هاجر المسلمون الأولون من مكة. 146.
52- نهر الشريعة "الأردن". 147.
53- المرء لو اطلع على الغيب؛ لاختار الواقع. 147.
54- وقد دخل عبدالغني صاحب "العمدة" مصر، ونشر المذهب الحنبلي فيها، ثم ابن عبدالهادي، وآخرون لا يحصون. 152.
55- وكتاب "المغني" للموفق؛ أعظم كتاب في فقه الحنابلة، ومن آثارهم "حي الصالحية". 153.
56- قال عن ناظم باشا منشئ "حي المهاجرين":
"وكان يمتاز بمزايا ثلاث:
حبه العمران (وله وحده من الآثار ما لولاة الدولة كلهم)، وحب المصلحة العامة، والنزاهة والعفة، حتى إنه مات فقيرا لا يملك شيئا". 163.
57- في مقالة بتاريخ (1960، أي: 1380 ه تقريبا) قال:
"وكان الغناء من الأمور المعيبة المستقبحة التي يستحيا منها، وكان الرقص أفضع منه، ولم يكن يتصور أن تشتغل بالغناء - فضلا عن الرقص - بنت أسرة من الأسر الشامية، وإن هي فعلت - وهذا ما لم يسمع بوقوعه -؛ فإن أباها يذبحها، أو يضربها بالرصاص". 170.
58- في مقالة بتاريخ (1960، أي: 1380 ه تقريبا) قال:
"وكان في البيت جدي وجدتي، وأمي وعمتي، وفي كل دار عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال، يعيشون معا عيش الصفاء والوئام". 171.
59- في مقالة بتاريخ (1960، أي: 1380 ه تقريبا) قال:
"وكان نساء الحي جميعا بالحبَرة (الملاءة) المزمومة الساترة، وكان على الوجه المنديل الخشن ذو الثقوب". 173.
60- في مقالة بتاريخ (1960، أي: 1380 ه تقريبا) قال:
"وكانت المرأة لا تخرج إلا باللباس الطويل الذي يصل إلى نصف الساق وتحته الجوارب السميكة، وكانت تستحيي البنت أن يراها أبوها في البيت بالكم القصير، أو بالصدر المكشوف، ولا تظهر بزينتها إلا أمام زوجها". 174.
61- وإذا أنت أردت أن تعرف طيب أرض؛ فاقرأ خبرها في وجوه أهلها. 181.
62- قال عن "الخلافة العثمانية":
"وكان منها أول الأمر ملوك صالحون كبار، ثم خالف آخرها سيرة أولها، ودب الفساد إليها من يوم تركت قوانين الإسلام الذي كان به وحده عزها، وأخذت قوانين أعدائها". 184.
63- قال عن "مكتب عنبر" الذي درس فيه الثانوية:
"لقد عشت فيه ست سنين، كانت أحفل سني حياتي بالعواطف، وأغناها بالذكريات". 185.
64- لقد رأيت هذه الحياة لجة يرتفع فيها التبن والبعر، وينزل فيها الذهب والألماس، قد اضطربت فيها الموازين، واختلت المقاييس، ونفق المنافقون، وكسد الصادقون الصالحون!. 186.
65- وهل أرجو أن يعود لي أمسي الذي مضى، وآمل أن يرجع شبابي الذي ولى؟!
وليست عشيات الحمى برواجع * عليك ولكن خل عينيك تدمعا. 188.
66- والعامي الفصيح؛ خير من الغريب المهجور. 192.
67- أستاذنا سليم الجندي... الذي مات، وما أعرف تحت أديم السماء أعلم منه بالعربية وعلومها، الجندي الذي ما رأينا مثله، ولا أظن أننا سنرى مثله أبدا. 191، بتصرف.
68- أستاذنا عبدالقادر المبارك...كان أعلم العرب بالعرب، عرف أيامهم، ووعى أخبارهم، وروى أشعارهم. 191، بتصرف.
69- لقد اغتررت بالحلاوة في أعلى الكأس، فأذاقني الله طعم المرارة في أواسطها، وفي قعرها. 207.
انتقاء/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
طبرجل- السبت- 1444/7/27.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق