تلخيص
كتاب (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة؛ للإمام/ ابن تيمية 661- 728).
دراسة
وتحقيق:
ربيع
بن هادي بن عمير المدخلي.
أستاذ
السنة وعلومها بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا.
الملخص/
عبدالرحمن
بن مشعل بن حضيض المطرفي.
س1/ بم يكون
ابتغاء الوسيلة إلى الله؟ وما الدليل؟
يكون ابتغاء
الوسيلة إلى الله بالإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ واتباعه، قال تعالى: (يا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة). المائدة: 35.
س2/ من أعظم
الشفعاء قدرا وجاها عند الله؟
هو محمد بن
عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
س3/ متى تنفع
شفاعة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ ومتى لا تنفع؟ وما الدليل؟
تنفع شفاعته ـ
صلى الله عليه وسلم ـ مع الإيمان به، ولا تنفع مع الكفر به، قال تعالى: (سواء
عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم). المنافقون: 6.
س4/ هل تنفع
الشفاعة للكفار في إخراجهم من النار؟ وما أمثلة انتفاعهم بها؟ وما الأدلة في ذلك؟
لا تنفع
الشفاعة للكفار في إخراجهم من النار؛ لأن الخليل إبراهيم ـ عليه السلام ـ دعا
لأبيه واستغفر له، كما قال تعالى عنه: (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم
الحساب). إبراهيم: 41.
وقد كان ـ صلى
الله عليه وسلم ـ أراد أن يستغفر لأبي طالب ـ اقتداءا بإبراهيم ـ، وأراد بعض
المسلمين أن يستغفر لبعض أقاربه؛ فأنزل الله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن
يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم).
التوبة: 113.
ومن
السنة:
ما جاء في
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي طالب، عن
العباس بن عبدالمطلب أنه قال: قلت: يا رسول الله، فهل نفعت أبا طالب بشيء؛ فإنه
كان يحوطك، ويغضب لك؟ قال: (نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا؛ لكان في الدرك
الأسفل من النار).
وقد ينتفع
الكفار والمنافقون بدعائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن لا يعجل عليهم العذاب في
الدنيا، وروي أنه دعا بذلك، وأيضا فقد يدعو لبعض الكفار بأن يهديه الله، أو يرزقه،
فيهديه أو يرزقه، كما دعا لأم أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، حتى هداها الله، وكما
دعا لدوس، فقال: (اللهم اهد دوسا، وائت بهم)، فهداهم الله.
س5/ هل دعاء
الأنبياء وشفاعتهم بمنزلة الإيمان بهم وطاعتهم؟ وما السبب؟
لا؛ لأن
الإيمان بهم وطاعتهم ؛ توجب سعادة الآخرة، والنجاة من العذاب مطلقا وعاما، أما
الشفاعة والدعاء؛ فانتفاع العباد به موقوف على شروط له وموانع.
س6/ من هم
الذين أنكروا شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمذنبين من أمته؟ وما أدلتهم في ذلك؟
وما جواب أهل السنة والجماعة عليهم؟
أنكر شفاعته ـ
صلى الله عليه وسلم ـ للمذنبين من أمته كثير من أهل البدع، كالوعيدية ـ من
الخوارج، والمعتزلة ـ، والزيدية، فزعموا أن الشفاعة إنما هي للمؤمنين خاصة في رفع
الدرجات، وبعضهم أنكر الشفاعة مطلقا.
وأدلتهم في
ذلك:
أ- قوله
تعالى: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة
ولا هم ينصرون). البقرة: 123.
ب- قوله
تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه
ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون). البقرة: 254.
ج- قوله تعالى:
(ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع). غافر: 18.
د- قوله
تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين). المدثر: 48.
وجواب أهل السنة أن هذا لعله يراد به شيئان:
الأول:
أنها لا تنفع المشركين، كما قال تعالى: (فما تنفعهم
شفاعة الشافعين). المدثر: 48.
والثاني:
نفي الشفاعة التي أثبتها المشركون، ومن شابههم
من المبتدعة، من أهل الكتاب والمسلمين، الذين يظنون أن للخلق عند الله من القدر أن
يشفعوا عنده بغير إذنه، كما يشفع الناس بعضهم عند بعض، فيقبل المشفوع إليه شفاعة
الشافع؛ لحاجته إليه، رغبة ورهبة، كما يعامل المخلوقُ المخلوقَ بالمعاوضة، فأنكر
الله هذه الشفاعة، فقال تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه). البقرة: 255.
وقال: (وكم من
ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى).
النجم: 26.
وقال عن
الملائكة: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى). الأنبياء: 28.
وقال: (ولا
يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون). الزخرف: 86.
س7/ ما المراد
بالتوسل؟ وما حكمه؟
أ- التوسل
بالإيمان به ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وبطاعته، فهذا فرض، لا يتم الإيمان إلا به.
ب- التوسل
بدعائه وشفاعته، وهذا كان في حياته، ويكون يوم القيامة. فهذان جائزان بإجماع
المسلمين.
ج- الإقسام
على الله بذاته، والسؤال بذاته، فهذا الذي لا يجوز، كما قال أبو حنيفة وأصحابه،
ونهوا عنه؛ حيث قالوا: لا يسأل بمخلوق، ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك.
س8/ ما هو
مذهب أهل السنة والجماعة في شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم القيامة؟ وما
الأدلة في ذلك؟
أ- أن له
شفاعات خاصة وعامة.
ب- أنه يشفع
فيمن يأذن الله له أن يشفع فيه من أمته من أهل الكبائر.
ج- أنه لا
ينتفع بشفاعته إلا الموحدون المؤمنون.
في صحيح
البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، أنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس
أسعد بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله
إلا الله؛ خالصا من قلبه).
س9/ ما هو أصل
شرك قوم نوح وقوم إبراهيم ـ عليهم السلام ـ؟
أصل شرك قوم
نوح: هو العكوف على قبور الصالحين، ثم تصوير تماثيلهم، ثم عبادتهم.
أما قوم
إبراهيم، فأصل شركهم: عبادة الكواكب، والشمس والقمر.
س10/ ما هي
أدلة تحريم اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد؟
أ- عن جندب بن
عبدالله ـ رضي الله عنه ـ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال قبل أن يموت بخمس:
(إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني
أنهاكم عن ذلك) (1).
ب- في
الصحيحين (2) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، أن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ قال قبل موته: (لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)
يحذر ما فعلوا، قالت عائشة: ولولا ذلك؛ لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا.
س11/ ما هي
أنواع زيارة القبور؟ وما تعريف كل منها؟
أ- زيارة
شرعية:
وهي أن يكون
مقصود الزائر الدعاء للميت، كما يقصد بالصلاة على جنازته الدعاء له.
ب- زيارة
بدعية:
وهي التي يقصد
بها طلب الحوائج من الميت، أو طلب الشفاعة والدعاء، أو قصد الدعاء عند قبره؛ لظنه
أن ذلك أجوب للدعاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في صحيح
مسلم 5- كتاب المساجد، 3- باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، حديث 23.
(2) البخاري،
23- كتاب الجنائز، 61- باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، حديث 1330.
س12/ متى بدأ
الشرك؟ وما أول أسبابه؟ وما الدليل؟
بدأ أول ما
بدأ في قوم نوح، وكان أول أسبابه: تعظيم قبور الصالحين.
قال ابن عباس
ـ رضي الله عنهما ـ (3): كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على
الإسلام، ثم ظهر الشرك؛ بسبب تعظيم قبور صالحيهم.
وقد استفاض عن
ابن عباس وغيره في صحيح البخاري (4)
أن هؤلاء
كانوا قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا؛ عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم،
فعبدوهم، قال ابن عباس: ثم صارت هذه الأوثان في قبائل العرب.
(قال أبو عمر:
الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة، أو غير ذلك من التمثال، وكل ما
يعبد من دون الله، فهو وثن، صنما كان أو غير صنم).
س13/ يزعمون
أن المؤثر في حوادث العالم هو قوى النفس، أو الحركات الفلكية، أو القوى الطبيعية؛
من هم؟
ملاحدة
الفلاسفة الدهرية.
س14/ من هم
أولياء الله؟ وما الدليل؟
هم المؤمنون
المتقون؛ لقوله تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون62 الذين
آمنوا وكانوا يتقون63). يونس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أخرجه
الطبري في تفسيره 2/334.
(4) في 65،
كتاب التفسير، تفسير سورة نوح، حديث 4920، وتفسير ابن جرير 29/ 98 فما بعدها،
والدر المنثور 8/293، وفي كتب التفسير وقصص الأنبياء في قوله: (وقالوا لا تذرن
آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا). نوح.
س15/ ما حكم
دعاء الأموات ـ من الأنبياء والصالحين ـ، وطلب الدعاء والشفاعة منهم؟ وما السبب؟
غير مشروع؛
لوجهين:
الأول: أن ما
أمر الله به من ذلك، هم يفعلونه وإن لم يطلب منهم، وما لم
يؤمروا به؛ لا يفعلونه ولو طلب منهم.
الثاني: أنه
يفضي إلى الشرك، بخلاف حال حياتهم وحضورهم؛ فإنهم حينئذ في دار العمل والتكليف، فيثابون على نفع
غيرهم، ويؤجرون عليه.
س16/ ما حكم
سؤال الخلق؟ وما الأدلة في ذلك؟
في الأصل أنه
محرم، لكنه أبيح للضرورة، وتركه توكلا على الله أفضل، قال تعالى: (فإذا فرغت
فانصب8 وإلى ربك فارغب9). الشرح.
أي: ارغب إلى
الله تعالى، لا إلى غيره.
وقال تعالى:
(ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله
ورسوله إنا إلى الله راغبون59). التوبة.
فجعل الإيتاء
لله والرسول.
وأما الحسب،
فأمرهم أن يقولوا: (حسبنا الله) لا أن يقولوا: (حسبنا الله ورسوله).
ويقولوا: (إنا
إلى الله راغبون)، لم يأمرهم أن يقولوا: (إنا لله ورسوله راغبون)، فالرغبة إلى
الله وحده.
وكما في
الحديث عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا سألت؛ فاسأل الله، وإذا استعنت؛ فاستعن
بالله).
وفي الصحيحين (5)
عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير
حساب)، وقال: (هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون).
س17/ دين
الإسلام مبني على أصلين، ما هما؟
أ- عبادة الله
وحده لا شريك له.
ب- عبادته ـ
سبحانه ـ بما شرع.
س18/ ما هي
مفاسد سؤال المخلوقين؟
أ- الافتقار
إلى غير الله، وهو نوع من الشرك.
ب- إيذاء
المسؤول، وهو نوع من ظلم الخلق.
ج- ذل لغير
الله، وهو ظلم للنفس.
س19/ ما حكم
سؤال الميت؟
شرك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) البخاري،
76- كتاب الطب، 17- باب من اكتوى أو كوى غيره، حديث 5705، و 81- الرقاق، 21- باب
ومن يتوكل على الله فهو حسبه، حديث 6472، و 50- باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير
حساب، حديث 6541
س20/ ما هو
التوسل المشروع؟ وما هو التوسل الممنوع؟ وما الأدلة في ذلك؟
أ- التوسل
المشروع:
هو التوسل
بدعائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وشفاعته، لا السؤال بذاته؛ لدعاء عمر المشهور بين
المهاجرين والأنصار(6) ، وقوله: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا؛ نتوسل إليك
بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا).
إذا لو كان
التوسل بذاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشروعا؛ لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار عن
السؤال بالرسول إلى السؤال بالعباس.
ب- التوسل
الممنوع:
هو الإقسام
على الله بذاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والسؤال بذاته، في حياته أو بعد مماته.
قال تعالى:
(قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا56 أولئك الذين
يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك
كان محذورا57). الإسراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) أخرجه
البخاري، 15- كتاب الاستسقاء، 3- باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، حديث
1010، و 62- كتاب فضائل الصحابة، 11- باب ذكر العباس بن عبدالمطلب، حديث 3710،
وابن سعد في الطبقات 4/ 28 فما بعدها، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 88، كلهم من
حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ.
قالت طائفة من
السلف (7) : كان أقوام يدعون الملائكة، والأنبياء، كالمسيح، وعزير،
وغيرهما؛ فنهى الله عن ذلك، وأخبر تعالى أن هؤلاء يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه،
ويتقربون إليه، وأنهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين، ولا تحويله عنهم.
وقال تعالى:
(قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لا استكثرت من
الخير وما مسني السوء).
وقال: (إنك لا
تهدي من أحببت).
وقال: (ليس لك
من الأمر شيء).
وقد روى
الطبراني في معجمه الكبير (8) أن منافقا كان يؤذي المؤمنين، فقال أبو بكر: قوموا بنا نستغيث برسول الله من
هذا المنافق، فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنه لا يستغاث بي، وإنما
يستغاث بالله).
والعبادة يجب
أن تكون خالصة لله، والاستغاثة عبادة، فلا يستغاث إلا بالله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) راجع
تفسير ابن جرير 15/ 103 فما بعدها.
(8) انظر:
مجمع الزوائد 10/ 159، ورواه أحمد 5/ 317، ورواه ابن سعد في الطبقات 1/ 387،
والحديث ضعيف.
س21/ ما حكم
الاستغاثة بالحي القادر الحاضر؟ وما الدليل؟
جائزة؛ لقوله
سبحانه: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم). الأنفال: 9.
س22/ ما هي
أنواع الشفاعة؟
النوع الأول:
الشفاعة المنفية.
النوع الثاني:
الشفاعة المثبتة، وهي ما تضمنت أمرين:
أحدهما:
إذن الله للشافع أن يشفع للمشفوع له، قال تعالى: (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن
أذن له). سبأ: 23.
الثاني:
رضاه عن المشفوع له، قال تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى). الأنبياء: 28.
س23/ بم تتحقق
شهادة التوحيد؟ وما الدليل؟
تتحقق بأمرين
اثنين:
أحدهما:
الإخلاص لله.
ثانيهما:
المتابعة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والدليل:
قوله تعالى:
(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا). الكهف: 110.
وقوله تعالى:
(ليبلوكم أيكم أحسن عملا). الملك: 2.
قال الفضيل بن
عياض: أخلصه وأصوبه.
قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟
قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا؛ لم
يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا؛ لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.
والخالص أن
يكون لله، والصواب أن يكون على السنة، وذلك تحقيق قوله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء
ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا). الكهف: 110.
وفي الصحيحين (9)
عن عائشة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس
منه؛ فهو رد).
وفي الصحيح (10)
وغيره ـ أيضا ـ يقول الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك
فيه غيري؛ فأنا منه بريء، وهو كله للذي أشرك).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) أخرجه
البخاري، 53- الصلح، 5- باب إذا اصطلحوا على صلح جور، فالصلح مردود، حديث 2695،
ومسلم 3/ 1343، 30- كتاب الأقضية، حديث 17، وأحمد وأبو داوود، وابن ماجه.
(10) مسلم 4/
2289، كتاب الزهد، 53- باب من أشرك في عمله غير الله، حديث 46 من حديث أبي هريرة،
والترمذي 4/ 375، أبواب التفسير، تفسير سورة الكهف، حديث 5161، من حديث أبي سعيد
بن أبي فضالة.
س24/ ما حكم
الإقسام على الله بغيره، وبمخلوق على مخلوق؟ وما الدليل؟ وما هو القسم المشروع؟
لا يجوز، شرك
منهي عنه.
قال تعالى:
(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام). النساء: 1.
فعلى قراءة
الجمهور بالنصب، إنما يسألون بالله وحده، لا بالرحم، وتساؤلهم بالله تعالى يتضمن
إقسام بعضهم على بعض بالله، وتعاهدهم بالله.
وأما على
قراءة الخفض، فقد قال طائفة من السلف: هو قولهم: أسألك بالله وبالرحم، وهذا إخبار
عن سؤالهم.
وقد يقال: إنه
ليس بدليل على جوازه؛ فإن كان دليلا على جوازه؛ فمعنى قوله: أسألك بالرحم، ليس
إقساما بالرحم ـ والقسم هنا لا يسوغ ـ، لكن بسبب الرحم؛ أي أن الرحم توجب لأصحابها
بعضهم على بعض حقوقا، كسؤال الثلاثة لله تعالى بأعمالهم الصالحة (11) وكسؤالنا
بدعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشفاعته.
والقسم
المشروع أن يقسم بالله تعالى ـ بأسمائه وصفاته ـ، ومن السنة (12) :
(أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال
والإكرام، يا حي يا قيوم).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) حديث
الثلاثة في البخاري 605- كتاب أحاديث الأنبياء، 53- باب حديث الغار، حديث 3465، و
78- كتاب الأدب، 5- باب إجابة دعاء من بر والديه، حديث 5974، ومسلم 4/ 2099، 48-
كتاب الذكر، 27- باب قصة أصحاب الغار، حديث 100، من حديث طويل عن ابن عمر ـ رضي
الله عنهما ـ، وهو حديث معروف.
(12) رواه ابو
داوود وغيره.
س25/ ما هي
مراتب الدعاء البدعي؟
1- دعاء غير
الله، وهو ميت أو غائب.
2- أن يقال
للميت أو الغائب ـ من الأنبياء والصالحين ـ: ادع الله لي، أو ادع لنا ربك، أو اسأل
الله لنا، كما تقول النصارى لمريم وغيرها.
3- سؤال الله
بفلان، أو بجاه فلان.
س26/ ما حكم
استقبال القبر عند الدعاء؟ وما الدليل؟
لا يجوز، ومذهب
الأئمة الأربعة ـ مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ـ وغيرهم من أئمة الإسلام أن
الرجل إذا سلم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأراد أن يدعو لنفسه؛ فإنه
يستقبل القبلة لا الحجرة.
والدليل:
ما ثبت في
صحيح مسلم وغيره (13) ، عن أبي مرثد الغنوي ـ رضي الله عنه ـ، أن النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13) 11-
جنائز، 33- باب النهي عن الجلوس على القبر، والصلاة عليه، حديث 97- 98، 2/ 668،
وأبو داوود، 15- الجنائز، 77- في كراهية القعود على القبر، حديث 3229، 3/ 554،
والترمذي، 8- الجنائز، 57- باب ما جاء في كراهية المشي على القبور، والجلوس عليها،
حديث 1050- 1051، والنسائي، 9- كتاب القبلة، 11- باب النهي عن الصلاة إلى القبر،
حديث 760، 2/ 67، كلهم من حديث أبي مرثد الغنوي.
س27/ ما هي
أنواع التوسل بالأنبياء وغيرهم من المخلوقين؟
1- التوسل
بالإيمان بهم إلى إجابة الدعاء، وإعطاء السؤال، كحديث الثلاثة الذين آووا إلى
الغار، فإنهم توسلوا بأعمالهم الصالحة؛ ليجيب دعاءهم، ويفرج كربتهم.
2- التوسل
بالإيمان بهم إلى حصول ثواب الله وجنته ورضوانه؛ فإن الأعمال الصالحة التي أمر بها
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي الوسيلة التامة إلى سعادة الدنيا والآخرة.
ومثل هذا كقول
المؤمنين: (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر
لنا ذنوبنا وكفر عنا سيائتنا وتوفنا مع الأبرار). آل عمران: 193.
فإنهم قدموا
ذكر الإيمان قبل الدعاء.
ومثل ذلك ما
حكاه الله سبحانه عن المؤمنين في قوله تعالى: (إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا
آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين). المؤمنون: 109.
وأمثال ذلك
كثير.
س28/
ما هي أنواع التوسل بدعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشفاعته؟
1- طلب الدعاء
والشفاعة منه ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
2- أن يسأل
الله تعالى بشفاعته ودعائه ـ عليه الصلاة والسلام ـ، كما في حديث الأعمى؛ فإنه طلب
منه الدعاء والشفاعة، فدعا له الرسول وشفع فيه، وأمره أن يدعو الله فيقول:
"اللهم إني أسألك وأتوجه إليك به، اللهم فشفعه في"، فأمره أن يسأل الله
تعالى قبول شفاعته.
تم بحمد الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق