الأحد، 12 فبراير 2017

(المحدث الزاهد عبدالمحسن العباد)

(المحدث الزاهد عبدالمحسن العباد)


بعد طول تشوق للقائه، والتشرف بالسلام عليه، ووضع قبلة على رأسه؛ حصل ذلك، وقد كان بعد مراسلتي لأحد أحفاده البررة عبر أحد أشهر طرق التواصل، وهو ما يسمى بالمغرد.
سلمت عليه بعد انصرافنا من صلاة العصر، ولأول وهلة تلمس فيه زهدا في الحياة الدنيا، وحبا للقاء المولى- جل وعلا -، فهو علامة محدث زاهد بحق - ولا نزكيه على الله - "وما شهدنا إلا بما علمنا". يوسف.
زاهد قد انصرف عن بهارج الدنيا ومغرياتها، وانكفأ على نفسه تحصيلا وتدريسا لحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وكتب الائمة الجهابذة، من علماء السلف الصالح، من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم.
زاهد في ملبسه ومسكنه وطريقة حديثه، فإنك ترى سيما التواضع على شخصه من أول رؤياك له، زهد بلا تكلف، وحديث بلا تشدق، وتواضع بلا مسكنة وضعف؛ بل تواضع في طيات القوة النابعة من الإيمان، وحديث ينبئ عن صدق الرجل في تدريسه؛ فلا تكلف ولا تقعر؛ بل سهولة لفظ في عمق العلم ومعناه، وزهد في ما أكثر الناس انشغالا به اليوم، ألا وهو التصوير، ووسائل الإعلام المختلفة؛ فإن الشيخ العلامة المحدث - حفظه الله ورعاه، وأعقب له في ذريته خيرا - من زمرة العلماء الذين يرون حرمة التصوير؛ فلذلك لا يظهر في وسائل الإعلام التي تظهر الصور؛ كالتلفاز مثلا إلا لضرورة؛ كحضور مجلس يدعى إليه من قبل ولي الأمر، ويشتمل على تصوير كالعادة، أما فيما عدا ذلك، فالشيخ اختار لنفسه السلامة "والسلامة لا يعدلها شيء!".
فإننا نرى بعض المشايخ قد انهمكوا في وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المختلفة، وتأثروا تبعا لذلك؛ فيحرص الواحد منهم على الأخذ بالأيسر في مقابلة رضا الناس، كما يسمونهم بالجماهير؛ فإن بعض هؤلاء الصنف من الدعاة تراه وقد أخذ الفاضل تاركا الأفضل، آخذا بالرخصة تاركا العزيمة؛ لأنه يرى أن لصنيعه هذا فتحا لباب القبول بينه وبين الناس، وما علم المسكين أن "رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك!!!"؛ فبحجة هذا زل الكثير، وضل الجمع الغفير - إلا من رحم ربي - "وقليل ما هم". ص.
وأظن أن الشيخ عبدالمحسن العباد من هؤلاء القليل؛ فإن الناس لم يروا عليه تغيرا من أحسن إلى حسن، ومن باب أولى من أحسن إلى أسوأ - كما هو حال بعض الدعاة والعلماء غير العاملين، عفا الله عنا وعنهم -؛ فإن بعضهم قد استزله الشيطان حتى ظن أنه علم، وما علم أنه لم يعلم أصلا، فلو علم؛ لما سعى فيما سعى إليه من الأخذ بالرخص؛ ليتقبله الناس؛ فإن شرع الله صالح لكل زمان ومكان، ولكن "وما يعقلها إلا العالمون". العنكبوت.
لقد رأينا - كما رأى الكثير غيرنا - كم مما يسمون بالدعاة قد تخبطوا - خبط عشواء - في مختلف ميادين الدعوة، وصروح العلم، فمنهم من أفتى في مسائل لم يحسنها أصلا، مسائل كبار، تحتاج إلى تريث وتثبت، وتحكيم عقل، لا تحكيم عاطفة لساعة، ثم تزول، تاركة آثارا غير حميدة، ويصح القول لو قلنا آثارا مدمرة!
هذه المسائل كمسائل الخروج على ولي الأمر...
ومنهم من أفتى فتوى لا تستند إلى دليل سديد، وحجته أنها "مسألة خلافية"!!!.
سبحان ربي؛ كأن الله تعبدنا بخلاف الرجال، ولم يتعبدنا بالدليل!!!
والخلاصة:
أننا بحاجة إلى دعاة إلى الله تعالى ورسوله الكريم - عليه أفضل صلاة، وأتم تسليم -، لا دعاة إلى حزب أو جماعة أو قبيلة.
بحاجة إلى دعاة يتمسكون بأصل الوحيين، ويعضون على سنة النبي العدنان - صلوات الله وسلامه عليه - وخلفائه الراشدين المهديين من بعده بالنواجذ، ويحذرون الابتداع في الدين، ويحذرون غيرهم، متمسكين بحبل الله المتين، سائرين على نور من الله، لا يخافون في الله لومة لائم، معتزين بدينهم، متشرفين بعلمهم، رافعين رؤوسهم بالإسلام والسنة، ذابين عن الحق، مدحضين للباطل، في عزة ومنعة، أعزة على الكافرين، أذلة على المؤمنين، يجاهدون في الله حق جهاده، ينشرون دين الله؛ لتكون كلمته العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، والله عزيز حكيم.
اللهم احفظ الشيخ عبدالمحسن بن حمد البدر العباد، وأعقب له في ذريته خيرا، واجعله من أسباب نصرة دينك يا قوي يا متين.
اللهم وحد صفوف المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.
وصل اللهم وسلم، وزد وبارك وأنعم على خليلك ومصطفاك محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
والحمدلله رب العالمين.


كتبه/


أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
ليلة الاثنين ١٤٣٨/٥/١٦.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق