الأحد، 19 فبراير 2017

وقفة مع أحد الدعاة في فتواه في حد إعفاء اللحية

(وقفة مع أحد الدعاة في فتواه في حد إعفاء اللحية).


صرح فيه بأنه بعد أن من الله عليه بالشهرة...الخ.
الشهرة في عرفه "منة"؛ تستوجب منه الشكر عليها!!!
وهذا على خلاف ما يليق بالمؤمن؛ فإن المؤمن تقي نقي خفي؛ أي: خفي حقيقة، لا يحب أن يكون مشهورا بين الناس، معززا مكرما؛ لأنه يريد الله والدار الآخرة، لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا.
وبعد أشهر قليلة خرج هذا الداعية في لقاء متلفز - أيضا -، ومما قال في أثنائه: والله وددت لو أن أحدا لم يعرفني، أو كلاما نحوه بمعناه؛ فلعل هذا استدراك منه وفقه الله.
الذي يعنينا ما قاله الشيخ الفاضل في مسألة "حد إعفاء اللحية".
قال حفظه الله ورعاه بأن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، وأنه لا يصح أن يقال هذا فعل ابن عمر - رضي الله عنهما - وحده؛ فإنه كان يعيش مع الصحابة - رضوان الله عليهم -، ولم يعرف له مخالف بينهم.
وقفت بعد كلامه هذا بأشهر على كلام متين للعلامة الإمام الفقيه/ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه عليين -، ملخصه:
أن القائلين بفعل ابن عمر - رضي الله عنهما - لم يكتفوا بفعله، فقد كان يأخذ ما زاد على القبضة في الحج، وهم توسعوا فقالوا بالأخذ بما زاد على القبضة في الحج وفي غيره، للأسف!!!
ووقفت - أيضا - على كلام نفيس لمحدث العصر الحديث العلامة/ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله رحمة الأبرار -، مفاده:
أن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة؛ متأولا لقوله تعالى: (...محلقين رؤوسكم ومقصرين...). الفتح.
ففهمه - رضي الله عنه - أنه إذا كان الحلق لشعر الرأس؛ فالتقصير إذن لللحية، وجمهور العلماء على أن الواو - هنا في الآية الكريمة - للتخيير.
فات على هذا الداعية الكريم قول جمهور العلماء في هذه المسألة وغيرها - أعني مسألة الموسيقى -؛ فكان ينبغي التريث، وأن يحفظ الناس من المشتبهات، كما في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -: (...من اتقى الشبهات؛ استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات؛ وقع في الحرام...).
وهذا حديث عظيم، وفقهه أن لا يقحم الناس فيما هم في عافية منه، فكما قيل: "السلامة لا يعدلها شيء"!
قال - في جوابه على أحد المتصلين القائلين بأنه لم يقتنع بفتواه في حد إعفاء اللحية -: فرق بين الكمال والإجزاء، أو بمعناه، وأن هذا يفتح باب القبول للناس...الخ.
قلت: وإن شرع الله صالح لكل زمان ومكان؛ فمن أراد الله والدار الآخرة؛ فإنه يكون من حزب الله وأوليائه المتقين، ثم لا يضيره أقبل الناس منه، أو ردوه "وما على الرسول إلا البلاغ المبين".


بقلم/


عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الأحد ١٤٣٨/٥/٢٢.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق