الخميس، 27 يوليو 2017

مراحل الحياة

الحياة ولادة فمخالطة فاستقلال فاستقالة فاستيفاق!

ولادة: وهذي أول مراحل الدخول في الحياة.
مخالطة: هذي المرتبة الثانية، وتعني أنه يسمع ويبصر ويتكلم، ويجيء ويذهب، يخالط الناس.
الاستقلال: وهو العيش في عش الزوجية، وأحضان البيت الجديد.
الاستقالة: أي: الموت؛ يستقيل عن الحياة.
الاستيفاق: اليقظة حين مشاهدة لحظة الموت وما بعدها.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الخميس ١٤٣٨/١١/٤

الجمعة، 21 يوليو 2017

قصة يوسف عليه السلام...دروس وعبر

(تلخيص خطبة الجمعة)

(قصة يوسف عليه السلام دروس وعبر)

محاور الخطبة:

١- التنويه بفضل القرءان الكريم.

٢- حسد إخوة يوسف لأخيهم يوسف - عليه السلام -.

٣- يوسف - عليه السلام - وامرأة العزيز.

٤- يوسف - عليه السلام - يصبح عزيز مصر.

٥- سجود إخوة يوسف وأبويه له.

من الدروس والعبر في قصة  يوسف - عليه السلام -:

١- الابتلاء يكون على قدر إيمان العبد، فكلما قوي إيمان العبد؛ زيد في بلائه، وكلما ضعف؛ خفف عنه، و "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على قدر دينه...". كما في الحديث.

فابتلي يعقوب - عليه السلام - بأن نزغ الشيطان أبناءه فحسدوا أخاهم يوسف - عليه السلام -، وابتلى الله يوسف بحسد إخوته له، وبامرأة العزيز، وابتلى الله إبراهيم، فرمي بالمنجنيق في النار، وابتلي زكريا فنشر بالمنشار، وابتلي موسى بفرعون وبقومه بني إسرائيل، وابتلي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهجر من وطنه - مكة المكرمة -...

٢- الحسد لا يأتي بخير، وهو اعتراص على قضاء الله وقدره، فأين وصل إخوة يوسف بحسدهم لأخيهم؟!

٣- الأمور لا تدبر في الأرض؛ بل تدبر في السماء، وهذا الذي لم يعقله إخوة يوسف، فألقوه في "الجب" قعر البئر حسدا وبغيا وعدوانا، ولم يخطر ببالهم أن يمكن الله له، ويعلمه من تأويل الأحاديث، ويصبح فيما بعد عزيز مصر، ويسجدوا له هم وأبواه! "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". يوسف.

فالعبد يريد، والله يفعل ما يريد. أراد إخوة يوسف أن يبعدوا أخاهم عن أبيهم، وتشاوروا فيما بينهم "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا" أي أبعدوه في أرض بعيدة لا يرجع منها، والسبب من وراء ذلك لكي "يخلو لكم وجه أبيكم" حتى يتوفر عليكم بعطفه وحبه وحنانه، فلا يرى سواكم "وتكونوا من بعده قوما صالحين" ثم تتوبون بعد صنيعكم هذا بأخيكم، ولم يوفقوا لذلك!

٤- وجوب العدل بين الأبناء، وعدم إظهار تفضيل أحدهم على الآخر، حتى لا يتدخل الشيطان، ويفسد العلاقة بين الإخوة فيما بينهم، وبين الأبناء وأبيهم.

٥- العاقبة للمتقين، وأجر الآخرة خير للمؤمنين، والذين كانوا يتقون الله دائما.

٦- الاعتصام بالله من الفتن من أهم أسباب النجاة منها "وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين* فاستجاب له ربه...". يوسف.

٧- صبره العظيم - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم -، فلقد صبر على الإغراء والتهديد من امرأة العزيز وقال: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) من الفاحشة والمنكر (وإلا) وإن لم (تصرف عني كيدهن أصب) أميل (إليهن وأكن من الجاهلين) وهذا عند التهديد، وعند الإغراء قال: (معاذ الله) أعوذ بالله، أعتصم به وألتجئ إليه (إنه ربي) سيدي الذي هو زوجك (أحسن مثواي) أحسن إلي وأكرمني (إنه لا يفلح الظالمون). يوسف.

بقلم/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

١٤٣٨/١٠/٦

الإسلام عزيز

(تلخيص خطبة الجمعة)

(الإسلام عزيز)

١- أعز ما يملكه المسلم دينه العظيم.

٢- الإسلام دين الله المرضي.

٣- الإسلام لن يغلب، ولكن يغلب المسلمون لأسباب، منها:

أ- تفريطهم والتقصير في نصرة دينهم.

ب- ضعف المسلمين وتفرقهم، وعدم استمساكهم بما شرع الله في دينهم من:
الرحمة بضعفائهم، وإيثار بعضهم بعضا، والرجوع إلى أهل الذكر وحفظ البيعة لولاة الأمر (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين). الأنفال.

٤- المجاهدون لإطفاء نور الله أمرهم في سفال، وإلى زوال (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا). مريم.

٥- العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

٦- انتقل العرب باستجابتهم لدعوة توحيد رب العالمين من الصادق الأمين في البلد الأمين من:
الجهل إلى العلم، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الذلة والقلة إلى العزة والغنى، والنصر والتمكين.

٧- توفي - صلى الله عليه وسلم - وترك لنا الإسلام صافيا نقيا، كاملا شافلا وافيا، ولن تقوم لأهل الإسلام قائمة بدون التمسك بتعاليم الإسلام؛ فبه عز الدنيا والآخرة.

تلخيص/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

١٤٣٨/١٠/٢٠

أهم كتب العقيدة والتوحيد؛ للدبيخي

(كتب مهمة في العقيدة والتوحيد؛ للأستاذ الدكتور/ سليمان الدبيخي)

📚كتب مرشحة في مسائل الاعتقاد.📚

📍تنبيه: القاسم المشترك بين هذه الكتب أمران، وهما علة الترشيح:

الأول: أنها جمعت بين الدراية والرواية، ففيها تقريرات للمؤلف، واحتجاجات عقيلة، فجمعت بين النقل والعقل.

الثاني: أنها من أقدم ما كتب بالاعتبار السابق، -وليس على الاطلاق-، فمثلا في القدر لم أذكر كتاب : (القدر لابن وهب ت197) ولا كتاب (القدر للفريابي ت 301) مع أنهما أقدم مما ذكرته في هذا الباب، لأنهما أشبه بالأجزاء الحديثية، ففيهما سرد مجرد للروايات -من الأحاديث والأثار- دون تعليق.

📍وأنبه أيضاً إلى أني تعمدت  ألا أزيد على ثلاثة كتب في كل باب –في الغالب- حتى يستسهل المهتم بدرس الاعتقاد قراءتها ودوام النظر فيها، والعناية بها، وتلخيصها، وسيجد فيها عظيم النفع بإذن الله تعالى، وقد لا يحتاج إلى شيء كثير خارجها -وإلا فالكتب المهمة كثيرة-وغير المتخصص قد يستغني بها، أو ببعضها.

📔من أهم الكتب في مسائل الإيمان:
1-الإيمان لأبي عبيد (ت224)
2-تعظيم قدر الصلاة للمروزي (ت294)
3-المجلد السابع من فتاوى ابن تيمية -(ت728)-، ويشتمل على الإيمان الكبير والإيمان الأوسط، وزيادة يسيرة عليهما.

📔من أهم الكتب في مسائل الأسماء والصفات:
1- نقض الدارمي -(ت280)- على المريسي، وقد كان ابن تيمية وابن القيم يوصيان به وبكتابه الآخر: الرد على الجهمية، ويقول ابن تيمية: فيهما من تقرير التوحيد والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما.
2-التوحيد لابن خزيمة (ت311).
3-التدمرية لابن تيمية (ت728).
4-مختصر الصواعق لابن القيم (ت751).

📔من أهم الكتب في مسائل النبوات:
1-دلائل النبوة للأصبهاني (ت535) تحقيق: مساعد الحميد
2- الشفاء للقاضي عياض (ت544).
3-النبوات لابن تيمية (ت728).

📔من أهم الكتب في مسائل القدر:
1-خلق أفعال العباد للبخاري (ت256).
2-المجلد الثامن من فتاوى ابن تيمية (ت728)
3- شفاء العليل لابن القيم (ت751).

📔من أهم الكتب المسندة الشاملة لأغلب مسائل الاعتقاد
1-الشريعة للآجري (ت360)
2-الإبانة لابن بطة (ت387)
3-شرح أصول الاعتقاد للالكائي (ت418)

📔من أهم الكتب في باب البدع.
1-الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي (ت520).
2-اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (ت728).
3-الاعتصام للشاطبي (ت790).

📔من أهم الكتب في توحيد العبادة.
1-(العبودية)، و (الاستغاثة في الرد على البكري)، و (قاعدة في التوسل والوسيلة)، ثلاثتها لابن تيمية (ت728).
2-تجريد التوحيد للمقريزي (ت845).
3-التوحيد لابن عبد الوهاب –(ت1206)، وأهم شروحه: فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن، والقول المفيد لابن عثيمين.

📔من أهم الكتب في مسائل اليوم الآخر
1-التذكرة للقرطبي (ت 671)
2-البحور الزاخرة للسفاريني (ت1188).

📔من أهم الكتب في مشكل النصوص
1- الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد (ت241).
2-تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ت276)
3-مشكل الآثار للطحاوي (ت321)
4-تفسير آيات أشكلت لابن تيمية (ت728)

📔كتب ومتون مناسبة للشرح في دورات علمية قصيرة، أو أيام علمية
1- العقيدة الطحاوية (ت321).
2-مقدمة ابن أبي زيد القيرواني (ت386).
3- عقيدة السلف للصابوني (ت449)
4-الاعتقاد لابن أبي يعلى (ت526)
5-لمعة الاعتقاد لابن قدامة (ت620)
6-العقيدة الواسطية لابن تيمية (ت728)
7-الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد كلاهما للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت1206) وتقدم ذكرُ أهم شروح الأخير، وأما الأول فمن أهم شروحه: شرح الشيخ العثيمين، والشيخ د.عبد الرحمن الشمسان.

📔من أهم الكتب في الفرق والمقالات
1-مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري (ت324).
2-الفرق بين الفرق للبغدادي (ت429).
3-الفصل لابن حزم (ت456).
4-الملل والنحل للشهرستاني (548).

       ‏•••═══ ༻✿༺═══ •••

قناة أ.د. سليمان بن محمد الدبيخي .(علمية عقدية- تربوية - دعوية)

‏https://t.me/sulaiman_Al_Dubaikhi

قصة آدم عليه السلام...دروس وعبر

(تلخيص خطبة الجمعة)

(قصة آدم عليه السلام...دروس وعبر)

١- الملائكة لا يعلمون الغيب، الله وحده من يعلم الغيب ومن يطلعه عليه ببعضه "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا* إلا من ارتضى من رسول..." أي: فإنه يخبره ببعض الغيب.

٢- في قوله تعالى على لسان الملائكة: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) وقفتان:

الأولى: الملائكة لا يعلمون الغيب؛ فمن أين لهم أن الخليفة الذي سيكون في الأرض من الله "يفسد فيها ويسفك الدماء"؟

قال بعض العلماء:

أ- لأن الجن قبل خلق آدم عليه السلام عاثوا في الأرض فسادا وخرابا؛ فظنوا أن هذا من هذا.

ب- وقيل: بل اطلعوا على اللوح المحفوظ.

الوقفة الثانية: لم تقل الملائكة ذلك على سبيل الاعتراض، حاشا وكلا؛ بل على سبيل الاستفهام والاستعلام؛ فإنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

٣- لماذا خرج بنو آدم مختلفين طباعا وأشكالا وألوانا، خلقا وخلقا؟

لأن الله أرسل أحد الملائكة، فقبض قبضة من وجه جميع الأرض، وخلطها، ولم يأخذ من مكان واحد؛ بل أخذ من تربة بيضاء وحمراء وسوداء؛ فلذلك خرج بنو آدم مختلفين، فمنهم الأبيض والأحمر والأسود، وبين ذلك، والسهل والصعب، وبين ذلك، والخبيث والطيب، وبين ذلك.

٤- ما هي منزلة آدم عند الله؟

أ- خلقه الله بيده من طين لازب، أي: قوي صلب متماسك.

ب- نفخ فيه من روحه.

ج- أسجد له ملائكته.

د- صوره في أحسن تقويم.

ه- علمه الأسماء كلها.

٥- لماذا تكبر إبليس - لعنه الله - عن السجود لآدم - عليه السلام -؟

لتكبره، وعناده، وإعجابه بنفسه، وقياسه الفاسد؛ حيث فضل النار على الطين، والطين خير من النار، وذلك لأن مادة الطين فيها الخشوع والسكون، والرزانة والتواضع، والحلم والأناة والنمو، ومنها تظهر بركات الأرض...وأما النار؛ ففيها الخفة والطيش، والسرعة والإحراق.

٦- لم يكتف إبليس بتكبره وإبائه عن السجود لآدم - عليه السلام -؛ بل أخذ يتوعد ذريته من بعده بالإضلال والإغواء، والترصد لهم على الصراط المستقيم. وقد حذرنا الله منه، وأمرنا أن نتخذه عدوا لنا، وأخبرنا أن عباد الله ليس عليهم سلطان من الشيطان؛ فإن الله يتولاهم برحمته وحفظه ورعايته (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا). الإسراء: ٦١- ٦٥.

٧- أهبط إبليس وطرد إلى الأرض مذموما مدحورا، وهو لا يزال في إضلال بني آدم حتى يكبهم في النار على وجوههم صاغرين.

٨- أمر الله آدم وزوجه حواء - عليهما السلام - بسكنى الجنة، وأن يأكلا منها من حيث شاءا، إلا شجرة واحدة فلا يقرباها، ولكن وسوس لهما الشيطان، وزين لهم عملهم، وحلف لهم على ذلك أنه لهم ناصح، حتى أكلا من الشجرة التي نهيا عنها، فبدت عوراتهما، ثم لما اعترفا بالخطيئة وظلمهما لأنفسهما، وسألا الله المغفرة والرحمة؛ غفر الله لهما ورحمهما وهداهما (وعصى آدم ربه فغوى* ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى). طه: ١٢١- ١٢٢.

٩- أهبط آدم وحواء - عليهما السلام - وإبليس إلى الأرض، أمروا أن يهبطوا من الجنة حال كونهما متعادين متحاربين.

من الدروس والعبر في قصة أبي البشر أبينا آدم - عليه السلام - ما يلي:

أ- المعصية شؤم على صاحبها، فانظر كيف أهبط آدم - عليه السلام - إلى الأرض، وكيف أخرج منها؛ لمخالفته بعدم الأكل من الشجرة. وكيف طرد إبليس مذموما مدحورا إلى الأرض؛ لتكبره عن السجود؟!

ب- الاعتراف بالذنب والمعصية والخطيئة، والاستكانة والتضرع، والتوبة والإنابة، وطلب المغفرة والرحمة من الله؛ يقرب إلى الله، ويدني من رحمته وعفوه ومغفرته.

ج- على المسلم التسليم لأمر الله دائما وأبدا، وألا يغتر بحجم الذنب مهما صغر؛ فما أخرج ولعن إبليس إلا لكبره، وما أهبط آدم وأخرج من الجنة إلا بأكله من الشجرة.

د- وجوب اتخاذ المسلم الشيطان عدوا له، وألا يتولاه هو أو ذريته من شياطين الإنس والجن.

ه- الغيب لا يعلمه إلا الله، ولله في حكمه وأمره وتدبيره حكم ظاهرة، وأخرى لا نعلمها.

و- الله وهو في عليائه وكبريائه حاور إبليس على ما تلبس به من كبر وعجب بنفسه وعناد!

ز- عباد الله ليس عليهم سلطان من الشيطان.

تلخيص/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الجمعة ١٤٣٨/١٠/٢٧.

الأحد، 9 يوليو 2017

الوقت والإنسان

(الوقت والإنسان)

الوقت هو شريان الحياة وبه قوامها، فلا شيء أعز من الوقت، ومع ذلك يضيع سدى عند كثير من الناس!

وقد حفظت بيتا كتبه لي الوالد - أدام الله بقاءه (١) وحفظه ورعاه - :

والوقت أسهل ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع! للوزير ابن هبيرة.

فمنهم من يصرفه في أنواع من اللعب المباح أصلا، ومنهم من يضيعه في الحرام والاشتغال به، والذين يضيعون جل أوقاتهم في شيء مباح فعلهم مذموم، فكيف بمن يقطعه في الحرام؟! عياذا بالله من مثل حال هؤلاء. فسيعضون أصابع الحسرة والأسف والحزن والندامة في يوم التغابن والقيامة على ما أضاعوا من أعمار، وما فرطوا في ساعات الوقت؛ بل ولحظاته، فلم يملؤوا صحائفهم بما يبيض وجوههم، فيتمنون أن لو عادوا إلى الدنيا لاستغفار الباري، وعمل الصالحات، ولكن هيهات هيهات، فلقد كتب الله في الكتاب ألا رجعة للدنيا؛ فهل من مدكر أو متعظ؟ أو عامل الآن صالحا قبل فجاءة الموت، وزوال النعمة - نعمة الصحة والعافية، ونعمة الوقت -؟!

والوقت - كذلك - رأس مال الإنسان، فالوقت للإنسان يجب أن يكون أغلى من الأصفرين، كيف لا؟ وقد أقسم الله به في كتابه العظيم (والعصر- والضحى- والشمس وضحاها- والليل إذا يغشى- والليل إذا عسعس* والصبح إذا تتفس- والقمر* والليل إذ أدبر* والصبح إذا أسفر).

والوقت - أيضا - عمر الإنسان الثاني، فالإنسان مجرد تاريخ، فإما أن يصبح في تاريخ العظماء والخالدين، وإما أن يصبح في تاريخ المنسيين، وأما البطالين والفاشلين فليس لهم تاريخ أصلا، قد حكموا على أنفسهم بالموت قبل الموت، فليس لهم ذكر بعد الموت، وهذا من العجاب، أناس ماتوا وما ماتت مكارهم، وأناس أحياء بين الناس ولكن لا يكادون يذكرون إلا همسا، وأناس ماتوا لما ماتوا، ودفن معهم ذكرهم، فلا يذكرون، فتأمل حال الناس في دنيانا هذه وما يؤولون إليه؛ تجد تصديق ما قد ذكرناه آنفا.

ولكي ننظم أوقاتنا ونحفظها من الضياع فيما لا طائل ولا نفع من ورائه؛ لنأخذ في حسباننا أولا ولنقتنع بأهمية الوقت، ثم لنتحلى بالعزيمة والإصرار، ولنكن ذوي همم سامية سامقة شريفة، لنرفع أبصارنا نحو السماء، لنضع لنا هدفا وأهدافا مساندة توصل إليه (أهداف رئيسية- أهداف فرعية، كبرى- صغرى)، ولنحلم وفي نفس الوقت لنكن واقعيين؛ فلا مثالية في تحقيق الفوز والنجاح.

لنأخذ على أنفسنا عهدا في تنظيم حياتنا، لا ننقضه أبدا، وإن كان في بعض الأحيان؛ فيكون التعويض عنه في أقرب وقت، ولنتدرج في هذا "تنظيم الوقت" فمثلا: أنا لا بد في هذا الشهر أعمل أعمالا أستغل بها وقتي أحسن استغلال، أكتب نثرا، شعرا، أحفظ جزءا، أقرأ تفسيرا، كتابا ثقافيا عاما، كتابا في التخصص، في الأدب الخ.

ثم بعد مدة من الزمن في نفس السنة بالتأكيد - ولنقل في منتصفها إذا كانت البداية من أولها - تنتقل إلى وضع جدول يضبط لك الوقت، على مدار اليوم إلى الأسبوع إلى الشهر إلى السنة، وتضع لك خطة تقسمها حسب ما ترى، وهذا مثال يرشدك، فمثلا تكثف من القراءة في مجال تخصصك، تبدأ بالأهم فالمهم، بالأولويات في حياتك، ولكن لا تثقل على نفسك، أجمها بالمباح، واستروح قدر ما به تستعيد نشاطك وقوتك الذهنية والنفسية والبدنية. يكون هذا الجدول منوعا وشاملا وكافيا، فالتنويع مثلا القراءة في غير مجال تخصصك حسب قوة رغبتك، فمثلا أنت تحبذ التاريخ ثم الحديث ثم التفسير، ثم علوم اللغة الخ فتجعل لكل فن نسبته التي يحتلها في داخلك، فمجال التخصص يكون نصيبه ٥٠% والخمسين الباقية توزع على بقية الفنون حسب قوة الرغبة والميول الفطرية إزاءها، فالتاريخ به ١٥ % والحديث ٥% والتفسير ٥% وعلوم اللغة ٢٥% وهكذا...ولتقسم الخطة إلى قريبة المدى وبعيدة المدى، قريبة المدى مثلا يوم أسبوع شهر سنة، بعيدة المدى مثل: سنتان ثلاث أربع خمس...عشر...عشرون...خمسون...مدى الوقت...

ولنراعي التدرج، لنأخذ أنفسنا بالتدريج المستمر والفعال، وكما في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (خير العمل أدومه وإن قل) و (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه). أو كما ورد. وقال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا...) وهذا الشاهد (وإن الله لمع المحسنين). العنكبوت.

فبالإحسان والإتقان والعزيمة والإصرار والهمة العالية والعمل الدؤوب المستمر - وإن قل - تتحقق كثير من الأحلام والأمنيات. والتدرج سنة ربانية كونية تشريعية.

فاللهم لا تنسنا برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل الخير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، برحمتك يا أرحم الراحمين.

(١) أي: أطال الله بقاءه، فقد أتى في القرءان الكريم الخلود بمعنى المكث الطويل، وهذا معلوم في لغة العرب.

بقلم/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الاثنين ١٤٣٨/١٠/١٦