الثلاثاء، 23 أغسطس 2016

حكم الإسلام في الأحزاب والجماعات والخروج على النظام

(حكم الإسلام في الأحزاب والجماعات والخروج على النظام)

الإسلام - ديننا الحنيف - يحرص على كل ما من شأنه الحفاظ على بيضة الإسلام وقوة المسلمين، وعلى وحدة المجتمع وتماسك أفراده، ومن ذلك تشريعه للحدود؛ زجرا للمعتدين، وإنذارا  لمن تسول لهم أنفسهم الإفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل، وتقويض دعائم المجتمع المسلم، وإراقة الدماء المعصومة بغير حق، والاعتداء على الآمنين المطمئنين، وانتهاك الأعراض والحرمات.

وإنه - وبناء على ما ذكر -؛ فإن حكم الإسلام في الأحزاب والجماعات والخروج على النظام التحريم الأكيد، والزجر الشديد، والوعيد والتهديد؛ حيث تضافرت نصوص الوحيين على تحريم الفرقة والتنازع، وكل أمر ترجح مفسدته على منفعته، قاعدة شرعية مؤكدة، ومنهاج صالح رشيد، به تستقيم الأمور، ويحفظ النظام، وتبقى لدولة الإسلام هيبتها في صدور أعدائها، فلا يكون لهم فيها مطمع ولا مرام؛ حيث الرعية مجتمعة على الراعي، تطيع له وتسمع بالمعروف؛ فإن حاد عن الجادة؛ قوموه بالنصيحة والتبيان، لا بالخروج والسنان؛ إلا إذا صدر منه الكفر البواح، الذي لا يختلف في كفره اثنان، كالشمس ظاهرة للعيان؛ فلا يجدي الظن الآثم، ولا حتى ظن الشبهة؛ فإن الحدود تدرأ بالشبهات؛ لا كما يخوض فيه البعض اليوم - هداهم الله - من تكفير الحكام بغير شرع الله؛ حيث أطلقوا التكفير على الأعيان، ولم يسترشدوا بنصوص الكتاب والسنة على ضوء فهم سلف الأمة الصالح - من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم -، فوقعوا في المحظور من حيث لا يحتسبون - وإن كان بعضهم لهوى في نفسه -!.

ومن الآيات في ذلك قول الرب - جل في عليائه -: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...). آل عمران ١٠٣.
وبعدها بقليل: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم). ١٠٥.
وقوله: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين). الأنفال ٤٦.
وأيضا قوله تعالى: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون* فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون). المؤمنون ٥٢- ٥٣.
وقوله جل جلاله: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). الأنبياء ٩٢.
وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء...). الأنعام ١٥٩.
وقوله: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لكلمات الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون* منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين* من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون). الروم ٣٠- ٣٢.

وعلماؤنا الأجلاء، الراسخون في العلم أصدروا بيانات في تحريم هذه المظاهرات والتحزبات الباطلة، التي لم تنتج إلا خرابا في الديار، وانحرافا في المعتقدات والتصورات والأفكار؛ لأنها لم تبنى على ساق الوحيين، ولم توجه في النافع العام؛ بل في حدود الحزب والجماعة، والمنفعة الضيقة القاصرة!

في حين أن الإسلام ينظر للمصلحة العامة، ويوازن بين النافع والضار، والمصالح والمفاسد؛ لا نزولا لميادين تلطخ فيها دماء المسلمين، الذي هدم الكعبة ونقضها حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم مسلم معصوم، فكيف بهذه الدماء والأشلاء؟!!

إن سنن الله لا تتغير ولا تتبدل، ولا يجوز مدافعة سننه - جل وعلا - بما لا يرضاه - سبحانه في علاه -؛ بل تدفع بالاستكانة والتضرع "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون". الأنعام ٤٣.

نعم، نعرف لبعض الأجلاء قدرهم في حميتهم للدين، وانتصارهم للمقهورين، ودفاعهم عن المظلومين، ولكن المعول على هذه القواعد الشرعية، والمقاصد المرعية، فبغيرها لا تقوم للأمة قائمة!

إنه مخطئ من جعل أصل صلاح الأمة هو في جانب الحكام، ولم يلتفت أو يراعي جانب الرعية، فأقام على أساس ذلك مشروع دعوته، ومسيرة حزبه وجماعته.

إن الأمة إذا صلحت؛ فسيصلح تبعا لها ولاتها.

إن علينا أن نعود للمنهج الرباني التربوي، فننشئ الأجيال على حب الإسلام، والاهتمام لقضايا المسلمين، دون الزج بهم في أفكار جماعات أو أحزاب، بذلت كثيرا من التنازلات في سبيل الوصول للسلطة، وتطبيق الشريعة - كما يزعمون دوما-!

إن القاعدة الشرعية تقول - كما في الآية الكريمة-: (...هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين). يوسف ١٠٨.

دعوة إلى الله، لا إلى حزب أو جماعة.

بقلم/

عبدالرحمن بن مشعل المطرفي- الثلاثاء ١٤٣٧/١١/٢٠.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق