الأحد، 24 مايو 2015

نقد الفكر المتطرف من منظور الكتاب والسنة

فيض الخاطر- (نقد الفكر المتطرف من منظور الكتاب والسنة).
                                                    

                                                     (بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمدلله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قيومُ السماوات والأرْضين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صادقُ الوعد الأمين، صلى الله عليه، وعلى آله، والصحابة، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
                                                                                                          أما بعد


فإن ديننا الإسلامي من أعظم ما يميزه أنه جاء ميسرا في أحكام وسطية معتدلة، فلا إفراط ولا تفريط، كما قال ربنا في كتابه الكريم: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا...). البقرة: 143.

وإنه من أعظم خصائص هذا الدين الإسلامي الحنيف:

أولا: كونه خاتم الأديان، وأيسرها، وأشملها، ولقد رضيه الله لنا بإكماله، وأتم به علينا نعمه وآلاءه، قال الله ـ تعالى ـ : (...اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا...). المائدة: 3.

ثانيا: وسطيته ـ كما أسلفنا ـ. فدين الإسلام وسط بين الأديان، وأمة رسوله وسط بين الأمم، وهي خير الأمم قاطبة، كما جاء في قول الرب ـ تبارك وتعالى ـ : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله...). آل عمران: 110.

ثالثا: الرحمة المتحققة لمن التزم أحكامه، وسار على ضوئه. فدين الإسلام قائم على الرحمة والهداية، ولا ينافي هذا ما جاء في آيات كثيرة تحض رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ على مجاهدة الكافرين والمنافقين، والغلظة عليهم، وإقامة الحد على بعض أولئك، وكون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعى على بعض نفر من المشركين، فإن من نظر في تلك الأحوال؛ علم مناسبة ما صدر منه ـ عليه الصلاة والسلام ـ في تلك المواقف والظروف.

رابعا: السمو بالأرواح والجسوم معا. فدين الإسلام شامل لكافة نواحي الحياة، وهو صالح لكل زمان ومكان، ومن ذلك سموه بالروح الإنسانية إلى أعلى مراقي الفلاح والنجاح، والأخذ بها إلى المجد والعز والنجاة، وما من خير إلا دل عليه، وما من شر إلا حذر منه، وفلاح الدارين وسعادتهما مرتبط بالإسلام، ولا عز للبشرية بدونه؛ لأنه حياة الأرواح، فإذا كانت الأرواح حية؛ كانت الأجسام حية، وبدونه تهيم البشرية في الحيرة والشك، وتضطرب موازينها، ويختل نظامها، فالإسلام يكفل الحقوق، ويضمن الواجبات، ويسد الثغرات، ويحرم التطرف بجميع صوره وأشكاله؛ بل ويحارب أصحابه، ويدعو إلى الوسطية والاعتدال، وإعمال العقل فيما لا نص فيه، وفيه مجال لإعماله، ولا يعطله ـ كما يزعم  العقلانيون والرويبضة والمنافقون من بني جلدتنا ومن الشرق والغرب ـ فهو يعطي كل ذي حق حقه، ولا يجحف في العطية، ويدعو إلى إقامة العدل والقصاص، ويكرم من يستحق التكريم، ويعاقب من يستحق العقوبة، ويدعو إلى النظام والانضباط، ولا يعترف ـ بل ويحرم ـ الغوغائيات والمسيرات والمظاهرات؛ محافظة على مصالح المسلمين العامة، وهيبة لأعدائهم؛ فإنه متى كان المسلمون في اختلاف وتطاحن وتناحر؛ سهل على الأعداء اختراقهم، وتفكيك ما بينهم من ترابط وتآلف، وذلك الهوان المبين وربي! 

خامسا: أنه يدعو إلى حوار الآخر، ولا يسمح لأتباعه بالجهاد حتى يقيموا الدعوة، ويوضحوا الحجة، ويبينوا المحجة؛ بل إنه في آيات عديدة وأحاديث مستفيضة يضع لأتباعه منهجا متكاملا في مفاهيم الدعوة وركائزها الأصيلة ـ والتي منطلقها هداية الخلق، وقبل ذلك تعريفهم بالخالق عز وجل ـ.

تلك خمسة من خصائص هذا الدين الإسلامي الوسطي، وخصائص هذا الدين كثيرة عظيمة، مبثوثة في كتب السنة الشريفة، مسطرة في الذكر الحكيم، فما على المسلم إلا أن ينهل من معين الإسلام الصافي، وأن لا يرجع لفكره وعقله بدون الرجوع إلى الكتاب والسنة، وعلماء الدين والملة، الذين وصى الله بهم في قوله ـ عز من قائل حكيم ـ : (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). النحل.

فكل الأفكار والآراء نعرضها على الكتاب والسنة، فما وافق هذين الأصلين العظيمين؛ كان بها، وإلا؛ فلا.

فالكتاب والسنة مصدران أصليان من مصاد الإسلام العزيز، وهما دستوره العظيم، وقاعدته الجليلة.

وإننا ـ أهل السنة والجماعة ـ بهذا الصدد:

 ننوه بأن عقيدتنا الإسلام والتوحيد، ومنهجنا هو القرآن الكريم، وسنة النبي المصطفى الكريم ـ عليه أفضل صلاة وأتم تسليم ـ.

فما حدث في القطيف في قرية "القديح" بتاريخ 4/ 8/ 1436في يوم الجمعة المباركة من تعرض المجرمين للآمنين والمدنيين بالتفجير والتخريب، وقتلهم بلا جريرة ولا ذنب اقترفوه؛ لهو من صميم عقيدة الخوارج المارقين، الذين بأسهم على الإسلام وأهله شديد.

وإن الإسلام ـ كما ذكرنا قريبا ـ يكفل الحقوق، ويحرم الظلم، ويدعو إلى إقامة العدل، وإنه قد تبين لنا أن الخوارج ليسوا بأشد على الإسلام وأهله من الرافضة المشركين، الطاعنين بحملة الإسلام والسنة والدين، المبغضين أمهات المؤمنين، المكفرين للصحابة الغر الميامين، الذين يدعون إلى الحق وبه كانوا يعدلون!

فمنهجنا ـ أهل السنة والجماعة ـ قائم على العدل وحفظ الحقوق، مستمد من الكتاب والسنة، وإنه قد تقرر عندنا بخصوص هذا العمل الإجرامي ما يلي:

الأمر الأول: نؤكد على حرمة الدماء، وعظم قتل الأبرياء.

الأمر الثاني: لا نرضى بهذا الفعل الإجرامي، ولا يرضاه من في رأسه عقل، ومن له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.

الأمر الثالث: على أهل الحل والعقد أن يطرحوا تقريرات أهل السنة والجماعة في الإعلام والصحف، وأن يظهروا منهجهم ـ عبر الوسائل المختلفة ـ إلى كافة أصحاب الأديان والعقائد والطوائف؛ ليعلموا أننا نسير على ضوء كتاب الله، وسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

الأمر الرابع: على قيادتنا السياسية الحكيمة، وقيادتنا الشرعية المظفرة أن يعلنوا موقف أهل السنة والجماعة من هذه الأعمال التخريبية، وأن يقفوا منها موقف الحزم والقوة والشجاعة.

الأمر الخامس: على من يسمون أنفسهم "الشيعة" النظر في مصلحة الأمة، وتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة والشخصية، كما عليهم إعلان موقفهم من إيران، وما تقوم به في سوريا من خلال أذرعها الإرهابية "الحرس الجمهوري" وما يسمونه "حزب الله اللبناني" ونحن نعلم ـ علم اليقين ـ أنه ليس من حزب الله؛ بل من حزب الشيطان، وأنه ليس بلبناني؛ بل صفوي مجوسي، ونشاهد ما تقوم به تلك المليشيات من قتل وتقتيل، وإفساد وتخريب، وانتهاك أعراض المسلمين، في شام الكرامة والإباء، وعراق الرافدين والصمود، ويمن الحكمة والإيمان، والبحرين، وكذلك في الشرقية بالمملكة العربية السعودية ـ حرسها الله وكبت أعداءها في الداخل والخارج ـ.

 وإنه ـ بحمد الله تعالى ـ رغم صعوبة الموقف العالمي، وتخاذله مع الطواغيت المجرمين؛ إلا إن الله قيض لهذه الأمة رجالا لا يهابون الموت، ويطلبون الشهادة في سبيل إعزاز الدين الإسلامي، وإرشاد العباد إلى خالقهم وموجدهم ـ عز وجل ـ.

فإننا نرى ـ الآن ـ ما يجري في الشام المباركة، ويمن الحكمة من مبشرات بالنصر عظيمة، وروح راقية بالإسلام والجهاد، والإقبال على الله ـ سبحانه وتعالى ـ.

كتبه: أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل بن حضيض بن تركي المطرفي الصاعدي العوفي الحربي.الأحد 6/8/1436




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق