فيض الخاطر- (الشام...جرح غائر...وغد زاهر).
إنه من قدر الله في خلقه وما استودعه في كونه: الابتلاء بالخير والشر، والحق والباطل، والسراء والضراء؛ لحكم قد لا نعقل أكثرها أو جلها. وإن القلوب الإنسانية ـ فضلا عن المؤمنة ـ لتتقطع مما تراه في شام العزة والكرامة والإسلام؛ أسفا على عدم معونتهم بتخليصهم من براثن أهل الشك والزيغ والإلحاد. أما القلوب التي تبصر ما يجري لأمتنا المسلمة ـ من تسلط عليها من القريب والبعيد، والصديق والعدو ـ ولا تحزن؛ إنها لقلوب ران عليها ما اكتسبته من الذنوب والموبقات، وما اقترفته من الشهوات، والتكاسل عن الفرائض وأداء الصلوات؛ فإن الصلاة لها الأثر العظيم في تكوين شخصية المسلم الحق، الذي لا يُسلم إخوانه أبدا على المدى؛ بل يحسن إليهم بأنواع البر والإحسان، ولا يقابل إساءتهم له بإساءته لهم؛ بل يعفو ويصفح ويغفر، كما قال ربنا ـ تبارك وتعالى ـ في محكم كتابه، وجليل آياته: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر...). النحل.
وإنها لقلوب أشربت الشبهات، وتطلعت إلى حب الدنيا، وافتتنت بزخارفها، فما زالت في هاوية سحيقة تتردى، حتى طبع الله عليها، وحرمها لذة نصرة أهل الإسلام؛ بل جعل للشيطان عليها مدخلا وسبيلا؛ لأنها رأت الحق ظاهرا بينا جليا، ولم تنصره؛ بل سعت في محاربة أهله المتمسكين بالسنة والجماعة، المناضلين عن حياض الإسلام، المدافعين عن اختراق سياج الفضيلة، الداعين إلى العزة والكرامة، فلم يردعها سلطان الله في كونه وخلقه، فقست، فم تزل في الغي تتردد، حتى شقت، وكانت من خذلان الله لها:
تكره أهل الإسلام، وما زال الأمر بها حتى كرهت وحاربت الإسلام ذاته، بمحاربة أهله الصادقين، الذين يتبعون المحكم، ويردون المتشابه إليه، فلا يبتغون الفتنة، ولا يبتغون التحريف؛ بل أسلمت أمرها لله العظيم ـ جل من إله ـ.
وأعني بهؤلاء:
أصحاب القلوب المريضة، والأنفس الرديئة الشريرة، التي تكتب في الصحافة ما يشيب له الولدان ـ من خرافات وخزعبلات وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان، ومن جرأة على الملك الديان، ومن محاربة شعائر الإسلام، والصد عن سبيل الله، والاستنقاص من رسول خير الأنام، محمد بن عبدالله ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
وتظهر في الإعلام المرئي، تتقيؤ ما ملئت به قلوبهم من الزيغ والنفاق والإلحاد، حربا على الله ورسوله والمصلحين، سلما لأعدائهم والمخربين ـ من العلمانيين والليبراليين ـ ؛ لتحارب سنن الإسلام، وأركانه ودعائمه العظام، فما زالت تدخل في شعب النفاق بجراءة ابن سلول إمامهم. أخزاهم الله دنيا وآخرة.
وإن جرحنا الغائر في بلاد الشام المباركة المسلمة الأبية حتما سيلتئم يوما ما، وستتعافى الشام ـ وإن طال ليل الظالمين ـ فبزوغ النصر قريب، وإطلالة الفجر ستكون فجيعة لهؤلاء الكفرة النصيرية المجرمين، ومن عاونهم من الفرس المجوس ـ عباد النار ـ ومن الملاحدة الروس ـ الذين لا يؤمنون بآيات الله ـ ومن العالم الصامت على ما يرتكبه نظام النصيرية وطغمته ومرتزقته في حق هؤلاء المباركين المسالمين المدنيين في شامنا العزيزة المباركة من مجازر تفوق الوصف، وتعز عن الحصر، وستبقى في جبين الإنسانية ـ على مر الدهور ـ عارا وشنارا.
هذا؛ وإن أمم الكفر، وصناديد الباطل في حالة من اليأس والإحباط ـ لا يعلمها إلا الله ـ ولكنه ـ سبحانه ـ أعلمنا في قرءانه المجيد، حيث قال ـ جل قوله ـ : (وما يعلم جنود ربك إلا هو). المدثر. وأيضا: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار). الحشر: 2.
وما كان الذي كان؛ إلا بضعف أهل الإسلام، وانكبابهم على الدنيا، وتنكبهم عن الصراط المستقيم، والتشرذم الذي لحق بها، والضعف العام المخيِّم على مجتمع أهل الإسلام، وأفراده ودوله، وصدق الحق: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). محمد: 7.
فمفهوم المخالفة: وإن تخذلوا الله يخذلكم، ويزعزع أقدامكم، فلا تثبتوا أبدا!
فالله أخذ على نفسه نصرة هذا الدين، وشرطه بنصرتنا له، فإن تحقق الشرط؛ تحقق الوعد، وإن تخلف الشرط؛ تخلف الوعد، قال الله ـ تعالى ـ : (...وكان حقا علينا نصر المؤمنين). الروم: 47.
كتبه/ أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل بن حضيض بن تركي بن راجح بن عويمر بن ربيعان المطرفي الصاعدي العوفي الحربي.
5/5/1436 الأربعاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق