قصة قصيرة- (إنسان كالزهرة)
كان زهرة تنمو، وتنمو، وتنمو...لكنها لم تلبث أن ذبلت شيئا، فشيئا، فشيئا...ثم دبت في ثناياها روح جديدة، فأخذت تنمو شيئا، فشيئا، فشيئا، ثم ذبلت، شيئا، فشيئا، فشيئا، ثم أخذت تنمو، شيئا، فشيئا، فشيئا...
هو إنسان، نعم، يخطئ، نعم، يذنب، نعم، يتنكر، نعم، يتلون، نعم، لكنه يصيب، يبدع، يبتكر، يتعلم، يعلم، يرشد، يمنح، ينصح، يغفر، يشكر...
هو إنسان، نعم، من طين، نعم...إنسان بما يحمل من تناقضات الإنسان، وإبداع الإنسان، واتزان الإنسان...
هو إنسان، نعم، من أسرة، نعم، من أسرة تمتد فروعها، فهي الأصل، وهو فرع منها، والأسرة فرع عن المجتمع، والمجتمع يكون البشرية أو الإنسانية، فهو إذن إنسان رغم تعدد إيقاعات الخير والشر، والصدق والكذب، والفرح والحزن، والجميل والنكران...
إنسان يتكفأ الريح بيديه، ويطفئ النار، ويتقي الحر والبرد، لكنه برغم كل ذلك إنسان، إنسان تكتنفه كل تلك التعقيدات المركبة في جوهر وروح ذاك الكائن الخطير "الإنسان"...
عجبا له ذلك الإنسان، ألم يفهم نفسه بعد؟ أم الآخرون لم يحسنوا فهم أفكاره وطموحاته ومشاريعه؟!
أعتقد جازما أن كثيرا من مشاكلنا - نحن بنو البشر - أننا نضع الحواجز المسبقة لعدم فهم الآخر، أو نتستر تحت خدع خداعة، ومظاهر براقة لكي لا نفهم الآخر، يعني: عن قصد أو بدون عمد، ومن ذلك مثلا: الحكم على الآخر أو فكرته أو مشروعه أو طموحه قبل السؤال أو الاستفصال، وهذا يحدث مع ذاك الإنسان المسكين الطموح - الذي جوبه بنكران جميل، وحكم مسبق من كثيرين لم يفهموه، أو هم يتعاملون معه من وراء ستار أو تحت قناع، أو عن حسد وحقد وشنآن، أو هما معا...! -...
هذا الإنسان له شعر، له نثر، له خطب، له كلمات، مؤلف مبدع، خطيب مرتجل، حافظ للقرآن، حافظ للسنة، لكن للأسف كثيرا ما يؤذيه وقع الذباب عليه، يود أن يشتم رائحة الكادي والريحان والنفَل، وأن يسمع طيبا، ويرى طيبا، ويلمس طيبا...
يروم لمجد، ويطمح لتاريخ، ويروق لإبداع، ولكن، ولكن هو إنسان، نعم إنسان، يود أن يفهم بعض الأناسي كونه "إنسان"، إنسان يحس ويشعر، يتوق ويتألم، يضحك ويبكي، تخيل إنسان يود أن يشعر به الآخر الذي هو في دائرة حياته شبح لا روح، جسد لا نفس، مجرد شعور، تخيل شعور ذاك الإنسان المتأجج بالمشاعر، المفعم بالمواهب، ما ألمه، ما انزعاجه، ما خيباته، ما أحزانه وهو يتسول مشاعر أحدهم لكي يشعر أنه "مجرد إنسان"؟!
ما أبأسها من حياة، ما أشقاها من نفس، ما أحطه من زمن عندما تعيش في محيط أو دائرة تشير عندهم بأصبعك إلى القمر، فينظرون إلى طرف أصبعك، ذاك حمق، نعم، لكنه في قاموس الإنسانية "شعور لا إنساني"...
متى يفهم الآخر أخاه الإنسان بكل تعقيداته وتناقضاته؟ متى؟ متى؟ متى يا إنسانية؟
أتعرف معنى أن تعيش إنسانا في "جو لا إنساني" أو "محيط لا إنساني" أو "مجتمع لا إنساني"؟!
يعني أن تموت ألف مرة في كل ثانية تفكير، تأمل، استرخاء...!
لا أتصور إنسانا صحيح الفكر، أصيل النفس، جميل الإرادة، منطلق الشعور لا يشعر بأخيه الإنسان برغم كل تعقيداته وتناقضاته!
الإنسان عندي هو الإنسان بكل تعقيداته وتناقضاته، بكل آلامه وآماله...
ومنهجيتي في الحياة: أحاول أن أكون إنسانا صحيح الفكر، قوي الإرادة، جميل الشعور، وافر العقل، متزن النفس، وثيق الصلة بالمعروف، مجانب "اللا إنسانية" بكافة صورها وجميع أشكالها، بكل ما أوتيت من قوة وعقل، وعزم وحزم وعلم، وعاطفة وشعور...
منهجيتي كإنسان: إسعاد أخي الإنسان...
للحديث بقية...
وختاما:
أسأل ربي المنان الحنان بديع السماوات والأرض أن يحببني إلى خلقه، ويحبب خلقه إلي، كأبي هريرة رضي الله عنه...
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
طبرجل- الخميس- ١٤٤٧/١/١٥.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق