الإنسان المعاصر بلا أدنى ريب يعيش عصرا من أبرز سماته: التقلب السريع، مما أحدث اضطرابا في التفكير، وخللا في المسير، وضياعا للبوصلة، وتشتتا في الانتباه والاتجاه، أي: فقدان أو قلة التركيز، ومما نراه واقعا عند الأكثرين - وخاصة الشباب - هو هذه أجهزة الاتصال السريع، الجوال وما في حكمه، إدمان مفرط في متابعة أحداث، وملاحقة أخبار، والإعلام موجه وهادف، وغالبه يهدف إلى الشر وإلى تسميم الفكر، والعبث بالعقول، إطفاء الفضيلة، وإحياء الرذيلة، ولذلك كثرت الانتكاسات، وفشت التفاهة، وعمت البلاهة، وأصبحت الموضة إلها يعبد عند الأكثرين، رأسمالية متوحشة، عبادة المال ظاهرة في هذا العصر المضطرب، وتؤلف فيها كتب، عقول دمرت، وعواطف هشمت، وفطر شوهت، بسبب العولمة ودخول ثقافات غريبة على المجتمع المسلم والعربي، فالمسلم له خصوصية، والمسلم العربي له خصوصية أكثر، فله إسلامه وعروبته، ولا منجاة من هذا التسمم العقلي، والتعفن الفكري، إلا بالرجوع للقرآن الكريم، ففيه الشفاء لمن رامه، والفلاح لمن آمن به حقا، واتبعه صدقا، والرجوع لكتب السنة النبوية الصحيحة، كما تجد ذلك في الصحيحين، والسنن، والمسند والموطأ وغيرها، والرجوع كذلك لشروحات العلماء وكتب التفسير الموثوقة السلفية الأثرية، كتفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي وابن عثيمين وابن عاشور، وكتب التاريخ والأدب، الأدب النزيه النظيف، وأنصح بكتب الشيخ فقيه الأدباء وأديب الفقهاء علي الطنطاوي رحمة الله تعالى على الجميع، وكتب الرافعي والزيات ومحمود شاكر المصري، وفي التاريخ محمود شاكر السوري، ومن المعاصرين بكر أبو زيد وأحمد بن علي القرني وعلي العمران وسليمان بن ناصر العبودي، ومحمد بن ناصر العبودي، هؤلاء كتاب جيدون، ولست هنا أستقصي...إذن علاج التسمم العقلي هو أولا بغلق المشتتات، وقطع العلائق والعوائق، وهجران العوائد، التخلية ثم التحلية، كذلك بالقراءة التأصيلية المنهجية المفيدة، الخروج في نزهة برية مع رفقة طيبة صالحة، وشرح هذا يطول، مع كتابة الخواطر، وتقييد الفوائد، أقول ذلك عن تجربة، والله المستعان.
بهذا تقتنص الفرص، تبني عقلا، تنفي جهلا، تزرع أملا.
أنقذ نفسك، تدارك عمرك، فالأيام تمضي، والعمر سريع انقضاؤه، كن عالي الهمة، بعيد النظر، جيد البصيرة، ولا تنجرف مع التيار، فهنالك البوار، ولتسعك الحقيقة، فالأكثرون يعيشون في الأوهام، والسلام.
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
طبرجل- الجمعة- ١٤٤٦/٦/١٩.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق