الأحد، 8 ديسمبر 2024

قيد الخاطر- (فتح دمشق بعد انطلاق ثورة سوريا عام ١٤٤٦)

قيد الخاطر- (فتح دمشق بعد انطلاق ثورة سوريا عام ١٤٤٦)

وبعد انطلاق ثورة العز والكرامة والصمود، ثورة أحرار سوريا الأبية عام ١٤٣٢ تقريبا، وتوالي أحداث عصيبة - من قتل وتعذيب، وضرب وتشريد، وهدم للمساكن، وحرق للزروع، وما يطول وصفه -؛ حيث خرجوا على نظام نصيري كافر - والنصيرية كما يقول ابن تيمية رحمه الله وغيره أكفر من اليهود والنصارى -، واستعان - عليه لعنة الله - بكل شيطان رجيم، وكل ساقط لقيط، دعي زنيم، استعان بميليشيات أفغانية وباكستانية وعراقية ولبنانية شيعية موغلة في الحقد والفساد، استعان أولا بحزب الشيطان اللبناني في القصير، ثم بإيران، ثم طلب تدخل روسيا، ولم يكبح جماح الثوار، وكان كثير منهم مهجرا في ناحية الشمال السوري في إدلب، ستة ملايين تقريبا، حتى كانت معركة "ردع العدوان"، بقيادة أبو محمد الجولاني، أحمد حسين  الشرع، فاقتحمت ببسالة خطوط النظام النصيري المجرم، فتهاووا وانتشروا كجراد منتشر، في ذلة وصغار، ومنهم من فر إلى العراق، هذه المعركة في أقل من أسبوع، تحررت حلب ثم حماة ثم في ذات اليوم حمص  والسويداء ودرعا ثم ريف دمشق ودمشق، وكان تحرير دمشق في فجر الأحد بتاريخ ١٤٤٦/٦/٦، ولله الحمد والمنة، وفتحوا السجون وأخرجوا المساجين في ذهول لا يوصف، منهم من كان سجينا مدة أربع عقود، ومنهم أطفال ومنهم نساء، لله المشتكى. سجن صدنايا ذائع الصيت سيء السمعة، شيء تشيب لهوله مفارق الولدان، رأيتهم كيف يخرجون المعتقلين منه نساء ورجالا وأطفالا، وبعضهم - إلى كتابتي هذه - لم يخرج، حيث الأبواب الموصدة التي لا يعرفون مواقعها، فرج الله عنهم.
كنت قد قرأت رواية "القوقعة"، لمصطفى خليفة، وهي في أدب السجون، باختصار هو نصراني، كتب فيه تقرير في عهد حافظ الأسد، فذاق الويلات أظنه في سجن تدمر، وكتب طرفا من حكايته الموجعة في هذه الرواية، وهناك روايات أخرى، مثل: "لا يسمعون حسيسها" عن سجن تدمر كذلك، وأيضا "عائد من جهنم"، وأخرى "بيت خالتي" عن سجن صيدنايا، أنصح ضعاف القلوب لا يقرؤونها.
مشاعر الفرح لا تسع النفوس بسقوط هذا الخنزير النصيري بشار الأسد - عليه لعنة الله -، وكم دبجت القصائد بهذه المناسبة، أذكر منها قصيدة الشاعر د. عبدالرحمن العشماوي - حفظه الرب العلي -:

كُشِفَ الغطاءُ فلا تسلْ عما جرى
أمضى المهيمنُ ما يشاء وقدّرا
فُتِحَ الطريقُ لسالكيه فلا تسلْ
مَن مهّد الدّربَ الطويل وقصّرا
يكفيك أنّ المستعينَ بظالمٍ
خسِرَ الرهانَ وأنه قد أدبَرا
هو ساقطٌ واللهِ قبلَ سقوطِه
فأبوه قد كتب السّقوطَ وحَبّرا
وأبوه من رسَم الطريقَ إلى الرّدى
وأبوه من خَلَعَ الرِّتاجَ وكسّرا
لاخير فيمن يستهينُ بشعبِه
متطاولاً متعجرِفاً مُتَكبِّرا
فالله جبّارُ السماوات العُلا
والأرض يَقصِمُ ظالماً مُتَجبِّرا
هذا عقابُ الله في الدنيا فما
أقساهُ في يوم الحسابِ وأخطرا
أدمشقُ ياأرضَ العَراقةِ أبشري
إن المُحِبَّ إذا تفاءل بشّرا
ستَدِبُّ في (بَرَدَى) الحياةُ وينتشي
وترين حولَ النهرِ روضاً مُزهِرا
وترينَ قِمّةَ قاسِيُونَ قد انجلى
عنها الدُّجى ،وترينَ فجراً نيِّرا
كُشِفَ الغِطاءُ عن الشآم وأهلِها
وبدا لها وجهُ الحقيقةِ مُسْفِرا
بمشيئةِ المولى الذي أفنى على
درْبِ الرّدى كسرى وأفنى قيصرا
عِبَرٌ هي الدنيا ويبقى غافلٌ
عن هذه العِبَرِ العظيمة أَخْسَرا
الأحد، ١٤٤٦/٦/٧.
وتداول الناس عند فتح دمشق، هذا الفتح الرباني قصائد نزار قباني، ومنها:
‏هذي دمشق.. وهذي الكأس والراحُ
إني أحب... وبعـض الحـب ذباح
أنا الدمشقي.. لو شرحتمُ جسدي
لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح
و لو فتحـتم شراييني بمديتكـم
سمعتمُ في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا
وما لقلـبي –إذا أحببـت جـراح
وتداولوا:
فرشت فوق ثراك الطاهـر الهدبـا 
      فيا دمشـق... لماذا نبـدأ العتبـا؟ 
حبيبتي أنـت... فاستلقي كأغنيـةٍ 
  على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
 أنت النساء جميعاً.. ما من امـرأةٍ
          أحببت بعدك.. إلا خلتها كـذبا 
يا شام، إن جراحي لا ضفاف لها 
   فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا
 وأرجعيني إلى أسـوار مدرسـتي
     وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا
 تلك الزواريب كم كنزٍ طمرت بها
       وكم تركت عليها ذكريات صـبا
 وكم رسمت على جدرانها صـوراً 
        وكم كسرت على أدراجـها لعبا
 أتيت من رحم الأحزان...يا وطني
       أقبل الأرض والأبـواب والشـهبا
ونشروا قصيدة للشاعر الأديب د. عبدالله بن سليم الرشيد - حفظه الله - قالها في بدايات الثورة السورية عام ١٤٣٣، وفيها يقول:
الشـامُ مشكـاةُ أمجـادٍ ومِـيسمُهـا
نـورٌ عـلى وَجْـنـة الأيـامِ مُـسـتـطـرُ
إن القبـور ستمشـي وهـي مشـرقة
بالجرح توقض من في جوفها قُبروا
وسـوف تـوقـد مـن أرواحـها شُعـلاً
يسـري عـلى ضـوئها جـيـلٌ فينتصٌرُ
إن الـغبــار مـهـيـنٌ وهـو مـرتـفـعٌ
والصخر يبقـى مهيبـاً وهو ينـحـدرُ
وما لا أحصي كثرة.
أما الحاكم النصيري البطاش الملعون بشار الأسد فقد فقد فر هاربا هو وأسرته إلى الجحيم إن شاء الله - أخبرت من أحد الزملاءالسوريين الكرماء أنه طلب اللجوء إلى روسيا وقبلوه -، وتمنينا لو أمسكوه فحاكموه محاكمة عادلة، لكن لله في ذلك حكم وأسرار.
الثوار أظهروا حسن التعامل، وقد وجدوا سكان نبل والزهراء - وهم شيعة وكانوا تطرفوا ضدهم في حلب وقتلوهم - بعيدا عن قراهم سبعين كيلو مترا تقريبا حيث خوفهم النظام البائس بالثوار، فطمأنوهم وأرجعوهم إلى مساكنهم، وقالوا من يثبت عليه شيء، يحاسب، ليس عندنا قتل بالهوية أو بالجملة. 
هؤلاء الشجعان قاتلوا الشيطان كما أسلفنا، حيث هناك جماعات مسلحة، مختلفة المناهج، متعددة المشارب، النصرة، داعش، قسد - وهذه الأخيرة أكراد ملحدون تدعمهم أميركا -، وميليشيات شيعية، ودول كإيران وروسيا وأميركا، ومع ذلك حققوا هذا النصر العظيم، وصدق الله إذ يقول: (أليس الصبح بقريب)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليعز هذا الدين بالرجل الفاجر)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فللنصر حكم وأسباب، وله أسرار.
والعاقل يتأمل أين ما يدعون من حقوق الإنسان في سوريا؟ ليعلم المؤمن أن ما هنالك حقوق للإنسان بشكل عام، فهذا شعار براق، الإنسان عندهم هو الكافر أو الأبيض الكافر، عنصرية وكفر (فماذا بعد الحق إلا الضلال)، تؤلف كتب في فضح منهج الغرب التخريبي والخادع، ولكن للأسف الكثير من أبناء أمتنا لا يقرؤون.
اللهم مكن لأهل السنة والجماعة، واقمع البدعة وأهلها، وهيء للأمة أمر رشد، يعز فيه أهل الطاعة، ويهدى فيه أهل المعصية، وتحكم فيه شريعتك، وتتبع فيه سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم احفظ أهلنا في الشام وفي كل مكان بحفظك، ورد عنهم كل كيد وضرر، يا رب العالمين. 

وكتب/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الأحد- ١٤٤٦/٦/٦.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق