الأحد، 30 أكتوبر 2022

من أكثر الأبيات التي أعجبتني - (اصبر لكل مصيبة)

(من أكثر الأبيات التي أعجبتني) - (اصبر لكل مصيبة).

قال أبو العتاهية رحمه الله تعالى:

اصبر لكل مصيبة وتجلد * واعلم بأن المرء غير مخلد
أو ما ترى أن المصائب جمة * وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة؟! * هذا سبيل لست فيه بأوحد
وإذا أتتك مصيبة تشجي بها * فاذكر مصابك بالنبي محمد.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي. 
طبرجل - الأحد - ١٤٤٤/٤/٥

الخميس، 27 أكتوبر 2022

مهاجمة الخطاب الديني بشأن ازدياد حالات الطلاق

(مهاجمة الخطاب الديني بشأن ازدياد حالات الطلاق). 

ظهرت بعض الإحصائيات في المملكة العربية السعودية في عام ١٤٤٤ تفيد بازدياد أعداد حلات الخلع والطلاق، فنعق بعض الأصوات النشاز بالقول بأن الخطاب الديني هو السبب في ذلك، وأن المرأة حين اكتشاف حقوقها؛ طلبت الخلع والطلاق! هكذا بكل بجاحة وصفاقة، أحكام عامة في كلامه يطلقها بلا روية متهما (الخطاب الديني) بالعموم، لم يستثن، ولم يفصل، ولم يقل بأن من الحالات ما سببها المرأة، وكأنه يشجع على زيادة أعداد حالات الانفصال يين الرجل والمرأة، حتى ينعم هو وأسياده ومن وراءه بتحقيق المخطط القذر لتهشيم مجتمع الأسرة المسلمة، فلا سلطلة لولي ولا لزوج، الأمر متروك للرغبات، وهكذا يتعاظم خطر أمر الانفلات، وقل من يعتبر.
وقلت لما رأيت منشوره على المغرد (تويتر):
(رجال الدين) هم السبب في دمار كل شيء!
هم المعقدون المخطئون لا غيرهم!
هم الذين يجب توجيه النقد لهم، وعدم ذكر محاسنهم!
هذه تجليات بعض الحاقدين على (الإسلام المحافظ)، وهم الخبثاء صدقا، والأعداء حقا.
أولا يحاولون إسقاط (قدوات الخير) و (زعزعة الثوابت) شيئا فشيئا حتى يخرجوننا إلى حيث (نقاد ولا نقود!)، لا أقول إلى (حظيرة الحيوان) فالحيوان قد يكون أفضل من الإنسان في حالات، كما قال تعالى عن المشركين: (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)، ولا إلى النصرانية أو اليهودية؛ بل يريدون إخراجنا من الإسلام إلى حيث لا سلام، لا أمن، لا طمأنينة، لا عزة لا شرف لا كرامة، لا تاريخ لا حضارة، بمعنى آخر: يخرجوننا إلى خارج نطاق الدين والفضيلة والإنسانية، فنكون عونا لهم علينا، على ديننا وتاريخنا ووطننا، فهل هناك عاقل يرضى بهذا؟ أن يقاد ولا يقود؟ أن يعين أحدا عليه بما فيه عطبه وهلاكه؟ إن هذا محض الجنون، وللأسف رأينا كثيرا من هذا الصنف، لا كثرهم الله، يستلذون التملص من الدين والمبادئ، ومعاونة العدو على أنفسهم، أي: يخططون وينفذون معه لتدمير بيوتهم بأيديهم، أو ينفذون فحسب، وهذا عين الخذلان، وعين المهانة والضعة، اللهم فاكشف الكربة، وأزل الوحشة والغربة، وعم بظلال الإسلام والسنة العالم أجمع.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي. 
طبرجل - الجمعة - ١٤٤٤/٤/٣

الاثنين، 24 أكتوبر 2022

لتحيا كإنسان

(قيد الخاطر).
(لتحيا كإنسان).

طرح أحد الزملاء على المغرد (تويتر) سؤالا، هو: (كيف تنجو في هذه الدنيا لتحيا كإنسان؟!)، فكتبت ما يلي:
أولا: تتعامل مع الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم. وفي الله لا في المصالح والماديات.
ثانيا: ألا تغتر بالكثرة، فالحق لا يعرف بالكثرة؛ بل الحق غالبا ما يكون في جانب القلة. إذا صححت نظرتك للكون والنفس والحياة؛ لترى كل ذلك من هذا المنظور الإسلامي والقرآني؛ اطمأنت نفسك، ولم تضطرب.
ثالثا: القناعة والرضا بما منحك الله، والطموح للأفضل بعمل وجد وإخلاص، وتوقن بعقيدة القضاء والقدر، فما قدر لك؛ سيأتيك على ضعفك، وما لم يقدر لك؛ لن تناله بقوتك.
رابعا: المقارنة بينك وبين الآخرين؛ غالبا ما تكون ظالمة، فلا تقارن في أمر الدين بمن هو دونك؛ بل انظر لمن هو أفضل منك، فسابقه، ولا تنظر في أمر الدنيا لمن هو فوقك؛ بل انظر لمن هو دونك؛ لتشكر لا تبطر، وذلك أجدر ألا تزدري ولا تحتقر نعمة الله عليك.
خامسا: اعلم أن الإنسان مكون من جسد وروح، ولكل منهما غذاء، وغذاء الروح العلم النافع والعمل الصالح، كما في قوله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة...). وغذاء الجسد تغذيته بالحلال والطيبات، وحميته عن الشهوات والمحرمات، والإخلاد إلى الأرض والسفليات، فلا تسعد الروح حتى ترتقي إلى العلويات، هذا قدرها، وبغير ذلك لا تسعد إلا وهما لا حقيقة، كحال أكثر أهل الأرض والسفليين.
سادسا: التوسط في كل أمورك، وجميع شؤونك، وتتبع سنن المرسلين في الأكل من الطيبات، والتزوج من الصالحات، وأن تعيش حياتك متبعا متأسيا بهم، مفعلا لحقائق القرآن في واقع حياتك.
سابعا: أن تعلم أن الإنسان كلما تقدمت به الحضارة، وأحاطت به المدنية؛ تعقدت الروح، فكلما ترفه الجسد؛ تعقدت الروح، وكلما تنعم الجسم؛ تعذبت الروح، فالإنسان لا بد له من تنزه وسياحة وانبساط، بعيدا عن تعقيدات العيش، والتي في كثير منها هي من فرض الناس أنفسهم عليهم، فيشقون أنفسهم بأنفسهم.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي. 
طبرجل - الاثنين - ١٤٤٤/٣/٢٨.

@Amhtr1414

الخميس، 20 أكتوبر 2022

إني أحبك من صميم فؤادي

‏(إني أحبك من صميم فؤادي)

إني أحبك من صميم فؤادي * يا خير مهدي وأكرم هادي
أنت الخليل تظل في أحداقنا * شمسا تنير حواضرا وبوادي
وأتيت تنشر في الحياة هداية * وتحذر الأقوام من إخلاد
وتقول قوموا للجنان فجاهدوا * فالعز مرهون بصدق جهاد
صلى عليك الله في ملكوته * وسلامه يا خير خير عبادي

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - الخميس- ١٤٤٤/٣/٢٤

الأربعاء، 19 أكتوبر 2022

شذرات من كتاب (فصول في الدعوة والإصلاح؛ لعلي الطنطاوي)

 شذرات من كتاب (فصول في الدعوة والإصلاح؛ لعلي الطنطاوي).


بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى الآل والأصحاب، والطاهرات أمهات المؤمنين، وجميع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد كتبت مقالا فيما مضى بعنوان: (شذرات من "ذكريات علي الطنطاوي")، ومقالا آخر بعنوان: (شذرات من كتاب "رجال من التاريخ)، له كذلك - رحمه الله -، والآن بين أيديكم هذا المقال، وهو (شذرات من كتاب "فصول في الدعوة والإصلاح؛ لعلي الطنطاوي) رحمه الله وإيانا وإياكم والمسلمين أجمعين.

الكتاب من جمع وترتيب حفيد المؤلف/ مجاهد مأمون ديرانية. ط دار المنارة- السابعة عشرة- 2021

وقد بدأت قراءته في يوم الاثنين، بتاريخ 1444/3/21، في طبرجل، وختمته في تمام الساعة الواحدة والنصف في طبرجل، يوم الأربعاء، بتاريخ 1444/3/23.

وهذه شذرات منتقاة من هذا الكتاب الفريد:

1- ولقد كانت الموضة السائرة ونحن صغار كلمة «عصري»، وكانوا يتّهمون كل متمسك بالدين بأنه متعصب وغير عصري. 9.

2- العقل أقدم من الدين، فإذا تركتم الدين لقِدَمِه فاتركوا العقل لأنه أقدم منه، وعودوا مجانين هاربين من مستشفى المجاذيب!. 11.

3- إننا نعلم أن الاستغراقَ في الماضي وحدَه نومٌ أو جمود، والاستغراقَ في المستقبل وحده هوسٌ وجنون، والاستغراقَ في الحاضر وحده عجزٌ وقعود. ونحن نريد أن نستمدّ من الماضي دافعاً وحافزاً، ومن المستقبل موجّهاً ومرشداً، ومن الحاضر عماداً وسناداً. 12.

4- نريد العودة إلى مثل ما كان عليه أجدادنا من العلم والمجد والقوة والسلطان. 13.

5- فلنأخذ من الماضي بقَدْر، نأخذ منه ما يدفع ويرفع وينفع، وندع منه ما يثبط ويُقعد ويُنيم. 13.

6- فكما أن الذهب والألماس لا يضرّه القِدَم ولا يصدأ كما يصدأ الحديد، فإن في المعاني ما هو كالألماس والذهب في المعادن. 14.

7- العقل لا يستطيع أن يحكم على ما وراء المادة، والعلم لا دخل له في مسائل الغيبيات. 19.

8- كان العرب أمة بدوية جاهلة لا شأن لها في الدنيا ولا خطر، فرفعها الإسلام، الإسلام وحده. 19.

9- الإسلام صالح لكل زمان ومكان، ولكن الإسلام ليس محصوراً في كتب الفقه وإنما هو في القرآن وفي السنة الصحيحة. 20.

10- نحتاج إلى شيوخ يؤلفون لنا كتباً جديدة بأسلوب علمي مفهوم، في الفقه والتوحيد والأصول والمصطلح وسائر العلوم الإسلامية، ونحتاج إلى شبان يقرؤون هذه الكتب ويتفهمونها. 22.

11- والإسلام ابن حضارة وعلم، ابن حياة ومدنية، فلا يجوز أن يكون متّبعوه عالة على الأمم في العلم والعمران. 23.

12- إن علينا واجباً ضخماً هو إبلاغ رسالة الإسلام لأهل القرن العشرين، ولا يتم ذلك إلا إذا فهم علماؤنا عقلية أهل القرن العشرين، ودرسوا أساليب التفكير فيه، واطلعوا على دخائل الحياة وأوضاع المجتمع. 23.

13- وإنما بُعث الرسل لإرشاد الناس إلى عبادة هذا الإله وحده وتنزيهه عن الشريك وعن الشفيع، فمَن عرف أن للكون إلهاً قادراً قديماً باقياً سميعاً بصيراً، ولكنه عبد معه غيره واتخذ إليه شفعاء بغير إذنه، لا يكون مؤمناً ولا موحِّداً. 27.

14- وقد زود النبي صلى الله عليه وسلم العرب بهذه العقيدة، ثم قذف بهم في أرجاء الأرض فكانوا سادتها وملوكها وعلماءها وأساتذة الحاضرة فيها. 27.

15-ويجب أن يكون المدرّس مخاطباً قلوبَ الطلاب لا عقولهم، ولَرُبّ قصة من قصص الرقائق يسمعها المرء من واعظ أو قاصّ تبلغ من نفسه ما لا تبلغ أقوى الأدلة العقلية والبراهين المنطقية. 28.

16-  فيجب إذن أن نجعل التوحيد أساس الدعوة إلى الله، وأن نخاطب فيه القلب، وأن نتكلم بلسان الشرع ونستعمل حجج القرآن. 29.

17- أما أمثالنا فلا يصلحون! فيجب أن يُدّرس الدينَ رجلٌ يكون في سَمْته وأخلاقه وسيرته تقياً ورعاً، مجتنباً للمحرمات بعيداً عن الشبهات، فإذا كان كذلك نفعهم بسيرته وأخلاقه أكثر مما ينفعهم بعلمه. 29.

18- ولا ينفع الأسلوب ولا المدرّس إلا إذا كان درس الدين داخلاً في الفحص المدرسي، يطالَب به الطلاب ويسقطون ويرسبون في صفوفهم إذا قصّروا فيه. 29.

19- يا سادة، نحن نقول ونعيد ونكرر أن الإسلام دين ودنيا، الإسلام عقيدة وشريعة، الإسلام علم وسلوك. 32.

20- إن الطابع العام لحياتنا هو طابع الإفرنج وغير المسلمين، لا طابع السلف الصالح. 33.

21- الإسلام يجعل الحكمة ضالّة المؤمن، ويأمرنا أن نأخذ النافع المفيد، وأن نكون أعلم الأمم وأقوى الأمم. 33.

22- يا سادة، إن أخطر ما يتعرض له الإسلام أن يصير دين مسجد فقط...وقد بدأ بعض المسلمين يفهمون الإسلام بهذا المعنى الخطير. 34، بتصرف.

23- أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومواعظ السلف بدّلت الدنيا وغيّرت الأرض، وهدمت وبَنَت وصنعت دنيا جديدة، دنيا خير وبِرّ، فلماذا لا تفيد أحاديثنا ومواعظنا؟ لماذا لا يكون لها تأثير في حياتنا العملية؟ لماذا لم تبدل سلوكنا في الحياة؟. 35.

24- أما البيوت، وهي الحجارة في صرح الوطن، لا يصلح إن فسدت ولا ينهض إن تهافتت. 38.

25- وصار المعلمون، أعني أكثر المعلمين، أصحاب شهادات لا علوم، ودعاة مذاهب سياسية أو اجتماعية لا دعاة إلى الله ولا إلى الخلق. 39.

26- إن العلماء...هم عدّة الإصلاح ولُسُن الحق ودعاة الله. 41، بتصرف.

27- فيقرأ الناشئ الشيء وضده، فلا يؤمن من بعدُ بشيء. 42.

28- فالإخوان في المنزل، والرفاق في المدرسة، والزملاء في الديوان، يختلفون أبداً ويتقاتلون.
فعمَّ تنجلي هذه الغَمْرة؟ (1) الله وحده العالم. هذا في الشام. 44.

29- لم يكن في بلدنا كله امرأة واحدة سافرة ولا فجور مُعلَن، وكانت المساجد عامرة، وكانت الملاهي مقفرة، بل لقد كانت معدومة، ما كان في دمشق كله إلا ملهى واحد صغير حقير.
فماذا صار فيها اليوم، وفي أكثر بلاد المسلمين؟. 46.

30- كان العلماء...هم مرجع البلد وموئل الناس، وكانوا الأدلة في مسالك الحياة. فما حال العلماء اليوم؟. 46، بتصرف.

31- الحقيقة: إننا نقول وخصومنا (أعني خصوم الإسلام) يعملون، ونحن ننام وهم يسهرون...وعدوّنا ماض في طريقه لا يبالي بنا، لأنه خَبِرنا وعرفنا وعلم أنه ليس عندنا إلا الكلام وليس في خططنا إلا الارتجال. 47، بتصرف.

32- الإسلام اليوم يواجه قوى ضخمة. إنها دول غنية بالمال وبالسلاح، وعقول كبيرة شريرة تخطط لهذه الدول وتضع لها المناهج المدروسة؛ أموال تُعَدّ بآلاف الملايين، وبشر يُعَدّون بالملايين لتطبيق هذه المناهج. 48.

33- أفسدوا العقول بالمذاهب والشبهات وباسم حرية الفكر. أفسدوا الأخلاق باسم الانطلاق والتحرر والروح الرياضية والحياة الفنية والحرية الجامعية، وبغير ذلك من الأسماء التي تتعدد ألفاظها ومعناها واحد، هو إذهاب العفاف وإضاعة الأعراض. 48.

34- فلنعرف أولاً خطط أعدائنا لنرد عليها بخطط مثلها، لننتبه إلى مداخلهم علينا لنَسُدّ هذه المداخل. لنقلل من الكلام ولنكثر من العمل، لنترك الجعجعة والصراخ ولنتعلم العمل في صمت. 49.

35- لا تعرفون من الاشتراكية إلا أنكم تشتركون جميعاً في التقليد القردي لأهل أوربا، وأنكم لا تعرفون الحق من الباطل إلا بدمغتها عليه. 52.

36- رياضتكم جسد مكشوف بلا روح، والرياضة رياضة النفس قبل رياضة الجسم، وروحها التعاون بإخلاص، والإقرار بالحق، وأن لا يزدهيك النصر ولا تحطمك الهزيمة ولا يداخلك اليأس، وأن يكون عليك من نفسك رقيب يحاسبها قبل أن تحاسَب، وأن يكون لك من إرادتك قيد لشهواتك. 52.

37- يا أيها الشباب المسلمون- في السماء، ستركبون إليها الرياح وتسيرون على هام السحب، ولقد أُعِدّت طيارتكم وهدرت محركاتها، وستمشون على درب من شعاع الشمس لا على محجّة من تراب الأرض، فهل تعوق الأشواك من يشق طريقه في كبد السماء؟
إنهم لا يملكون إلا أن يقولوا، فدعوهم وما يقولون. 53.

38- قال معلقا على كلمة حسن البنا - رحمه الله -: (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه):

وهو يقصد طبعاً الاختلاف في الأمور الاجتهادية التي يسوغ الشرع الاختلاف في مثلها توسعة على الناس، أما الأمور التي تمسّ أصل العقيدة، أو يكون فيها تحليل حرام متفَق على حرمته، أو تخالف ما أجمع عليه المسلمون وعُلِم من الدين بالضرورة، فهذه لا يمكن التساهل فيها. 64.

39- إن أمامنا معركة هي معركة كفر وإيمان، فلنوفر قوانا كلها لها، ولا نجعل بأسنا بيننا، ولا نشتغل عن المعركة الأصلية بمسائل فرعية لا يضرّ الاختلاف فيها.
والغريب أن هذا الكلام -على وضوحه وصحّته- يحتاج كما يظهر إلى زمن طويل وجهد كبير حتى يقتنع به الدعاة ويجعلوه واقعاً. 64.

40- إن الله خلق النفس أمّارة بالسوء مَيّالة إلى الانطلاق من كل قيد والوصول إلى كل لذة، فيأتي الدين فيقيّدها ويمنعها من كثير من اللذائذ، فيَثقل عليها. 66.

41- إن الدين قَيْد، وكل قيد ثقيل على النفس. 66.

42- وأثقل التكاليف أن تترك اللذة الحاضرة المطلوبة أملاً بلذّة غائبة مجهولة، وهذا هو الإيمان بالغيب. 67.

43- المؤمن بالغيب هو الذي يمتنع عن الحرام مهما كان لذيذاً ومهما كان مفيداً في الدنيا، لينال الثواب في الآخرة. وهذا شيء ثقيل على النفس. 68.

44- الصلاح والتقوى صعود، والفساد والفسوق هبوط، والصعود صعب أما الهبوط فهيّن. 69.

45- إن الدين قَيْد، والعقل قيد، والقانون قيد، والخُلُق قيد … وكلما تقدم الإنسان في طريق الحضارة كثرت قيوده. 69.

46- أما الذي يستقيم اتّباعاً للدين وخوفاً من الله فإنه يبقى أبداً مستقيماً، لأنه يعلم أن الله مطّلع عليه دائماً. 70.

47- ولو ترك الإنسان كل ما يثقل عليه وفعل كل ما تميل نفسه إليه لذهبت الصحة، وذهبت الأخلاق، وذهب القانون، ولم يعد الإنسان إنساناً ولكن وحشاً من وحوش الغاب. 70.

48- ولماذا نقيم القيامة على من يسرق عشر ليرات ونسوقه إلى المحكمة ونلقي به في السجن، ونغضّ عمّن يسرق أعراض الناس ويتمتع بحرمات بناتهم ونسائهم؟
هل المال أعزّ علينا من العِرض؟. 71.

49- نعم، إن الدين ثقيل، ولكن ليس كل ثقيل يُترَك. 71.
50- والعاقل مَن إذا عَرَض له ألم مؤقت يجرّ وراءه لذة دائمة احتمله راضياً، كما يتحمل ألم قلع الضرس ليجد اللذة بالراحة من وجعه، وكما يتحمل العملية الجراحية للصحة المَرجوّة بعدها. 71.

51- وتستمتع بالحرام ثم تموت فلا تستريح، بل تُحاسَب أشد الحساب ثم يُصار بك إلى جهنم!
فاحتمل ثِقَل الدّين، فإنه أهون من احتمال ثقل العذاب يوم القيامة. 72.

52- إني أُحذِّر أبناء هذا البلد الطاهر مصيراً كمصير مصر والشام والعراق في السفور والحسور والفسوق، وضعف الدين وأهله وقوة الكفر وسيطرته.
ولا أملك إلاّ القول، وقد قلت، والله المستعان. 75.

53- استقرى يستقري وليست استقرأ كما يظن أكثر الكاتبين. 78.

54- إن سر الإسلام بدأ في هذه الأمة البادية الجاهلة المتفرقة، فجعل منها أمة لم يكن ولن يكون لها نظير. 88.

55- إن مجتمع الصحابة كان المجتمع المثالي حقاً، تحقق فيه ما تخيله أفلاطون والفارابي، والاشتراكيون الخياليون من قبل أن ينشأ الدجال الأكبر، كارل ماركس! ولكنهم ما جاوزوا حدود البشرية ولا صاروا مجتمعاً ملائكياً. 88.

56- تعقب ما ذهب إليه سيد قطب وأخوه محمد قطب - رحم الله الجميع -، من القول بجاهلية المجتمعات الإسلامية، فقال:

(والرأي فيها أنها «مجتمعات إسلامية عاصية»). 91.

57- وما دامت جذوة الإيمان لم تنطفئ في القلوب، فعلينا أن نستعين بالله وأن نبذل الجهد لنعيد أصحابها إلى الدين. 91.

58- العين الأصلية والنبع الصافي هو القرآن الكريم، والسنة الثابتة الصحيحة، وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام التي كانت تصديقاً عملياً للقرآن الكريم، وسِيَر أصحابه التي كانت في جملتها استمداداً من سيرته واستمراراً لطريقته. 93.

59- فلا يجوز إذن أن نحكم على الإسلام بحال المسلمين. 93.

60- إن «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» طريق خطير، لأن الشرط فيه أن لا تسكت عن ضياع حق من حقوق الله تقدر على رده، وأن لا تعتدي على حرية مسلم في حياته. 95.

61- يا أيها القراء، ثقوا أنه ليس بين المثقفين من أهل أوربا وبين دخولهم في الإسلام إلا أن يجدوا من يعرّفهم به بالأسلوب الذي يفهمونه. 95.

62- قال لي قائل: ما أكثر الأحاديث الدينية في الإذاعة!
قلت: بل ما أقلها!
إنّي لأفتح عيني ثم أغلقها … على كثيرٍ ولكنْ لا أرى أحدا
إنها كثير إذا عُدَّت، قليل إذا قُوِّمت. 97.

63- إننا في حاجة لعرض حقائق الإسلام في ثوب جديد. 98.

64- نحن أمام قوى هائلة منظَّمة، تخطط لها عقول كبيرة شريرة وتملك أسلحة خطيرة كثيرة، تعمل كلها على إخراج الجيل الجديد منا من الدين أو إدخال الشك عليهم في عقائدهم. 98.

65- نحن لا ننكر المنكر ونمشي، بل نقف حتى نُحِلّ محلَّه المعروف. 102.

66- إننا نريد أن ننشئ أمة جديدة، أمة مسلمة تمشي على سنن السلف، لتعيد مجد السلف وعز السلف. 102.

67-وحجارة بناء الأمة أفرادها، ولا تنشأ أمة صالحة من أفراد فاسدين. فلنبدأ بإصلاح الأفراد. 102.

68- إن فاقد الشيء لا يعطيه، والنبع الجاف لا يمد السواقي بالماء، والقلب الذي يملؤه الظلام لا يضيء للسالكين الطريق، والفؤاد الذي فيه الثلج لا يبعث في السامعين حرارة الإيمان، والعالم والمحدّث الذي يطمع في أموال الناس وفي دنيا الحكّام لا يستطيع أن يعظ الناس ولا أن ينصح الحكام.
والكلام الذي يخرج من القلب هو الذي يقع في القلب والذي لا يخرج إلا من اللسان لا يجاوز الآذان. 102.

69- ورب كلمة تسمعها من عامي جاهل تهزك هزاً وتبعث في قلبك الخشوع وتسيل من عينيك الدموع، وخطبة طويلة حوت جواهر البلاغة ودرر البيان تسمعها فلا تحرك منك شعرة واحدة. 102.

70- فإن الأمة مجموعة من الأسر، فإذا صلحت الأسر صلحت الأمة، والله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. 103.

71- إنها قد قست القلوب، وغلب عليها حب الدنيا وملأتها مشاغل الحياة وهمومها ولذاتها، فلا بد من أن نحتال عليها حتى نذكّرها بربها وبآخرتها، وأن ندور من حولها لنجد الباب الموصل إليها. 105.

72- إن الله لم ينزّل القرآن جملة واحدة كما أنزل الكتب من قبله، بل أنزله آية بعد آية، أو آيات بعد آيات، نزل مرتبطاً بالحياة، مقوِّماً عوجها، مصحِّحاً خطأها، سامياً بها. 106.

73- أنزل الله القرآن ليكون دستوراً نتبعه وقانوناً نطبقه، فاكتفى أناس منا بتلاوة ألفاظه والتطريب في قراءته، وافتتاح الحفلات واختتامها به، وبين تلاوة الافتتاح وتلاوة الاختتام ما لا يرضي الله ولا يوافق الإسلام. 106.

74- إن الإسلام في حقيقته واحد، ولكن أفهام الداعين إليه اليوم والناطقين باسمه تباينت في فهمه. 110.

75- إن مَرَدّ أخطائنا في الدعوة إلى أمرين؛ الأول: أننا نبدأ بالفرع قبل الأصل، والمهم قبل الأهم. الثاني: أننا نختلف على هذه الفروع، فنهمل الدعوة إلى الأصول. 111.

76- كيف دعا رسول الله إلى الإسلام؟ إنه بدأ أولاً بتصحيح العقيدة وتثبيت التوحيد في النفوس، ثم ثنّى بالنهي عن المحرمات، ثم أمر بإتيان الفرائض، ثم عمد إلى السنن والآداب. 112.

77- إننا نحتاج إلى دعوة جديدة إلى الإسلام في بلاد المسلمين وبين شبان المسلمين قبل أن ندعو إليه في أوربا وأميركا، لأن أكثر هؤلاء الشبان يجهلون الإسلام، ولأنهم أصبحوا كأنهم غرباء عنه، وهذه حقيقة نقررها مع أشد الأسف. 112.

78- أنا أرجو من العلماء أن يتعاونوا على ما اتفقوا عليه، ويتركوا الخلاف فيما يختلفون فيه إن كان من الأمور الاجتهادية التي اختلفت فيها أفهام الفقهاء ومداركهم. 114.

79- وكانت عادتي في بناتي أن أدخلهن المدرسة الإعدادية، يبقين فيها سنتين أو ثلاثاً، ثم يجيء الخاطب الصالح فأزوجهن. 115.

80- وهل كان في الجاهلية بنت تكشف عورتها بعلم الأب وعين الأم ونظر الناس، فلا تسمع مُنكِراً ولا ترى معترضاً؟
إنه وباء في القلوب والعقائد والأخلاق. 118.

81- لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاد الدين غريباً، فلنكن من أهله ولو تغرّبنا في بلادنا، فأولو الفضل في أوطانهم غرباء. 119.

82- قال عن المستشرقين:

"فعمدوا إلى إضعاف الدين في نفوس أولادنا، وشقّوا لذلك الطرق وأعدّوا له الخطط، فمن تقليل ساعات الدروس الدينية في المدارس، ومن بَثّ الشر في النفوس، ومن إفساد الأخلاق بالصور والأفلام … فنالوا بذلك ما لم ينالوا عُشرَ مِعْشاره بالقلاع والمدافع والدبابات!".121.

83- فيا شباب المسلمين، لا تبلغ منكم الغفلة أن يتلاعب بكم العدوّ ويسخّركم لمآربه. إنه يريد أن يصرفكم عن دينكم ليتمكن منكم ويستحوذ على خيرات بلادكم وثمرات أرضكم. 122.

84- فإننا في وقت حرج، والإسلام مُهاجَم في عقر داره، والإيمان نفسه مهدَّد. نحن الآن أمام خطر حقيقي وكفر صريح. 124.

85- إن أعداء الإسلام ينصبون الشِّباك لاصطياد المسلمين... يستعينون على اجتذابهم بالنساء وبالصور وبالملاهي، يخاطبونهم باللغة التي يفهمونها، يأخذونهم باسم حرية الفكر وحرية الاختلاط والتحرر من القيود. 125، بتصرف.

86- إن سموم أعداء الإسلام دخلت إلى مجتمع المصلّين الصائمين، إلى بيوتهم، إلى أفكار رجالهم، إلى أزياء نسائهم، إلى مناهج مدارسهم، إلى قوانين محاكمهم. 126.

87- إن جذع الشجرة قد اشتعلت من حوله النار، فاشتغلوا بالجذع ودعوا الآن الفروع والأوراق. 127.

88- الإسلام في ذاته قوة لا يقوم لها شيء في الدنيا، ولذلك سار في الأرض وانتشر، وما زال ينتشر إلى اليوم بلا تبشير به ولا دعوة منظَّمة إليه. وما أُتِي المسلمون إلا من جهلهم بالإسلام. 130.

89- والحقيقة فيها أن أوربا أدركت من زمن بعيد قوة الإسلام فعملت على تجريد المسلمين من هذه القوة، فهوّنت عليهم أمر دينهم. 131.

90- وأنا أكتب وأخطب من سنة 1345هـ وأنا دون العشرين، وقد دخلت الآن عشر التسعين، وبلغ ما كتبته ونشرته أكثر من خمسة عشر ألف صفحة، ولم آخذ جائزة ولم أجد من أحد تكريماً. ولعل ذلك كان خيراً لي لأنني أنتظر الثواب من الله وحده. 133.

91- حصل الشيخ علي الطنطاوي - عليه رحمة الله - على جائزة الملك فيصل - رحمه الله - لخدمة الإسلام. عام 1990. 133.

92- الآلام يأتي عليها حينٌ تصير ذكرى في النفس وحديثاً على اللسان، ولا يبقى للإنسان إلا ما يحمله معه إلى الدار الآخرة. 135.

93- وهل يحتاج الإسلام إلى من يخدمه ويدعمه؟ إن خدمته شرفٌ للخادم لا سدُّ حاجة في المخدوم. 135.

94- الإسلام قوي بذاته مؤيَّد بتأييد الله له. انظروا كم حاقت به من شدائد، وكم اجتمع عليه من خصوم، وكم وضعوا لحربه من خطط، فكان النصر أخيراً للإسلام. 137.

95- راية القرآن إذا رُفعت لا تُخذَل أبداً، وسيف محمد إذا ضربنا به لا ينبو أبداً. 138.

96- وما ذهبت قوة الإسلام ولا فقد أهله عزتهم. 138.

97- الإنسان يحبّ أن يكون مخدوماً لا خادماً وأن يكون حراً لا عبداً، إلا إذا كانت العبودية لله وكانت الخدمة لدين الله. 139.

98- الناس لا ينقصهم العلم بل العمل، لا أعني العلم بتفاصيل العلوم ودقائق الأحكام، فهذا مما يحتاج أكثر الناس إلى تعلمه، ولكن أعني الحقائق الخُلُقية الكبرى: الصدق والكذب مثلاً. 141.

99- وربما صارت المعصية مرضاً. فأنت حين تقول لمدمن المخدرات: "اتركها وانصرف عنها" كمَن يقول للمريض: "دع المرض وارجع إلى صحتك ثم حافظ عليها"! إن الأمر قد خرج من يده، وهو اليوم أحوج إلى العلاج. 143.

100- والله أمرنا أن ندعو بالحكمة والموعظة الحسنة؛ ذلك لأن الموعظة قد تكون سيئة، سيئة في أسلوبها لا في أصلها. والموعظة الحسنة هي التي يكون معها الدليل، فلا نأمر بما لم يأمر به الله ولا رسوله، ولا نزيد عليه ما ليس منه. والتي تكون خالصة لله. 146.

101- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام. 146.

102- ومَن أراد أن يحفظ أولاده من الانحراف وأن يبقيهم معه في البيت، فليجعل البيت مستوفياً وسائلَ التسلية الجائزة شرعاً...وينبغي أن ينزل أحياناً إلى مستوى أولاده فيشاركهم أفكارهم وألعابهم ولهوهم. 148، بتصرف.

103- تبديل لون الحياة لا بد منه، والتزام لون واحد يبعث على الملل. 148.

104- وإن من أكبر العوامل في فتور العواطف الزوجية وركود أذهان الأولاد وضعف أجسامهم هذه الحياة الرتيبة المتشابهة. 149.

105- إن هذا الحب يجعل الغرفتين المهدَّمتين قصراً عظيماً، وفَقد الحب والتفاهم بين الزوجين والشِّقاق الدائم بينهما يجعل القصر العظيم جحيماً مُستَعِراً وسجناً مطبقاً. 149.

106- وإن في المباحات لَمَنجى من الوقوع في الحرام، والله ما حرّمَ شيئاً إلا أحلَّ شيئاً يقوم مقامه ويسد مسده ويغني عنه. 150.

107- أحمد تيمور باشا رحمه الله... كان أمة وحده في دينه وعلمه وخلقه وتحقيقه وحيائه وتواضعه. ومن هو أقرب الناس شبهاً به في سَمته وصمته وأدبه وعلمه، أستاذنا السيد الخضر حسين مدّ الله في عمره. وخالي وأستاذي محب الدين الخطيب، الذي كان أول عامل على تنظيم الدعوة الإسلامية في مصر، كما كان أول عامل على إحياء الفكرة العربية في الشام من قبل.152، بتصرف.

108- أصبح من المفهوم أن الإسلام دين وعلم وقانون وفن، وأنه صالح لكل زمان ومكان، فلا يستقيم في الفكر أن تكون عقول علمائه الذين يعيشون اليوم مخالفة لعقول الناس وفي معزل عن حقائق الكون التي توصّل العقل البشري إلى معرفتها. 162.

109- وعلم النحو مثلاً يُفهَم من غير أن نحفّظ التلاميذ المبتدئين هذه المنظومة العجيبة التي تُعرَف بـ «الألفية»، ونكسر بها أدمغتهم ونبغّض بها النحوَ إليهم أشد التبغيض. 163.

110- تربية عزة النفس والكرامة أول واجب على من ينشئ مدرسة دينية تخرّج علماء شرعيين، وحسبنا ما نجد اليوم من ضعف علمائنا (أعني بعضهم) وهوان نفوسهم عليهم!. 165.

111- وغدونا أيام الاستعمار والانتداب وما للدين في مدارسنا إلا ساعة واحدة في الأسبوع، وكان لا يدخل في الامتحانات العامة، ولا يرسب الطالب في فصله إن لم يعرف الدين، فسعينا وجاهدنا حتى صارت له ساعتان، ساعتان فقط في الأسبوع!. 170.

112- هذه المملكة تقوم بحمد الله على الإسلام، وقد خصصت المبالغ الطائلة في موازنات المعارف والإعلام والأوقاف للإسلام وأولته أكبر العناية والاهتمام. 176.

113- منّا أناس لطول ما أحبوا الأجنبي وعظّموه وكبر في نفوسهم يتمنّون لو أن جلداً أوربياً يُفصَّل على أجسادهم ليلبسوه، وأن رأساً أوربياً يُركَّب بين أكتافهم ليتخذوه، هؤلاء الذين ولّيناهم أمور أبنائنا وبناتنا، وقلنا لهم: اصنعوا بهم ما شئتم!. 177.

114- هذه هي الحقيقة؛ إنهم لا يريدون إلا الاستمتاع ببناتنا مجاناً، ولو كانت في أول الأمر متعة النظر والكلام. يريدون أن يأكلوا الطعام ولا يدفعوا الثمن.
إنهم «لصوص». 181.

115- إن أمل كل امرأة في الدنيا (حتى ملكة إنكلترا، وممثلات السينما اللواتي يبلغ دخلهن الملايين)، أملها في الزواج، ولا تتزوج إلا النظيفة الطاهرة زواجاً ناجحاً من رجل شريف طاهر. 184.

116- نرى قلة الزواج والكسادَ في البنات ملازماً للفساد. 185.

117- ولا تغترّي بحب الرجل، فإن أكثر الرجال يحبون ليستمتعوا ثم يتملصوا ويتخلصوا، والمرأة تحب لتستمر وتُخلص. وهذا من نتائج الوضع الحيوي (البيولوجي) لكل من الذكر والأنثى، الإنسان في ذلك والحيوان سواء، عمله مؤقت وعملها دائم. 185.

118- فالإسلام ليس فيه رهبانية، ولكن ليس فيه أيضاً إباحية. 186.

119- أعرف أن الرأي العام لا يكون الحق دائماً معه؛ فالرأي العام في مكة إبّان البعثة كان يقرر أن اللات والعُزّى آلهة تُعبَد، والرأي العام كان يقول يوماً إن الأرض مسطَّحة كالصفحة. 187.

120- فلا تتخذوا الرأي العام حجة ولا الأكثرية دليلاً قاطعاً، فكثيراً ما يكون الحق مع القلّة. 188.

121- ليس الرأي العام مقياس الحق، ولا حكم الأكثرية، بل حكم الشرع وحكم العقل. والعقل والشرع صنوان لا يفترقان، ما في الشرع قضية قطعية تنافي قضية عقلية قطعية. 188.

122- يا بنتي، أعود فأقول لك: إن المؤامرة والله عليك، وهؤلاء يحفّون بك يتسابقون إليك ويتزاحمون عليك ما دمت شابة جميلة، فإذا كبرت سنك وذوى جمالك نبذوك كما ينبذون قشر برتقالة امتصوا ماءها. 188.

123- إن السوق هو الزواج، والحرامية هم دعاة الاختلاط، فلا تمنحي أحداً ذرة من جمالك إلا بعد أن تربطيه من رقبته برباط الزواج. 189.

124- أنا أديب أولاً وآخراً، وأنا أُجِلّ الأدب وأقدّره، وعشت أطول فترة من حياتي به وله. 191.

125- لعنة الله على الشعر الجميل والوصف العبقري إن كان لا يجيء إلا بذهاب الدين والفضيلة والعفاف، وعلى كل أديب يُفسد عليّ ديني ويَذهب بعرضي ويحقّر مقدساتي ليقول كلاماً حلواً. 192.

126- مما استشهد به من الأبيات قوله:

إذا قل ماء الوجه قل حياؤه * ولا خير في وجه إذا قل ماؤه. 195.

127- مما استشهد به شطر بيت:

ثهلان ذو الهضبات هل يتحلحلُ؟!. 196.

128- ونحن أمة منها انبثق نور العلم والتشريع. 199.

129- كان الناس كلهم، مذ جاء الله بالإسلام إلى يوم الناس هذا، مجتمعين على أن القرآن جديد في أسلوبه لا يشبه أساليب العرب في مخاطباتهم وآدابهم. 200.

130- الإجماع لا ينعقد على بدعة، وما انعقد عليه الإجماع فليس ببدعة!. 204.

131- ولقد عرفت الأيام من أعداء الإسلام كل وقح وأحمق وسخيف ومزوِّر، فذهب ما جاؤوا به وبقي الإسلام لم يضرّوه شيئاً، لأن الله تعهد بحفظه وجعل العاقبة لأهله. 205.

132- ونحن اليوم (في أكثر بلدان الشرق الإسلامي) في مطلع حياة جديدة، نصفي الماضي وننخل الحاضر، ثم لا يبقى إلا المنخول المصفّى من أخلاقنا وأوضاعنا وعاداتنا. 205.

133- نزع الدروس الدينية من مناهج التدريس ومن مواد الامتحانات العمومية قد حقق أغراض المستعمرين وأذناب المستعمرين، وأخرج جيلاً جديداً جاهلاً بأصول الإسلام وعلومه وتاريخه، مجرَّداً من الغيرة الإسلامية. 206.

134- ونحن في أشد الحاجة اليوم إلى العمل الإيجابي، إلى بناء النافع أيضاً لا إلى هدم الضارّ فقط، إلى إنشاء الحصون الدائمة لحماية عقائد الناشئة، وعرض الإسلام بشكل واضح صحيح، ولا يقوم بهذا إلا العلماء الذين جمعوا بين ثقافة العصر والثقافة الإسلامية والتديّن الحقيقي، وهذه هي «الحلقة المفقودة». 208.

135- والدينُ أعزّ من الوطنية...والحقيقةُ أثمن من المادة...والعقائدُ فوق كل شيء. 211، بتصرف.

136- وانتبهوا إلى أبنائكم، وراقبوا المدارس، فإنه يوشك أن تُخرج المدارسُ من الولد عدوّاً لأبيه، كافراً بدينه، خصماً لقرآنه!. 213.

137- الله قد يبتلي هذا الدين بالفاجر المُبطل فيقول ما يوقظ المسلمين وينبّههم إلى دفعه، فيتأيّد بذلك الدينُ. 215.

138- فالقومية...بطلت موضتها في أوربا وأُهملت فصُدِّرت إلينا، ومثلها الدارونيّة التي انهارت علمياً وتهدّمت أسسها الموهومة على أيدي أكابر علماء العصر وكذلك الفرويدية التي سقطت وظهر عُوارها. 218، بتصرف.

139- إن نظرية دارون في بقاء الأصلح قد جَرَّت إلى اتخاذ وسائل القوة والسيطرة على الضعيف وإهمال مبدأ العدل، وكانت من العوامل الخفية في حربين عالميتين. 219.

 140- نظرية فرويد في أن الغريزة الجنسية هي أصل الغرائز جَرَّت إلى هذه الإباحية التي نراها أو نسمع بها، والتي بدأ الناس ينتبهون إلى خطرها. 219.
141- إن دارون، وفرويد، وماركس، ونيتشه، ودوركايم … كل هؤلاء من ثمرات المخططات اليهودية، خرجوا من مصنعها، لا بأجسادهم وأرواحهم فالأجساد والأرواح من خلق الله وحده، لكن بأفكارهم الضالّة ومبادئهم المدمِّرة. 219.

142- ومن أقر بالزنا كان له الحق بأن يرجع عن إقراره، ولو كان الإقرار أمام القاضي؛ كل ذلك لأن الحدود تُدرَأ بالشبهات. 224.

143- وهذا ما رأيناه بأعيننا في هذه المملكة أيام الملك عبد العزيز رحمه الله، لمّا جئناها من نحو ثلاثين سنة؛ كنت تترك مالك في الصحراء على الطريق العام، وتغيب عنه شهراً ثم تعود إليه فتجده على حاله ما مسّته يد. لقد كتبت يومئذ أقول إن الصحراء صارت على عهد عبد العزيز آمَنَ من ميدان النجم في باريس، وكانت كلمة حق. 225.

144- لا يكفي في القانون المدني أن تكون أحكامه موافقة للشرع، بل أن يكون مستنبَطاً من الفقه الإسلامي.
والفقه الإسلامي -في الواقع- غنيٌّ غِنىً لا يحتاج معه إلى الأخذ من غيره. 226.

145- واعلموا أن القانون المدني الفرنسي (الذي هو أصل القوانين المدنية الحديثة) وضعته لجنة بأمر نابليون بعد عودته من مصر. وقد ثبت الآن -من محاضر جلسات اللجنة وأوراقها- أنهم اعتمدوا فيه على كتب في فقه الإمام مالك. فإذا كانوا هم أخذوه منا، أفنرجع فنقبسه منهم؟
أيكون عندنا كنز من الذهب، ثم نمدّ أيدينا لنشحد قرشاً؟!. 227.

146- الصحابة...خلاصة الإنسانية، ولباب البشر. 234، بتصرف.

147- وجوب انفصال الجنسين، في الجامعة والسوق والمخزن وكل مكان، فلا يلتقيان إلا على نسب أو زواج. 241.

148- لمن يكون غَدٌ ويكون المستقبل: للجِدّ أم للهزل؟ للعفاف أم للفسوق؟...أما أنا فلست خائفاً من الفساد ولو كَثُرَ أهله وقَوِيَ أنصاره، ولا يائساً من الإصلاح ولو طالت سُبُله وقلّت وسائله. 242، بتصرف.

149- الطفل يولد ضعيفاً ثم يحبو ثم يدرج، ثم يبلغ أشده وينازع -مِن جهله- اللهَ في ملكه، ثم يعود طفلاً بلحية بيضاء. 245.

150- وقد عوّدني الله أن لا أقول إلا الحق، وأن أجهر به إن خرس عنه ضِعاف الإيمان أو صرّح علماء السوء بغيره. 250.

151- لقد ربحنا باقتباسنا من هذه الحضارة وخسرنا، وكل شيء في الدنيا فيه ربح وفيه خسارة. 255.

152- لقد فصلنا في الواقع الدينَ عن الحياة، فبقينا نحافظ على مظاهر الإسلام في العبادة، ولكن إذا انتهت العبادة لم نَسِرْ في حياتنا على هَدي الإسلام. 259.

153- الإسلام جاء للحياة كلها، للبيت والسوق والمدرسة والمحكمة والديوان، فهل يسيطر الإسلام اليوم على حياتنا؟. 259.

154- وقد انفردنا نحن دون الأمم كلها بأن كان عندنا علم خاص بمعرفة الرجال. 268.

155- المرجع الأول لتاريخنا ما رُوي على طريقة المحدثين. وهذا أيضاً له درجات ومراتب، من المتواتر الذي لا يرتقي الشك إليه، والمشهور والعزيز والصحيح والحسن والضعيف. والصحيح درجات، لاختلاف المصححين واختلاف شرائطهم في التصحيح. 268.

156- لن تنفع العدّةُ ولا يُجدي العَددُ أمةً أضاعت هدفها، فهي تهيم على غير هدى. 283.

157- وليس على من يدعو إلى مبدأ صحيح أن يقوم على تنفيذه، فإن تنفيذه (ما لم يكن مستحيلاً في العقل) ممكن وحاصل بالقوة. 284.

158- كل مسلم نصف عربيّ...وكل عربي نصف مسلم...وكل عظيم في العرب تلميذ لمحمد صلى الله عليه وسلم. 285، بتصرف.

159- وما دعوة الجاهلية إلا هذه العصبية القومية التي تُؤْثِر رابطة الدم على جامعة الإيمان. 287.

160- هذه الفكرة العربية إنما هي من صنع الإنكليز لمصلحة لهم فيها ظاهرة، وهي فصل الهند عن أقطار الشرق الأدنى. 287.

161- والإسلام لا يجتمع مع عصبية الجاهلية في قلب واحد. 288.

162- والمسلم -حيث كان- مَعني بتاريخ العرب لأنه تاريخ الإسلام، مشغوف بلغة العرب لأنها لغة قرآنه ولسان نبيّه، واللغة التي بها يخاطب ربه في صلاته ويدعوه في مناجاته. 289.

163- ولم تُعرَف هذه الدعوة القومية على الوجه الذي بيّنا إلا في آخر الزمان، حين عجزت دول أوربا عن قتل «الرجل المريض» بزعمهم، فدسّت له سكين القوميات تحزّ في مفاصله وتقطع أوصاله. 291.

164- الإسلام لم يكن في يوم من الأيام دين ضعف وتخاذل، وإنما هو دين قوة وأَيْد، وجزاءُ سيئة فيه سيئة مثلها، والعمل على كل ما يقوّي الدولة ويشد أزرها مما يطلبه الدين وتدعو إليه الشريعة. 292.

165- فقل لدعاة القومية: موتوا بغيظكم؛ إن المستقبل لنا، لقد شِدْتُم صرحاً ولكنه صرح من الثلج، متى أشرقت عليه شمس الإسلام رجع وحلاً تطؤه الأقدام. 294.

166- ذكر "أن للقومية دعائم ثلاثاً: اللغة، والتاريخ، والعادات". 295.

167- تبدلت قواعد الإنكليزية والفرنسية في هذه القرون الخمسة وبقيت قواعد اللغة العربية كما كانت منذ أنزل الله القرآن، والسبب في بقائها هو القرآن. 296.

168- الإسلام لم يكن بالعرب، بل العرب كانوا بالإسلام. 298.

169- لقد وُلد العرب في التاريخ يوم ولد محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لم يصدّق فليتصور كيف يكون تاريخ العرب لولا محمد صلى الله عليه وسلم؟. 298.

170- إن العرب مَدينون بوجودهم الحضاري وبمنزلتهم في التاريخ للإسلام. 299.

171- فالعربية والإسلام أخَوان لا ضدان ولا نقيضان. 299.

172- فنحن عرب ونحن مسلمون، ونحن نعتز بقرآننا العربي ونعتز بعربيتنا المسلمة. 299.

173- العربية كانت لهجات ولغات مختلفات، ما وحّدها وجعلها لغة واحدة وقَعَّد لها القواعد ووضع لها النحو والصرف وجمع مفرداتها في المعاجم إلا الإسلام. 301.

174- ولا يزال الإسلام يمتد على رغم قلة الدعاة وتخلف الزمان، وكلما بلغ في امتداده قطراً جديداً حمل معه إليه العربية، يتعلمها كل مسلم ليناجي بها ربه ويقرأ بها في صلاته. 303.

175- العربية لم تنتشر في الماضي، ولن تنتشر في المستقبل، إلا بدعوة الإسلام. 303.

176- الله أخذ على مَنْ عَلِمَ الحق أن يبيّنه للناس وأن لا يكتمه، وإن كتمه كان شيطاناً أخرس. وأنا لا أحب أن أكون شيطاناً مُبيناً ناطقاً بأفصح لسان، فهل أكون شيطاناً وأكون أخرس؟. 306.

177- إن الدين عقيدة ومنهاج، والعروبة جنسية. 308.

178- وما الخميني وجماعته من أمة القرآن!)، هذا القرآن قرّر فيه الله أن هذا الرباط هو الإيمان، هو العقيدة، لا رباط الدم ولا اللسان ولا الإرادة المشتركة. 309.

179- إن بذل الدنيا وما فيها من مال ومتاع يُعَدّ كرماً، ولكن بذل الدين حماقة وجنون، ونحن لا نريد أن نكون حمقى ولا مغفلين. 312.

180- ولمّا نَزلْنا منزلاً طَلَّهُ النَّدَى … أَنيقاً وبُستاناً من النَّوْرِ حالِيَا
أَجَدَّ لنا طِيبُ المكانِ وحُسْنُهُ … مُنَىً، فتمنّينا فكنتَ الأَمانِيَا
والأمانيّ لا تلد وحدها واقعاً: {لَيسَ بِأمَانِيِّكُمْ وَلا أمَانِيِّ أهْلِ الكِتابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه}. 313.

181- أليس من الحرب ما هو أشد من حرب الحديد والنار، ما هو حرب العقائد وحرب المبادئ. 314.


تمت بعون الله وتوفيقه وتسديده في يوم الأربعاء، بتاريخ 1444/3/23، في طبرجل الغناء، في تمام الساعة الرابعة وثلث.


جمعها وانتقاها/

أ/ أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل العوفي.

الأحد، 16 أكتوبر 2022

قيد الخاطر - (منظومة في فوائد الذكر)

(قيد الخاطر). 
(منظومة في فوائد الذكر، مستلة من كتاب "الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب؛ لابن القيم رحمه الله"). 

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

ففي ظهر يوم الأحد بتاريخ ١٤٤٤/٣/٢٠، في طيبة الهدى والنور؛ قفز إلى ذهني بيتا شعر، ألا وهما:

أترجو أن تنال وأن تسرا * ولم تزرع بصدق القلب ذكرا؟! 
يرقيك المعاليَ في صفاء * ويمحو عنك ما حُملت وزرا 

فهرعت إلى كتاب (الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب؛ لابن القيم رحمه الله تعالى)، ووقفت هنالك على فصل، قال فيه بأن للذكر أكثر من مئة فائدة، وهو لم يذكر سوى اثنتين وسبعين فائدة تقريبا، فلخصت غالب ما ذكر، وبعض ما ذكر متداخل في بعض، وأنصح بكتابه هذا جدا، وكتابه الآخر: "الداء والدواء" و "الفوائد"؛ بل وجميع تراثه، وتراث شيخه - شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله الجميع -. 

وتراثه كاملا عندي، وقد أتيت عليه كاملا - وهو أربعة وثلاثون كتابا، وأربعة وستون مجلدا، واثنان وعشرون ألف صفحة تقريبا كما ذكر د علي العمران حفظه الرحيم الرحمن - ، ونقلت منه "شذرات" ستخرج في أقل من شهر - بحول الله وقوته -. 

أقول في منظومتي الوجيزة:

أترجو أن تنال وأن تسرا * ولم تزرع بصدق القلب ذكرا؟!
يرقيك المعاليَ في صفاء * ويمحو عنك ما حُملت وزرا
ويذهب عنك آلاما وبؤسا *
وشيطانا مريدا مكفهرا
وتقوى إن ذكرت على مراد * وتضعف إن رجعت مبعثَرا
ويجلب رزقك المحتوم حتى * تكون به رضيا مستقرا
ويكسوك المهابة في جمال * به زينت بين القوم طرا
به نلت المتابة في خشوع * وزدت مكانة ورفعت قدرا
ويفتح ما تناهى من علوم * ويحيي القلب حتى لا يغرا
ويمحو وحشة في الصدر لمت * وتأمن حسرة وكذاك حرا
وتحفهم تلك الملائك طهرت * للذاكرين فبادرن لا تفترا
وبه اللسان يصان عن غشيانه * لمحرم هلا رأيت الأيسرا؟! 
وبه عطاء لا يحد لربنا * فاق العطاء لسائليه وأكثرا
وبه الغراس بجنة قد طيبت * ومكرم يا عظم ذاك وأنهرا 
والقلب يقطع سيره لمنازل * بالذكر فافهم ما هنالك مبصرا
هذا وفيه كفاية في نظمها * درر تنال بها الحقيقة أوفرا 
 مستلة من "وابل" هو "صيب" * فاظفر به إن رمت فوزا أكبرا


بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طابة- الأحد- ١٤٤٤/٣/٢٠

الجمعة، 14 أكتوبر 2022

قيد الخاطر - من أكثر الأبيات التي أعجبتني (تأمل في الحياة ترى أمورا)

(قيد الخاطر) 
من أكثر الأبيات التي أعجبتني (تأمل في الحياة ترى أمورا). 


الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فهذه حلقة أخرى من سلسلة مقالات (قيد الخاطر)، انتقيت لكم بعض ما راق لي مما وقفت عليه من شعر، وهو يندرج تحت شعر (التأملات والحكمة)، وخلاصة هذه الأبيات هو في كون الصبر لا بد منه، وأن آلام الحياة ما زالت مقارنة للحياة، للحياة الدنيا طبعا، ولها من اسمها نصيب؛ فهي "دنيا"، أي: لا تستحق كل هذه الهموم والأحزان، لأن آلامها للإنسان كالحر والبرد، سرعان ما تزول، فمن صبر؛ ظفر، والصبر من عزائم الأمور - كما في النص القرآني : (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) -. 

والصبر من أخلاق الرجال، وما ظفر من ظفر إلا بالصبر، وهو من أركان الأخلاق، فمن عظم صبره؛ عظم خلقه، ومن قل صبره؛ كان أسرع شيء إلى ندامة، فلا يندم صابر، ولا يبطر شاكر، وهما الدين كله، فالدين نصفان، نصف صبر، ونصف شكر.

وقد ألف العقاد كتاب (التفكير فريضة إسلامية) نصح به أحد أستاذتنا في الشريعة - وفقه الله -. 

والتأمل مرادف للتفكير، وفي القرآن والسنة آيات وأحاديث كثيرة تدعو للنظر والتفكر والتبصر والتعقل؛ يجدها الواقف عليها. 

والفأل الحسن من حسن الظن بالله، وهو جدير بالمؤمن، وحري به حسن ظنه بربه في معاشه ومعاده، قال الله تعالى على لسان الكريم يعقوب بن الكريم إسحاق بن الكريم والخليل إبراهيم - عليهم وعلى نبينا صلوات ربي وتسليماته - : (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). 

ويجب - في هذا الزمان خاصة - نشر الفأل والتطمين، فإن العالم أضحى كالقرية الصغيرة، الكل مطلع على الكل - إن صحت العبارة -، الكل يشاهد الأخبار المفرحة والمحزنة، وبلا شك فإن للمتابع لهذه الأخبار تأثر نفساني وروحاني وعقلاني ووجداني وانفعالي وشعوري - على المدى القريب والبعيد -، فيتألم لما يرى من نكبات إخوانه المسلمين في الشام مثلا، أو اليمن، أو العراق، أو ليبيا، أو لبنان، أو فلسطين، أو أراكان...يتألم لما يحصل من حروب ونزاعات، وما يحدث من مجاعات... حتى تتلاشى روحه شيئا فشيئا، فيصلب أو يعطب! 

يقول الشاعر:

 تَأمّلْ في الحياةِ تَرى أموراً 
‏ستعجب إن بدا لك كيف كانت

‏فكم من كُربةٍ أبكت عيوناً 
‏فهوّنها الكريمُ لنا فهانتْ

‏وكم من حاجةٍ كانت سراباً
‏أراد الله لُقياها فحانت 

‏وكم ذُقنا المرارةَ من ظروفٍ
‏برغم قساوةِ الأيامِ لانت

‏هي الدنيا لنا فيها شؤونٌ
‏فإن زَيّنتها بالصبرِ زانت

انتقاء/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طيبة الهدى والنور - الدوداء - الجمعة- ١٤٤٤/٣/١٨

@Amhtr1414

من أكثر الأبيات التي أعجبتني (تأمل في الحياة ترى أمورا)

من أكثر الأبيات التي أعجبتني (تأمل في الحياة ترى أمورا). 


 تَأمّلْ في الحياةِ تَرى أموراً 
‏ستعجب إن بدا لك كيف كانت

‏فكم من كُربةٍ أبكت عيوناً 
‏فهوّنها الكريمُ لنا فهانتْ

‏وكم من حاجةٍ كانت سراباً
‏أراد الله لُقياها فحانت 

‏وكم ذُقنا المرارةَ من ظروفٍ
‏برغم قساوةِ الأيامِ لانت

‏هي الدنيا لنا فيها شؤونٌ
‏فإن زَيّنتها بالصبرِ زانت

انتقاء/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طيبة الهدى والنور - الدوداء - الجمعة- ١٤٤٤/٣/١٨

صلى الإله على الحبيب محمد

‏(صلى الإله على الحبيب محمد)

صلى الإله على الحبيب محمدِ * الطاهر المصدوق أكرم مهتدي
والآل طرا والصحاب جميعهم * والتابعين لهم بدون تشدد
وبدون تفريط يؤول للجة * تذر العباد رهين يوم أسود
فالخير كل الخير في وسطية * غراء تهدي للجنان ومقعد
والشر كل الشر في خلفية * تدع النصوص برأي عقل مفسد
تأوي إلى البدع التي هي حيلة * وشقاء إبليس الطريد المبعد
فتمسكوا بالهدي هدي محمد * فهو النجاة لنا بدون تردد
ذبوا عن السنن التي هي عزنا * وفخارنا بالحق رمز تفرد
وحذار أقزام التعالم والهوى * رسلا تضل عن السبيل الأرشد
وكباحهم في أمتي لمحتم * بقوى الحكومة والدليل الأجرد
لا عيش في كنف المعزة إخوتي * دون اتباع للنبي ومقصد
صلى الإله عليه ما بدر بدا * في العالمين وقائم بتشهد
والآل طرا والصحابة كلهم * صلوا عليه وسلموا بتجرد

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طيبة الهدى والنور - الدوداء - الجمعة- ١٤٤٤/٣/١٨

السبت، 8 أكتوبر 2022

شذرات من كتاب (البداية والنهاية؛ لابن كثير)

شذرات من كتاب (البداية والنهاية؛ لابن كثير). 

إِنِّي امْرُؤٌ لَيْسَ مِنْ شَأْنِي وَلَا أَرَبِي ... طَبْلٌ يَرِنُّ وَلَا نَايٌ وَلَا عُودُ

ولا اعتكاف على خمر ومخمرة ... وذات دل لها غنج وَتَفْنِيدُ

وَلَا أَبِيتُ بَطِينَ الْبَطْنِ مِنْ شِبَعٍ ... وَلِي رَفِيقٌ خَمِيصُ الْبَطْنِ مَجْهُودُ

وَلَا تَسَامَتْ بِيَ الدُّنْيَا إِلَى طَمَعٍ ... يَوْمًا وَلَا غَرَّنِي فِيهَا الْمَوَاعِيدُ

البداية والنهاية؛ لابن كثير رحمه الله تعالى.

 سَبَقَ الْقَضَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ كَائِنُ ... وَاللَّهُ يَا هَذَا لِرِزْقِكَ ضَامِنُ

تُعْنَى بما تكفى وتترك ما به ... تعنى كَأَنَّكَ لِلْحَوَادِثِ آمِنُ

أَوَ مَا تَرَى الدُّنْيَا وَمَصْرَعَ أَهْلِهَا ... فَاعْمَلْ لِيَوْمِ فِرَاقِهَا يَا خَائِنُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَا أَبًا لَكَ فِي الَّذِي ... أَصْبَحْتَ تَجْمَعُهُ لِغَيْرِكَ خَازِنُ

يَا عَامِرَ الدُّنْيَا أَتَعْمُرُ مَنْزِلًا ... لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَعَ الْمَنِيَّةِ سَاكِنُ

الْمَوْتُ شَيْءٌ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ ... حُقٌّ وَأَنْتَ بِذِكْرِهِ مُتَهَاوِنُ

إِنَّ الْمَنِيَّةَ لَا تُؤَامِرُ مَنْ أَتَتْ ... فِي نَفْسِهِ يَوْمًا وَلَا تَسْتَأْذِنُ

شعر/ سابق البربري- البداية والنهاية؛ لابن كثير رحمه الله تعالى.

 أَفِدْ طَبْعَكَ الْمَكْدُودَ بِالْجِدِّ رَاحَةً ... تَجُمَّ، وَعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَزْحِ

وَلَكِنْ إِذَا أَعْطَيْتَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ ... بِمِقْدَارِ مَا تُعْطِي الطَّعَامَ مِنَ الْمِلْحِ

البستي- البداية والنهاية؛ لابن كثير


 المرء رهن مَصَائِبٍ لَا تَنْقَضِي ... حَتَّى يُوَارَى جِسْمُهُ فِي رمسه

فمؤجل يلقى الردى في أهله ... ومعجل يلقى الأذى في نفسه

أبو فراس بن حمدان- البداية والنهاية؛ لابن كثير

 إلى الله أشكو إننا بمنازل ... تَحَكَّمُ فِي آسَادِهِنَّ كِلَابُ

فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالْحَيَاةُ مَرِيرَةٌ ... وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأَنَامُ غِضَابُ

وَلَيْتَ الْذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ ... وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْعَالَمِينَ خَرَابُ

أبو فراس بن حمدان- البداية والنهاية؛ لابن كثير

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - السبت- ١٤٤٤/٣/١٢

الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

أيها الدر النقي

(أيها الدر النقي) 

(أيها الدر النقي) * في لحظه أو منطقِ
لا تنسني من دعوة * في مغرب أو مشرق
واحفظ لقاء وصالنا * وعهودنا في موثق
في القلب نقش ولاية * بيضاء دون تزوق
فالعرب قالت قدما * في حكمة بتدفق 
الحر يحفظ وده * في لحظة بترفق
يزن المحبة شأنه * في البغض دون تعمق
فلقد تخيب ظنونه * ويعيش وهم تحقق!

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - الثلاثاء - ١٤٤٤/٣/٨

الاثنين، 3 أكتوبر 2022

تعقيب على لقاء المغامسي ونظره للأزهر والتراث

(تعقيب على لقاء المغامسي ونظره للأزهر والتراث)

بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

في يوم الأربعاء بتاريخ ١٤٤٤/٣/٢ تقريبا؛ ظهر صالح المغامسي في لقاء متلفز، خبط فيه خبط عشواء - في نظري القاصر على الأقل -، ولي بعض الملاحظات التي استوقفتني:

أولا: يلاحظ عليه انحرافه المنهجي والمسلكي والتربوي والدعوي والوعظي، فكما كان بالأمس لم يعرف إلا بتفسير القرآن الكريم - أو لنقل نقل التفسير للناس -؛ نرى اليوم كيف انجرف مع التيار، وساير الناس، وظهر بمظهر جديد غير مألوف، دخل في الإفتاء، وأفتى في مسائل شاذة، وأحدث بلبلة في صفوف المجتمع المسلم - مثل قوله بأن الغناء الوطني لا شيء فيه؛ لأنه لا يثير الشهوة، وأن المعازف لو كانت محرمة؛ لجاء النص فيها، وأن الذبيح هو إسحاق لا إسماعيل، عليهما السلام، وأن الرافضة والإسماعيلية في نجران مسلمون، إلى غير ذلك من الطوام - فخرج من التخصص - وهو اللغة العربية - إلى التفسير، ثم الإفتاء بشذوذ المسائل. نسأل الله لنا وله وللجميع الهداية والتوفيق.

ثانيا: صرح بأن أعظم جامعات الإسلام (الأزهر)، ويعزو ذلك إلى أمرين:

الأول: الحفاظ على رسم الأزهر وتأسيسه إلى أحمد الطيب رئيسه الحالي - وهو مبتدع أشعري ضال -، مع أن الأزهر دخله الفساد من أكثر من سبعة عقود - كما بين ذلك محدث المدينة وريحانتها عبدالمحسن العباد حفظه رب العباد في موقعه الرسمي -.

الثاني: إلى كون الأزهر يتقبل الأطراف والأفكار الأخرى والمخالفة!

ثالثا: ينتقد التراث الفقهي، ويعظم التراث الأدبي، يقول: (هناك تعظيم جدا جدا للتراث)، وضرب مثالا بمتن فقهي حنبلي - وهو (زاد المستقنع) - وقال: (يشرحه الشيخ ثم يموت، يأتي أبرز تلاميذه يشرحه، ثم يموت، وهكذا، المهمة المفترض أكبر من شرح الزاد!).

سبحان الله، هذه مبادئ الطلب ومناهج الدراسة والتخريج والتأصيل والتحصيل، ثم بعدها له الحق في النظر والفتيا، فابن سعدي كان يحفظ (دليل الطالب) وينصح تلاميذه بحفظ (زاد المستقنع)، وابن عثيمين أخذ بوصيته - رحم الله الجميع -، وكان السعدي هو السعدي، وابن عثيمين؛ هو ابن عثيمين، يرجح ما يعضده الدليل؛ لأن أصوله متينة، سلك طريق العلماء، ثم اختط له طريقا، يرجح خلاف المذهب أحيانا، يخالف شيخه أحيانا، فهي - إذن - خطة دراسة، ومنهج بحث، لا أكثر؛ أعني دراسة المتون والتخرج عليها.
يحفظها الطالب أو يدمن النظر فيها، ولا يتقيد بها في نهاية المطاف لما يكون قادرا على النظر والترجيح، وعلى ذلك سار فطاحلة العلماء، فمثلا: ابن قدامة - رحمه الله - ألف أربعة كتب بالترتيب التالي:

أولا: عمدة الفقه.
ثانيا: المقنع.
ثالثا: الكافي.
رابعا: المغني.

الأول مجرد من الأقوال. 
الثاني فيه قولان - مختصره زاد المستقنع، على قول واحد -.
الثالث: فيه ذكر عدة أقوال، في الخلاف النازل في المذهب. 
الرابع: فيه الخلاف العالي، خلاف المذاهب الأربعة وغيرهم.

فالشيخ - هداه الله - انتقد التراث الفقهي بهذه الصورة الساذجة، وعظم التراث الأدبي بقوله َ: (محال أن تكون شاعرا بدون حفظ الشعر والشعر القديم!).

ولمزيد اطلاع ومعرفة؛ أنصح - كثيرا - بالرجوع إلى (كتاب العلم؛ لابن عثيمين) و (حلية طالب العلم؛ للعلامة بكر أبو زيد مع شرح ابن عثيمين رحم الله الجميع) و (مدارج تفقه الحنبلي؛ لشيخنا أحمد بن ناصر القعيمي حفظه الرب العلي)، فالواقف عليها يعلم يقينا صواب أولئك فيما ذهبوا إليه، وخطأ المنتقد لذلك المنهج القويم. 

رابعا: صرح بأنه لا خلاف بينه وبين أحد، ولا يريد خلافا بينه وبين أحد، وأنه يجل (الإباضية) ويقدرهم - مع ضلالاتهم ومنها تكفير عثمان وعلي رضي الله عنهما -، وهذا خرق في باب (الولاء والبراء)، والسني متمسك بهذا الباب، والمبتدع همه جمع الناس على شخصه - ولو خرق هذا الباب وغيره -، نعوذ بالله من الخذلان. 

وهناك كتب في (السنة) و (أصول السنة) و (الشريعة)؛ تؤصل لأصول أهل السنة والجماعة، منها (السنة؛ لأحمد)، و (الشريعة؛ للآجري)، و (شرح اعتقاد أصول أهل السنة والجماعة؛ للالكائي)، وغيرها، فعلى السني الرجوع لها، والتمسك بها؛حتى يكون على بصيرة في دينه ودعوته. 

وختاما:

(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب). 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - الاثنين - ١٤٤٤/٣/٧

السبت، 1 أكتوبر 2022

قيد الخاطر (شذرات )

(قيد الخاطر) 
(شذرات) 

بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فاستكمالا لما سبق نشره - ضمن سلسلة مقالات (قيد الخاطر) -؛ فهذه نشرة أخرى متواضعة تحت عنوان (متفرقات)، كتبتها حسب ما يعن للخاطر المكدود، ويجول في الفكر دون صدود، وقيدتها - والعلم صيد والكتابة قيده * قيد صيودك بالحبال الواثقة * فمن الحماقة أن تصيد غزالة * وتتركها بين الورى طالقة -؛ رجاء نفعي لنفسي ولغيري ممن يقف عليها، ولا ينساني بدعائه في ظهر الغيب.
وهذا أوان البدء:

١- والله لن تحرروا مقدسات الإسلام، حتى تقدسوا مبادئ الإسلام، ولن تبلغوا غاية المرام، حتى تهجروا لذيذ المنام، ولن ترهبوا عدو الله وعدوكم بمثل تحقيق العبودية لله وحده في أنفسكم، واتباع رسولكم - عليه الصلاة والسلام -، ونبذ الفرقة والخصام، والصبر على الشدائد والآلام، وحفظ الجماعة بالسمع والطاعة بالمعروف للإمام - من علماء وأمراء وحكام -، والسلام.

٢- مؤمن - حق الإيمان - بأن الإيمان بالقوة - لا بسواه - ينتزع به الحق من الظالم ذي السطوة، وما يفل الحديد إلا الحديد، وما أخذ بالقوة؛ لا يسترد إلا بالقوة، فالعدة العدة، والقوة والقوة، على حد قول ذي العزة والقوة: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ولا منطق إلا منطق القوة، فالعالم لا يعترف بغير القوة - القوة عقيدة وعلما وعملا -.

٣- باختصار:
لتغادر ساح الأكدار :
انفض الغبار، عن الماضي والأغيار؛ لترى الحقيقة في وضح النهار، فلا تخدع بسراب، ولا يهولنك قرب صحاب، دون النوائب والمصاب، فعند المصيبة؛ تَمِيزُ النقيبة، وكن أنت كما أنت، واقبل من الناس ما صفى وكدر، فنحن بشر، وادرع بالصبر، ومن أنكر المعروف؛ فعبد غير حر.

٤- في عصر يموج بالتقلبات الفكرية الخطيرة المدمرة للإنسان - عقلا وروحا وإيمانا -؛ يجدر بالعاقل أمور، منها:

تحصين نفسه بالأوراد الشرعية، وأعظمها قراءة القرآن بالتدبر، وقراءة السنة والسيرة النبوية وسير الصالحين. 

وأرشح لذلك:

كتب ابن القيم - ومنها: الداء والدواء، وطريق الهجرتين - ، ورياض الصالحين، وتاريخ الأندلس؛ لعبدالرحمن الحَجي. 

٥- كان بالأمس مبادرا للصلاة في الجماعة، صواما قواما، تظهر عليه آثار السكينة والهيبة والوقار، وترى النور يشع في وجهه، معتزا بالإسلام والسنة، ثم ما لبث أن طرأ عليه الفساد في الظاهر بعدما طرأ عليه في الباطن، فأصبح وكأن لم يكن بالأمس هو هذا الذي أمامك! 
قوة الضغط الإعلامي والمجتمعي؛ له آثاره المدمرة في انقلاب الموازين، وتبديل الفطر، وتشويه الإنسان! 

٦- سقطت الأندلس بسقوط غرناطة عام ٨٩٧، وفتحت القسطنطينية قبلها بأربعين سنة - في عام ٨٥٧ -، لكن ما سقط الإسلام بسقوط الأندلس، وما سقطت النصرانية بفتح القسطنطينية، فالحق والباطل يتصارعان إلى أن يكون الظهور التام للحق وأهل الحق. 
وما سقوط الأندلس فجأة؛ بل هو نتاج انحراف عن سياسة الشريعة بالتخفف من تكاليف الدين في الكثير من الأمور، والمجاهرة بذلك، ففشت الفواحش، واستعانوا بأعدائهم على بعضهم. 
وما فتحت القسطنطينية بالأماني؛ بل بالتضحية والجهاد، ولن يعود سالف مجدنا إلا بتحكيم شريعة ربنا في كل تصرفاتنا. 

٧- استشهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - مسموما، واستشهد عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم -، لكن الإسلام بقي. 
انطوت الخلافة الراشدة، وانهارت دول الإسلام، لكن الإسلام بقي. 
المسلمون في الأندلس زهاء ثمانية قرون، ثم سقطت في أيدي خنازير الصليبيين، أقاموا محاكم التفتيش زهاء أربعة قرون، حاربوا الإنسان والبيان والقرآن، تفننوا في تعذيب النساء والشيوخ والولدان، أحرقوا مليون وخمسة آلاف مخطوطة، حولوا المساجد إلى كنائس، لكن الإسلام بقي يضيء أسراب الحنادس (والله متم نوره) حقا، ليس بالوساوس والهواجس. 

٨- نحن عرب، والقرآن "بلسان عربي مبين"، ولكل أمة لغة، ولغتها هُويتها، ولا هُوية لأمة لا تعتز بلغتها، وتفتخر بلغة عدوها، فعلينا العب من هذه اللغة الثرة، وتنشئة أولادنا عليها منذ الصغر، وأولى خطوات الإصلاح في ذلك:

تحفيظهم القرآن الكريم، ثم تعليمهم مبادئ اللغة والعلوم الأخرى، مع العناية بالسنة والسيرة النبوية وسير الصالحين. 

٩- عشت حقبة من عمري رأيت فيها لطف تدبير الخالق البديع، الحكيم الخبير، أبصرت فيها بعاطفتي، فكدت أعطب، حتى نجوت بتحكيم عقلي، والرجوع إلى الأصول المتينة للديانة، ومن ذلك:

تكشف بعض أسرار الابتلاء، فبسطوة أهل الشهوات والشبهات، وضعف الفئة المؤمنة؛ ينفث النفاق سمومه، ويخرج أضغانه، كما قال سبحانه في قرآنه: (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم). 

١٠- آمنت بقوة الإسلام في التغلغل في النفوس ومسارب الأرواح، وأيقنت بسلامة المنهج وصحة الطريق، وعلمت بأن أتباع الإسلام ليس بالضرورة يمثلون الإسلام في كل جوانبه بما يبلغ حد الكمال، وأن أهل الإسلام درجات ثلاث:
. الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات، وأن المنافقين ينبحون حال ضعف المؤمنين ويرجفون (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون). 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي. 
السبت- طبرجل - ١٤٤٤/٣/٥