الأربعاء، 28 أغسطس 2019

كن متميزا

(كن متميزا)

كن متميزا، خارجا عن المألوف، مختلفا عن الغير في طريقة تفكيرك ومنهجيتك في التعامل مع المواقف، ونظرتك لذاتك ولغيرك من المحيط والمجتمع الكبير، لا تكن قديما قدم الزمان، جدد، طور من قدراتك، كن منجزا لأعمالك، وثابا في تحقيق أهدافك، مقتصدا في كل ذلك، لا ترهق نفسك، ولا تحملها فوق طاقتها، ولكن مع ذلك؛ كن شيئا مذكورا، كن طموحا، كن رجل المستقبل المأمول، لا تكن عصريا ولا رجعيا، كن كما يريد الله، ورسول الله، محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم -، وكما يريد لك الصلحاء الشرفاء من أمته المرحومة المهدية المنصورة.

بمداد/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل الغناء- الأربعاء- ١٤٤٠/١٢/٢٧

الأحد، 25 أغسطس 2019

لولا السقوط ما كان هناك صعود

(لولا السقوط؛ ما كان هناك صعود)

لكل ذي همة وعزيمة رؤى وأفكار، يأبى أن يعيش أسير مجتمع صغير، أو فكر صغير، أو منهج صغير، أو هدف حقير، أو أن يعيش بلا غاية؛ كالأنعام؛ بل أضل من الأنعام، والأنعام أهدى منه سبيلا!

وإنني - بحمد الله وفضله وإحسانه وكرمه - أعيش لهدف، وأحيا لغاية، وأسير إلى شط الأمان، كل ذلك بلا نفاق ولا تزلف لأحد كائنا من كان، والله يشهد، والملائكة الكرام، والحفظة البررة يشهدون.

وفي يوم من أيام الله، في يوم الأحد، الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة من العام أربعين وأربع مئة وألف؛ وقع القدر المحتوم، وقضي الأمر في كتاب "لا يضل ربي ولا ينسى". طه.

وإنه ما من صعود؛ إلا ويعقبه سقوط، وما من ظهور؛ إلا ويعقبه أفول، وما تقلب الليل والنهار واختلافهما، وتعاقب الفصول الأربعة، ودوران السنين، ومسيرة الحضارة البشرية، وانصرام الأعمار، ودمار الديار، وفناء الأمصار، وغلبة الباطل في جهة أو حيز؛ فالباطل لا يغلب بالكلية والجمعية، والمداولة بين المتناقضات؛ إلا دلالة واضحة على حقارة الدنيا، وهو انها على الله، وما من مغتر بها؛ إلا سيندم فيها قبل الرحيل إلى السفر الأخير، ولات ساعة مندم، ولات حين مناص "ولا يظلم ربك أحدا". الكهف. "وتلك الأيام نداولها بين الناس". آل عمران.

تكشفت وجوه، وسقطت أقنعة، وبانت توجهات، وظهرت أفكار "فتن كقطع الليل المظلم", ولكني ما زلت في طريقي إلى الله، أنشد الراحة، وأطلب الرضا، وأستجدي السكون، وأبتغي الطمأنينة "في جنات وعيون". الذاريات.

وقد كنت تكلمت في هذا الصدد مع بعض الزملاء، سأظل عابدا لله ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
سأظل طالبا للعلم، ناشدا للمعرفة، عاكفا على كتاب الله - تلاوة وحفطا ومراجعة وتثبيتا وتفسيرا وتفقها وتجويدا -، وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إسنادا ومتنا، دراسة وتدقيقا، حفظا وفقها، رواية ودراية، وعلى كتب العقيدة والفقه والرقائق والوعظ والآداب واللغة بمختلف فنونها.
وقد أسست لذلك مكتبة متواضعة، ويوما ما؛ سأحقق الغاية الصغرى في الدنيا قبل الغاية الكبرى بإذن الرب المولى.
هذا، مع المواظبة على حضور حلقات أهل العلم؛ فلا اكتفاء ولا غنية لطالب العلم عن ثني ركبه في حلقاتهم تلك، والعلم رحم بين أهله، ولكن غالب الوقت هو في يد الطالب، وفي مكتبته، ويسأل إذا ما أشكل عليه أمر ما من يثق في دينه وزهده، وورعه وأمانته، وفكره ومنهجه، والله المعين.

حرره/

أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل الغناء-  الأحد، قبيل القيلولة ١٤٤٠/١٢/٢٤

السبت، 17 أغسطس 2019

معادلة بسيطة في حل المشاكل العريضة

(معادلة بسيطة في حل المشاكل العريضة)

رأيت البرتقالة؛ اعصرها؛ هل يخرج إلا عصير البرتقال؟!
رأيت التفاحة؛ اعصرها؛ هل يخرج غير عصير التفاح؟!
رأيت الليمون؛ اعصره؛ هل ترى يخرج برتقالا أم تفاحا؟ أم شيء آخر غيرهما؟!
إن هذه الفواكه كيفما عصرتها؛ خرجت كما هي؛ فكن كما أنت؛ لا تخرجك المواقف عما لا تكون فيه على حقيقتك؛ فتتبدل مع الوقت مشاعرك وأحاسيسك؛ بل حتى أفكارك وتصوراتك وتوجهاتك، حتى تتغير ذاتك؛ فتصير إنسانا آخر، وإن كان اسمك هو الوحيد الذي لم يتغير، حتى العمر؛ فتشيب قبل المشيب إن أرهقت نفسك وتفكيرك، وعطلت عقلك، أو لم تعمله في منجزاتك؛ لأن فلانا قال كذا، وفلانا قال كذا، وتصبح في دوامة لا مخرج لك منها إلا بالعودة إلى أن تكون "إنسانا طبيعيا"!
دع لهم الظنون السيئة، واعمل بصمت في جو كله ثقة وأمل، وعزيمة وإصرار لا يعرف الفشل؛ كن شيئا مذكورا، غير ما بنفسك، صحح نظرتك لنفسك والكون والحياة والناس ومن حولك، ونظرتك للدين والثقافة والفكر، حرك إيمانك، وزد يقينك، ولا تلتفت للمثبطين، وأدر ظهرك للمستهزئين، ولا تتأثر بأسلوب أناس لا يقدرون قيمة الكلمة، ولا يزنون مقدار الشعور، ولا يفكرون في إصلاح أنفسهم في خطابهم مع الغير؛ فإن لم يحسنوا؛ لم يعرضوا، أو يصمتوا؛ بل يجرحون، وينثرون من سقط الحديث، ورديء الكلام ما ينثرون، ولم يعتبروا؛ فاعتبرت أنا؛ فنثرت درر ما خطر لي بالبال من حسن المقال، وتجاربي في الحياة مع الرجال، وأنصاف الرجال؛ الذين صبوا جل اهتمامهم بالطعام والشراب وخلافه، ولم يعيروا الفكر والخطاب ما كان عليهم محتم وواجب أن يعيروا؛ فاللهم أحسن عاقبتنا، ولا تخزنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة، اللهم آمين يارب العالمين.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
المدينة- الدوداء- المكيسر
الأحد- ١٤٤٠/١٢/١٧

الأحد، 4 أغسطس 2019

من مشاكل العصر: عدم التفرد والاستقلال في الأفكار والتصورات والتوجهات

(من مشاكل العصر: عدم التفرد والاستقلال في الأفكار والتصورات والتوجهات)

دع الحياة تسير في مجراها، لا ترهق نفسك بهموم الماضي والمستقبل، كن منشغلا في خاصة نفسك، بإصلاحها وتهذيبها وتزكيتها، ثم ليكن سعيك نحو نفع الآخرين، والأقربون أولى بالمعروف، ولا تدخر وسعا في البذل والعطاء والإنفاق بسخاء على قدر طاقتك، وفي حدود ما آتاك ربك من مال وصحة وفكر، وإياك ثم إياك أرباب التخذيل والتثبيط والتبطئة (وإن منكم لمن ليبطئن). النساء.
لتكن نظرتك لنفسك والحياة والكون والآخرين متزنة، حاول قدر المستطاع في الإحسان والمعروف للناس جميعا، لتكن نظرتك لما بعد الحياة والصحة، والمنصب والجاه والسلطة، ثم لتكن بانيا لا هادما، محسنا لا مسيئا، مخلصا لا مخلطا أو مشركا، واستخر واستشر، وجد وصابر وثابر، وجاهد نفسك والهوى والشيطان، وأعوان الشيطان من الإنس والجان، وامض قدما في تحقيق أهدافك، وثق بالله العظيم (وتوكل على الحي الذي لا يموت). الإسراء. ثم لا يضيرك بعدها ما حدث؛ بل تستلهم العظات والعبر والدروس (وما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم). التوبة.
وإذا علم الله منك الصدق؛ بارك لك في نفسك وأهلك ومالك وولدك، والآيات قائمة، والشواهد واقعة:
أنفق ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا!
وفي الحديث النبوي الشريف: (اللهم أعطِ منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا).
وأخرى ثمينة، أقولها لي ولك:
لا تتأثر بمحيطك ومجتمعك، جاهد نفسك على التفرد والاستقلال، وبناء الأفكار والتصورات والتوجهات في خطها الصحيح، دون أن تكون متأثرا بالآخرين تأثيرا سلبيا!
اثبت على مبادئك، ولا تسمح لأحد كائنا من كان أن يخلخل توازنك، أو يخرجك عن مسارك الصحيح، أو يلبس عليك أمرك، أو يزيغ بصرك ونظرك قيد أنملة عن مبادئك السامية، وتصوراتك الصحيحة، وما أكثر الناجحين الذين جرفهم سيل تصورات الآخرين وأفكارهم وتوجهاتهم إلى مستنقع الفشل والهزيمة!
إنهم يثقون بالآخرين دون أنفسهم، يسمعون كلامهم على أنه مسلمات!
تنهزم قواهم المعنوية في نزال تصورات الآخرين وأفكارهم وتوجهاتهم!
(إن هذا لهو البلاء المبين). الصافات.
ويقول الفاروق رضي الله عنه: (عجبت لجلد الفاجر، وعجز الثقة!).
وأنا أقول:
ما أكثر عجائب أهل عصرنا، ومنها:
تسليم البعض عقولهم للآخرين، ولا يثق بقدراته؛ بل لا يسعى ولا يكد ولا يجد، قد ملئ خورا وضعفا، وما هو بالعاجز، وما أكثر وسائل نجاحه، ولكنه سمح لنفسه أن ينفذ الآخرون عليه من منافذ شتى؛ فاستسلم وانقاد، تأخر وما تقدم، خار عزمه، وقل فهمه، ولبس عليه في علمه؛ فخرج صفر اليدين؛ لا دين ولا دنيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم أمدنا بالأفهام، ولا تخزنا بين الأنام، وكن لنا حافظا ووكيلا؛ فإنك نعم المولى ونعم النصير.

حرره/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
الدوداء- حارة المكيسر- الأحد ١٤٤٠/١٢/٣