الأحد، 4 أغسطس 2019

من مشاكل العصر: عدم التفرد والاستقلال في الأفكار والتصورات والتوجهات

(من مشاكل العصر: عدم التفرد والاستقلال في الأفكار والتصورات والتوجهات)

دع الحياة تسير في مجراها، لا ترهق نفسك بهموم الماضي والمستقبل، كن منشغلا في خاصة نفسك، بإصلاحها وتهذيبها وتزكيتها، ثم ليكن سعيك نحو نفع الآخرين، والأقربون أولى بالمعروف، ولا تدخر وسعا في البذل والعطاء والإنفاق بسخاء على قدر طاقتك، وفي حدود ما آتاك ربك من مال وصحة وفكر، وإياك ثم إياك أرباب التخذيل والتثبيط والتبطئة (وإن منكم لمن ليبطئن). النساء.
لتكن نظرتك لنفسك والحياة والكون والآخرين متزنة، حاول قدر المستطاع في الإحسان والمعروف للناس جميعا، لتكن نظرتك لما بعد الحياة والصحة، والمنصب والجاه والسلطة، ثم لتكن بانيا لا هادما، محسنا لا مسيئا، مخلصا لا مخلطا أو مشركا، واستخر واستشر، وجد وصابر وثابر، وجاهد نفسك والهوى والشيطان، وأعوان الشيطان من الإنس والجان، وامض قدما في تحقيق أهدافك، وثق بالله العظيم (وتوكل على الحي الذي لا يموت). الإسراء. ثم لا يضيرك بعدها ما حدث؛ بل تستلهم العظات والعبر والدروس (وما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم). التوبة.
وإذا علم الله منك الصدق؛ بارك لك في نفسك وأهلك ومالك وولدك، والآيات قائمة، والشواهد واقعة:
أنفق ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا!
وفي الحديث النبوي الشريف: (اللهم أعطِ منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا).
وأخرى ثمينة، أقولها لي ولك:
لا تتأثر بمحيطك ومجتمعك، جاهد نفسك على التفرد والاستقلال، وبناء الأفكار والتصورات والتوجهات في خطها الصحيح، دون أن تكون متأثرا بالآخرين تأثيرا سلبيا!
اثبت على مبادئك، ولا تسمح لأحد كائنا من كان أن يخلخل توازنك، أو يخرجك عن مسارك الصحيح، أو يلبس عليك أمرك، أو يزيغ بصرك ونظرك قيد أنملة عن مبادئك السامية، وتصوراتك الصحيحة، وما أكثر الناجحين الذين جرفهم سيل تصورات الآخرين وأفكارهم وتوجهاتهم إلى مستنقع الفشل والهزيمة!
إنهم يثقون بالآخرين دون أنفسهم، يسمعون كلامهم على أنه مسلمات!
تنهزم قواهم المعنوية في نزال تصورات الآخرين وأفكارهم وتوجهاتهم!
(إن هذا لهو البلاء المبين). الصافات.
ويقول الفاروق رضي الله عنه: (عجبت لجلد الفاجر، وعجز الثقة!).
وأنا أقول:
ما أكثر عجائب أهل عصرنا، ومنها:
تسليم البعض عقولهم للآخرين، ولا يثق بقدراته؛ بل لا يسعى ولا يكد ولا يجد، قد ملئ خورا وضعفا، وما هو بالعاجز، وما أكثر وسائل نجاحه، ولكنه سمح لنفسه أن ينفذ الآخرون عليه من منافذ شتى؛ فاستسلم وانقاد، تأخر وما تقدم، خار عزمه، وقل فهمه، ولبس عليه في علمه؛ فخرج صفر اليدين؛ لا دين ولا دنيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم أمدنا بالأفهام، ولا تخزنا بين الأنام، وكن لنا حافظا ووكيلا؛ فإنك نعم المولى ونعم النصير.

حرره/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
الدوداء- حارة المكيسر- الأحد ١٤٤٠/١٢/٣

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق