مما صار معي وتكرر - وهو في الحقيقة ليس من المروءة ولا من أخلاق العربي الأصيل، والمؤمن النبيل -: أن تكون مسترسلا في حديث مع أحدهم، ثم لا يقبل عليك أثناء حديثك معه، وأنت تقرأ آية كريمة يستمر الحديث لا الإنصات، وهذا فوق ذلك يعتبر قلة أدب، وليس من الأناقة والتهذيب في شيء، بل المؤمن العاقل الحصيف لا يرضى أن يصنع ذلك مع أحد، كما لا يقبل أن يتعامل معه الآخر بهذا السلوك الغبي المرذول، فليتفطن المؤمن اللبيب، العاقل الأريب أن يقع في شَرَك الأخلاق الساقطة أو السافلة دون أن يشعر، فالتطبع يغلب الطبع، والطباع سَرَّاقة، سواء في العقائد أو الأفكار، أو الأخلاق أو الآداب، أو المناهج أو السلوك بوصف عام.
والذي أتوقعه أن هذا هو الغالب على كثير من الناس، كثرة المقاطعة، وعدم الإقبال على المتكلم، والاستئثار بالحديث، وكثرة البربرة والثرثرة، والدندنة في أمور الدنيا على وجه الدوام، وأبغض الرجال من يكثر الحديث عن أمور الدنيا خاصة ما يتعلق بالبطون والفروج، فالرجل الرجل حقا من يجنب المجالس الكلام الساقط السافل، بل هذا من أخلاق النبوة، لكن كيف العلاج يكون إذا كان الآخر لا يتثقف ولا يقرأ ولا يتعلم؟! هذا ما لا يكون أبدا، ولو لم يكن من العلم إلا السمو بالإنسان عقلا وروحا وفكرا، لكفى به، لكن الجهل به عظيم في ذا الزمان المبتلى بالأنصاف - أنصاف الرجال، وأنصاف المتعلمين، أي الجهل المركب، لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
آسف على الإطالة، ونحن في عيد، ولكن ماذا أصنع بغير الكتابة والتنفيس عن طريق بث الأفكار وما يعتلج في النفوس من خواطر عن طريقها، إنها الفاتنة الآسرة، الساحرة المهذبة للإنسانية، فأين المتعطشون؟ أين المقبلون على العلم والكتاب والكتابة؟ أين المستشرفون على التشرف بحمل أعباء العلم والثقافة والمعرفة ليرتقوا بنفوسهم وإيمانهم وعقولهم وإنسانيتهم؟ إن العلم سبيل ممهد للإنسانية وكل المعاني الجميلة، وإن الكتاب دستور العلم الخالد، وابن العالم الماجد، فمتى، متى يا أمتي، يا شباب أمتي نعود لسبيل الشرف والمجد، والقوة والسؤدد؟!
وكتب/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
طبرجل- الجمعة- ١٤٤٦/١٢/١٠.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق