الأحد، 6 فبراير 2022

الإصلاح الحقيقي وأمثال السوء

(الإصلاح الحقيقي وأمثال السوء)

بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

رأيت ولم يحتمل قلبي، فنفثت هذه الكليمات، أقول:

كل من يتدخل في بلد غير بلده، ويجتر بلسانه - كما تجتر البقرة - في أعراض قامات ذلك البلد ومؤسسيه والعاملين فيه، الخادمين لرعيتهم، ويخوض في مسائل ليست موكولة إليه، ولا يزيد الحديث فيها إلا شرا وشررا، وهو أشر من تخبيب الزوجة على زوجها، وقد لعن سيدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - من فعل ذلك، فهو ملعون بلا ريب، وفي رقبته دماء المسلمين وأعراضهم، ورحم الله من نجا من هذه الورطة التي لا عاصم منها "إلا من رحم".

فيا أخي الموحد السني السلفي:

مهما رأت عيناك ما يدور في بلدك، أو في غير بلدك من منكرات لا يرتضيها الشرع، وتأباها الغيرة العربية في الجاهلية الأولى قبل الغيرة الإسلامية، ومهما رأيت من السلطان كذلك؛ فأنكر بقلبك، وإذا استطعت مناصحته سرا؛ فأقدم ولا تحجم، لكن حذار حذار، لا تكن معول هدم لصرح وطنك، وسيفا مسلطا على بني جلدتك، وخطة في نجاح مرسوم عدو دينك وأمتك ووطنك وعروبتك، وكم وقع في هذا الفخ كثير من الصالحين فضلا عن غيرهم من العوام وغير المحصنين بالعلم والإيمان والحكمة والتروي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

أمثال سوء :

وقد رأيت - كما رأى الكثير غيري - أمثال سوء، أنكروا جميل أوطانهم، وكفروا نعمة ربهم عليهم، فخرحوا على ولي أمرهم، وخلعوا البيعة التي كانت له عليهم في رقابهم، ويصدق فيهم قول الشاعر :

أعلمه الرماية كل يوم * فلما استد ساعده رماني 
وكم علمته نظم القوافي * فلما قال قافية هجاني

وهي منسوبة لمعن بن أوس، والمشهور اشتد، لكن ما ذكره الحريري وابن منظور والفراهيدي في كتابه (العين) أن الأصوب هو بالسين، وهو من السداد والاستقامة. 

وأصدق منه قول رب العزة والجلال : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار). 

ومن أمثال السوء هؤلاء :

المدعو بسام جرار، وإذا يسر الله؛ كتبت بعض ما نفث من سموم وحقد تجاه بلاد الحرمين الشريفين، المملكة العربية السعودية، علماء وأمراء وحكام، في كلمات تحريضية للشعب للخروج، وإسقاط لهيبة الحكم والعلماء في البلد، ووالله ما هذه طريقة سيدي أبي القاسم - صلوات ربي وسلامه وبركاته عليه - ولا طريقة السلف، ولا هي من الحكمة في شيء أبدا، متميزون فقط في التحريض، وهم آمنون في عيشهم، حتى إذا تسنى لهم الحكم؛ حكموا! 

ومن أمثال السوء هؤلاء - لا كثرهم الله - :

المدعو سعد الفقيه، ومحمد المسعري، ومعلوم خطرهما وشرهما، وهما قابعان في لندن، ومن جملة مآخذهم على المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمة الله تعالى عليه - تعاونه مع بريطانيا، وهما ينعمان الآن في ظل حكومة بريطانيا! 

وقد رد عليهم الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأعقب له في ذريته خيرا كثيرا -، وحذر من نشراتهم قديما. 

الخلاصة:

نحن في زمن السنين الخداعات، وأكثر الناس عقولهم "أحلام العصافير" و "فراش نار" و "مع كل صيحة"، يتهافتون للوقوع في الفتنة، والاستشراف لها، ومن استشرف للفتنة؛ وقع في الفتنة، واكتوى بنارها، ولحقه عارها. 

وكان بعض السلف إماما عالما، لكنه لما بدر منه الإسراع في الفتنة؛ وقع من عين كثير من الناس أو العلماء، ولم يرتفع. 

الدماء والأعراض والوطن خط أحمر، والدين بناء بحكمة، وليس مواجهة الفساد بالفساد. 

معالجة المنكرات ووسائل الإصلاح في المجتمعات لا تتأتى بطرق ملتوية، وأدوات مزعزعة للاستقرار؛ بل نحن مأمورون بتقوى الله في نفوسنا أولا، ثم الأقرب فالأقرب، الأولاد والزوجة والوالدان، وهكذا. 

ويجب معرفة الطريقة الأسلم والمنهج الأقوم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراتب الأمر والنهي، والمصالح والمفاسد، ومراعاة المقاصد الشرعية، وحفظ الآداب المرعية. 

إن المقام يطول في استقصاء جوانب هذا الموضوع الخطير، وإنني أرى وجوب تكثيف هذه المفاهيم ونشرها في وسائل الإعلام وفي العامة؛ فلا خير في إصلاح يعقب فسادا أكثر من الفساد الأول، وما هذا بإصلاح، ومن تأمل قصص الأنبياء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وقرأ التاريخ، وأبصر الواقع؛ انجلى عنه كثير من الغبش، وزالت عنه كثير من الحيرة، وكان من الذين قال الله فيهم : (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) وقوله: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم) الآيات، وأيضا: (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب). 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

وكتب/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي. 
طبرجل - الأحد - ١٤٤٣/٧/٥


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق