الجمعة، 29 مارس 2019

الاستقرار في طبرجل

(الاستقرار في طبرجل)

الحمدلله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلا ريب أن لكل أحد هموما يعيشها ويحياها؛ فواحد همومه منصبة في تحصيل المال واكتسابه واكتنازه، وآخر همومه في أن يصبح يوما ما كأحد القدوات التي يراها أكثر شهرة أو جمالا أو مالا، أو منصبا أو جاها، أو تأليفا لكتب أو كتابة في صحف أو مجلات، أو ظهورا إعلاميا في شاشات التلفزة، أو على محطات الإذاعات، إلى غير ذلك من هموم الناس كما ترون...
وإنني لما باشرت أول سنة لي في التعليم الحكومي في طبرجل - كمعلم لمواد التربية الإسلامية - في عام ١٤٤٠؛ كنت مترددا في المكوث فيها؛ للدعوة إلى الله تعالى، ونشر العلم الشرعي، المؤصل من الكتاب والسنة، وعلى منهاج خير سلف الأمة - خاصة وأن أحد المشايخ بالمدينة المصطفوية، نصحني بالبقاء هنا، وهو الشيخ الفاضل/ د. فهد بن ضيف الله العمري؛ حفظه الله ورعاه، وأعقب له في ذريته خيرا -.
وإنني اليوم/ الجمعة بتاريخ ١٤٤٠/٧/٢٢؛ قد عزمت المكوث هنا في طبرجل، والاستقرار فيها؛ لأفسر أعظم كتاب لم يقم المسلمون بحقه، ألا وهو القرءان الكريم، صوتا وصورة - بإذن الحي القيوم -، لمدة عشرين سنة؛ حيث سأتقاعد بعدها - على غالب ظني -؛ لأتفرغ أكثر لنفسي، وأسرتي، والمجتمع؛ نشرا للخير والفضيلة، وردعا للشر والرذيلة، وتأليفا للكتب، وجمعا للخاطر والفكر؛ فماذا بقي من الدنيا لأكمل عملي الوظيفي الأكاديمي المحدد بزمن دخول وزمن انصراف؟!!!
وفي الإجازات الصيفية وبين الفصلين أكون في طيبة الطيبة دار الهجرة والنصرة، مقر إقامتي الأصلية التي ولدت فيها بتاريخ ١٤١٤/٨/٧.
اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصل اللهم وسلم على عبدك ومصطفاك، ونبيك ومجتباك، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأبرار، والتابعين لهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الجمعة- في الطائرة بين حائل والقريات ١٤٤٠/٧/٢٢

سلام من طبرجل

(سلام من طبرجل)

سلام من (طبرجل) فاح بالريحانِ
وبه شدا طير الحمام مرددا ألحاني
صوب الأحبة من ديار محمد
صلى عليه الله ذو الإحسان
وملائك الخير الكرام أولي التقى
والمؤمنون بربهم في السر والإعلان
سلام من مُسَلَمَ ذاب شوقا
في لقاكم هائم بتفاني
هو للهموم مصاحب ومراغم
كيد الحسود وعصبة الشيطان
يرجو الهداية في رحاب قُرانه
فالفضل كل الفضل في القرآن
هو للنفوس شفاء كل مريضة
ودواء كل مكبل حيران
لكنني رغم الفراق مصابر
ومرابط في الثغر بالإحسان
فلقد عزمت إقامة أرجو بها
درك الجنان بمنة الرحمن
فيها أفسر ما تيسر قوله
من قول ربي فاطر الإنسان
فبه لنرجو نصرنا وعلونا
والعز والشرف الرفيع الباني
وبه نمكنُ في الوجود كرامة
ويذل ربي عابد الصلبان
ونفاقَ كل منافق متذبذب
هو للرذيلة ناشر البطلان
قزم حقير سافل متفيهق
متشدق في القول بالنكران
فلقد أتوا بالكفر في إعلامهم
من زعمهم في الدين بالنقصان
وأتى مخرفُ آخرٌ يدعو إلى
تعطيل شرع الله بالسلطان
ورأيت آخر خابطا في غيه
يدعو الفتى لتعرض النسوان!
ظنوا بدين محمد...أنى لهم؟!
والله ناصره بكل زمان
فليخسؤوا زمر النفاق بذلة
وليبشروا بالضعف والتيهان
ولنصبرن يا قومنا فلديننا
عز الذليل وأكمل الأديان

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
طبرجل- الخميس ١٤٤٠/٧/٢١

الخميس، 28 مارس 2019

فتن تموج

(فتن تموج)

فتن تموج وليلها متلاطمُ
والمسلمون تضرع وتراحم
يتسابقون لنشر كل فضيلة
والشر مدفوع وربك عاصم
الله أكبر صيحة مسموعة
للحق لا تخبو وربك راجم
فالله أقسم صادقا في قوله
"ولينصرن الله"... وعد جازم
فتمسكوا بالحق من قرآنه
والسنة الغراء...نهج سالم
ولتصدعوا بالحق من إسلامنا
ولتصبروا فالصبر حل حاسم
لا تيأسوا لا تحزنوا يا قومنا
فاليأس كفر والمصابر غانم
ولتعلموا أن الإله معجل
بالنصر إن جار الكفور الآثم
هذا ووعد الصدق في قرآننا
أن المهيمن للعنيد لقاصم
ولقد رأيت مصائبا في قومنا
قتل وتهجير وظلم جاثم
فالشام يا للشام تصرخ من لها
يا رب غيرك إن تمادى ظالم؟!!
والهتك في يمن السعادة مشرع
للعرض يا ربي...وبغي قائم
فالطف إله الحق لا لا تخزنا
فلأنت حقا بالبرية راحم

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الجمعة ١٤٤٠/٧/٨- طبرجل

بمناسبة/
تعرض جامع النور في نيوزيلندا لهجوم إرهابي من متطرف أسترالي؛ أودى بحياة تسعة وأربعين، وإصابة ما يربو على الثلاثين، وقد ندد الكثيرون - من دول وأفراد ومؤسسات - بهذا العمل الإجرامي الآثم؛ ألا لعنة الله على الظالمين
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون*هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). الصف.

الثلاثاء، 19 مارس 2019

تقوى الإله

كثيرا ما كنت أسمع ما يؤذي مسمعي، ويدمي فؤادي؛ من جاهل مكانة الكلمة في القلوب، وأثرها فيما تترك من ندوب، أو عالم بكل ذلك، ولكنه الجهل بالجهل؛ أعني أنه يجهل جهله؛ فلذلك يطلق لنفسه العنان، ولا يلجمها بتقوى الرحيم الرحمن، ويزينها بالحلم والتروي والأناة؛ فكانت هذه الأبيات المتواضعة، التي كتبتها على عجالة من أمري، وتشتت في فكري؛ حيث غربتي عن أهلي، وبعدي عن أحبتي وداري؛ فاللهم جملنا بالستر، وزينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة للخلق إلى الحق، يا إله الحق، يا أرحم الراحمين.
والحق أن السبب المباشر في كتابتي لها موقف وقع من أحد الطلاب تجاهي؛ حيث رمى علي كلمة نابية، ولا يمنع ذلك من تراكمات جرت علي؛ فولدت من رحم تلك المواقف مجتمعة هذه القصيدة، التي أقول فيها:
ولقد سمعت من الجهول مقالة * تدمي الفؤاد بجهله المتمادي
يا أيها الرجل المصغر قدره * بالسب إني حافل بودادي
لا أحملن في الصدر أي ضغينة * الله يشهد عالم بفؤادي
إني محب هائم في حب من * نطق الشهادة حاملا للزاد أعني التقى في قوله: "وتزودوا" * تقوى الإله تدر بالإسعاد
سعد القلوب بذكره في خلوة * طوبى لعبد سامع منقاد
حفظ الحدود معظما حرماته * سمح الخليقة مكرم في النادي
لا ينطقن بجهالة في غضبة * حفظ اللسان بحضرة الأشهاد
ليس الحسود هو التقي لربه * نعم التقى للفرد والأعداد
تقوى الإله تقي مصارع سوأة * تهب العباد منازل الأسعاد
تقوى الإله بها الصعود إلى العلا * تجني الثمار بها بغير كساد
تقوى الإله بها تنزل نصرنا * والدحر للأعداء والحساد
تقوى الإله بها صلاح قلوبنا * من غفلة وتمرد ورقاد
تقوى الإله بها العلوم تدفقت * في القلب فيضا من لدن إمدادي
فليسعد الأبرار لا لا ييأسوا * فالبر لا يبلى وربك هادي

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
طبرجل- الأحد ١٤٤٠/٥/٢٨

الاثنين، 18 مارس 2019

حادث إرهابي جامع النور في نيوزيلندا...عظات وعبر

(حادث إرهابي جامع النور في نيوزيلندا...عظات وعبر)

الحمدلله، وصلى الله وسلم على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فوجئ الجميع على حادثة إرهابية مأساوية، وذلك في يوم الجمعة بتاريخ ١٤٤٠/٧/٨، في جامع النور في نيوزيلندا؛ حيث دخل الجامع مجرم سفاك، إرهابي نصراني صليبي - يأكل الحقد قلبه -؛ ففرغ رصاصات الحقد على الركع السجود، الخاشعين القانتين، المصلين المسلمين المسالمين؛ قتل كل مسلم بريء أمامه - من صغير وكبير، رجل أو امرأة -؛ الكل أفرغ عليهم رصاصات الحقد الصليبي لديه، وكان يبث تلك الجريمة الآثمة الإرهابية الظالمة الكافرة على الهواء مباشرة بكاميرا جعلها فوق رشاش الظلم والبغي والطغيان!
وقد رأى الجميع كيف أنه - أول ما دخل الجامع -؛ خرج رجل أفغاني سبعيني مسلم وقور؛ فحياه: أهلا بك أخي؛ فما كان من الكفور الآثم البغي الحقود إلا أن بادره بطلق رصاصات الحقد عليه؛ فأرداه قتيلا - شهيدا بإذن الحي القيوم -!
وقد كتب على رشاش الحقد والظلم والبغي والعدوان ما يلي:
اسكندر بك (القائد الألباني المتمرد ضد الدولة العثمانية)
ضد اللاجئين.
شارل مارتيل (قائد جيش الفرنكيين، الذي انتصر على المسلمين في معركة بلاط الشهداء).
أهلا بكم في جهنم.
ماركو أنطونيو براغادينو (القائد الفينيسي، الذي خالف الاتفاقية في فاماغوستا، وقتل الأسرى الأتراك).
ألكسندر بيسونت (قتل ستة أشخاص بهجوم على مسجد في كندا في عام ٢٠١٧).
أنطون لوندين (قتل طفلين مهاجرين في السويد).
وقد ندد الكثيرون - من دول وأفراد ومؤسسات - بهذا العمل الإجرامي الإرهابي الصليبي الحاقد الأثيم الكفور، وعلى رأس ذلك رئيسة نيوزيلندا، والذي لبست الحجاب، وألقت الخطاب الرافض لمثل هذه الأعمال التي لا تمت للإنسانية بصلة؛ بل هي أعمال إرهابية إجرامية وحشية.
ولنا مع هذا الحدث الأليم، والمصاب الجلل عدة وقفات:
أولا: نحن مسلمون، نؤمن بقضاء الله وقدره؛ فما شاء؛ كان، وما لم يشأ؛ لم يكن (إنا كل شيء خلقناه بقدر). القمر.
فلا نجزع ولا نتسخط؛ بل نشكر الله ونحمده على هذه المصيبة، ولا نقول إلا ما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها يا رب العالمين، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، اللهم تقبلهم شهداء عندك في حضرة الفردوس، وجنات النعيم، يا كريم يا منان يا رحيم.
ثانيا: هذا مصداق قول رب العزة والجلال: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم...). البقرة.
هذا قول الباري - جل وتقدس - في كتابه المبين، ينفي نفيا قاطعا رضاهم عنا - نحن المسلمين - حتى نتبع ملتهم؛ فنكون يهودا أو نصرانيين، أو بوذيين، أو رافضة مشركين، الأهم إخراجنا من ديننا - دين العز والشرف والطهر والنقاء والكرامة والنصر والتمكين -؛ فهم لن يرضوا عنا بتنازلاتنا عن مبادئنا وأخلاقنا وقيمنا دون إلغاء الإسلام، وإلغاء محبة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الأجلاء - الصديق أبو بكر، والفاروق عمر، وذو النورين عثمان، وأبو التراب أبو السبطين أبو الحسنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه جميعا -، وابن الوليد - سيف الله المسلول خالد -، وحمزة بن عبدالمطلب - سيد الشهداء -، رضي الله عنهم أجمعين.
لا يريدون إسلام محمد - صلوات الله وسلامه عليه -، ولا إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وخالد وحمزة، والقعقاع، وصلاح الدين الأيوبي، وعمر المختار - رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين -؛ يريدون إسلاما حسب أمزجتهم وأهوائهم ورغباتهم وشهواتهم؛ حتى لا يكون هناك إسلام ألبتة!
فوالله وتالله وبالله، لو أخرجنا نساءنا في الشوارع والطرقات، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، متبرجات مسفرات متعطرات مترجلات، وفتحنا البنوك والمصارف الربوية، وأظهرنا الزنا والربا والخنا والفجور، وشرّعنا السفور؛ فإنهم لن يرضوا عنا حتى نكون بلا إسلام، بلا محمد، بلا صحابة، بلا تاريخ، بلا هوية، بلا اعتزاز وشموخ وإباء!!!
لأنهم يعلمون - جيدا - أن المسلمين في عزة ونصر وتمكين وشموخ وإباء ما داموا على إسلام محمد، ما داموا قارئين لتاريخ أجدادهم وأسلافهم، منتمين لهم، مقتفين آثارهم، ذابين عنهم، وبدون ذلك هم في شقاء وضيق وهزيمة وفشل وضعف وتخلف!
وصدق ربي وربكم حين قال - وقوله الحق -: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يفقهون). المنافقون.
وقال: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). محمد.
وقال: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم...). فاطر.
فالله - جل جلاله - غني عن طاعاتنا وعبادتنا له - جل وعلا -.
غني عن ركعاتنا وسجداتنا، عن نصرنا له - سبحانه وبحمده -، ولكن يريد لنا ما فيه صلاحنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد* إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز). فاطر.
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). آل عمران.
فالصبر والرضا واليقين بنصر الله؛ هو من أسباب تثبيت قلوب أهل الإيمان، وألا ييأسوا من روح الله وفرج الله ورحمة الله؛ فإنه - كما قال الله -: (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). يوسف.
وقال - جل وعلا -: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور). الحج.
وقال: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين* إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين* وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين* أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين* ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون* وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين* وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وكذلك نجزي الشاكرين* وكإين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين* وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين* فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين). آل عمران.
وقال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين* الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم* الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم* إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين). آل عمران.
وقال تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون* ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). البقرة.
وقال - عز وجل -: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون* إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين* وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). الأنبياء.
وقال - جل وعلا -: (وإن جندنا لهم الغالبون). الصافات.
وقال: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير). الحج.
وقال - جل وتقدس -: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور). الحج.
وقال سبحانه: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون* هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). الصف.
فملخص الآيات فيما يأتي:
أولا: وجوب الإيمان بالقضاء والقدر.
ثانيا: عدم رضا اليهود والنصارى والكفار جميعا عن المسلمين حتى يدعوا دينهم أبدا.
ثالثا: العزة والكرامة والصمود والنصر والتمكين لله ولرسوله وللمؤمنين.
رابعا: الله غني عن نصرتنا له، ولكنه - جل وعلا - يريد ما فيه صلاحنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة.
خامسا: الصبر والمصابرة والمرابطة والمجاهدة، وتقوى الله تعالى؛ من أسباب الفلاح في الدنيا والأخرى.
سادسا: اليأس من روح الله ورحمة الله وفرج الله ونصر الله؛ من صفات وسمات الكافرين.
سابعا: الصبر والمصابرة والمرابطة والمجاهدة والتقوى من صفات المؤمنين المفلحين.
ثامنا: من ينصر الله؛ يقيم صلاته، ويؤتي زكاته، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.
تاسعا: المداولة بين الحق والباطل، والتوحيد والتنديد، وحزب الله وأولياء الله، وحزب الشيطان وأولياء الشيطان؛ وأن العاقبة للمتقين.
عاشرا: من حكم وقوع مثل هذه المصائب: تمييز الصف الإسلامي وتصفيته؛ ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، والبر من الفاجر، واتخاذ الشهداء، وأن هذه سنة جارية على الخلق جميعا؛ ليتبين الصابر والمحتسب والمجاهد والشاكر من خلاف ذلك كله.
حادي عشر: كل نفس لن تموت حتى تستوفي رزقها وأجلها وعملها؛ فسددوا وقاربوا، والعبرة ليست بالموت، إنما بما يموت عليه المرء، وبما يختم له!
ثاني عشر: محبة الله للصابرين، وهدايته لهم.
ثالث عشر: كثرة الذنوب من أسباب هلاك الأمم والشعوب؛ فمن متطلبات النصر: تقليلها، ولا نقول رفعها؛ لأن الكمال منفي عن الجنس البشري.
رابع عشر: حياة الشهداء في سبيل الله عند الله حياة كاملة.
خامس عشر: رزق الله للشهداء، وإغداق الفضل عليهم، وإمدادهم بنعمه الوفيرة، وآلائه الغزيرة، وإحسانه المديد.
سادس عشر: الإحسان - بكل أنواعه -، وتقوى الله - سبحانه - من أسباب تحصيل الأجور العظيمة.
سابع عشر: المؤمن دائم التعلق بالله، والتوكل عليه، وحسن الظن به - جل في علاه -، وخصوصا في زمن المحن والكروب.
ثامن عشر: الله لا يخيب من صدق في اللجإ إليه؛ فهو عند حسن ظن عبده به.
تاسع عشر: التحذير من الخوف ممن هم دون الله تعالى.
عشرون: الأمر بجهاد أعداء الله الكافرين - بجميع أنواع الجهاد -؛ جهاد اللسان والكلمة، والنصح والبيان، وجهاد السنان والقوة، جهاد الدفع، وجهاد الطلب.
الحادي والعشرون: أن دين الإسلام دين الوسطية والسماحة والسلامة والرفق.
الثاني والعشرون: أمة الإسلام أمة واحدة، وهي شاهدة على الأمم بتبليغ الرسل لها، والرسول - صلى الله عليه وسلم - شاهد عليها بالقبول والطاعة والاستسلام والانقياد.
الثالث والعشرون: الاعتصام بالله؛ يولد النصر المبين.
الرابع والعشرون: أمة الإسلام أمة ولود، تمرض، لكن لا تموت!
الخامس والعشرون: الأعداء يسعون جاهدين لإطفاء نور الله بأفواههم وأقلامهم وإعلامهم القذر، وصحفهم ومجلاتهم - التي يبثون فيها سموم أفكارهم -، ومناصبهم وكراسيهم، وجاههم وسلطانهم، ولكن "والله متم نوره ولو كره الكافرون".
السادس والعشرون: دين الإسلام دين الهدى والحق، والرحمة والعدل، وهو ظاهر عزيز - مهما طال ليل الظالمين - "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز". المجادلة.

هذا ما تيسر جمعه وبيانه، وصلى الله وسلم، وبارك وزاد وأنعم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى الآل والصحب والتابعين، وتابعيهم بإحسان وصدق وإخلاص إلى يوم الدين.

بأنامل/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
طبرجل- الاثنين ١٤٤٠/٧/١١