(حدثني جدي)
حدثني جدي نافع بن تركي بن راجح بن عويمر بن ربيعان المطرفي الصاعدي العوفي الحربي قال:
كان فيما مضى؛ يقتل الرجل عنده بعيره وحماره، ويسلب وينهب ما معه من مال ومتاع، القوي يأكل الضعيف.
وقد حصل في ناحية من وادي ريم - يبعد عن المدينة ٦٠ كلم تقريبا جهة الغرب - يسمى "حضة" أن ضرب رجل على رأسه؛ فمات، وسلب بعيره، وكان مريضا، طريح الفراش؛ فأخذت امرأته صغير البعير - وهو القعود كما يسمى أو الحوار - حتى عطفت الناقة راجعة لصغيرها، هاربة من هؤلاء الحناشلة - جمع حنشل، وهو الحرامي -.
وحدثني جدي قائلا:
وكان الناس في فقر شديد، ومجاعة مهلكة، ومسكنة ومتربة؛ تمر عليهم أيام لا يجدون ما يملأ بطونهم، أو يسد رمقهم، أو يطفئ لهيب ضمئهم، أو يذهب نار الفقر والمسكنة والمتربة عنهم.
وكان غالب أكلهم وطعامهم وما عليه قوتهم ومعيشتهم الأسودان: التمر والماء.
وحدثني جدي أنهم أكلوا أوراق الشجر، وأكلوا الجراد بعد شويهم إياه، حتى أنه فيما قال: كانوا في فقر مدقع، وجوع مهلك، وظمأ شديد، ويوم عصيب؛ فرأوا طيورا أو غربانا في ناحية ملل - يبعد عن المدينة تقريبا جهة الغرب ما يقرب من ٤٠ كلم -؛ فعلموا أنها على شيء تطعمه؛ فذهبوا يهرعون؛ فوجدوا جيفة بعير أو شاة أو حمار أو كلب - أكرمكم الله -؛ قال: فسددنا أنوفنا؛ لشدة الرائحة الكريهة المنبعثة؛ فجعل الواحد منا يأكل ولا يبالي!
وقال فيما قال:
كنت أرى في المدينة من يطرحه المرض، ويصرعون؛ فليس هناك مستشفيات.
وقال فيما قال:
تأخذ الدول سنين - مئة أو مئتين أو ثلاثا - وهي في عجلة التنمية والتطور، بخلاف المملكة العربية السعودية؛ فإنها في خمسين سنة تقريبا قفزت قفزة هائلة على جميع الأصعدة والمستويات - اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا وسياسيا -.
فاللهم أدم نعمك، ولا تؤاخذنا بنقمك، يا ذا الجلال والإكرام.
وكتب/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الأحد ١٤٣٩/١٢/٢٨.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق