الاثنين، 30 يوليو 2018

نصائح للمعلم

(نصائح للمعلم)

حاول عدم الصدام مع الطلاب، أشعرهم بواجب المسؤولية الملقى على عاتقيك.
لا تصادم أحدا منهم، ولا توزع نظرات ناقمة؛ كن سلسا في التعامل معهم، كن صاحبا لهم، قريبا منهم، أشعرهم بالتواضع والرأفة والرحمة، أعطهم مجالا للمرح والفرح والضحك والانبساط، لا تسترسل في أداء الدرس، خلله بمقبلات لذيذة، افتح شهيتهم لتقبل ما سيطرح عليهم، كن مرنا منبسطا، هينا لينا، وفي أول لقاء؛ لا تبدأ مباشرة بالشرح؛ بل عرفهم بنفسك، أعطهم إلماحة سريعة عن المقرر، بين لهم ما لهم وما عليهم (الحقوق والواجبات)...

حرره/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الاثنين ١٤٣٩/١١/١٧.

السبت، 21 يوليو 2018

كيفية التعامل مع إساءة الآخرين لك

(كيفية التعامل مع إساءة الآخرين لك)

لا ريب أن الإنسان مزيج مركب وخليط منسجم من عظم ولحم، فهو مشاعر وأحاسيس، وليس طبيعيا من ليس كذلك، ولكن إذا زادت المشاعر أو قلت الأحاسيس عن مقدارها الطبيعي؛ فذلك إنسان ليس بطبيعي!
إذا اغتم الإنسان أو اهتم لكلمة جارحة، أو لفظة نابية، أو إشارة مؤذية، أو تصرف سيء من هنا وهناك؛ فلازمه ملازمة الظل، يأكل معه الهم ويشرب، ويغدو ويسرح، وينام معه إذا نام، ويستيقظ باستيقاظه؛ فذاك إنسان غير طبيعي!
الإنسان الطبيعي والعاقل هو من يقدر قيمة الكلمة ومعناها، فيضعها موضعها اللائق بها - بلا إفراط أو تفريط -، ولا يجعل للآخرين عليه سبيلا في أن يهتم أو يغتم أو يعبأ أو يأبه بتصرفاتهم السيئة؛ بل يجعل - من أقوالهم وأفعالهم السيئة صوبه - درعا واقيا، وحصنا حصينا، وقصرا مشيدا، وسورا حديديا، لا يستطيعون أن يظهروا فوقه؛ لأنه نظر إلى ذاته ونفسه، ووثق بها - بعد ثقته بربه وسيده ومولاه -؛ فعلم أن كلام الناس لا يقدم ولا يؤخر، فرماه خلف ظهره، ودفنه في مقبرة النسيان، وكبر عليه أربعا، وذكر الله كثيرا، وصلى وسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشغل وقته بما يرجو عائدته وفائدته عليه وعلى أسرته ومجتمعه، ووطنه وأمته - من قراءة لكلام الله، وحفظ له ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واطلاع على سير الصالحين الأبرار؛ من الأنبياء عليهم السلام، والصحابة الأخيار، وسلف الأمة الصالحين، وتعلم اللغة العربية ولغة أخرى معها، وتأليف لمقال أو كتاب، أو سعي في نشر الدعوة إلى الله وتبليغ العلم للناس كافة بمختلف الوسائل وشتى أنواع الأساليب، وزيارة للجيران والأقارب والأرحام والأصدقاء -.
الإنسان العاقل والطبيعي نعم يفرح ويحزن، ويضحك ويبكي، ويبتسم ويكفهر، وينبسط وينقبض، وليس طبيعيا من ليس كذلك؛ لأن الإنسان مخلوق في كبد ومشقة ونصب وتعب وعناء؛ فوجب أن يقع عليه مثل ذلك، وأن ترد عليه تلك الواردات، فالشأن كل الشأن هو في كيفية التعامل والتكيف مع تلك المتغيرات والطارئات والواردات!
فمن الناس من يجعل من الحبة قبة، فيضخم الحوادث والمشكلات، ويقتل أوقاته بالتفكير في المشكلة لا في حلها!
إن الإنسان العاقل والطبيعي هو من يفكر في الحلول لا في المشكلات، وفي كيفية إثبات نفسه، لا في محاولة الاستسلام لقهر الناس وجبروتهم في كلماتهم النابية، وتصرفاتهم الحمقاء، وتعاملاتهم الرعناء، فيكون طودا شامخا، وجبلا راسيا، لا تهزه الأعاصير، ولا تزعزعه الرياح العواتي، ولا تقذف به الأمواج يمنة ويسرة، فيكون كما يريد على وَفق ما أراد الله وشرع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى سنن وهدي السلف الكرام - رحمهم الله ورضي عنهم -.
الإنسان العاقل والطبيعي هو من ينشغل في بناء نفسه إيمانيا وروحيا وفكريا وثقافيا واجتماعيا ورياضيا، ويدع للناس إساءاتهم، فما أساء أحد لأحد؛ إلا كانت إساءة المسيء عليه، والفضل للغافر والصافح والعافي، فما أساء أحد إليك؛ بقدر ما أساء لنفسه، وعرضها لمنشار كلام الناس وطاحونهم!
وتذكر أن الكمال عزيز، فلا تحاول إرضاء كل أحد؛ لأنك لن تستطيع، فالناس اختلفوا في الخالق، ألا يختلفون في المخلوق الضعيف العاجز الحقير الصغير؟!!
وتذكر أنه كما أن الأرزاق قسمة ونصيب من الرب العلي؛ فإن الأخلاق قسمة ونصيب "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون". الزخرف.
ولئن كان كلام الغرباء ونقدهم الهادم يمس من النفس ومشاعرها وأحاسيسها؛ فإن كلام الأقربين أشد وأنكى
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ** على النفس من وقع الحسام المهندِ
وبالجملة؛ فإياك ثم إياك أن تتكل على رحمة وعفو وصفح أحد سوى الله تعالى؛ فإنه نعم المولى ونعم النصير؛ ففر إليه، وتوكل عليه، واطرح الهموم، وودع الغموم، وكن مجابها عنيدا، ومقاتلا شرسا صنديدا في وجه الكلام الجارح، والألفاظ النابية، والعبارات المثبطة، متمثلا لهذا البيت:
يخاطبني السفيه بكل قبح ** فآسف أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما ** كعود زاده الإحراق طيبا!
وقولِه - جل قوله -:
"والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين". آل عمران.
فعدم الفاتك لكلام الناس وتثبيطهم وتخويفهم وإرجافهم؛ يولد لديك - مع الأيام - درعا واقيا، ومناعة قوية، وحصانة شديدة تجاه كل تصرف أو سلوك سيء من إنسان زاد على حجمه الطبيعي؛ فاستهان واستخف بك، أو تكبر وتغطرس عليك، أو حقد عليك، أو أطلق سهام حسده نحوك؛ فصيرك الشيطان الرجيم، ورماك بكل معضلة وداء، وصدق الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ** ولكنَ عين السخط تبدي المساويا!

وحرره/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الأحد ١٤٣٩/١١/٩.

الثلاثاء، 17 يوليو 2018

العيد

(العيد)

ما العيد إلا حيث نرضي ربنا * ونقومُ للديان بالإخباتِ
العيد أنسٌ للنفوس ومظهر * للشكر بالعرفان والصلوات
العيد حبٌ واصل متجدد * يجلو صدى الأحزان بالطاعات
فلتغنموا ذكر المهيمن دائما * ولتسعدوا بالذكر قبل فوات
ولتعلموا أن الإله مقرب * للذاكرين بفضله رحمات
فالذكر يرفع ذاكرا بمخافة* لله في الخلوات والجلوات
والله يسعد كل عبد ذاكر * بمزيده في يوم حشر ممات
فينيله بالفضل منه كرامة * جلت عن الأوصاف في غرفات
من تحتها تجري لهم أنهارها * من أربع الأوصاف في جنات
ماء وألبان كذاك الخمر وال * عسل المصفى دائم الخيرات
ولهم كذاك ثمارهم تأتي لهم * مما اشتهوا من سائر الثمرات
والعفو للذنب العظيم كذا الرضا * من واهب الخيرات والبركات
والنار دار المعرضين بجرمهم * الغافلين مضيعي الصلوات
ماء حميم لا يساغ شرابه * بئس الشراب بمنزل الدركات
ومقطع أمعاءهم يا ويلهم * في دار خلد دائمي الحسرات
فليختر الألباب أين مقرهم * قبل الفوات تنزل السكرات
فالحق أبلج ما عليه غشاوة * سعد الشقيُّ بكسبه جنات!

شعر/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
السبت ١٤٣٩/١٠/٢.

فريضة التفكر

(فريضة التفكر)

قال الحق - تبارك وتعالى - في محكم قرءانه: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار). آل عمران.
وقد أرشد المولى الكريم - جل وعلا - عباده المؤمنين إلى التفكر في كل آن وحين، قال رب العالمين في محكم التبيين: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت* وإلى السماء كيف رفعت* وإلى الجبال كيف نصبت* وإلى الأرض كيف سطحت* فذكر إنما أنت مذكر). الغاشية.
وقد أخبر - سبحانه وبحمده - عن انتفاع من كان له قلب أو سمع سماع تفكر، أو نظر نظر تفكر وعظة واعتبار بآياته الكونية والشرعية، فقال - جل جلاله -: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). ق.
وقد ذكر المولى الكريم - جل وعلا - ندم الكافرين في يوم الدين بعدم انتفاعهم بسماعهم وعقلهم؛ لأنهم يسمعون سمع إعراض وتولي، لا سمع تفكر وعظة واعتبار، ويعقلون، ولكن فيما لا يقربهم من ربهم؛ بل فيما يباعدهم عنه، فلم ينتفعوا، قال تعالى: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير* فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير). الملك.
وقد أمر الله - تبارك وتعالى - بتدبر آياته الشرعية؛ فقال: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها). محمد.
وقال: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). النساء.
وقد عاب الله على الكفار بفغلتهم عن الآخرة، وبين أن العلم الحقيقي هو فيما يقرب منه - جل وعلا -، قال تعالى: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون). الروم.
وخلاصة الأمر:
أنه على قدر القرب من الله؛ يكون العقل، وعلى قدر البعد منه؛ يكون الجهل!
وعلى قدر تفكر العبد وتدبره وإيمانه بالله العظيم؛ يكون عقله، وعلى قدر غفلة العبد عن ربه وآياته، وكفرانه وجحوده ونكرانه وعصيانه؛ يكون الجهل والحمق والغرور!
فالمؤمن - وإن كان يجهل الأمور الدنيوية والطبيعية -؛ فهو عاقل!
والكافر - وإن بلغ من العلم ما بلغ -؛ فإنه جاهل!
فالعلم في القرب من الله، والجهل في البعد عنه!
سماء ذات أبراج، وجبال ذات فجاج، وأرض ممهدة للسالكين. ليل ونهار، بحار وأنهار، قوة وضعف، شيبة وشباب، غنى وفقر، طول وقصر، فرح وحزن، أشكال وأحجام وألوان، شعوب وقبائل، عرب وعجم، إنسان وحيوان وجماد ونبات؛ ألا يدل كل ذلك على خالق عظيم، متقن لخلقه وصنعته؟!
بلى وربي!
(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). ق.
فيجب على المسلم أن يتدبر ويتفكر، ويتعقل ويتبصر، وأن يعيش لآخرته لا لدنياه، ولمستقبله لا لماضيه، ولأمته لا لذاته، حتى يكون من السعداء في الدنيا والأخرى.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
سكاكا- الأحد ١٤٣٩/١١/٢.