الثلاثاء، 17 يوليو 2018

فريضة التفكر

(فريضة التفكر)

قال الحق - تبارك وتعالى - في محكم قرءانه: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار). آل عمران.
وقد أرشد المولى الكريم - جل وعلا - عباده المؤمنين إلى التفكر في كل آن وحين، قال رب العالمين في محكم التبيين: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت* وإلى السماء كيف رفعت* وإلى الجبال كيف نصبت* وإلى الأرض كيف سطحت* فذكر إنما أنت مذكر). الغاشية.
وقد أخبر - سبحانه وبحمده - عن انتفاع من كان له قلب أو سمع سماع تفكر، أو نظر نظر تفكر وعظة واعتبار بآياته الكونية والشرعية، فقال - جل جلاله -: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). ق.
وقد ذكر المولى الكريم - جل وعلا - ندم الكافرين في يوم الدين بعدم انتفاعهم بسماعهم وعقلهم؛ لأنهم يسمعون سمع إعراض وتولي، لا سمع تفكر وعظة واعتبار، ويعقلون، ولكن فيما لا يقربهم من ربهم؛ بل فيما يباعدهم عنه، فلم ينتفعوا، قال تعالى: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير* فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير). الملك.
وقد أمر الله - تبارك وتعالى - بتدبر آياته الشرعية؛ فقال: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها). محمد.
وقال: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). النساء.
وقد عاب الله على الكفار بفغلتهم عن الآخرة، وبين أن العلم الحقيقي هو فيما يقرب منه - جل وعلا -، قال تعالى: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون). الروم.
وخلاصة الأمر:
أنه على قدر القرب من الله؛ يكون العقل، وعلى قدر البعد منه؛ يكون الجهل!
وعلى قدر تفكر العبد وتدبره وإيمانه بالله العظيم؛ يكون عقله، وعلى قدر غفلة العبد عن ربه وآياته، وكفرانه وجحوده ونكرانه وعصيانه؛ يكون الجهل والحمق والغرور!
فالمؤمن - وإن كان يجهل الأمور الدنيوية والطبيعية -؛ فهو عاقل!
والكافر - وإن بلغ من العلم ما بلغ -؛ فإنه جاهل!
فالعلم في القرب من الله، والجهل في البعد عنه!
سماء ذات أبراج، وجبال ذات فجاج، وأرض ممهدة للسالكين. ليل ونهار، بحار وأنهار، قوة وضعف، شيبة وشباب، غنى وفقر، طول وقصر، فرح وحزن، أشكال وأحجام وألوان، شعوب وقبائل، عرب وعجم، إنسان وحيوان وجماد ونبات؛ ألا يدل كل ذلك على خالق عظيم، متقن لخلقه وصنعته؟!
بلى وربي!
(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). ق.
فيجب على المسلم أن يتدبر ويتفكر، ويتعقل ويتبصر، وأن يعيش لآخرته لا لدنياه، ولمستقبله لا لماضيه، ولأمته لا لذاته، حتى يكون من السعداء في الدنيا والأخرى.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
سكاكا- الأحد ١٤٣٩/١١/٢.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق