الأحد، 15 أبريل 2018

وإن تعجب فعجب ٧

(وإن تعجب فعجب ٧)

وإن من الأمور التي آلمت كثيرا من المصلحين، وليست هي بعجيبة من المنافقين:
ما حصل ويحصل في بلاد الحرمين الشريفين؛ من ظهور التبرج والسفور، ونزع الحجاب والحياء؛ فقد رأينا تجرأ كثير من النساء على الإقدام على الخروج عراة عن جلباب الحياء والعفة والطهارة والكرامة، فظهرن في صور كاسيات عاريات
يمارسن رياضة سباق ركوب الدراجات في جدة بإزاء مكة!
وقد سبق هذا دعوات من أذناب أبي رغال؛ يدعون فيها المرأة إلى التحرر من الحجاب؛ بزعمهم أنها مسألة خلافية؛ فلم التشديد فيها؟!
وهذا من أعجب العجاب!
فإن الحق لا يعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق!
والعبرة بالدليل، لا بالقول الدخيل.
والمعول عليه العلماء الراسخون - الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح؛ فكانوا ربانيين - لا على الكتاب والصحفيين، ولكل مجاله؛ فلم يتقحم أولئك باب الإفتاء في الشريعة وما لا يحسنون؟!
إننا نأمل من ولاتنا - حفظهم الله بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين - الأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء؛ فإن في دعوتهم شرا مستطيرا، وضررا كبيرا، والمسؤولية عظيمة أمام الله غدا.
وعلى عامة الناس وطلاب العلم ألا يأخذوا دينهم إلا عن من يثقوا في علمه وديانته، لا عن كل من هب ودب - كما في زماننا هذا - والله المستعان، وعليه التكلان.
إن الدعوة إلى نزع حجاب المرأة، وتبرجها وسفورها وخروجها كاسية عارية؛ من الخطط الشيطانية، والوساوس الإبليسية، ودعوة إبليس الأولى لأبوينا آدم وحواء - عليهما السلام - (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما...). الأعراف.
ونصوص الشريعة - من كتاب وسنة - متظافرة في أمر المرأة بالقرار في البيت، وعدم التبرج وإبداء الزينة والمفاتن للأجانب.
وقد أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بأن يدنين ويرخين على وجوههن من جلابيبهن؛ لئلا يعرفن إلا بالستر والطهر، والعفاف والصون والكرامة؛ فإن الحجاب الشرعي صون للمرأة عن النظرات المريضة المريبة، وفيه عزها وشرفها، وبه كرامتها، ولا يرتاب في هذا إلا مرتاب، مريض القلب، ليس له لب، ناقص الديانة، ليس له حض من الأمانة؛ فكيف يدعو إلى نزع الحجاب، والتبرج والسفور والبروز للأجانب والغرباء من في قلبه إيمان راسخ، وعقيدة صافية، وغيرة وحمية؟!!!
إنه لا يفعل ذلك إلا منافق عليم النفاق - وإن زخرف قوله وحسنه ونمقه وجمله، وأظهره بمظهر المنتصر لحقوق المرأة -!
قال تعالى - بعد الآية التي فيها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر أزواجه ونسائه وبنات المؤمنين بالحجاب -: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا* ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا* سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا). الأحزاب.
ولم يختلف العلماء في حرمة كشف المرأة وجهها إذا كان بكشفها له فتنة لها.
واليوم - وفي بلاد الحرمين، وقبلة المسلمين، ومتنزل الوحي الأمين -؛ نسمع ونرى دعوات - من هنا وهناك -  إلى تحرر المرأة من دينها وحجابها وطاعة ربها وبيتها؛ لترمي بنفسها في أحضان الغرب الكافر المحارب المعادي للدين؛ لزعمهم أنهم بذلك يستردون حقوق المرأة المسلوبة، وليحافظوا على كرامتها وشرفها وطهرها! (ولتعرفنهم في لحن القول...) محمد.
أهذا الذي يدعو إلى تحرر المرأة من قيود الدين وأغلال الأخلاق؛ لتخرج متى شاءت مع من شاءت، وتحادث من شاءت بلا حياء من الله ولا من خلقه، وتبرز للأجانب والغرباء كاسية عارية، ليس عليها إلا ما يغطي سوءتها؛ بل يدعو إليها لفتنتها، أهذا يريد كرامتها وعزها وشرفها؟!
الذي يدعو إلى حرية المرأة المطلقة، وإن رضيت بالعار، وتلاعب بها الفجار؛ أهذا يريد عزها وشرفها وكرامتها؟!
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا). الكهف.
فهذه العجائب:
أولا: دعوات تخريبية - من أذناب أبي رغال ومتبعي الشهوات الشيطانية، ومبتغي الفتنة في الأمة المحمدية - في بلاد الحرمين الشريفين إلى تحرر المرأة من دينها وحجابها.
ثانيا: انطلاء كثير من تلك الدعوات على كثير من النساء!
ثالثا: خروجهن فيما لا ضرورة تدعو إليه؛ كسباق الدراجات!
الله يعذرهن في إقامة الصلوات في المساجد، وهن يخرجن لسباق ركوب الدراجات!
رابعا: تدخل كثير من الصحفيين والإعلاميين فيما لا يحسنون، فتقحم كثير منهم باب الفتوى والتصدر للعامة، وهو لا يحسن الفاتحة، وربما لم يقم لصلاة الفجر!
وإن من حسن إسلام المرء: تركه مالا يعنيه، كما في الحديث النبوي الشريف.
خامسا: بناء دعوتهم إلى تحرر المرأة من دينها وحجابها على أقوال رجال لا على قواعد الدين وأسس الخلاف وضوابطه؛ فهم أفتوا بذلك بمجرد وقوع الخلاف في الحجاب! وهذا من أبين الجهل، وأبطل الباطل!
سادسا: زعمهم أنهم بذلك يريدون حرية المرأة، وكرامتها وعزها وشرفها، وألا يكون لغيرها سلطة عليها!
وهم في الحقيقة ما يريدون إلا حرية الوصول إليها؛ لكي يحققوا أغراضهم الشيطانية، ويصلوا إلى مبتغاهم بالاستمتاع المحرم!
سابعا: اتهامهم للدعاة والمصلحين بالجهل والتخلف والحمق، وهضم حقوق المرأة، والتسلط عليها؛ لأنهم لا يدعون إلى دعوتهم؛ بل يحذرون منها؛ مع أنهم يزعمون أنهم يدعون إلى حرية الرأي والتعبير!
فاللهم سلم سلم!
ونعوذ بك اللهم من شرورهم، وندرأ بك اللهم في نحورهم.
ونسألك يا ربنا ألا تؤاخذنا بذنوبنا ولا بما فعل السفهاء منا.
ونسألك يا ربنا أن تحفظ علينا ديننا، وألا تجعلنا عبرة لغيرنا، وأن تحفظ ولاة أمور المسلمين بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، يا رب العالمين.
وأن ترد المسلمين إليك ردا جميلا.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
السبت ١٤٣٩/٧/٢٨.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق