الاثنين، 19 سبتمبر 2016

كن طبيعيا

(كن طبيعيا)

كثير من الناس يتعرضون لمواقف في حياتهم - إن كانت تأثيراتها حسنة أو سيئة بمقدار متفاوت في الاستجابة والتأثير -، والموفق منا من لا يسمح لغيره أن يشكله على ما يريد بدون رجوع مسبق إلى الدين وأخلاقه ومثله العليا، والضمير والعقل الإنساني؛ الذي به تميز عن سائر ما خلق الله وبرأ من الدواب والعجماوات.

وإن الموفق منا من لا تجره المواقف إلى ما لا يريد، فيكون طبيعيا في تصرفاته، لا ينافق ولا يسمح لنفسه أن يمارس أنواعا من التربية تؤدي بمن تحته إلى النفاق؛ حيث يزرع فيهم ما ليس من الدين ابتداء، فيربيهم على نظر الناس إليهم، وعلى تربية جوفاء، مستقاة من تقاليد مجتمعية، وأعراف قبلية، لا صلة لها بالإسلام؛ بل الإسلام يحارب بعض تلك الأنواع من التربية، التي لا تبني؛ بل تهدم، تبني الظاهر على أنقاض الداخل المتهدم!!!

نعم، ابتلينا بالمظاهر، وغفل كثير منا  عن المخابر، وهل تلك إلا استدراج من القوي الغالب؟!!!

كن طبيعيا، كن كما أنت، لا تظهر غير ما تبطن، إياك ثم إياك أن تستدرجك المواقف إلى ما لا يلائم طبيعتك، فضلا عن ما يجلب لها التغيير!

كن طبيعيا كما خلقك الله وفطرك، إن كنت محسنا؛ فازدد إحسانا، وإن كنت مسيئا؛ فاعمل صالحا؛ تجد ذخرها يوم لقاه - بإذنه تعالى -.

ليس بالضرورة أن يتربى ابنك على ما تربيت عليه، فللزمان والمكان تأثير في الطبيعة.

وإن من أحسن وسائل التربية:

الإقناع، وعدم الفرض بالقوة، بل يكون ذلك بالتوجيه الحسن، والإرشاد اللطيف، والإشارة اللبيبة، وغض الطرف أحيانا، والتغافل، وتنمية الحس المهاري، والجوانب العاطفية، وسد منافذ الاحتياج الأخرى، كإحساسه بنقصان الثقة، فأنت تعمل على رفع منسوب الثقة لديه، بتشجيعه على مهارات تفيده في الدنيا، يكسب من ورائها أجرا، ويجد ذخرها يوم القيامة - بإذنه جل وعلا -.

ولن يحصل الاقتناع وهو يرى ويشاهد تناقضا بين الأقوال والأفعال؛ فاعمل على توحيد شخصيتك، وتحييد التناقض جانبا؛ حتى يقبل منك ما تقول وتأمر به.

بقلم/

عبدالرحمن بن مشعل المطرفي- الاثنين  ١٤٣٧/١٢/١٨.

الأحد، 18 سبتمبر 2016

الجهاد الداخلي قبل الجهاد الخارجي

(الجهاد الداخلي قبل الجهاد الخارجي)

النفس أسمى غايات الجهاد، فكيف بقوم نسوا أنفسهم في سبيل الشيطان والهوى والعيش الدنيء، ورضوا بأموالهم وأولادهم، وحرثهم وزرعهم، وتجارتهم وعشيرتهم، ولم يرفعوا بالجهاد في سبيل الله رؤوسهم، كيف بهم يريدون أن تتحرر هذه الأمة المكلومة المغلوب على أمرها، وهم يقفون حائلين بين نصرها وعزها بوقوعهم في موانع النصر والعزة؛ حيث جبنوا حين حق منهم الدفاع والاستبسال، وخضعوا حين وجب عليهم الاستكانة والتضرع لا استجداء الأعداء، وأن يعدوا العدة، ويرهبوا أعداء الله ورسوله والمؤمنين.

كيف يريدون نصرا وهم يقيمون حفلات مزمار الشيطان، والعدو مشرف من ناحية تلك الثغور، ولم يتعظوا بمن حولهم من الأمم والشعوب؛ كيف تبدلت أحوال الأقوياء حتى صاروا ضعفاء مهانين، وأحوال الشرفاء، كيف ضربت عليهم الذلة والمسكنة بعد الجاه والبهرجة؛ بل كأنهم لم يسمعوا أو يروا كيف سقطت عروش، وذهبت ممالك، ونزعت دول عن هيبتها وسيادتها؛ فأصبحت لقمة في فم الأعداء المفترسين، الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة!!!

كيف يريدون نصرا والمعاصي تعلن على الملأ، ولم يؤخذ على أيدي هؤلاء الدخلاء السفهاء  بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!!!

كيف يريدون نصرا ودين الله يسب ويشتم، وسنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - يستنقص منها بدافع حرية الرأي كما يزعم الرويبضة المنافقون التافهون؟!!!

كيف نريد نصرا لأمتنا المجيدة ودعاة البدع تفتح لهم الأبواب، وتسلط عليهم الأضواء، ويقدمون كقدوات لأجيال وأمة الإسلام؟!!!

كيف يتحقق النصر ونحن في سعي في موانعه؟!!!

إن الله لا يعز إلا من أعز دينه، ورفع رايته، وأحسن معاملته به - جل وعلا -، وأحسن - كذلك - للمخلوقين، فيكون متمثلا لتعاليم الإسلام السمحة، في وسطية واعتدال، لا غلو فيها ولا جفاء؛ بل سير على قبس من نور وهدي الكتاب والسنة، وبفهم سلف الأمة الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم.

وإن الله لا يذل إلا من جعل دينه ظهريا؛ فلم يرفع به رأسا، لم يحكمه في حياة الناس وشؤونهم وقضاياهم، ولم يدعو إليه بحكمة وموعظة حسنة، وجدال بالتي هي أحسن؛ بل ركن إلى الدنيا، فغره بالله الغرور، وذلك ذل الدنيا والآخرة!!!

إن علينا - معشر المسلمين - واجبا عظيما، ومسؤولية جسيمة لنصرة ديننا وقضاياه العادلة، في نظرة متزنة، وفكر صحيح، وسير ثابت وحثيث على مبادئنا الغراء، ولا يتأتى  ذلك إلا بجهاد ما بين جنبينا، وحضوض النفس الداعية إلى الدعة والاستسلام، وتنقية أفكارنا مما شابها من التعكير والتشويه، وتصحيح عقائدنا مما داخلها من التحريف والتزييف والتعطيل، ورص الصفوف، وإعداد القوة، والتوكل على الله - جل جلاله -، مع الأخذ بالأسباب الشرعية، والسبل المرضية، دون توان أو كسل، وكشف المنافقين، وفضح المخذلين والمثبطين - أعداء الداخل، أذناب الخارج، المأجورون، المدفوعون لضرب الإسلام من جذوره، وتخدير أبنائه عن البصيرة في النظر إلى ما يحاك من مؤامرات تخر لها الجبال هدا -.

إن الإسلام منصور بلا أدنى ريب، ولكن هل يا ترى يكون لنا الشرف بذلك النصر والظفر؟!!!

إن الجهاد الداخلي هو وسيلة مهمة لتحقيق الجهاد الخارجي؛ بل لا يتحقق الجهاد الخارجي بدون تحقيق الجهاد الداخلي؛ إذ إن الأول يستلزم الأخير!!!

بقلم/

عبدالرحمن بن مشعل المطرفي - الأحد  ١٤٣٧/١٢/١٦.

الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

هؤلاء هم أهل السنة والجماعة

(هؤلاء هم أهل السنة والجماعة)

كتب الله على نفسه نصرة دينه الإسلام، وإعلاء رايته المجيدة، وإنفاذ نوره، ولو كره ذلك المشركون!

وكلما ابتعد الناس عن زمن النبوة والرسالة؛ عظمت الفتن، واشتدت المحن، ووقع الناس في الهرج والمرج، والتخبط في ظلمات الجهل والوثنية، وصنوف عادات وتقاليد أهل الجاهلية، غير آبهين بما يقدمه الشرع الحنيف من نصوص ودلالات واضحة؛ تدل على مسير العبد إلى الله، ذلك المسير الغير معوج؛ بل هو قيم عدل وسط، لا جور فيه ولا شطط "يهدي للتي هي أقوم". الإسراء.

وإذا ألقيت نظرة على تاريخ أمتنا الإسلامية؛ عرفت؛ بل تيقنت أنه ما خرجت تلك الفرق والمذاهب، وما تطاير ذلك الشر والشرر، وما كان الذي حل بدول الإسلام - من الضعف والقهر -؛ إلا بقدر البعد عن الكتاب والسنة، وإلا فإن الإسلام دين واحد، ولا يسعه اختلاف متضاد، يصادم نصوص الوحيين، والفطر والعقول؛ بل إن تلك البدع أحدثت بدعا غيرها، فانقسمت الفرق والمذاهب والطوائف على نفسها، فتجد الفرفة تنشأ عنها فرقة، وتنشأ عن الفرقة الثانية فرقة ثالثة وهكذا، حتى زماننا هذا!!! وإلى الله المشتكى.

وإنه وجد من يستدل على قوله الذاهب إليه بخلاف العلماء في المسألة؛ فجعل الخلاف دليلا لقوله، ولم يرجع الأمر إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله لم  يتعبدنا بقول فلان وفلان؛ بل كما قال الله: (...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول...). النساء.
فالواجب هو الرد إلى الكتاب والسنة، وبفهم سلف الأمة الصالح - من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم -؛ فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام - زكى القرون الثلاثة الأولى، فهم القرون المفضلة، التي أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى خيريتهم وأفضليتهم بقوله: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولقد ظهر في هذا الزمان - كما ظهر من قبل - دعاة شر وفرقة وضلال؛ يجرون البسطاء إلى معتقداتهم، فيضلونهم عن سواء السبيل - وإن كان يوجد من يعتقد معتقدا ما؛ لمصلحة دنيوية كما هو ظاهر، وليس عن جهل؛ بل عن هوى نفسي شيطاني -، يظهر هؤلاء الدعاة مزخرفين للحقائق الثابتة شرعا وعقلا، فيحرفون بعض كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - بتأويلات فاسدة، وآراء خاطئة، شذوا فيها عن المنهج الصحيح - منهج أهل السنة والجماعة، منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم -، ومع ذلك - كما في مؤتمر الشيشان الذي عقد بتاريخ ١٤٣٧/١١/٢١  - في مدينة "غروزني" بالشيشان،  وحضره شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومفتي مصر السابق علي جمعة، ومفتي سوريا حسون، وبعض علماء السوء، من غلاة المتصوفة، والأشاعرة وغيرهم، وبرعاية روسيا القيصرية، التي تهدم المنازل على الآمنين في سوريا؛ بحجة محاربة تنظيم الدولة الإرهابي "داعش"، والتي أحدثت من خلال احتلالها لسوريا مجازر لا تكاد تحصر، ولم يسمع بمثلها - مع ذلك كله خرج في توصيات هذا المؤتمر البئيس أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية والصوفية، والمذاهب الأربعة الفقهية...الخ

وحق لسائل أن يسأل، فيقول: ومتى نشأت الأشاعرة والماتريدية والصوفية، الذين هم في نظركم أهل السنة والجماعة؟!!!

إنها حرب كلامية، وتحريف للمصطلحات، وتزييف للحقائق، وتحسين - من دعاة الباطل والفتنة والفرقة في صف المسلمين - للباطل وأهله، وموالاة للظالمين، ومسايرة للمجرمين، وركون إلى الضلالة والخرافة، والوهم والأساطير!

إن أهل السنة والجماعة ليس لهم لقب يعرفون به غير أنهم مسلمون، ولكن لما ظهر الدخلاء على الإسلام؛ ظهر هذا اللقب، الذي انشقت عنه الفرق، فخرجت القدرية ثم الشيعة ثم  الخوارج ثم الجهمية، وتوالدت من هذه الفرق فرق أخرى، فانقسمت القدرية إلى فرق كالجبرية، وحصل كذلك انشقاق في مذهب الشيعة الباطل - المذهب الذي عماده الكذب والنفاق وسرقة الأخماس؛ بل واغتصاب الأعراض، وانتهاك المقدسات، والتعدي على الحرمات -؛ فكانت الزيدية، والرافضة الاثني عشرية، والإسماعلية، والفاطمية، والقرامطة، وانقسمت الخوارج إلى حرورية وصفرية وأزارقة ونجدات، وتفرع عن الجهمية المعتزلة، وعن المعتزلة الأشاعرة، وتفرعت تلك الفرق إلى فرق عديدة غير ما ذكر هنا، ووقعوا في أهل السنة والجماعة بالشتم والسب والتهم التي هم منها برآء، ولكن الله يتولاهم رغم معاندة مخالفيهم، ومكابرتهم، واستفرادهم بالرأي في أغلب الأحيان، وتأليب الولاة عليهم، وحشد الناس ضدهم؛ بإلقاء الشبه فيما يقدح في أصل ديانتهم، وتنفير الناس منهم، ومن اتباع منهجهم...

إن أهل السنة والجماعة هم الغرباء حقا؛ فطوبى لمن كان منهم.

نعرف - أيضا - أن من بعض الفرق الإسلامية من له بلاء في نصرة الإسلام، وإكرام العلماء، من مثل بعض خلفاء الدول الإسلامية، والقادة والفاتحين، فنعرف لهم فضلهم، ونقدر منزلتهم وبلاءهم وجهادهم أعداء اللي ورسوله والمؤمنين، وهؤلاء هم المعتدلون في بعض تلك الفرق، فليسوا غلاة؛ بل مجتهدون، يؤخذ من صوابهم، ويرد على خطئهم، دون أي تجريح أو تلميح، فعاقبة كتمان الحق لعنة الله، وأي خير يرجى بعد لعنة الله وحلول غضبه وانتقامه؟!!

إن أهل السنة والجماعة ليسوا أشاعرة ولا ماتريدية ولا صوفية، وقد نشؤوا مع نشوء الإسلام،  وكما سبق؛  فليس لهم لقب يشار إليهم به إلا بعد ظهور الفرق والمذاهب والطوائف المختلفة، المنقسمة على نفسها، المنشقة عن السنة والجماعة؛ تمييزا لهم عن مخالفيهم.

إن أهل السنة والجماعة عظموا الكتاب والسنة، وما أثر عن الصحابة الأجلاء، ومن تبعهم من أصحاب القرون الثلاثة الأولى المفضلة؛ كسبوا حب الصحابة ديانة لله ورسوله، وعرفوا لآل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقهم، ولم ينتهجوا غلوا ولا تطرفا أو تنطعا؛ بل الوسطية سمتهم ومنهجهم - وإن كان يوجد من بعض الأفراد من به غلو أو جفاء -؛ لكن منهجهم المتبوع هو ما جاء في الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم.

يعظمون الأدلة المشروعة، ولا يزيدون في قدر الرجال.

يؤمنون بالله على ما جاء عنه في كتابه، وما نقله عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويؤمنون برسول الله - عليه الصلاة والسلام -، ولا يغلون في قدره الشريف.

يتوجهون إلى الله وحده لا شريك له في السراء والضراء، لا إلى نبي أو ولي مؤمن تقي؛ فلا يملك الخلق قطميرا، ولا يغنون عن عذاب الله شيئا، ولا يجلبون نفعا، ولا يدفعون شرورا؛ بل غاية أمر الخلق أنهم أفقر إلى خالقهم غاية الافتقار، وهم في خلقه منشؤون، ولا يخرجون عن إرادته طرفة عين، ولهم قدرة وإرادة ومشيئة لا تخرج عن قدرة وإرادة ومشيئة خالقهم - جل وعلا -.

أهل السنة والجماعة يرون الجهاد مع ولاة أمور المسلمين، وعدم جواز الخروج على الحاكم وإن كان كافرا؛ ما لم يكن كفره ظاهرا، وتوفرت شروط الخروج من القدرة وتحقق المصلحة العليا...الخ

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادك الصالحين.
اللهم عليك بالصهاينة المعتدين الغاصبين والمجوس المحاربين المحتلين والروس الغازين والنصيرية الظالمين.
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرج إخواننا المستصعفين في دينهم من بينهم سالمين غانمين، يا قوي يا متين.

حرره العبد الفقير إلى عفو ربه القدير/

عبدالرحمن بن مشعل المطرفي- الأربعاء ١٤٣٧/١٢/١٢.