(هؤلاء هم أهل السنة والجماعة)
كتب الله على نفسه نصرة دينه الإسلام، وإعلاء رايته المجيدة، وإنفاذ نوره، ولو كره ذلك المشركون!
وكلما ابتعد الناس عن زمن النبوة والرسالة؛ عظمت الفتن، واشتدت المحن، ووقع الناس في الهرج والمرج، والتخبط في ظلمات الجهل والوثنية، وصنوف عادات وتقاليد أهل الجاهلية، غير آبهين بما يقدمه الشرع الحنيف من نصوص ودلالات واضحة؛ تدل على مسير العبد إلى الله، ذلك المسير الغير معوج؛ بل هو قيم عدل وسط، لا جور فيه ولا شطط "يهدي للتي هي أقوم". الإسراء.
وإذا ألقيت نظرة على تاريخ أمتنا الإسلامية؛ عرفت؛ بل تيقنت أنه ما خرجت تلك الفرق والمذاهب، وما تطاير ذلك الشر والشرر، وما كان الذي حل بدول الإسلام - من الضعف والقهر -؛ إلا بقدر البعد عن الكتاب والسنة، وإلا فإن الإسلام دين واحد، ولا يسعه اختلاف متضاد، يصادم نصوص الوحيين، والفطر والعقول؛ بل إن تلك البدع أحدثت بدعا غيرها، فانقسمت الفرق والمذاهب والطوائف على نفسها، فتجد الفرفة تنشأ عنها فرقة، وتنشأ عن الفرقة الثانية فرقة ثالثة وهكذا، حتى زماننا هذا!!! وإلى الله المشتكى.
وإنه وجد من يستدل على قوله الذاهب إليه بخلاف العلماء في المسألة؛ فجعل الخلاف دليلا لقوله، ولم يرجع الأمر إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله لم يتعبدنا بقول فلان وفلان؛ بل كما قال الله: (...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول...). النساء.
فالواجب هو الرد إلى الكتاب والسنة، وبفهم سلف الأمة الصالح - من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم -؛ فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام - زكى القرون الثلاثة الأولى، فهم القرون المفضلة، التي أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى خيريتهم وأفضليتهم بقوله: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولقد ظهر في هذا الزمان - كما ظهر من قبل - دعاة شر وفرقة وضلال؛ يجرون البسطاء إلى معتقداتهم، فيضلونهم عن سواء السبيل - وإن كان يوجد من يعتقد معتقدا ما؛ لمصلحة دنيوية كما هو ظاهر، وليس عن جهل؛ بل عن هوى نفسي شيطاني -، يظهر هؤلاء الدعاة مزخرفين للحقائق الثابتة شرعا وعقلا، فيحرفون بعض كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - بتأويلات فاسدة، وآراء خاطئة، شذوا فيها عن المنهج الصحيح - منهج أهل السنة والجماعة، منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم -، ومع ذلك - كما في مؤتمر الشيشان الذي عقد بتاريخ ١٤٣٧/١١/٢١ - في مدينة "غروزني" بالشيشان، وحضره شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومفتي مصر السابق علي جمعة، ومفتي سوريا حسون، وبعض علماء السوء، من غلاة المتصوفة، والأشاعرة وغيرهم، وبرعاية روسيا القيصرية، التي تهدم المنازل على الآمنين في سوريا؛ بحجة محاربة تنظيم الدولة الإرهابي "داعش"، والتي أحدثت من خلال احتلالها لسوريا مجازر لا تكاد تحصر، ولم يسمع بمثلها - مع ذلك كله خرج في توصيات هذا المؤتمر البئيس أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية والصوفية، والمذاهب الأربعة الفقهية...الخ
وحق لسائل أن يسأل، فيقول: ومتى نشأت الأشاعرة والماتريدية والصوفية، الذين هم في نظركم أهل السنة والجماعة؟!!!
إنها حرب كلامية، وتحريف للمصطلحات، وتزييف للحقائق، وتحسين - من دعاة الباطل والفتنة والفرقة في صف المسلمين - للباطل وأهله، وموالاة للظالمين، ومسايرة للمجرمين، وركون إلى الضلالة والخرافة، والوهم والأساطير!
إن أهل السنة والجماعة ليس لهم لقب يعرفون به غير أنهم مسلمون، ولكن لما ظهر الدخلاء على الإسلام؛ ظهر هذا اللقب، الذي انشقت عنه الفرق، فخرجت القدرية ثم الشيعة ثم الخوارج ثم الجهمية، وتوالدت من هذه الفرق فرق أخرى، فانقسمت القدرية إلى فرق كالجبرية، وحصل كذلك انشقاق في مذهب الشيعة الباطل - المذهب الذي عماده الكذب والنفاق وسرقة الأخماس؛ بل واغتصاب الأعراض، وانتهاك المقدسات، والتعدي على الحرمات -؛ فكانت الزيدية، والرافضة الاثني عشرية، والإسماعلية، والفاطمية، والقرامطة، وانقسمت الخوارج إلى حرورية وصفرية وأزارقة ونجدات، وتفرع عن الجهمية المعتزلة، وعن المعتزلة الأشاعرة، وتفرعت تلك الفرق إلى فرق عديدة غير ما ذكر هنا، ووقعوا في أهل السنة والجماعة بالشتم والسب والتهم التي هم منها برآء، ولكن الله يتولاهم رغم معاندة مخالفيهم، ومكابرتهم، واستفرادهم بالرأي في أغلب الأحيان، وتأليب الولاة عليهم، وحشد الناس ضدهم؛ بإلقاء الشبه فيما يقدح في أصل ديانتهم، وتنفير الناس منهم، ومن اتباع منهجهم...
إن أهل السنة والجماعة هم الغرباء حقا؛ فطوبى لمن كان منهم.
نعرف - أيضا - أن من بعض الفرق الإسلامية من له بلاء في نصرة الإسلام، وإكرام العلماء، من مثل بعض خلفاء الدول الإسلامية، والقادة والفاتحين، فنعرف لهم فضلهم، ونقدر منزلتهم وبلاءهم وجهادهم أعداء اللي ورسوله والمؤمنين، وهؤلاء هم المعتدلون في بعض تلك الفرق، فليسوا غلاة؛ بل مجتهدون، يؤخذ من صوابهم، ويرد على خطئهم، دون أي تجريح أو تلميح، فعاقبة كتمان الحق لعنة الله، وأي خير يرجى بعد لعنة الله وحلول غضبه وانتقامه؟!!
إن أهل السنة والجماعة ليسوا أشاعرة ولا ماتريدية ولا صوفية، وقد نشؤوا مع نشوء الإسلام، وكما سبق؛ فليس لهم لقب يشار إليهم به إلا بعد ظهور الفرق والمذاهب والطوائف المختلفة، المنقسمة على نفسها، المنشقة عن السنة والجماعة؛ تمييزا لهم عن مخالفيهم.
إن أهل السنة والجماعة عظموا الكتاب والسنة، وما أثر عن الصحابة الأجلاء، ومن تبعهم من أصحاب القرون الثلاثة الأولى المفضلة؛ كسبوا حب الصحابة ديانة لله ورسوله، وعرفوا لآل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقهم، ولم ينتهجوا غلوا ولا تطرفا أو تنطعا؛ بل الوسطية سمتهم ومنهجهم - وإن كان يوجد من بعض الأفراد من به غلو أو جفاء -؛ لكن منهجهم المتبوع هو ما جاء في الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم.
يعظمون الأدلة المشروعة، ولا يزيدون في قدر الرجال.
يؤمنون بالله على ما جاء عنه في كتابه، وما نقله عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويؤمنون برسول الله - عليه الصلاة والسلام -، ولا يغلون في قدره الشريف.
يتوجهون إلى الله وحده لا شريك له في السراء والضراء، لا إلى نبي أو ولي مؤمن تقي؛ فلا يملك الخلق قطميرا، ولا يغنون عن عذاب الله شيئا، ولا يجلبون نفعا، ولا يدفعون شرورا؛ بل غاية أمر الخلق أنهم أفقر إلى خالقهم غاية الافتقار، وهم في خلقه منشؤون، ولا يخرجون عن إرادته طرفة عين، ولهم قدرة وإرادة ومشيئة لا تخرج عن قدرة وإرادة ومشيئة خالقهم - جل وعلا -.
أهل السنة والجماعة يرون الجهاد مع ولاة أمور المسلمين، وعدم جواز الخروج على الحاكم وإن كان كافرا؛ ما لم يكن كفره ظاهرا، وتوفرت شروط الخروج من القدرة وتحقق المصلحة العليا...الخ
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادك الصالحين.
اللهم عليك بالصهاينة المعتدين الغاصبين والمجوس المحاربين المحتلين والروس الغازين والنصيرية الظالمين.
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرج إخواننا المستصعفين في دينهم من بينهم سالمين غانمين، يا قوي يا متين.
حرره العبد الفقير إلى عفو ربه القدير/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي- الأربعاء ١٤٣٧/١٢/١٢.