الجمعة، 27 يناير 2023

قيد الخاطر - (شذرات)

قيد الخاطر - (شذرات).

١- "غزو الحقول" أهون من "غزو العقول"، وما استعبدت أمة في الغالب إلا برضاها في التنازل عند أول خطوة، حتى تستعبد نفسها بنفسها قبل استعباد الغرباء.
ولا شيء أمر على نفس الحر من أن يرى أمته تمرغ في وحل المهانة والضعة، تقدم هوى عدوها على ضميرها وتاريخها ومقدساتها، هي مخدرة، لكن لا ولن تموت.
٢- كانوا يتوارون خلف الستار، كانوا يهمسون حال الضعف، ولما أحسوا بانفتاح الأجواء؛ أظهروا الخباثة والنجاسة والقذارة.
كانوا يتهمون بتكميم الأفواه، وعدم فتح باب الحريات، ويدعون إلى احترام الآخر، فلما تمكنوا بعدما تمسكنوا؛ نبحوا فقالوا: (أتباع ابن تيمية حمير!)، خوش أوادم!
٣- مصير التراب إلى التراب. 
(منها خلقناكم وفيها نعيدكم)، تدعو للتواضع وهضم النفس، فالإنسان أصل مادته من التراب (ومنها نخرجكم تارة أخرى) دعوة للخوف والاستعداد للحساب.
٤- مسكين ابن آدم، اغتر بصحته وجاهه وماله وشهرته بين الناس.
اغتر ب "مركزيته" في هذا الوجود، ولم يفق حتى رأى الموت عيانا بيانا، هناك ما ينفعه ما جمع، يذهب كل ذلك عنه سدى؛ بل يكون حجة عليه لا له، وتبقى الحقيقة السرمدية الأبدية (كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر).
٥- لم تر عيناي ألأم من جاحد فضل، ناكر معروف، ضارب بكلكله في الشر، محجم عن الخير، مشوش على الدعاة إلى الله، المبصرين الهدى للناس، كذاك البعيد الشقي الذي ترعرع في وطنه، وأغدق عليه من خيراته وطيباته، حتى إذا استوى على سوقه صحة ونشاطا؛ عبس في وجهه وبسر، وعن فعال الشر كشر، وخان وغدر.
٦- تريد السعادة؟ جميع مفردات النعيم المعجل؟
ما يدخل أذنك اليمنى من كلام كله شوك وحنظل؛ أخرجه من الأذن الأخرى، أو بالأحرى لا تسمح له بالدخول فضلا عن الاستقرار (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون* فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).
٧- في معرض ذكر أطوار خلق الإنسان قال الملك المنان: (ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون) وثم تفيد التراخي، فهذا الزمن الذي أعرض عن ذكره؛ هو الدنيا، وذلك تزهيدا في تطلبها واللهث خلف سرابها.
٨- مما استقر في نفسي:
أن الحياة غاصة بالأحداث المتضادة، وهنا تتجلى بعض العبوديات - كالصبر والحلم والوفاء، وعدم مجاراة السفهاء في ردات الفعل -، وكلما أخلص العبد نفسه لله؛ خلصها ونجاها من الوقوع في الورطات، فلا يستفزه جهل جاهل، ولا يخرجه عن طوره حماقة سفيه، روح علوية، ونفس رضية.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - الجمعة - ١٤٤٤/٧/٥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق