(وإن تعجب فعجب ٩)
ومن العجائب في زماننا هذا: ما تبثه وسائل إعلام - معروف عداؤها للدين - من شبهات وشبهات، والعجب ليس في هذا؛ بل في من تستخدمه تلك القنوات؛ لبث البلبة في أفكار وعقول أبناء المجتمع المسلم، المتدين بطبيعته وفطرته، فيظهر - بين الفينة والأخرى - من يلبس لباسا ليس له، فيفتات على أهل العلم الراسخين، يتقدمهم بالفتوى في مسائل فقهية فرعية، ويبث شبهاته عبر تلك القنوات الفاسدة المفسدة، التي يصدق عليها قول الحق - تبارك وتعالى -: (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما). النساء.
أقول: والرجل ليس من أرباب الإفتاء؛ بل هو من الدخلاء فيه.
أعلم أن هذه من المسائل الخلافية، ولكن من قال أن الخلاف من الأدلة التي يستدل بها؟
إن الأدلة المجمع عليها هي: الكتاب والسنة والإجماع.
ولا يليق بصاحب دعوة وسنة أن يلج هذا الباب؛ بدعوى التقليد، وأنها ليست فتوى!
لا يليق بمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركن لأقوال الرجال، وأن يستدل بها، فالرجال يعرفون بالحق، والحق لا يعرف بالرجال!
وإن من عجائب زماننا هذا: تغييب قضايا الأمة المصيرية الكبرى، وإشغالها بالمسائل الفرعية (قضايا المرأة، قوامة الرجل على المرأة، الغناء، الموسيقى... الخ)، حتى ينشأ جيل تافه ساقط لاقط، لا يرفع للفضيلة رأسا، ولا يبدي للدين حمية ونصرا، يأخذ بالمتشابه، ويضربه بالمحكم، ويتتبع الرخص، وشواذ الأقوال، وقديما قيل: من تتبع الرخص؛ فقد تزندق، أي: خرج من الدين!
كان الواجب على صاحب الدين والسنة تعظيم الأدلة لا الرجال، وحفظ نفسه من الولوغ في مستنقع الشهرة البائس؛ إذا كان على حساب الدين والفضيلة!
ويدندنون حول سمت أهل العلم، وأنه ينبغي لهم أن يندمجوا في المجتمع، فيلبسوا لباسهم، ويتحدثوا بطريقتهم، يعني إذابة الفوارق بين العالم والجاهل، وهذا في الشرع والعقل لا يستقيم.
كل ذلك يجري على أيدي هؤلاء، ممن يدعون الانتساب لطلبة العلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طيبة المطيبة- الخميس ١٤٤١/٩/٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق