السبت، 18 أبريل 2020

سنة الله في المترفين

(سنة الله في المترفين)

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد:

فإن لله عز وجل سننا لا تتغير ولا تتبدل، كسنة الجزاء من جنس العمل، وسنة الأسباب والكسب، فمثلا: في هذه الدنيا من يعمل، ويطرق أبواب الرزق؛ فسيجد ما قدره الله له، وكتبه وقسمه عنده في كتاب، بغض النظر عن ديانة هذا العامل ومعتقده، سنة من سنن الله جارية، وهذا ما نراه مشاهدا في واقعنا الإنساني والحيواني بعامة. والنصوص من كتاب وسنة متظافرة في بيان ذلك؛ منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (اعملوا، فكل ميسر لما خلق له). وفي القرآن: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون). التوبة.

إذا علمنا هذا؛ فإن قلوبنا تتفطر دما وأسفا على ما يجري لأمتنا الغراء من نكبات تلو نكبات؛ في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والفكر، وقبل ذلك في الدين!

من يصدق أن هناك من تسيل دموعه لخسارة فريق كروي يهيم به في أودية العشق؟!

من يصدق أن هناك نفوسا تكاد تقطع من الشوق أو الحزن أو البكاء عند سماعها أغنية من مطرب أو مطربة؟!

من يصدق أن جيلا يمسخ، وعقيدة باطلة ترسخ، ومبادئ وقيم تهدم من أساسها؛ بفعل أذناب الغرب، وخدام الماسونية العفنة، في إعلام المنافقين والدجالين؟!

حتى خرج لنا جيل مترف مرفه، رخو هش ضعيف، لا يقوم بواجب، ولا يرفع بأمته رأسا، قطع انتماءه، وهجر قرآنه، وأعرض عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وشايع الكفرة؛ إعجابا بهم وتقديرا لهم، وشجعهم في نواديهم، وصرف لهم من جيبه - وإن كان لا يملك ريالا! -.

هذا الجيل الجديد الممسوخ، الذي يراد للأمة أن تكون في قابل أيامها مثل ما وصل إليه وأشد، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون!

كل هذا بسبب مخالفة الفطرة، فالرجال يتشبهون بالنساء، والنساء يسترجلون، قد انعكست المفاهيم، وانقلبت القيم، وقلبت الفطرة، فرفضت؛ بل واستنكر على من يتحلى بها، وينسب للتشدد والتنطع، وكرم الفاسق والمنافق، وكان يجب أن يعلى شأن أهل الدين، وأن يكبت المنافقون والفاسقون المجاهرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

فكان الجزاء من جنس العمل، أن بلينا بهذا الضعف والخور، فكثرت المظالم، وفشى العقوق وتقطيع الأرحام وهجر الأقارب، وضربت القلوب بعضها ببعض، وسلط بعضنا على بعض، وخولف بين قلوبنا؛ جزاء وفاقا، ولا يظلم ربك أحدا، ونسأل الله ألا يؤاخذنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا؛ فإن الله يغار ويغضب، وأخذه أليم، وعقابه شديد، يعم الجميع بعقوبته وعذابه ونكاله إذا لم يقم المصلحون بدورهم؛ كما قال تعالى: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد). هود.
وقال: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) بعدها بآيات، آيات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!

والأمة الخير فيها إلى قيام الساعة بلا ريب، ولكن نظرة تطل بها على هذا الجيل والجيل السابق؛ تعرف مدى الخطر الذي وصلنا إليه، والهوة السحيقة التي تردينا فيها؛ لعوامل ومتغيرات طرأت، من أهمها هذه الوسائل التقنية، ووسائل الإعلام المختلفة؛ حيث فتحت الدنيا على الناس، وللأسف أقول: إن المسلمين هم الأغلب الذين يتلقفون تلك الثقافات الدخيلة، في حين أن كثيرا من المجتمعات لا تقبل إطلاقا بتصدير ثقافة دخيلة عليها! والله حسبنا ونعم الوكيل. 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
المدينة، الأحد ١٤٤١/٨/٢٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق