الأربعاء، 30 مايو 2018

إن منكم منفرين

(إن منكم منفرين)

كنت أصلي بالناس التراويح في شهر رمضان المبارك، وكنت مراعيا لهم من ناحية عدم إملالهم، مع تطبيق السنة، فكنت أصلي أحد عشر ركعة، ومرة تسع ركعات، وأحيانا أوتر بالقنوت، وكانت الصلاة تستغرق أربعين دقيقة.
وفي ليلة من الليالي لم أقنت، وصليت ثمان ركعات، وأوترت بواحدة، وألقيت كلمة بعد الصلاة عن "عبادة التفكر" حيث جاءت مناسبتها في الآيات التي قرأتها في التراويح، وهي من آخر آل عمران: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب).
استغرقت الكلمة سبع دقائق، وبعدها شكرني أحدهم.
غادرت ثم رجعت لغرض نسيته عند المحراب، سلمت عليه، فإذا هو رجل كالثغامة بياضا، رأسه ولحيته، قال: لماذا لم تكمل بنا ثلاث ركعات؟ لماذا لم تصلي بنا؟ الله يهديك، قلت: كلها مثل بعض، كلها وتر، قال: تعلمنا؟! نحن ما نعرف، الله يهديك الله يثيبك، لو صليت بنا ثلاثا، وكان يرفع صوته بغضب!
تذكرت قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن منكم منفرين).
ومرة أرشدت إلى شيخ - وهو من جماعتنا - يدرس في العقيدة والفقه والنحو وبعض العلوم الإسلامية، فتواصلت معه، فاتفقنا على يومين في الأسبوع - الجمعة والسبت بعد الفجر مباشرة إلى ساعة بعده - فما أنهينا الشهر الأول تقريبا إلا وتفرقنا، حيث أرسلت له مقطعا للشعراوي يفرق فيه بين أحمد ومحمد، فقال: هذا ضال مضل أشعري صوفي!
قلت: لكنه إمام في اللغة.
قال: أنت توالي المبتدعة، ولم تستفد مني شيئا، وقام فحظرني على الواتس، فلم أعد أستطيع التواصل معه عن طريقه.
ذهبت إلى التلقرام، أرسل له أشياء مفيدة، ففي كل مرة يقول لا ترسل، حتى أرسلت له قصيدتي رمز المكارم والعلا سلمان، وأخبرته بقرب صدور ديواني الشعري، ففك الحظر على الواتس، ورحب بي طالبا، وسألني بصراحة لمن أسمع؟
فذكرت له بعض العلماء الكبار - من مثل: صالح الفوزان، وعبدالمحسن العباد، وصالح العصيمي...- فحظرت عنده في مسجده، وتدارسنا، ولما رجعت إلى البيت أرسلت له مقطعا للشيخ أد. سعود الشريم - حفظه الله ورعاه - فقال: هذا حزبي!
أرسلت له للشيخ العلامة محمد بن محمد المختار الشنقيطي عضو هيئة كبار العلماء، فقال هذا من أحباب العريفي وشلته!
فقلت: ما الدليل على ضلال منهجه؟
قال: جلست معه وعرفت الرجل.
وقال لي: اتصل به، واسأله عن هؤلاء الدعاة.
قلت: أريد الدليل على ضلال منهجه؛ فإني لا أتحمل في رقبتي وذمتي شيئا.
فقال: لا تناطح شيخك - هذا معنى ما أرسله من أبيات - واسمع، ولا تناقش، ولا تجادل، وأن هذا من العجائب، وأني صاحب هوى!!!
قلت: ذنبي طلبي الدليل!!!
أرسلت له للعصيمي، قال: منهجه ماش!
يعني: غير واضح!!!
قلت: أريد دليلا.
لم يقدم بين يدي ما قال شيء!
ومما قلت: الروافض والصوفية هم من يربون مريديهم على (الانصياع) و (الخنوع) و (هز الرأس) ولا يقبلون بالحوار والنقاش!
حظرني بعدها إلى الآن!
تذكرت قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن منكم منفرين).
والعجيب:
أن هذا يدعي (السلفية) وهو وإن كان (سلفي الديانة) إلا أنه أبعد ما يكون عن السلفية في باب (الأخلاق والمعاملة)!
البعض يظن أن السواك وإطالة اللحية، وتقصير الثوب، وتقطيب الجبين؛ كافية لجعل الإنسان (مستقيما)! وهذا من أبين الضلال، وأوضح الحمق؛ فإن الاستقامة قبل أن تكون استقامة الجوارح؛ هي استقامة القلب، وإرادة النصح للغير، فالمخابر قبل المظاهر، وعليها المعول والمعتمد، وإليها المستند!
فأين من ينفر الناس عن السنة وأهلها بلا دليل من إرادة النصح للغير؟!
الحقيقة أن هذه من المصائب:
أن ينفر الناس - وخاصة طلبة العلم - عن المشايخ الفضلاء، والعلماء الأجلاء، بلا بينة ولا برهان!
ثم نتساءل عن التكفير والتفجير والتطرف والإرهاب والتدمير!
نتساءل بعد ذلك عن الانحلال!
هناك شيخ متقوقع على نفسه، لا يرى من العالم غيره، يبدع هذا، يفسق ذاك، لا يقبل حوارا ولا مراجعة!
أين إذن قول الحق تبارك وتعالى في حواره مع إبليس الرجيم؟
إن الله تعالى لم يستنكف عن حوار أخبث خلقه؛ بل وأعطاه أمنيته، واستجاب دعوته!
فما بال بعض من يدعون السلفية زورا وبهتانا يقطعون حبائل الوصل عن طلابهم؛ لأنهم لم يأخذوا برأيهم؛ لأنه يفتقد إلى الدليل والبرهان - خاصة وأن علماء كبار قد زكوا الرجل -!
كل هذه لا اعتبار لها عند الرجل، فهو على منطق بوش الابن إبان غزو أمريكا العراق؛ حيث صرح: (من ليس معنا؛ فهو ضدنا!!!).
كم من (شيخ يدعي السلفية) وهو على (منطق بوش الأرعن) من حيث يدري أو لا يدري!
وكثير ما هم!!!
لا كثرهم الله.
أصحاب الشر، وأرباب الباطل أبوابهم مفتحة لكل غائد ورائح، وبعض من يدعي (السلفية) ينفر عن (القرءان الكريم وسنة النبي المعصوم عليه أفضل صلاة وأتم تسليم!!!) إن هذا لمن العجب العجاب!
والله المستعان على ما يصفون.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الخميس ١٤٣٩/٩/١٥.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق