السبت، 19 أغسطس 2017

من تجربتي في حفظ القرآن الكريم

(من تجربتي في حفظ القرآن الكريم)

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:

فهذه خاطرة عابرة، ورسالة معتصرة، وذكرى مختصرة، من وحي التجربة والواقع والخبرة، فأقول - مستعينا بالله، مستلهما العون والرشاد منه جل رب العباد -:

لقد مرت أعوام عديدة، وسنون مديدة (من عام ١٤٢٥- ١٤٣٧) وأنا بين فينة وأخرى أشارك في حلقات تحفيظ القرآن الكريم بالمسجد النبوي الشريف، وألتحق بالدورات المكثفة - التحقت بها ثلاث مرات تقريبا -، ولكن حدث هذا العام حادث غريب من نوعه، حيث وقع لي شخصيا، وثبت لدي صدق هذه المقولة: (التكرار أولى من الاستكثار).

كنت في الأعوام الماضية أحفظ القرءان الكريم حفظا متقطعا - في أوقات غير منتظمة - بين الأعوام (١٤٢٥- ١٤٣٧) كما ذكرت آنفا، وألتحق بالدورات المكثفة...الخ ولكن جد جديد في هذا الأمر، وحدث ما دعاني إلى تدوين هذه الرسالة المعتصرة من وحي التجربة والواقع الشخصي - المشاهد والملموس -، وهو أني كنت أؤم المصلين في التراويح والتهجد هذا العام ١٤٣٨ في ليالي رمضان المبارك، وكنت أحضر لهاتين الصلاتين بعد الصبح والعصر، فأحفظ خمس صفحات للتراويح، وخمسا كذلك للتهجد، - وغالبا في صلاة التهجد أقرأ من جزء عم يتساءلون -، فلما انقضى الشهر الكريم، وتصرمت لياليه المباركة؛ وجدت أني حفظت حفظا متقنا - تقريبا بنسبة ٦٠% من المحفوظ السابق - ولله وحده الحمد والمنة والفضل والإحسان، ونظرت وإذا بي توقفت إلى الأنعام - ثمانية أجزاء -، فاكتفيت  عن الاستزادة والاستكثار بهذا القدر، واجتهدت في تثبيته، وذلك بتكرار جزءين يوميا - أي: كل أربعة أيام أختم هذا القدر المحفوظ، وهو ثمانية أجزاء - وإلى الآن من شهر شوال وأنا دائب على مراجعة ما تم حفظه وقراءته في التراويح، ووجدت أني أقرأ غيبا من دون المصحف، كالفاتحة - بالنسبة لما كنت عليه أولا -، تحسن حفظي تحسنا بالغا - تقريبا بنسبة ٩٠% - ولله الحمد والمنة والفضل والإحسان.

فهذه رسالة لنفسي أولا، ثم لكم أيها الشادون للمراتبة العالية، المبتغون نيل عظيم الأجور من الرب الباري الغفور:

١- تصحيح النية، وتعاهد القلب، وإخلاص العمل لله، وتخليصه من كل حقد وحسد، وضغينة وبغضاء، وسمعة ورياء؛ فلا مكان لكلام الله في قلب عبد أسلم وجهه للشيطان، والهوى والنفس الأمارة بالسوء، والمنكر والفحشاء.

٢- القرءان حجة لك أو عليك، فاعمل بما علمت، وعلم ما تعلمت لمن لم يتعلم، أو تعلم تعليما غير سديد، ولا كان على هدي رشيد.

٣- تكرار القرءان ومراجعته، والعمل به، والقيام به في الصلاة؛ هو السبيل إلى تثبيته وحفظه.

فإذن - وكما ذكرت آنفا -: تعلم القرءان، واحفظه، وتأن في حفظه، ولا تستعجل جني الثمار؛ بل راجعه دوما، واقرأ في تفسيره، وقم الليل به، وصل بالناس إماما، ورطب به اللسان، وداو به علل النفس وأمراضها، ونق القلب من كل شائبة، واجعل مرادك من ذلك كله أن يرضى الله عنك، ولا تطلب به أجرا؛ بل ادع به إلى الله؛ تنل أجرا، ويضع  عنك وزرا، ويرفع لك به ذكرا، في الدنيا والأخرى.

أسأل الله التوفيق والسداد لجميع المسلمين، وأن يجعلنا ممن يستمع القول، فيتبع أحسنه، ولا يجعلنا ممن إذا قيل له: اتق الله؛ أخذته العزة بالإثم، وأن يرفعنا بالقرآن العظيم، وأن يرزقنا حسن تلاوته والعمل به، وأن يختم لنا بخاتمة السعداء، إن ربي لسميع قريب مجيب الدعاء.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

بقلم/

أبي عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الجمعة ١٤٣٨/١١/٢٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق