(الإسلام...بين دعاته وأدعيائه).
دعاة الإسلام هم الذين يدعون الناس إليه، ليس شرطا بالقول؛ بل تكون الدعوة أيضا بالعمل - وما أجلها وأعظمها-، فيتخلقون به، وينتهجون نهجه، ويسيرون على ضوئه، ويؤمنون به جملة وتفصيلا، وليس كما يريده الشرق أو الغرب، ولا كما يرغبه بعض الناس، وتدعو إليه بعض الثقافات والحضارات؛ بل يرفعون بالإسلام رؤوسهم، ولا يبغون عنه بديلا، ولا يتشرفون بالدعوة إلا إليه؛ إذ هو الدين الحق، وقد رضيه الله "...اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا...". المائدة.
دعاة الإسلام، هم الدعاة إليه على بصيرة وعلم، واتباع لا ابتداع، وهم المقتفون آثار من سلف من الصالحين، وسادات المرسلين، فلا يتأثرون بدعاة الانحطاط والانحلال والخذلان، ولا توهن عزائمهم سطوة دعاة الشر والفتنة، الذين يدعون الإسلام، والإسلام يكذب ما يدعون؛ فإنهم مجرد أدعياء، ودليل ذلك:
عدم الإيمان بالإسلام جملة وتفصيلا.
محاولة فهم الإسلام خارج منظومة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم؛ بل يدعون إلى فهم الإسلام في جوانب الرحمة والمغفرة والحياة، أما العذاب والموت وقضايا التوحيد والإشراك؛ فإنهم يغفلونها تماما!
محاولة النيل من الصالحين بالوقوع في أعراضهم سخرية واستهزاءا، وقدحا فيما يحملونه من ديانة وفضيلة، ومحاولة تنفير الناس منهم بأخبث الوسائل والأساليب، تارة بالكتابات والرسائل، وأخرى بالتمثيل والفكاهة، وثالثة بالوشاية والكذب.
تعمد تصيد الزلات من دعاة الإسلام، وتضخيمها، وتفخيم ما يرونه خطأ، وهو لا يعدو كونه اجتهادا في مسائل يسعها الخلاف، ويحتملها الدليل!
ادعاءاتهم الوسطية، وأنهم يحاربون التطرف والإرهاب، في حين أنهم يمجدون الغرب الغازي لديار المسلمين، المحتل لأراضيهم، ويرونه المثل الأعلى في التقدم والحضارة، والنمو والازدهار، والفكر والمعرفة، ويثنون على تلك الثقافات؛ بل ويدعون إليها صراحة في المجلات، والإذاعات، ووسائل الإعلام والتواصل المختلفة، ويشنعون على دعاة الإسلام، الذين يرونهم خارج حدود الزمن المعاصر، والسبب: أنهم على منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم، فزمن أولئك ولى، ومعطيات الزمن هذا ليست هي معطيات ذلك الزمان المنصرم، وهذا من جهلهم، فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، ولا يحده زمن ولا مكان، وهو سهل ميسور، ولكن لما لم يوافق رغباتهم ونزواتهم؛ حكموا العقل فيما ليس من اختصاصه، وتذبذبوا كأسيادهم من الغرب والشرق، ولو أخذوا الإسلام نقيا صافيا؛ لهذبت النفوس، وتحكم في الأهواء، وانتصر على شبهات المفكرين من الشرق والغرب، ولما وقعوا فيما وقعوا فيه من الحيرة والتذبذب، ولهدأت نفوسهم، وزكت قلوبهم، وتطهرت جوارحهم.
إن أدعياء الإسلام ما زالوا في حربهم على المصلحين، ولا زالوا يتسترون بالوسطية، ولكن أثبت الواقع، وأثبتت الأحداث أنهم فعلا مجرد أدعياء؛ بل وعملاء لجهات خارجية، تكن عداء مشينا لدين الإسلام ودعاته المخلصين الصادقين، تحت ما يبثونه فيما يسمونه انتقادا للتطرف والإرهاب، حيث وضعوا صورة قاتمة للإسلام والمسلمين معا، وأن الحل: هو في اتباع الغرب جملة وتفصيلا، ونبذ الإسلام جملة وتفصيلا، فبهذا- بزعمهم- يتحقق العيش الرغيد، وتأمن البشرية، وتسعد الخليقة!
بقلم/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
١٤٣٧/٩/٢٣- الثلاثاء- المدينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق