الأحد، 27 مارس 2016

تقنين التقنية


في ظل ما نعيشه من تطورات تقنية، عصرية، إبداعية، متجددة، هائلة، وفي ظل هذا الزخم المعلوماتي، وعالم الرقمنة السريع، الهائل، المواكب للعصر، وما تنتجه شركات كبرى في هذا "العالم الافتراضي" المليء بالصخب، واﻷخذ والرد، والمد والجزر، وما تبثه هذه القنوات _ بمختلف توجهاتها، وتعدد انتماءاتها وولاءاتها، ونظرياتها _ من أفكار مصادمة للشرع اﻹسلامي الحنيف، وثقافات مجتمعات تعيش اليأس واﻹحباط؛ حيث ألقت عن كاهلها تعاليم دين الرحمة والفطرة، دين الارتقاء بالمسلم إلى عالم اﻷرواح الطاهرة، المرضية، السعيدة، فأخذت _ أي: هذه القنوات الشريرة، المدعمة للحركة الصهيونية التخريبية _ تنشر الفساد بكل صوره وأشكاله، وتشيع الخراب الهائل في المجتمعات؛ حتى تسهل السيطرة، ويتم لهم اﻷمر، وذلك عن طريق "الغزو الفكري، الثقافي" الذي هو أس الدمار، ومرتكز القوة عند اﻷعداء؛ حيث استطاعوا أن يبثوا حربهم الفكرية القذرة في قنواتهم الموجهة ﻷبناء وجيل وشباب أمة الإسلام المحمدية المرحومة، التي تستهدف ثقتهم في دينهم، وتحاول أن تبعدهم عن تعاليم ما يعتنقون، فيكون الدين في جانب، والمسلم في جانب، يأخذ منه ما وافق هواه، ويحكم عقله في الباقي، يؤمن بالحرية، ويكفر بالدين، يدعو للديمقراطية، لكنه لا يقبل؛ بل ويشعل حربا ضروسا مع شعوب وقبائل تريد اﻹسلام!
لسان حالهم: لا ديمقراطية مع اﻹسلام!
التقدم والرقي والحضارة هي ببساطة: ما يراه في "لينين" و "استالين"!
مقصودي: وحيث وجه اﻷعداء حروبهم على اﻹسلام وأهله المخلصين، ولم يسمحوا للناس أن تختار الدين الذي ترتضيه؛ مع زعمهم بالحرية والديمقراطية؛ بل وضيقوا على من يرتاد بيوت الله، ويظهر بمظاهر اﻹسلام؛ فإن هذه القوة التي يركن إليها أعداؤنا، ويجابهون اﻹسلام بها، جاءت من فوقهم، ومن تحتهم، وأظهرت كثيرا من الحقائق المخفية؛ بل المزيفة طيلة عقود مضت، ذاق فيها أهل اﻹسلام صنوفا من البلاء، في ظل التعتيم، ومصادرة كرامات بني اﻹنسان!
فهذه التقنية الحديثة الهائلة سلاح ذو حدين، وأخطر ما فيها:
1- تمثل غزوا فكريا وثقافيا هائلا؛ لسلخ المسلم من تعاليمه، ومبادئه، وهويته، وإسلامه؛ بل _ وربي _ من "إنسانيته" و "آدميته"!
2- تشكل خطرا على من لا يحسن التعامل مع هذه الوسائل التقنية، والذي لا يعرف مصدر الخطر فيها، ومكمن الشر، ومن يضيع فكره، وتأخذ بلبه، ويصرف جل وقته أمام شاشاتها؛ كاﻷطفال؛ فإنه من السفه، وقلة التدبير، أن توضع هذه اﻷحهزة المدمرة ﻷجيال؛ بل وأمم، مع طفل "بريء" تغتاله في مهده مهلا مهلا، رويدا رويدا، فيصبح متعطشا لا مسترشدا لهذه التقنية؛ كمدمن المخدرات؛ بل وأكثر!
3- كثرة المساس بهذه التقنية، والمداومة على تعاطيها؛ صباحا ومساء، يقظة وعند المنام، وبعد القيام منه، وأثناء الدوام، وقبل الدوام _ في المركبة _ ما من شك أن فيها:
تضييع للأوقات، هدر للطاقات، تشتيت لﻷذهان، فتور وكسل، وأعراض أخرى مصاحبة للعين، واﻷذن، والفكر، والتركيز،
واﻷعصاب، ونمط الحياة المختلفة!
نعم _ وبدون مبالغة _ التقنية تحتاج لتقنين.
لا تسلم لﻷطفال دون السن العاشرة، وتعطى لهم في فترات متقطعة، وتؤخذ منهم لمدة أيام من كل أسبوع، ويوجهون للصالح المفيد.
وأخيرا _ وكما يقول المثل العامي _ : "في الحركة؛ بركة"!
نعم، السكون _ خاصة مع التقنية _ انفجار وانشطار هائل!
بقلم/ عبدالرحمن بن مشعل المطرفي الصاعدي العوفي الحربي - اﻷحد- 26/5/ 1437.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق