قيد الخاطر- (تعليق على أحداث سوريا والسودان ولبنان وفلسطين).
قامت الثورة السورية في عام ٢٠١١، ١٤٣١ هجريا تقريبا، ومنذ قيامها إلى الآن مضى عليها أربعة عشر عاما تقريبا، وملايين في العراء ومشردون ومهجرون، ومئات الآلاف شهداء، وكثير هم الذين في السجون.
والآن يحصد الموت الزؤام عشرات الآلاف من السودان الجريح في القتال الدائر بين قوات الدعم السريع وبين الجيش النظامي.
ولبنان فيها الجلاجل والبلابل وحزب الشيطان له غالبية السيطرة على الحكم ومفاصل الدولة بدعم من إيران الخمينية المجرمة، والتي هي ذاتها بخستها تدعم نظام بشار، ذلك النظام النصيري الكافر البائس الحقير.
وفلسطين منذ قيام الثورة الأخيرة المسماة ب "يوم السابع من أكتوبر" من عشرة أشهر تقريبا والذبح في الولدان والكهول والمدنيين، والتدمير والتهجير، حدث بلا حرج، وقد وصل عدد الشهداء إلى خمسة وثلاثين ألف شهيد، والجرحى إلى مئة ألف جريح، والله المستعان.
وما يحصل في اليمن، وما يكون في الصين، وما يقع في ليبيا، وما يدور في العراق، ماذا أعدد وماذا أحصي؟!
لقد رأى العالم في سوريا كيف ينطق بسب الرب جهارا نهارا من قبل أفراد من الجيش والشبيحة الملاعين، ورأى العالم كيف يدفن الرجل حيا ويقال له: قل ربي بشار، فيأبى ويردد شهادة التوحيد، وصبي لم يتجاوز العاشرة تقريبا يضرب ويقال له: اسجد لربك بشار، وتقرب له صورة هذا الخنزير بشار النصيري، فيبصق عليها، وامرأة تجر إلى الرذيلة، وأخرى تهان وتضرب، ويضرب زوجها أمامها، وآخر ينحر بالسكين، وآخر يحرق حيا، ومن تقطع أصابعه، وينكل به حيا وميتا، وآخر يضرب حتى الموت، وقتل المسلمين المسالمين والمدنيين في الشوارع بالجملة، وتفجير البيوت، ونسف القرى، ورمي البراميل المتفجرة على المساكن، وحرق المزارع، والقصف بالدبابات والمدافع والطائرات، والاغتصاب والتعذيب، وهدم المساجد، ونبش المقابر، وسب الدين، ولعن الرب، والاستهزاء بالرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، والقحة في الألفاظ، ونحر الأطفال، وهدم الآثار، لم يسلم منهم شجر ولا حجر ولا إنسان، أسألك بربك: هل الله في غفل عن كل هذا؟ هل ربنا يظلم أو لا ينتصر للمظلومين؟!
كلا وحاشا، ولكن له في ذلك حكم وعلل، فربنا هو القائل: (وما كان ربك نسيا)، تذكر هذا دائما، واعلم حمكته في ذلك، ولست تدركها دائما على وجه التفصيل، فسلم لحكم ربك وقدره وأمره، واعلم بأن من حكمه في البلاء: التمحيص، والتطهير، ورفع الدرجات، وحط السيئات، واتخاذ الشهداء، والإيقاظ من الغفلات، وليرجع ويتوب العباد، وليجتمع المسلمون على كلمة سواء، وهو امتحان للقادرين: هل انتصرتم لأوليائي؟ هل انتصرتم للمظلومين؟ هل دعوتم لهم؟ هل استشعرتم أحوالهم؟ هل أعددتم العدة النفسية والجسدية والمالية وما يلزم لكل ذلك؟ أم تخاذلتم ونسيتم أو نُسيتم وتمتعتم بالطيبات؟!
المطلوب من كل مسلم أن يعرف كيف يحقق العبودية الحقة، وكيف ينفع الناس وخاصة إخوانه المسلمين، ولا يعيش حياته سبهللا، يأكل ويشرب كالأنعام، بلا هدف ولا حس ولا واجب أو مسؤولية، وأن يعلم أن أقدار الله غالبة، والأخذ بالأسباب واجب، والتكليف على قدر الوسع، وأن لله حكما وعللا في ما يقع من حوادث نراها شرا، ولكن لا شر محض تراه في الوجود، فالله لا يقدر إلا الخير، ولا يقع الشر إلا في مفعولاته، لا في أفعاله، والشر المحض منتف في الوجود، فما من حادث يصيب المؤمن إلا وهو له خير، إن صبر على المصيبة خير، وإن شكر على النعمة خير، فحال المؤمن الصابر الشاكر كلها خير.
وأخيرا: لا حزن عليك، والله لم يتعبدنا بالحزن (فلا تحزن عليهم)، (فلعلك باخع نفسك)، (ليس لك من الأمر شيء)، (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين)، (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
جدة- الجمعة- ١٤٤٥/١٢/٢٢.
abdurrahmanalaufi@gmail.com