شذرات من كتاب (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا؛ لمحمود شاكر(
نشر- دار المدني بجدة- ط- ١٤٠٧.
بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن صاحبنا هو محمود شاكر أبو فهر، إمام في اللغة العربية، المحقق المصري الكبير، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأعقب له في ذريته خيرا كثيرا، وهو أول كتاب أقرؤه له كاملا.
وهذه شذرات مستلة من هذا الكتاب العظيم:
١- ولد في عام ١٣٢٩ تقريبا. ٦.
٢ - بدأت بإعادة قراءة الشعر العربي كله، أو ما وقع تحت يدي... قراءة متأنية، طويلة الأناة عند كل لفظ ومعنى... ثم أتذوقهما تذوقا بعقلي وقلبي وبصيرتي. ٦، بتصرف.
٣- سخرت كل ما فطرني الله عليه، وأيضا كل معرفة تنال بالسمع أو البصر أو الإحساس أو القراءة، وكل ما يدخل في طوق مراجعة واستقصاء بلا تهاون أو إغفال؛ سخرت كل سليقة فطرت عليها، وكل سجية لانت لي بالإدارك؛ لكي أنفذ إلى حقيقة "البيان"، الذي كرم الله به آدم - عليه السلام -، وأبناءه من بعده. ٧.
٤- نقل تعريف سيبويه للفعل، وهو قوله: "وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحدث الأسماء، وبنيت لما مضى، وما يكون ولم يقع، وما هو كائن لا ينقطع". ١٠. وعلق عليه بقوله:
"فهي جملة شديدة الإحكام، عجز النحاة من بعده أن يلموا بها في حدودهم التي كتبوها عن حد الفعل، فأي رجل مبين كان سيبويه؟!". ١٤.
٥ - ففي نظم كل كلام وفي ألفاظه - ولا بد - أثر ظاهر أو وسم خفي من نفس قائله، وما تنطوي عليه من دفين العواطف والنوازع والأهواء - من خير وشر، أو صدق وكذب -، ومن عقل قائله، وما يكمن فيه من جنين الفكر - أي: مستوره -". ١٥.
٦ - وأمر كريه - أيها القارئ -، وبغيض إلي كل البغض، أن أحدثك عن أعمالي، ولكن لا بد مما ليس منه بد؛ لكي تكون على بينة. ١٦.
٧ - فكان أول عمل طبقت فيه منهجي في" تذوق الكلام" - شعرا ونثرا، وأخبارا تروى، وعلما يكتب أو يستخرج -؛ هو كتابي" المتنبي ". ١٦.
٨ - من كتبه أو تعاليقه:
أباطيل وأسمار، برنامج طبقات فحول الشعراء، شرح طبقات فحول الشعراء، تعليق على كتاب نسب جمهرة قريش، تعليق على تفسير ابن جرير الطبري، ديوان قوس العذراء، وغيرها. ١٨.
٩ - تحدث عن قصة أبيات الشماخ - وهي ثلاثة وعشرون بيتا -، قال:" وضمنتها قصيدة تزيد على ثلاث مئة بيت". ١٩.
١٠ - المنهج الأدبي وعاؤه ومستقره؛ هو اللغة واللسان لا غير. ٢٣، بتصرف.
١١ - تحدث عن أساس المنهج وهو الذي لا يقوم المنهج إلا عليه، وهو ما أسماه "ما قبل المنهج" وأنه ينقسم إلى شطرين: شطر المادة، وشطر التطبيق. ٢٢.
ثم قال بأنه تبين له أنهما" مكتملان اكتمالا مذهلا يحير العقل... لم يكن قط عند أمة سابقة من الأمم - حتى اليونان -... بلغوا في ذلك مبلغا لم تدرك ذروته الثقافة الأوربية الحاضرة اليوم، وهي في قمة مجدها وازدهارها وسطوتها على العلم والمعرفة". ٢٤، بتصرف.
١٢ - اللغة وعاء المعارف جميعا، والثقافة ثمرة المعارف جميعا. ٢٦، بتصرف.
١٣- قال عن الثقافة:
" مطلوبة في كل مجتمع إنساني؛ للإيمان بها أولا عن طريق العقل والقلب، ثم للعمل بها حتى تذوب في بنيان الإنسان وتجري منه مجرى الدم، لا يكاد يحس به، ثم للانتماء إليها بعقله وقلبه وخياله". ٢٨.
١٤ - ورأس كل ثقافة؛ هو الدين بمعناه العام، والذي هو فطرة الإنسان، أي دين كان، أو ما كان في معنى الدين. ٣١.
١٥- وكل إنسان صندوق مغلق، فيه من الطبائع والغرائز والأهواء المتنازعة - بين الخير والشر -، وفيه أيضا من القوة والضعف، مقادير مختلفة لا تكاد تضبط أحوالها وآثارها. ٣٢.
١٦- قال في سياق حديثه عن الطبائع والغرائز والأهواء:
"فالقواعد العقلية المجردة، لا تكاد تقوم بهذا العبء كله؛ بل العقائد وحدها هي صاحبة هذا السلطان على الإنسان؛ لأنها إما أن تكون مغروزة في فطرته... أو مكتسبة".٣٢، بتصرف.
١٧- هذا الفساد لم يدخل على ثقافتنا دخولا يوشك أن يطمس معالمها، ويطفئ أنوارها؛ إلا بعد التصادم الصامت المخيف الذي حدث بيننا وبين الثقافة الأوربية الحاضرة. ٣٤.
١٨- عصر النهضة الأوربية في القرن السادس عشر الميلادي. ٣٤، بتصرف.
١٩- هم أعني الأوربيين يرون أن أوربة سقطت في حمأة "القرون الوسطى" المظلمة منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية سنة ٤٧٦، أي قبل الهجرة بنحو مئة وخمسين سنة، والحقيقة أن أوربة التي هي قلب القارة؛ كانت ساقطة في ما هو أسوأ من "القرون الوسطى" قبل ذلك بقرون طويلة. ٣٤.
٢٠- الحروب الصليبية بدأت سنة ١٠٩٦م، ٤٨٩ هجري، أي بعد ستة قرون من سقوط الإمبراطورية الرومانية. ٣٥.
٢١ - وفي يوم الثلاثاء ٢٠ من جمادى الأولى سنة ٨٥٧ هجري/ ٢٩ مايو سنة ١٤٥٣ م؛ سقطت القسطنطينية عاصمة المسيحية، ودخلها محمد الفاتح بالتكبير والتهليل. ٣٦.
٢٢ - كان سلطان الكنائس المسيحية مبسوطا على الشام ومصر، وشمال أفريقية، وأرض الأندلس منذ قرون طويلة سبقت، وفي طرفة عين، في أقل من ثمانين سنة؛ تقوض فجأة سلطان المسيحية على هذه الرقعة الواسعة. ٣٧.
٢٣- جاهدت الدولة البيزنطية في الشمال أن تسترد ما ضاع، وظلت أربعة قرون تحاول أن تعود فتخترق هذا العالم الإسلامي من طرفه الشمالي عند الشام، وذهب جهدها هدرا، ولم يغن عنهم السلاح شيئا. ٣٨.
٢٤- ونشبت الحروب الصليبية التي ستستمر قرنين كاملين (١٠٩٦- ١٢٩١ م/ ٤٨٩- ٦٩٠ هجري)، في خلالها استولوا على جزء من أرض الشام. ٣٨.
٢٥ - وانتبه بعض الرهبان والملوك وعقلاء الرجال، وبحثوا عن مخرج قبل أن يتفاقم الأمر، فكان بينا لعقلائهم أن سر قوة الحضارة الإسلامية هو العلم، علم الدنيا وعلم الآخرة. ٣٩.
٢٦- وقضى الله قضاءه في السابع عشر من جمادى الآخرة سنة ٦٩٠ هجري (١٧ من يونيه سنة ١٢٩١ م) وسقط آخر حصن كان للصليبيين في الشام. ٤٠.
٢٧ - تحدث عن المسلمين بعد فتح القسطنطينية وما أترفوا فيه:
" فأورثهم بذنوبهم غفلة سوف تطول بهم حتى يفتحوا أعينهم فجأة على بلاء ماحق". ٤١.
٢٨ - وقعت الواقعة في يوم الثلاثاء ٢٠ جمادى الآخرة سنة ٨٥٧/ ٢٩ مايو سنة ١٤٥٣، ودخل محمد الفاتح القسطنطينية، دخلها قبيل العصر على صهوة جواده المطهم )الضخم البارع الجمال)، واتجه إلى كنيسة "أيا صوفيا"، وأمنهم، وصلى المسلمون العصر فيها، ومن يومئذ حولت فصارت مسجدا. ٤١، بتصرف.
٢٩- ارتفعت كفة أوربة بهذه اليقظة الهائلة الشاملة التي أحدثتها الهزائم القديمة والحديثة، وانخفضت كفة المسلمين بهذه الغفلة الهائلة الشاملة التي أحدثها الغرور بالنصر القديم وبالنصر الحديث وفتح القسطنطينية. ٤٤.
٣٠- أربع مراحل للصراع بين المسيحية الشمالية والإسلام:
الأولى: بغضاء حية متسامحة، يمدون للمسلمين ما يطلبونه من من كتب "علوم الأوائل" (الإغريق)، وظل الصراع قائما أكثر من أربعة قرون.
الثانية: عهد الحروب الصليبية الذي بقي في الشام قرنين.
الثالثة: الاتكاء الشديد الكامل على علوم دار الإسلام؛ لتصلح خلل المسيحية، وظلت على ذلك قرنا ونصف.
الرابعة: طلب العلم عند المسلمين. ٤٤، بتصرف.
٣١ - وبالجهاد الخارق، وبالحماسة المتوقدة، وبالصبر الطويل؛ انفكت أغلال "القرون الوسطى" بغتة عن قلب أوربة، وانبعثت نهضة "العصور الحديثة" مستمرة إلى هذا اليوم. ٤٥.
٣٢- كان كل مدد اليقظة مستجلبا من علوم دار الإسلام، من العلم الحي في علمائه، ومن العلم المسطر في كتبه، والسبيل إلى ذلك الأمرين جميعا كان معرفة لسان العرب. ٤٧، بتصرف.
٣٣- المستشرقين، وهم أهم وأعظم طبقة تمخضت عنها اليقظة الأوربية؛ لأنهم جند المسيحية الشمالية، الذين وهبوا أنفسهم للجهاد الأكبر. ٤٨.
٣٤- وبفضل المستشرقين؛ نشأت طبقة الساسة، وهم الذين عرفوا فيما بعد باسم "رجال الاستعمار"، وبفضلهم نشأ رجال "التبشير". ٤٨، بتصرف.
٣٥ - الاستعمار... ذقنا طرفا من أفاعيله تجربة ومعاشرة، وإن كان من خذلان الله لنا أنا لم نفهمه فهما نافذا شاملا على الوجه الصحيح!. ٤٩، بتصرف.
٣٦ - وصار في الأرض عالمان، عالم في دار الإسلام مفتحة عيونهم نيام، يتاخم من أوربة عالما أيقاظا عيونهم لا تنام. ٥٠.
٣٧ - وبمعونة البحارين المسلمين العرب؛ عثر كولمبس (١٤٥١- ١٥٠٦ م/ ٨٥٥- ٩١٢ هجري) على أرض الهنود الحمر (أمريكا). ٥٢.
٣٨ - قال عن إجرام المسيحية الشمالية في الهنود الحمر:
"واستباحوها وسفحوا دماء الملايين سفحا مبيرا، غدرا وخسة". ٥٢.
٣٩ - قال عن المسيحية الشمالية:
"واتجهت أساطيلهم إلى إفريقية تختطف آلافا مؤلفة من الآمنين السود، مسلمين وغير مسلمين، رجالا ونساء وصغارا، يحملونهم في السفن إلى هذه الأرض البعيدة، أرض الهنود الحمر، وتهلك في هذه الرحلات آلاف كثيرة منهم تحت السياط، وتبقى آلاف قليلة تلقى على البر؛ لتكون تحت أيديهم بهائم مسخرة بالذل لعمارة الأرض! ". ٥٢.
٤٠- وما هو إلا قليل حتى كان تحت يد "الاستشراق" آلاف مؤلفة من مخطوطات من كتب دار الإسلام نفيسة منتقاة، مشتراة أو مسروقة، موزعة مفرقة في جميع أرجاء أوربة وأديرتها ومكتباتها وجامعاتها. ٥٤.
٤١- لا تصدق من يقول لك إن "الاستشراق" قد خدم اللغة العربية وآدابها وتاريخها وعلومها؛ لأنه نشر هذه الكتب التي اختارها مطبوعة، فهذا وهم باطل، كانوا لا يطبعون قط من أي كتاب نشروه أكثر من خمس مئة نسخة. ٥٤.
٤٢ - من خطط "المستشرقين" لتدمير العرب والمسلمين:
إنشاء مجلات بلسانهم، وهي مجلات الدراسات الإسلامية أو الشرقية؛ بل سمت همتهم فبدؤوا صنع "جماهر الإسلام" التي يسمونها "دوائر المعارف الإسلامية". ٥٤، بتصرف.
٤٣- أنشأ "المستشرقون" صورة مزورة عن الإسلام والمسلمين لدى المسيحية الشمالية.
"كان جوهر هذه الصورة... هو أن هؤلاء العرب المسلمين هم في الأصل قوم بداة جهال لا علم لهم كان... جاءهم رجل من أنفسهم، فادعى أنه نبي مرسل، ولفق لهم دينا من اليهودية والنصرانية... وقامت لهم في الأرض بعد قليل ثقافة وحضارة جلها مسلوب من ثقافات الأمم السالفة - كالفرس والهند واليونان وغيرهم، حتى لغتهم كلها مسلوبة وعالة على العبرية والسريانية والآرامية والفارسية والحبشية. ثم كان من تصاريف الأقدار أن يكون علماء هذه الأمة العربية من غير أبناء العرب (الموالي)". ٥٩، بتصرف.
٤٤- نجح" الاستشراق " في تحقيق هدفه كل النجاح، واستطاع أن يدرج الإسلام وشرائعه وثقافته وحضارته في مستنقع " القرون الوسطى" الذي طمرته" النهضة الحديثة" ووطئه " عصر الإحياء والتنوير". ٦٠.
٤٥ - و" الاستشراق" لا يذم لأنه فعل كل ذلك؛ لأنه - بلا شك - قد أدى ما عليه لبني جلدته أحسن أداء وأتمه، ونصر أهل دينه، وأخلص لهم كل الإخلاص، وكافح في سبيل هدفه بكل سلاح أجاد صقله وتقويمه، أما الذي هو حقيق بالذم والمعابة، فالعاقل الذي يظن نفسه عاقلا، والبصير الذي يظن نفسه بصيرا، ثم لا يكاد عقله يدرك شيئا هو أبين بيانا من البداءة المسلمة، ولا يكاد بصره يرى ما هو أظهر طهورا من الشمس الساطعة. ٦٢.
٤٦ - وأما الأهواء؛ فهي الداء المبير، والشر المستطير، والفساد الأكبر. ٦٦.
٤٧- وهذه القيود الثلاثة الإيمان، والعمل، والانتماء؛ هي أعمدة الثقافة وأركانها التي لا يكون لها وجود ظاهر محقق إلا بها. ٦٨.
٤٨- الثقافة واللغة متداخلتان تداخلا لا انفكاك له، ويترادفان ويتلاحقان بأسلوب خفي غامض، كثير المداخل والمخارج والمسارب. ٦٨.
٤٩ - و "الشادي" الذي تعلم شيئا من العلم والأدب، أي أخذ طرفا منه. ٧٠.
٥٠ - فأعجب العجب إذن، أن يعد أحد شيئا مما كتبه "المستشرقون" في لغتنا وثقافتنا وتاريخنا وديننا داخلا في حد الممكن، وأن يراه متضمنا لرأي حقيق بالاحترام والتقدير، فضلا عن أن يكون "عملا علميا" أو "بحثا منهجيا" نسترشد به نحن في شؤون لغتنا وثقافتنا وتاريخنا وديننا، كما هو السائد اليوم في حياتنا هذه الأدبية الفاسدة. ٧٠.
٥١- فالدين واللغة منذ النشأة الأولى متداخلان تداخلا غير قابل للفصل، ومن أغفل هذه الحقيقة؛ ضل الطريق، وأوغل في طريق الأوهام. ٧٢.
٥٢ - فالوليد في نشأته يكون كل ما هو لغة أو معرفة أو دين؛ متقبلا في نفسه تقبل الدين، أي يتلقاه بالطاعة والتسليم والاعتقاد الجازم بصحته وسلامته. ٧٣.
٥٣- وعلى قدر شمول الدين لشؤون حياة الإنسان، وعلى قدر ما يحصل منه الناشئ؛ يكون أثره بالغ العمق في لغته التي يفكر بها، وفي معارفه التي ينبني عليها كل ما يوجبه عمل العقل من التفكير والنظر والاستدلال. ٧٣.
٥٤ - الرأي نتاج مزاولة العقل لعمله. ٧٤، بتصرف.
٥٥ - الدين صاحب السلطان المطلق الخفي على اللغة وعلى النفس وعلى العقل جميعا. ٧٤، بتصرف.
٥٦ - فالثقافات متعددة بتعدد الملل، ومتميزة بتميز الملل، ولكل ثقافة أسلوب في التفكير والنظر والاستدلال، منتزع من الدين الذي تدين به لا محالة. ٧٥.
٥٧ - فالثقافة مقصورة على أمة واحدة تدين بدين واحد، والعلم مشاع بين خلق الله جميعا، يشتركون فيه اشتراكا واحدا، مهما اختلفت الملل والعقائد. ٧٥.
٥٨- الهجين: الذي في نسبه عيب قادح. 76.
٥٩- - "المستشرق"...مستحيل كل الاستحالة أن يكون في ثقافتنا نحن باحثا أو دارسا يبدي رأيا يستحق النظر والاحترام. 76، بتصرف.
60- و "المستشرق" بعيد كل البعد عن أن يعرف الحق معتما دامسا، فكيف يعرفه أبلج مستنيرا؟!. 77.
61- فإن هذا المسلك - مسلك "الغاية تسوغ الوسيلة" -؛ مسلك مألوف مستحسن محبب إلى الحضارة الأوربية السائرة على هدى "مكيافلي". 78.
62- والثقافة الأوربية والحضارة الأوربية...تسوغ استعمال رذيلة الأهواء في الدنيا وفي الناس بلا حرج؛ لأنها حضارة قائمة على السلب ونهب الأمم وإخضاعها بكل وسيلة لسلطانها المتحضر. 78، بتصرف.
63- ولا يغررك زخرف الألفاظ الوسيمة المتلألئة، مثل قولهم: الجديد والقديم، والأصالة والمعاصرة، والتجديد والتقدم، والثقافة العالمية، والحضارة العالمية، والتخلف والتحضر؛ فإنما هي ألفاظ لها رنين وفتنة، ولكنها مليئة بكل وهم وإيهام وزهو فارغ مميت فاتك. 80.
64- بعد فتح القسطنطينية بقرنين؛ انبرى مصلحون من دار الإسلام مسلمون؛ لإصلاح الخلل في دار الإسلام – خلل اللغة، وخلل العقيدة، وخلل علوم الدين، وخلل علوم الحضارة -، أبرز هؤلاء الأعلام خمسة، وهم:
1- البغدادي، عبدالقادر بن عمر، صاحب "خزانة الأدب"، 1030- 1093، في مصر.
2- الجبرتي الكبير، حسن بن إبراهيم الجبرتي العقيلي، 1110- 1188، في مصر.
3- ابن عبدالوهاب، محمد بن عبدالوهاب التميمي النجدي، 1115- 1206، في جزيرة العرب.
4- المرتضى الزبيدي، محمد بن عبدالزاق الحسيني، صاحب "تاج العروس"، 1145- 1205، في الهند وفي مصر.
5- الشوكاني، محمد بن علي الخولاني الزيدي، 1173- 1250، في اليمن. 81، بتصرف.
65- الجبرتي الكبير...كان فقيها حنفيا كبيرا نابها، عالما باللغة، وعلم الكلام، وتصدر إماما مفتيا وهو في الرابعة والثلاثين من عمره. 83، بتصرف.
66- الجبرتي الكبير في مصر؛ حضر إليه المستشرقون – في سنة 1159 - في زي طلاب علم، وقرؤوا عليه علم الهندسة، وذهبوا إلى بلادهم، ونشروا بها العلم من ذلك الوقت، وأخرجوه من القوة إلى الفعل. 83، بتصرف.
67- الثماد: حفر فيها ماء قليل. 86.
68- الاستشراق ...هو عين الاستعمار التي بها يبصر ويحدق، ويده التي بها يحس ويبطش، ورجله التي بها يمشي ويتوغل، وعقله الذي به يفكر ويستبين. 87، بتصرف.
69- كان أكبر دولتين يومئذ: إنجلترا، وفرنسا، وكان السبق لإنجلترا، فأنشأت ما يسمونه "شركة الهند الشرقية البريطانية"، وهو أول جهاز استعماري قوي، وذلك في سنة 1009- 1275، وتبعتها فرنسا، فأنشأت جهازها الاستعماري باسم "شركة الهند الشرقية الفرنسية"، 1075- 1183، ولا يغررك لفظ شركة، فإنه في الحقيقة جيش غاز مسلح، مهمته النهب والسلب وقطع الطريق، وتخويف الضعفاء. 88، بتصرف.
70- قال عن الاسشراق البريطاني بأنه جاء إلى دعوة ابن عبدالوهاب بزي الناصر والمعين؛ لتتخذ عند يقظتها يدا، وبهذه اليد تسيطر عليها وتحتويها، وأبعدت إنجلترا الرحلة من ناحية أخرى، تؤلب عليها من حولها لتطوقها، وهذا هو أسلوب بريطانيا حيث حلت من الأرض. 88، بتصرف.
71- وكان نذير الاستشراق يومئذ يحذر المسيحية الشمالية من هذه اليقظة...يقظة في ديار تضم أقدم بيتين من بيوت العلم على ظهر الأرض، عاشا جميعا متواصلين اثنا عشر قرنا موئلا للعلم والعلماء، هما:
"الجامع العتيق" بالفسطاط (جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه)، و "الجامع الأزهر" بالقاهرة. 89، بتصرف.
72- ترجم عن نابليون:
"هو الصليبي المكيافلي المغامر المفتون الفاجر (نابليون) 1183- 1237". 89، بتصرف.
73- نقل عن الجبرتي بعض ما فعله نابليون وجنوده في القاهرة:
"دخلوا إلى الجامع الأزهر وهم راكبون الخيول...وتفوقوا (أي: قاؤوا) بصحنه ومقصورته...ودشتوا الكتب والمصاحف وعلى الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها، وأحدثوا فيه وتغوطوا، وبالوا وتمخطوا، وشربوا الشراب وكسروا أوانيه...وكل من صادفوه به عروه، ومن ثيابه أخرجوه". 90، بتصرف.
74- فاقرأ...تاريخك بعين عربية بصيرة لا تغفل، لا بعين أوربية تخالطها نخوة وطنية، كما فعل أستاذنا عبدالرحمن الرافعي – غفر الله له ذنوبه – في كتابه "تاريخ الحركة القومية، وتطور نظام الحكم في مصر". 93، بتصرف.
75- قضى نابليون – بحملته الصليبية التي غزت مصر – على أكبر قوة مقاتلة في دار الإسلام – بعد قوة دار الخلافة -، قضى على بأس المماليك المصرية. 93.
76- بقي نابليون نحو سبعة أشهر في القاهرة، يخرب ويفعل الأفاعيل، وفي ...رمضان 1213؛ خرج منها ليدوخ سورية...وظل يقاتل بها نحو ثلاثة أشهر، وحاصر "عكا"، ولكن المقاومة التي لقيها هناك؛ اضطرته إلى رفع الحصار عنها في...ذي الحجة 1213، بعد أن فقد آلافا من جيشه وعشرات من قواده وعلمائه ومستشرقيه، وعلى رأسهم المستشرق الداهية "فانتور". 93، بتصرف.
77- بعد هزيمة نابليون في سوريا، ورجوعه إلى مصر، ثم هروبه إلى فرنسا 18 ربيع الأول 1214ليلا؛ وكل بدلا عنه "كليبر"، وبعد سبعة أشهر تقريبا؛ انفجرت الثورة في القاهرة، واستمرت شهرا كاملا 23 شوال- 24 ذي القعدة 1214، وبعد شهرين تقريبا؛ انقض المجاهد "سليمان الحلبي"، فعاجل "كليبر" بطعنة خنجر في قلبه، فخر وهو يصيح "إلي أيها الحراس"، "وخر صريعا لليدين وللفم"، وذلك في يوم السبت 21 من المحرم 1215.
ما كان أذكى نابليون، لقد توقع هذا المصير، فنجا بجلده هاربا، وهو ينشد ما قاله بشار بن برد:
إذا أنكرتني بلدة أو نكرتها * خرجت مع البازي علي سوادُ. 94، بتصرف.
78- ثم خلف "كليبر" على عرش نابليون في مصر "مينو"، القائد المكيافلي الشقي الكذاب المنافق الأرعن في ...المحرم 1215...أعلن الشهادتين، وأراد التقدم إلى الشيخ الجارم، فزوج ابنتيه إلى رجلين من المسلمين...وتزوج من السيد محمد البواب. 95، بتصرف.
79- كان جلاء جيش نابليون من الإسكندرية يوم الاثنين 21 ربيع الآخر 1216. 96، بتصرف.
80- قال عن نابليون:
"أقدم على تدميرها تدميرا كاملا بربري جاهل مستخف في زي متحضر". 96.
81- نابليون كان يضحي يوميا بخمسة أو ستة من المصريين في القاهرة وحدها...في قصة طويلة فظيعة، ليس لها شبيه، هي أفضع من بلايا "جنكيز خان". 100، بتصرف.
82- جهاز الاستشراق...هو الجهاز المستكن في أحشاء جهاز الاستعمار، وجهاز التبشير، يربأ لهما ويهديهما الطريق (يربأ: يرقب من مكان عال ويتطلع). 100، بتصرف.
83- المشمعل: أيك السريع النشيط. 104.
84- قضى المستشرق "فانتور" أربعين سنة يتجول في دار الإسلام قبل أن يلتحق بالحملة الفرنسية...وهو الذي أوحى إلى نابليون وأوهمه أن "تدجين" المشايخ الكبار من رجال الأزهر في الديوان – التدجين: الاستئناس، من قولهم: داجن، لكل ما يألف البيوت من طائر أو بهيمة مستأنسة – ضمان كاف لكسب ثقة جماهير دار الإسلام في مصر 105، بتصرف.
85- اصطلمهم العدو: استأصل شأفتهم وأبادهم. 106.
86- عند وصول نابليون إلى مصر؛ أنشأ الديوان، وذكر فيه أسماء المشايخ الذين اختارهم، وهذا الذكر المفاجئ وحده دليل على أن الأمر كان معدا إعدادا كاملا قبل أن تطأ قدمه أرض مصر، وأن الأسماء قد اختيرت بعد تدبير محكم ودراسة قام بها الاستشراق وأعوانه. 102، بتصرف.
87- العلج: الرجل الشديد من العجم. 106.
88- دفع عدوان الغازي وكراهيته حق طبيعي لكل جماعة من البشر يغزوها غاز في عقر ديارها، بديهة مسلمة بلا ريب. 106.
89- وإلف القبيح متلفة للإحساس والعقل جميعا. 111.
90- فكتابنا ومؤرخونا اليوم هم كما قال المتنبي في ملوك زمانه:
أرانب غير أنهم ملوك * مفتحة عيونهم نيامُ. 120.
91- وتطاولت السنون حتى استطاع الاستشراق أن يكون في قلب دار الإسلام جاليات صغيرة متخيرة بفهم ودقة من شعوب المسيحية الشمالية، عمادها الرجال الذين يحترفون التجارة، ويعرفون العربية وغيرها من لغات دار الإسلام، ويقيمون في دار الإسلام مددا طويلة، حتى يألفوا الناس، ويألفهم الناس. 122.
92- ستة من المشايخ الكبار الذين شاركوا في الثورة على المماليك، وهم:
- الشيخ العريشي، مفتي الحنفية.
- والشيخ السادات.
- والسيد نقيب الأشراف عمر مكرم.
- والشيخ عبدالله الشرقاوي، شيخ الأزهر.
- والشيخ البكري.
- والشيخ محمد الأمير.
وهؤلاء الستة كانوا ضمن التسعة الذين سجل أسماءهم نابليون في أمره الذي أصدره بتكوين الديوان في أول ساعة وطئت قدمه فيها القاهرة (يوم الثلاثاء 10 صفر 1213)، وكان تمام التسعة:
- الشيخ مصطفى الصاوي.
- والشيخ سليمان الفيومي.
- والشيخ موسى السرسي.
فرفض ثلاثة من الستة الأول أن ينضموا إلى الديوان، وهم:
- السادات.
- وعمر مكرم.
- ومحمد الأمير.
فأحل محلهم نابليون ثلاثة آخرين، هم:
- الشيخ مصطفى الدمنهوري.
- والشيخ يوسف الشبراخيتي.
- والشيخ محمد الدواخلي. 129.
93- لم يستجب للمستشرقين أحد من رجال الكنيسة القبطية...واستجاب لهم جابي المملوك "محمد بك الألفي"، وهو المعروف باسم "المعلم يعقوب"، وجمع لهم من سفلة القبط وعامتهم وغوغائهم عددا كبيرا، وانضم جهرة إلى الفرنسيين، فكون منهم نابليون فيما بعد جيشا سماه "جيش الأقباط". 133، بتصرف.
94- قال عن نابليون:
"لم يستثن الجزار ولا خلفاؤه شيخا فانيا، ولا طفلا رضيعا، ولا امرأة عاجزة، حتى انكشح هو وجنوده من أرض مصر بعد ثلاث سنوات خزايا مقهورين. 135.
95- قال عن "محمد علي سرششمة"، وهو المشهور باسم "محمد علي باشا":
وأخيرا استقر رأي المشايخ والقادة على إسناد الأمر إلى رجل كانت تركية بعثته مع ثلاث مئة من الجند في أواخر أيام الحملة الفرنسية، وكان اسمه "محمد علي سرششمة"، و "سرششمة" درجة بسيطة يلقب بها قائد عدد من الجنود في الدولة العثمانية، كان ذلك في سنة 1216.
أسندت إليه ولاية مصر في سنة 1220، بأمر من المشايخ، وكان في الخامسة والثلاثين من عمره، وكان جاهلا لم يتعلم قط شيئا من العلوم، وكان لا يقرأ ولا يكتب...ولكنه كان ذكيا داهية عريق المكر، يلبس لكل حالة لبوسها، وكان مغامرا لا يتورع عن كذب ولا نفاق ولا غدر...خالط المشايخ والقادة والمماليك الذين حاولوا العودة إلى ولاية الأمور في مصر، فنافقهم جميعا...وعلى رأس من انخدع به "السيد عمر مكرم"، أكبر قائد للمشايخ والجماهير، فبذل كل جهده في إسناد ولاية مصر إليه.
كان الاستشراق الفرنسي مراقبا للأوضاع في مصر، فأحاطت قناصله بمحمد علي، فبدؤوا يفتلون له في الذروة والغارب، ويوغرون صدره على المشايخ والقادة الذين نصبوه واليا على مصر، ويخوفونه عاقبة سلطانهم على جماهير الأمة...فكانت أول غدرة غدرها "محمد علي سرششمة" هذا بالذي نصبه واليا على مصر...وهو قائد الأمة مشايخها وجماهيرها، نقيب الأشراف "السيد عمر مكرم"، فإنه بمكره ودهائه؛ أوقع بينه وبين بعض المشايخ، ثم انتهى الأمر بأن نزع عنه نقابة الأشراف، ثم نفاه إلى دمياط في أول رجب 1224...أي: بعد ولاية هذا الغدار بأربع سنوات فقط، وبقي السيد عمر في منفاه الأول هذا عشر سنوات، حتى استدعاه إلى القاهرة، فجاءها في 12 ربيع الأول سنة 1234...ثم عاد ونفاه مرة أخرى إلى طنطا 22 رجب سنة 1237...فتوفي رحمه الله في تلك السنة نفسها...
ومهد لعزل الأزهر ومشايخه عن قيادة الأمة. 135، بتصرف.
96- تحدث عن "محمد علي سرششمة" وقال:
"وكانت إنجلترا ومستشرقوها ما فتئت تخوف الدولة التركية وتؤلبها على مهد اليقظة في جزيرة العرب، والتي قام بها وأسسها "محمد بن عبدالوهاب" 1115- 1206...واستجابت دار الخلافة بغفلتها إلى هذا التأليب، حتى جردت حملات متتابعة لقمع اليقظة الوهابية، وآبت جميعها بالإخفاق.
ثم منذ ولي "محمد علي سرششمة" جعلت تركية تدعوه إلى تجريد جيوشه لقتال الوهابيين، وتتابع هذا الطلب من سنة 1222- 1225، فلم يستجب لنداء تركية، ولكن الاستشراق بقناصله زين أخيرا لمحمد علي سرششمة أن يستجيب...وأمدوه بالسلاح...وذلك في سنة 1226، أي: بعد ولايته مصر بست سنوات، وسارت الجيوش قاصدة جزيرة العرب، ودارت الحرب التي لم تنته إلا بعد ثمان سنوات، في سنة 1235...وفقدت الجيوش المصرية آلافا من أبنائها، ولقيت هزائم كادت تودي بها.
وأخيرا تم النصر لمحمد علي سرششمة، بعد أن ارتكب من الفضائع ما لا يستحله مسلم، واستباح الديار والأموال والنساء، وهدم المدن، فكان هو وابنه وسائر أولاده طغاة من شر الطغاة.
وكانت حربا طاحنة لا معنى لها، ولا ينتفع بها إلا مورثوها من دهاة المسيحية الشمالية". 137، بتصرف.
97- وقصة إنشاء "مدرسة الألسن" في سنة 1836 م (أي بعد عودته بخمس سنوات)؛ ليست من فكر رفاعة الطهطاوي، ولا من بنات عبقريته، ولكنها ثمرة من ثمار "الاستشراق"، ودهاته الذين احتضنوه وربوه وغذوه ونشؤوه مدة إقامته في باريز. 145.
98- أما الآن، فقد انقلبت الموازين، ومزقت "الثقافة المتكاملة" في دار الإسلام، وانفردت "الثقافة المتكاملة" في ديار المسيحية الشمالية، بلا قرن يكافئها وينازلها، وإنما هو الخضوع والاستكانة لا غير. وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان!. 146.
99- ووضع "دنلوب" أسس "التفريغ" الكامل لطلبة المدارس المصرية، أي: تفريغ الطلبة من ماضيها المتدفق في دمائها، مرتبطا بالعربية والإسلام، ومهد إلى ملئه بماض آخر بائد في القدم والغموض، لم يبق من ثقافته شيء البتة. 148.
100- وأحسست أني أنا والجيل الذي أنا منه، وهو جيل المدارس المصرية؛ قد تم تفريغنا تفريغا يكاد يكون كاملا من ماضينا كله، من علومه وآدابه وفنونه. 152.
101- صار بينا عندي أننا نعيش في عالم منقسم انقساما سافرا:
عالم القوة والغنى، وعالم الضعف والفقر، أو عالم الغزاة النابهين، وعالم المستضعفين المنهوبين. 152.
102- والتذوق – وحده – عقدة العقد. 157.
103- لا يأتي التجديد إلا من متمكن النشأة في ثقافته، متمكن في لسانه ولغته، متذوق لما هو ناشئ فيه من آداب وفنون وتاريخ. 157.
104- لا يكون "التجديد" تجديدا إلا من حوار ذكي بين التفاصيل الكثيرة المتشابكة المعقدة التي تنطوي عليها هذه الثقافة، وبين رؤية جديدة نافذة، حين يلوح للمجدد طريق آخر يمكن سلوكه. 157.
105- وصار السطو على أعمال الناس أمرا مألوفا غير مستنكر، يمشي في الناس طليقا عليه طيلسان "البحث العلمي"، و "عالمة الثقافة" و "الثقافة الإنسانية". 167.
106- فالأديب منا مصور بقلم غيره، والفيلسوف منا مفكر بعقل سواه، والمؤرخ منا ناقد للأحداث بنظر غريب عن تاريخه، والفنان منا نابض قلبه بنبض أجنبي عن تراث فنه!. 167.
107- أما الثرثرة والاستخفاف، فحدث ولا حرج، فالصبي الكبير يهزأ مزهوا بالخليل وسيبويه وفلان وفلان، ولو بعث أحدهم من مرقده، ثم نظر إليه نظرة دون أن يتكلم، لألجمه العرق، ولصار لسانه مضغة لا تتلجلج بين فكيه، من الهيبة وحدها، لا من علمه الذي يستخف به ويهزأ!. 167.
تلخيص/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طيبة المطيبة- الخميس- 27/1/1444
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق