فرق بين حياة وحياة، ومحمد - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - فرقٌ بين الناس، وفرَّق بين الناس أيضا كما روي.
وإنها لحياة بائسة تلك الحياة التي تقوم على "الأنانية" أو "المادية"؛ بتشرب ثقافات دخيلة هشة، خيلت للكثير من "الجيل المنفتح" بوجوب عيشها "حياة مثالية" أو "وردية" بتماثيل مصطنعة، وتلك من معضلات العصر الذي بلي جيله بما لم يعد يشعر بما بلي به، أو لعله يشعر، ولكن كما قيل :
لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد
ومن ذلكم :
ما يصدر من تماثيل تصور للجيل المستهدف "نعومة الحياة" و "عبء الزواج" و "ثقل الشرع"!... في خطوات شيطانية يعجب منها الشيطان نفسه، ويلقي سلاحه؛ ليجلب أولئك المردة من الإنس بخيلهم ورجلهم على أركان الفضيلة ليشوهوها، وجمال الحياة ليطمسوها، فلا يرى إلا نفسه، ولا يفهم نفسه ولا الآخرين إلا كما يريدون له أن يفهم، ولا يتخذ مساره في حياته الزوجية أو الفكرية إلا على ضوء ما يريدون له أن يختار أو يتخذ! فهو يعيش بين جدران مصمتة، ولكن بفعل الجوال - أو لعله الدجال -؛ فإن حياته يخطط لها الآخرون، ويسيرها الغرباء، وبتفسير أدق "الأعداء الألداء"، فكم هدموا من فكر، وكم خلطوا حقا بباطل، وكم زرعوا من سموم قاتلة؛ يصعب قلعها إلا بتعليم متقن، في عرض وأسلوب جذاب ومبتكر...
إنه بفعل تصدير تلك الثقافات؛ وصلوا بالجيل إلى "فوضى فكرية" و "تخبط منهجي" و "تصور منكوس" للنفس والحياة والآخرين، ولا غرابة، فمن ملأ نفسه من أفكار غيره، وأسلمهم زمام الأمور؛ فلا يلومن نفسه إن هدموا بيته، وزرعوا السم في أحشائه، وأتوا على أتعابه؛ لينسفوها في فضاء لا يؤمن إلا ب "القوة"!
من الضعف - والله - : أن تسلم عقلك لعدوك، وتلهث وراء سراب من قتلك على يديه، قتل نفسك، وزهق روحك، وإراقة دمائك؛ كل ذلك يهون عند ما تذبح بلا سكين، في "معارك الفضيلة" و "ميادين الشرف" و "مسالك المنهج" و "ساحات العقيدة"!
رسالتي:
لا تغفلوا عن تحييد هجمات العدو إن لم تصدوها، الأب يتعلم العلم الصحيح المبني على القرآن والسنة بفهم سلف الأمة الصالح، والأم كذلك، وأيضا الأولاد، فلا حصن كحصن العلم، فمنه تستمد المعاني السامقة، والأفكار النبيلة، وبه يكون الثبات؛ لأنه لا ثبات بلا عمل، ولا عمل بلا نية، ولا نية بلا علم، ولا علم بلا إرادة، ولا إرادة بلا توفيق، ولا توفيق بلا موفق - وهو الحق سبحانه -، فيتوجه بكليته لله؛ صدقا وإخلاصا ومتابعة وعملا دؤوبا لا يفتر، وقد فاز من ذكر، فصبر وشكر، وهما قطبا الدين، وأساس الملة، وقوام الشريعة.
هذه المعاني تحارب أشد المحاربة في عصرنا حربا علنية بلا استحياء، والغالب نوام، فأين "حراس الفضيلة" و "حماة الأعراض" و "أهل النخوة" و "أصحاب الغيرة" و "فرسان المروءة"؟!
إنهم هم الغرباء، ولكن المسؤولية عظيمة في تبيين "روح الشريعة" و "مسالك المنهج" و "نظام العقيدة" و "أسس الدين"؛ حتى لا ننجرف وراء العاصفة، ولا تأخذنا العاطفة "فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ".
حرره/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - الاثنين ١٤٤٣/٦/٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق