(وإن تعجب فعجب ١٢)
أعرف أحدا من أقاربنا من أرباب الدخل المتوسط - وهو ذو أعمال حرة -، كل عيد يخرج من جيبه ما تيسر؛ يوزعه على أولاده - ذكورا وإناثا - وكذلك أحفاده وأسباطه - والسبط: ولد البنت -.
العجيب ليس في هذا الموقف المعبر، ولكن عندما تقارن بين هذا الموقف ومواقف أخر كثيرة، أصحابها - ربما - أعلى منه دخلا، ولكن لا يقدمون ربع معشار ما يقدمه ذاك، صاحب الدخل المتوسط!
من هنا نتيقن أن ثمة سرا خفي عنا، ألا وهي (وجعلني مباركا أينما كنت) و (خيركم خيركم لأهله...) وكذلك (من لا يرحم؛ لا يُرحم) وأيضا (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وأيضا (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) وكذلك (وما تقدموا لأنفسكم من خيرا تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا)، وغيرها من الآيات والأحاديث، التي تبين جانبا مما ينبغي أن يكون عليه المسلم، وهو أن يتخلق بالأخلاق الحسنة، والشمائل الطيبة، ومن ذلكم أن يتصدق وأن يبذل من ماله - الذي في الحقيقة هو مال الله -، وأن يعلم أن بذله وتصدقه - خاصة على الأقربين -؛ هو صلة وصدقة ومروءة العربي الأصيل، وأنها من صفات الخيرية والرحمة، ومن أداء حق الله بشكره بالبذل والتصدق والرحمة، وأن من الناس من يكون مباركا نافعا لإخوانه المسلمين أينما حل وارتحل، ومن الناس من يكون جموعا منوعا، بخيلا شحيحا، قاسطا مضيعا لمن يعول، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
المدينة- الحمراء- الأربعاء ١٤٤١/١١/٢٤