(مثال على الاقتصاد في المال)
الحمدلله...وبعد:
لو وفر س من الناس شهريا ١٠٠٠ ريال لثلاثين سنة؛ يكون المجموع ٣٠٠ ألف!
٢٠٠٠ شهريا؛ ٦٠٠ ألف!
كم وكم يلقى في المزابل والقمامات؟!
كم يبذر الواحد ماله في مداومة على سفر يسافره، أو استراحة يستريح فيها، أو صحبة يشارك في التبذير معهم، أو يضيعه في علب السرطان والقتل البطيء، أو في أجهزة لعب ولهو، أو في كماليات بإمكانه أن يستغني عن أكثرها، ولم أقل كلها؛ لأنني واقعي أيضا، لا أحلق في دنيا الأحلام، ولا أسبح في الخيال!
هذا مثال واقعي، وتشخيص واقعي لأخطر مرض، أو لعله من أخطر أمراض العصر الذائعة صيتا، الكل يشاهد؛ لكن لا يبصر؛ لا يبصر بقلبه وفكره وعقله، وإن كان يبصر؛ أي: يرى بالعين المجردة عن العقل والفكر والقلب!
هكذا تبذر الأموال، وهكذا تضيع النعمة، وهكذا الإسراف يكون، وهكذا تتبلد المشاعر، وتجمد الأحاسيس؛ فلا أحد يرضي نهمته في إلقاء المال وتضييعه وتبذيره؛ فلا يزال به هذا المرض إلى أن يتحمل على ظهره حمالات؛ تثقل كاهله؛ بل ربما تهده؛ فلا يستطيب مناما، ولا يهنأ برقاد، ولا يغمض له جفن؛ يتقلب على جمر الهموم في تسديد الديون والمستحقات، وردها لأصحابها؛ هذا والله مرض السرف، وعقبى الترف، وجزاء الصدوف والإعراض عن قول السلف؛ بل خير الأولين والآخرين؛ نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين - حين أشهرها ذائعة في الآفاق؛ فقال: (إن لنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا؛ فأعط كل ذي حق حقه) وقال: (ثلث لطعامك، وثلث لشرابك، وثلث لنفَسك)؛ يوصي بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - ولكن أين من يجيب داعي الله وداعي رسوله والمؤمنين؟!
وقال أصدق القائلين: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا). الإسراء.
والأقربون أولى بالمعروف؛ قاعدة شرعية ربانية.
فهذا مشروع ناجح بامتياز؛ فأين أصحاب المشاريع؟!
الإشكال في عدم النظرة التكاملية الشاملة لكل الزوايا، واستصغار هذا القليل، واستطالة الأمد؛ فيقول دعنا نتمتع!
فيا فوز المقتصدين، وهلكة المبذرين المسرفين (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا). بني إسرائيل.
بقلم العبد المقتصد/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
حارة المكيسر- الدوداء- السبت ١٤٤٠/١٠/٢٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق