الاثنين، 26 مارس 2018

أعظم رجل

(أعظم رجل)

الحمدلله ذي العظمة والجلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى خير الرجال، المزين بأوصاف الكمال، المتعبد لله على كل حال، عزيز عليه ما يشق على المؤمنين رؤوف رحيم عظيم الخصال، بهي الجمال، كريم الخلال، صلى الله عليه وسلم ما بدر بدا وتم هلال، وعلى آله وصحبه خير صحب وخير آل، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المآل، ومن تبعهم واقتفى آثارهم بالقول والفعال.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا...). الأحزاب.
ثم أما بعد:
عباد الله: ألا فاتقوا الله حق تقواه، واستمسكوا من الإسلام بأوثق عراه (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها...). البقرة.
أمة الإسلام: إن أعظم رجل عرفته البشرية جمعاء، وشهد له التاريخ بالصدق والعفة والطهارة والأمانة والوفاء، والإحسان والكرم والشجاعة والإقدام والسخاء، والصفاء، والنقاء، والبهاء والجلال والكمال والتقى، هو من قال فيه ربنا العلي الأعلى: (وإنك لعلى خلق عظيم). القلم.
ومن قال فيه: (وإن تطيعوه تهتدوا).
ومن قال فيه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). الأعراف.
ومن قال فيه: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم...). التوبة.
ومن قال فيه: (ولو كنت فظا غليظ القلب لا انفضوا من حولك). آل عمران.
ومن قال فيه: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون).
عباد الله: إن رسولنا الكريم - عليه أفضل صلاة وأتم تسليم - هو أعظم رجل شهد له القرءان، ونطق بعظمته الثقلان، وأقر له بذلك أعداؤه قبل أوليائه ومحبيه.
إن نبينا محمدا - عليه الصلاة والسلام - قد اجتمعت فيه أنواع من الكمالات البشرية، فهو - صلى الله عليه وسلم - أكمل الناس قدرا، وأرفعهم ذكرا، وخيرهم طرا، وأشرحهم صدرا، وأخفهم وزرا، وسيد ولد آدم أجمعين ولا فخر.
أعطي الكوثر، وصلى لله ونحر، وسبح بحمد ربه واستغفر، وشانئه هو الأحقر والأبتر.
كمل - صلوات ربي وسلامه عليه - في نظرته للحياة، فكان يقول: (ما لي وللدنيا، وما أنا والدنيا، إنما أنا والدنيا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها).
وهو - صلى الله عليه وسلم - كامل في دعوته لربه، فعندما عرضت عليه قريش الدنيا بذهبها وزخرفها ورئاستها مقابل ترك الدعوة إليه - جل وعلا -؛ قال لعمه أبي طالب: (يا عم والله لو جعلوا القمر عن يميني والشمس عن يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه).
وهو - صلوات ربي وسلامه عليه - كامل في عبادته لربه؛ فكان يقوم حتى تتفطر قدماه؛ فقيل له في ذلك؛ فقال: (أفلا أكون عبدا شكورا؟!!!).
وهو - صلى الله عليه وسلم - كامل في صبره وحلمه وعفوه؛ فقد آذاه  قومه بأنواع من الأذى الحسي والمعنوي، وتعرضوا لأتباعه بالعذاب والتنكيل، حتى حاولوا قتله واغتياله، وهجر من دياره، وشوهوا سمعته، وبعد جهاد جهيد مع أعداء الملة والدين، وزعماء الكفر والوثنية، وصناديد الضلالة والجاهلية؛ يدخل - صلى الله عليه وسلم - مكة فاتحا منتصرا، مطأطئا رأسه لربه متواضعا، فلما ملك رقابهم، قال: ما تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فعفى عنهم - صلى الله عليه وسلم - إلا رجالا، قال لأصحابه: اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، وذلك لشدة عداوتهم وحقدهم وحربهم للإسلام والمسلمين.
وكان يقول: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون).
وما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله.
وكمل - صلوات الله وتسليماته عليه - في جوده وكرمه؛ فقد روى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً قط إلا أعطاه، فأتاه رجل فسأله، فأمر له بغنم بين جبلين، فأتى قومه فقال: أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة".
وكمل - صلوات ربي وسلامه عليه - في بأسه وقوته وشجاعته، وكان صحابته - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - يتقون به إذا حمي الوطيس، واشتد القتال في أرض النزال.
وكمل - عليه الصلاة والسلام - في معاشرته لأهله والناس، فكان كثير التبسم، جميل المحيا، طلق الوجه، يمازح أصحابه أحيانا، ولا يقول إلا حقا، ويرحم الصبية.
قال أنس - رضي الله عنه -: خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي: "أف" قط، وما قال لشيء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟!.
وكان يوصي بالنساء خيرا، ويحذر من ظلم الخدم، وكان يكون في مهنة أهله - كما قالت عائشة رضي الله عنها -؛ يخصف نعله، ويغسل ثوبه، ويرجل شعره.
فهو - صلى الله عليه وسلم - عظيم في بساطته، بسيط في عظمته، متواضع في عزة، عزيز في ذلة، لم يسجد لغير الله، وخير بين أن يكون عبدا رسولا، أو ملكا رسولا، فاختار العبودية مع الرسالة، وأعطي الحوض والشفاعة، ومبادئه ظاهرة إلى قيام الساعة، وأمته خير الأمم، وكتابه أعظم الكتب، وهو أعظم أولي العزم من الرسل، وبه ختموا، وعليهم فضل، وكرم وشرف وجل، فما غير الله وجل، وليس إلا إياه استقبل، وبه كان يصول ويجول أينما حل وارتحل.
فدونكم هديه الكريم، وطريقه المستقيم، وشمائله النيرة، وسيرته العطرة، فوالله ما ضل من كان مقتفيا لأثره، مستمسكا بسنته، داعيا إليها.
وأحسن منك لم تر قط عيني * وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرءا من كل عيب * كأنك قد خلقت كما تشاء

بارك الله لي ولكم في القرءان والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين، فاستغفروه وأنيبوا إليه، إنه خبير بما تصنعون.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الاثنين ١٤٣٩/٧/٩.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق