الاثنين، 17 أبريل 2017

الاستكثار

قيد الخاطر:
قيد الخاطر:
قيد الخاطر:
(الاستكثار)

استكثار بني آدم بالأموال والأولاد وحب المدح، والجاه والمنصب والرئاسة والظهور، وغير ذلك من أنواع التكاثر - كما هو اللفظ القرءاني - يلهي عن الحقيقة التي لا مفر ولا مناص منها، ولا محيص ولا محيد عنها "ألهاكم التكاثر* حتى زرتم المقابر".

يلهي عن الموت وسكرته، والقبر وظلمته، وما بعده من الأهوال والشدائد؛ حتى يصل اللهو بالعبد إلى أن يفجأه الموت "ولات ساعة مندم"؛ بل يرى العبد الجحيم عيانا بيانا؛ فلا يرى إلا ما قدم!

يا ليتهم يستكثرون من الخيرات، ويسابقون إليها ولا يغترون بما يستكثرون منه؛ فإن الدنيا تتقلب بأهلها، السعيد فيها من لم تغرره بسرابها، والشقي من نازع أهلها كما تتنازع العظام كلابها؛ فلم يجن سوى الهم والنكد، وضياع الصحة فيما لا طائل للعبد من ورائه ولا نفع.

ومن العجائب - والعجائب جمة - ما شاهدته من استهزاء وتهكم وسخرية من يدعون التدين بأحد الدعاة، والسبب بزعمه قلة من يحضر له!

يا قوم، أفيقوا، النصوص تتلى، والمواعظ تترى، والبعض في غفلته قد طغى وبغى، وآثر الحياة الدنيا، واستكثر من متاعها الفاني، واغتر بزخرفها وكثرة خدامها، ولم يعتبر المسكين بقصة نوح - عليه السلام -، فقد لبث في دعوة قومه ألف سنة إلا خمسين عاما "وما آمن معه إلا قليل"! وفي الحديث بمعناه: يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل، ويأتي النبي ومعه الرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد!

للأسف الشديد أن يتغافل البعض أو يتجاهل هذه الحقيقة، أو هذا المبدأ القرءاني العظيم؛ فالحق لا يعرف بالكثرة، إنما الحق ما وافق الكتاب والسنة - وإن خالفه الناس ورفضوه -.

وفي كلام الله يجد المتدبر بغيته، فأكثر الناس لا يعقلون، لا يفقهون، لا يعلمون، لا يؤمنون، لا يتبعون!

الناس مفطورون على معرفة الله، ويأتي الخلل والتقصير من الكبراء "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا". الأحزاب.

فيجب على الدعاة والمصلحين أن لا تأخذهم في الله لومة لائم كان من كان، أن يرفعوا رؤوسهم بالحق والسنة، ألا يتنازلوا عن مبادئهم قيد أنملة، ألا تغرهم الكثرة، ومدح الناس، والظهور على الشاشات وفي وسائل الإعلام المختلفة؛ بل يكونوا على سنن الهداة الأولين، غير مبدلين ولا آبهين بالمستهزئين؛ فإن كانوا يستهزئون ويسخرون؛ فلقد أخبر الله أن المؤمنين في يوم القيامة "من الكفار يضحكون* على الأرائك ينظرون* هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون". المطففين.

بقلم/
عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الاثنين ١٤٣٨/٧/٢٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق