الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

لغة الجمال والكمال

(لغة الجمال والكمال)

الحمدلله الأكرم، علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على النبي الأعظم، نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد

فإنه مما علم ـ وقد تحتم ـ أن القرآن العظيم ـ كلام الله ـ هو أفصح البيان، وأبين الكلام "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد". فصلت 42.

ومما علم ـ أيضا ـ أنه بلسان عربي مبين، ورسوله الكريم ـ عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم ـ قد أرسل إلى الخلق كافة ـ بشيرا ونذيرا ـ بذات اللغة المختارة لكتابه العزيز، فهو ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بعث في الأميين ـ مخاطبا إياهم ـ بلغتهم ـ اللغة العربية، لغة الجمال والكمال ـ، وقد بلغوا أوج الفصاحة والتبيان، ولم تطش عقولهم، ولم تصغ أسماعهم، ولم ينبهروا من قبل كما انبهروا من تلاوة آيات الذكر الحكيم، الذي أنزل ـ من لدن حكيم عليم ـ بأرقى أساليب اللغة ومعانيها.


إن اللغة العربية ـ حقا ـ تتمثل في هذا المصدر الثري المعجز، والينبوع الصافي، والمنهل العذب، والنبراس المضيء لكل مهتد يريد فكاك رقبته من النار.

إنها تتمثل في أقوال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما نقل عنه في كتب السنة الكثيرة.

تتمثل أيضا في كتب اللغة ذاتها بفنونها المتعددة.

إنه لا يسعنا إلا أن نقول:

إن اللغة العربية بمعانيها الزاخرة، وأمثلتها الباهرة، بشعرها ونثرها، بحكمها وأسرارها؛ لهي أم اللغات.

إنها لغة الجمال والكمال، لغة المجد والسؤدد.

فعلينا ـ جميعا ـ ألا نبغي بها بدلا، وأن نحسن القيام بحقها؛ حفظا للدين من الصائلين عليها، الناعقين بوأدها، المطالبين بتنحيتها، أو حتى التقليل من شأنها وتأثيرها؛ لأن الدين يستغرقها، وليس ثم لغة تقاربها فضلا عن أن تماثلها.

إنها  لغة القرآن المبين، لغة الصادق الأمين ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ، لغة ديننا الحنيفي السمح.

إنها لغة ثقافتنا وفكرنا.

إنها المعين الذي لا ينضب على مر السنين؛ لأنها مرتبطة ـ ارتباطا وثيقا ـ بهذا الكتاب المحفوظ، كما قال ربنا: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا 
.بمثله مددا). الكهف 109

نعم، القرآن الكريم فصيح معجز بذاته، ولم تستحق اللغة العربية هذا التشريف والتكريم إلا لما أنزله الله بها، فازدانت وتألقت، وسمت في ذرى الأمجاد وتعلقت، فأخذت بعقول من يسمع الآيات، وأسرت ـ ببديع لفظها، واتساق نظمها ـ ذوي الحجى والمكرمات.

إنها لغة العظمة والسمو، فإلى بحرها الزخار نبحر سويا، وإلى موردها العذب ننهل ريا:

لغة ما سافر الإبداع فيها *** سفرا إلا أعادته فتيا



بقلم/

أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الثلاثاء 22/3/1438.


 بمناسبة:

مشاركتي في مسابقة (الإبداع الأدبي)، تحت إشراف (مركز دار مبين للتدريب).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق