(أفلح الوجه أيها المختار)
أفلح الوجه أيها المختار * وسعدت باللقيا وفاز جوار
وكساك ربي من عطاء سابغ * فهو الكريم وفضله مدرار
وربوت تنهل من معين دافق * منذ الصبا فسبيلك الأبرار
بالحق والإيمان تغدو فارسا * بكرامة لم يغرك الدولار
فالقلب أخلص للإله مسلِما * فله الأمور ترد والأقدار
والفكر صاف ما عليه غشاوة * والدار طوبى والنعيم قرار
ورضا الإله وصحبة في حزبه * في دار عدن يا نعما الدار
والذكر بين العالمين بعزة * يرنو لها الأحرار والأخيار
جاهدت في ذات الإله مثابرا * شيخا كبيرا ملؤك الإكبار
لم تخش يوما أو ترق لمجرم * حشد الجيوش وقومُه الفجار
يتحزبون لحرب كل موحد * بل آمن في سربه أشرار
غصبوا الحرائر ذبحوا أطفالهم * بجيوش غدر أزها الكفار
عقدان تدأب في جهاد ماجد * والنصف حتى ما عليك غبار
فشروا حياتك يا كريم بغدرهم * حتى شُنقت ونهجك الإصرار
ونطقت يا مختار حكمة صابر * أن الخلود يناله الأحرار
فاهنأ بعيش آمن في جنة * قد زينت وطعامها أطيار
واهنأ بحور قاصرات خالدا * وصفاتهن العرب والأبكار
واصدح على مر الزمان مناديا * ولتستفق لندائك الأمصار
أن الجهاد بعون ربي قائم * حتى القيامة ما أظل نهار
وسبيله الإعداد يرهب جندهم * من قوة وحصاده الإعمار
ويفل جند عداتهم بجهادنا * وينكس الخوان والغدار
فلذا سعوا في أمتي بجهادهم * فيخدرون ونهجهم عُوار
لكن نصر الله آت في غد * مهما تطاول ليلهم والعار
ويحرر الأقصى وشام إبائنا * وعراقنا المسلوب والمنهار
ويحكم الكلم الكريم بعزة * فالسيف حُد وصارم بتار
هذا سبيل الكادحين لربهم * لا عز إلا شرعنا القهار
لا عز إلا في الرجوع لديننا * فبه الحياة ونهجنا استغفار
لا عز إلا أن نفيق بسكرة * غشت القلوب فأظلمت أبصار
لا عز إلا في الجماعة عصمة * نمضي عليه ونهجنا استبصار
هذي خواطر قد أفضت ببثها * نهجي قويم ربي الغفار
هي من محب صادق في حبكم * أسد الجهاد فطبت يا مختار
شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
بمناسبة:
إرسال أحد أعز زملائي محمد بن ضيف الله الهرساني صورة الشهيد السعيد - بإذن الحميد المجيد - أسد الصحراء، شيخ الجهاد والمجاهدين، المؤمن الحر الكريم الأبي، الذي واجه المحتل الإيطالي بإعداد وعدة هي من منطق العقل والمادة لا يمكن أبدا أن تواجه كل تلك الجيوش والأسلحة المتطورة، ومضى لخمسة وعشرين عاما مجاهدا صابرا، حتى فاوضوه، لكنه رفض، ولما قبض عليه بخيانة، ثم حوكم محاكمة صورية، وعرض عليه قبلها أن يدعو أتباعه للكف عن جهاد المحتل الإيطالي؛ رفض بقوة، وقال: (نحن لا نستسلم، ننتصر، أو نموت)، ثم شنق بعدها بعزة المؤمن في ثبات واستبسال، إنه عمر المختار، فكتبت هذه الأبيات في مسجد عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - في طبرجل في يوم الخميس، بتاريخ ١٤٤٣/٨/٢١، ولله الحمد والمنة والفضل والإحسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق