الثلاثاء، 30 يناير 2024

اعتماد صالون رواد المعرفة الثقافي

(اعتماد صالون رواد المعرفة الثقافي في طبرجل)

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الثلاثاء- ١٤٤٥/٧/١٨

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
تراودني أفكار وأفكار، فلم أكن أعبأ بما يطرق سمعي من تثبيط، ومنها: فكرة (إنشاء أكاديمية علمية ثقافية)، وسترى النور - بحول الله وقوته - قريبا.
وقد قدمت على إنشاء صالون علمي ثقافي أدبي في طبرجل، وراسلت جمعية الأدب والأدباء في المدينة، فوافقوا، ورفعوا اسمي - بعد اختياري لاسم الصالون - إلى وزارة الثقافة، وفي أقل من أسبوعين جاءت الموافقة في يوم الاثنين الموافق ١٤٤٥/٧/١٧.
وافقت على إدارة الصالون وتفعيل البرامج العلمية والثقافية والأدبية.
موقع الصالون في (كافي لارفن) واسم الصالون (صالون رواد المعرفة الثقافي
)، وهو في طبرجل. 
سينطلق - بحول الله وقوته - تقريبا في يوم الثلاثاء، بتاريخ ١٤٤٥/٨/٣.
والبرامج والندوات ستكون أسبوعيا بواقع ندوة أو دورة كل أسبوع.
ومن البرامج:
مناقشة كتاب.
تدريب على فنون القراءة.
تدريب على الإملاء.
تطوير الذات.
أمسيات شعرية ولقاءات أدبية.
وغيرها.
وستكون في بث مباشر.
وستكون مكتبة مخصصة للبيع، وكتب مخصصة للقراءة.

الاثنين، 29 يناير 2024

شذرات من (آثار البشير الإبراهيمي)

شذرات من (آثار البشير الإبراهيمي)

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه شذرات من كتاب (آثار العلامة البشير الإبراهيمي) وهو مصلح مجدد جزائري، ونصح بقراءة تراثه وتراث علماء الجزائر - كابن باديس والخضر حسين والمبارك الميلي - شيخنا المفضال صالح العصيمي، حيث إنها في الذروة من البلاغة، والسمو من الأدب.
(الكتاب: " آثَارُ الإِمَام مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي "- المؤلف: محمّد بن بشير بن عمر الإبراهيمي (ت ١٣٨٥هـ)، جمع وتقديم: نجله الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي- الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، ١٩٩٧، عدد الأجزاء: ٥).
وهذه بعض الشذرات من هذه الآثار:
١- ومن العجائب أن هذه الحضارة القائمة الآن تساندت في تكوينها وفي تلوينها عدة لغات مختلفة الأصول، ولم تستطع أن تقوم بها لغة واحدة على حين أن العربية قامت وحدها ببناء حضارة شامخة البنيان ولم تستعر من اللغات الأخرى إلا قليلًا من المفردات. ٣٧٤/١
٢- أيها الإخوان:
لو لم تكن اللغة العربية لغة مدنية وعمران، ولو لم تكن لغة متّسعة الآفاق غنية بالمفردات والتراكيب، لما استطاع أسلافكم أن ينقلوا إليها علوم اليونان وآداب فارس والهند، وَلَأَلْزَمَتْهُم الحاجة إلى تلك العلوم تعليم تلك اللغات، ولو فعلوا لأصبحوا عربًا بعقول فارسية وأدمغة يونانية، ولو وقع ذلك لتغير مجرى التاريخ الإسلامي برمّته.
لو لم تكن اللغة العربية لغة عالمية لما وسعت علوم العالم، وما العالم إذ ذاك إلا هذه الأمم التي نقل عنها المسلمون.
قامت اللغة العربية في أقلّ من نصف قرن بترجمة علوم هذه الأمم ونُظمها الاجتماعية وآدابها فوعت الفلسفة بجميع فروعها، والرياضيات بجميع أصنافها، والطب والهندسة والآداب والاجتماع، وهذه هي العلوم التي تقوم عليها الحضارة العقلية في الأمم الغابرة والحاضرة، وهذا هو التراث العقلي المشاع الذي لا يزال يأخذه الأخير عن الأول، وهذا هو الجزء الضروري في الحياة الذي إما أن تنقله إليك فيكون قوّة فيك، وإمّا أنْ تنتقل إليه في لغة غيرك فتكون قوة لغيرك. وقد تفطن أسلافنا لهذه الدقيقة فنقلوا العلم ولم ينتقلوا إليه. وقد قامت لغتهم بحفظ هذا الجزء الضروري من الضياع بانتشاله من أيدي الغوائل وبنقله إلى الأواخر عن الأوائل، وبذلك طوّقت العالم منة لا يقوم بها الشكر، ولولا العربية لضاع على العالم خير كثير. ٣٧٦/١.
٣- كيف يشقى المسلمون وعندهم القرآن الذي أسعد سلفهم؟ أم كيف يتفرّقون ويضلّون وعندهم الكتاب الذي جمع أوّلَهم على التقوى؟ فلو أنهم اتّبعوا القرآن وأقاموا القرآن لما سخر منهم الزمان، وأنزلهم منزلة الضّعة والهوان، ولكن الأولين آمنوا فأَمِنُوا واتبعوا فارتفعوا، ونحن ... فها قد آمنّا إيمانًا معلولًا، واتّبعنا اتّباعًا مدخولًا، وكل يجني عواقب ما زرع. ٩/٢.
٤- "أيها العرب، إن قضية فلسطين محنةٌ امتحن الله بها ضمائركم وهممكم وأموالكم ووحدتكم، وليست فلسطين لعرب فلسطين وحدهم، وإنما هي للعرب كلهم، وليست تُنال بالشعريات والخطابيات، وإنما تنال بالتصميم والحزم والاتحاد والقوّة".
"إن الصهيونية وأنصارها مصمّمون، فقابلوا التصميم بتصميم أقوى منه، وقابلوا الاتحاد باتحاد أمتن منه".
"وكونوا حائطًا لا صَدْع فيه ... وصفًا لا يرقع بالكسالى". ١٠/٢.
٥- وإن البناء لا يعلو قويًّا صحيحًا متماسك الأجزاء متعاصيًا على الهزات والزلازل إلا إذا كان الأساس قوّيًا متينًا، متمكنًا ركينًا، وإن هذا الجيل الذي بين أيديهم هو حجرة الأساس في بناء هذه الأمّة من جديد. فليثبتوا الأساس، ليثبتوا الأساس. ١١٠/٢.
٦- وإذا اختلفت الأصول والمناهج في أمّة واحدة كانت كلها فاسدة، لأن الصالح كالحق لا يتعدد ولا يختلف. وخير المناهج لأمّة كأمّتنا في ظرف كظروفنا ما خرج سالكه بفكر صحيح وإن لم يخرج بعلم كثير. ١١١/٢.
٧- أي أبنائي المعلّمين:
إنكم في زمن، كراسي المعلّمين فيه أجدى على الأمم من عروش الملوك، وأعود عليها بالخير والمنفعة. وكراسي المعلّمين فيه أمنع جانبًا وأعزّ قبيلًا من عروش الملوك: فكم عصفت العواصف الفكرية بالعروش، ولكنها لم تعصف يومًا بكرسي المعلم. ١١٢/٢.
٨- وإن الصغير لا يفلح في التربية ولا ينجح في القراءة إلا إذا أحبّ معلّمه كحبّه لأبويه أو أعظم، وأحبّ المدرسة كحبّه لبيت أبويه أو أشدّ. ١١٣/٢.
٩- وإن أشرف خدمة يقدّمها العاملون المخلصون لأمّتهم ولوطنهم هي التعليم والتربية الصالحة، فهما سلّم الحياة وإكسير السعادة. ١١٥/٢.
١٠- فالمثقف هو الرجل المُهَذّب المستنير الفكر المجوهر العقل المستقل الفكر في الحكم على الأشياء، الجاري في تفكيره على قواعد المنطق لا على أسس التخريف، المطلع على ما يمكن من شؤون العالم وتاريخه، الملم بجانب من معارف عصره.
وقد تتسع الثقافة بوفرة الحظ من الأخلاق وكثرة المعلومات وقد تضيق بقلتهما وقد تنقسم باعتبارات جنسية أو لغوية أو دينية. فيقال: الثقافة العربية أو الفرنسية ويقال الثقافة الإسلامية أو المسيحية مثلًا. ١٢٥/٢.
١١- معنى الكلمة في الذوق العربي يرمي إلى أن أساس الثقافة هو حسن التربية وصحة الإدراك والتقدير للأشياء، وسلامة التفكير والاستنتاج العقلي واستقامة السلوك في معاملة الناس، ويرمي كذلك إلى اعتبار الاخلاق الفاضلة قبل كثرة المعلومات، ولعل هذه النقطة الأخيرة هي التي يختلف فيها النظران الشرقي والأوروباوي. ١٢٦/٢.
١٢- والمثقفون في الأمم الحية هم خيارها وسادتها وقادتها وحرّاس عزها ومجدها. تقوم الأمة نحوهم بواجب الاعتبار والتقدير، ويقومون هم لها بواجب القيادة والتدبير، وما زالت عامة الأمم، من أول التاريخ تابعة لعلمائها وأهل الرأي والبصيرة فيها، تحتاج إليهم في أيام الأمن وفي أيام الخوف. تحتاج إليهم في أيام الأمن لينهجوا لها سبيل السعادة في الحياة، ويغذونها من علمهم وآراثهم بما يحملها على الاستقامة والاعتدال، وتحتاج إليهم في أيام الخوف ليحلوا لها المشكلات المعقدة ويخرجوها من المضائق محفوظة الشرف والمصلحة.
والمثقفون هم حفظة التوازن في الأمم وهم القومة على الحدود أن تهدم وعلى الحرمات أن تنتهك وعلى الأخلاق أن تزيغ، وهم الميزان لمعرفة كل إنسان حدّ نفسه. ١٢٦/٢.
١٣- إن أول واجب على المثقفين إصلاح أنفسهم قبل كل شيء، كل واحد في حدّ ذاته، إذ لا يصلح غيره من لم يصلح نفسه، ثم إكمال نقائصهم العلمية واستكمال مؤهلاتهم التثقيفية حتى يصلحوا لتثقيف غيرهم، إذ ما كل مثقف يكون أهلًا لأن يثقف. ١٢٨/٢.
١٤- أما الواجب في حدّ ذاته فهو في الجملة إيصال النفع والخير إلى الأمة ورفع الأمية والجهل عنها، وحثها على العمل وتنفيرها من البطالة والكسل، وتصحيح فهمها للحياة وتنظيف أفكارها وعقولها من التخريف، وتنظيم التعاون بين أفرادها وتمتين الصلة والثقة بين العامة والخاصة منها، وتعليمهم معاني الخير والرحمة والإحسان لجميع الخلق. ١٢٩/٢.
١٥- وكل فجيعة لم يمسحها السلو، تحكم فيها الغلو، لأن السلو يفرغ المجال للاتعاظ والتأمل، والغلو يفتح الباب للانتحال والتعمل. ١٨٤/٢.
١٦- قال عن المصلح الكبير، والمجاهد النحرير مبارك الميلي - رحمه الله -:
"إن الذي بلغ به تلك المكانة من العلم أربعة أشياء ما اجتمعت في طالب علم إلا رفعته بالعلم إلى تلك المنزلة: استعداد قوي، وهمّة بعيدة، ونفس كبيرة، وانقطاع عن الشواغل الفكرية والجسمية يصل إلى حدّ التبتل. وهذه الأخيرة- لعمري- هي بيت القصيد". ١٨٥/٢.
١٧- وإن في سير الكاملين لذكرى للمقصّرين والخاملين. ١٨٦/٢.
١٨- العلم هو عمارة الوطن وأساس الوطنية ومنشئ الوطنيين. ٢٢٢/٢.
١٩- وان تحرير العقول من الأوهام، سبيل ممهد إلى تحرير الأبدان من الاستعباد. ١٣٥/٢.
٢٠- إن التعليم عند الأمم التي عرفت الحياة معدود في المقومات التي هي رأس مال الوطن، ورأس المال يسمو عن الحزبيات. ٢٣٧/٢.
٢١- والتثقيف هو أشرف مقاصد الحكومات الرشيدة، وإن الحكومات الرشيدة لتلتمس المعونةَ على تثقيف شعوبها من كل من يستطيعه من جمعيات وأفراد، وتبذُل لهم من التنشيط والتيسير ما يحقق ذلك. ٤٩/٣.
٢٢- أقربُ الأعمال إلى التمام والنفع والإثمار ما بني منها على التجربة الاستقرائية الممحّصة، ومن بنى عمله على غير هذه القاعدة فهو مخادع أو مخدوع، وهذا زمن "اجتماعي" لا يؤمن للفردية بوجود، ولا يخضع لها في حكم، ولا يعوّل عليها في عمل، وقد انتقلت فيه الأعمال العامة من أيدي الأفراد إلى أيدي الجماعات والجمعيات، فازدادت تلك القاعدة تمكنًا وتأكّدًا؛ ووجب على الجماعات العاملة أن تراعيها في أعمالها حتى لا تفشل وتخيب؛ وإن فشل الأفراد أهون وأبعد عن ردّ الفعل من فشل الجماعات. ٢٠٩/٣.
٢٣- العلم نور...والعلم إيقاظ للأمّة. ٢١٠/٣، بتصرف.
٢٤- الأخلاق والآداب والأفكار والإحساسات والاتجاهات العامة والمشخّصات الخاصة، هي "الأمتعة" التي يرثها جيل عن جيل، ومنها يتكوّن مزاجه صحةً واعتلالًا، فماذا ورثنا عن آبائنا؛ وماذا نورّث أبناءنا منها؟. ٢٧٣/٣.
٢٥- وغاية الغايات من التربية هي توحيدُ النشء الجديد في أفكاره ومشاربه، وضبط نوازعه المضطربة، وتصحيحُ نظراته إلى الحياة، ونقله من ذلك المضطرَب الفكري الضيّق الذي وضعه فيه مجتمعه، إلى مضطرَب أوسعَ منه دائرة، وأرحب أفقًا، وأصحّ أساسًا. ٢٧٥/٣.
٢٦- العلم ... العلم ... أيها الشباب لا يلهيكم عنه سمسار أحزاب، ينفخ في ميزاب، ولا داعية انتخاب، في المجامع صخاب، ولا يلفتنكم عنه معلّل بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولا عاوٍ في خراب، يأتم بغراب، ولا يفتنّنكم عنه منزوٍ في خنقة، ولا ملتو في زنقة، ولا جالس في ساباط، على بساط، يحاكي فيكم سنّة الله في الأسباط. فكل واحد من هؤلاء مشعوذ خلّاب وساحر كذّاب. ٣١٦/٣.
٢٧- لا توجد في الإسلام "وظيفة" أشرف قدرًا، وأسمى منزلة، وأرحب أفقًا، وأثقل تبعة، وأوثق عهدًا، وأعظم أجرًا عند الله، من وظيفة العالم الديني! ذلك لأنه وارث لمقام النبوّة وآخذ بأهم تكاليفها وهو الدعوة إلى الله وتوجيه خلقه إليه وتزكيتهم وتعليمهم وترويضهم على الحق حتى يفهموه ويقبلوه، ثم يعملوا به ويعملوا له. ١٠٩/٤.
٢٨- أذل الطمع أعناق علماء الخلف، وملكت "الوظيفة" عليهم أمرهم، وجرت عليهم الأوقاف المذهبية كل شر، فهي التي مكّنت لنزعة التقليد في نفوسهم، وهي التي قضت على ملكة النبوغ واستقلال الفكر فيهم، وهي التي طبعتهم على هذه الحالة الذميمة وهي معرفة الحق بالرجال. ١١٥/٤.
٢٩- من هو المودودي؟ 
هو الأستاذ العلّامة أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان؛ أصفه وصف العارف الذي قرأ وشاهد، فهو رجل لم ترَ عيناي كثيرًا من مثله، بل لم أرَ مثله في خصائص امتاز بها عن علماء الإسلام في هذا العصر، منها الصلابة في الحق، والصبر على البلاء في سبيله، والعزُوف عن مجاراة الحاكمين فضلًا عن تملّقهم، وهو أفقه من رأيته أو سمعت به في باكستان والهند في حقائق الإسلام تشريعًا وتاريخًا، واسع الاطّلاع، دقيق الفهم، بارع الذهن، نيّر الفكر، كبير العقل، مشرق الروح على تجهّم في ظاهره، سديد التصرّف في المقارنة والموازنة والاستنباط، مستقلٌّ في الاستدلال إلى حد، يمضي من الشريعة إلى مقاصدها العامة، دون احتفال بالجزئيات إلا بمقدار ما يدخل من هذه إلى تلك، عميق الغوص في استخراج النكت، متين العقيدة، تظهر آثارها على أعماله ومواقفه قوة وثباتًا، كما تظهر آثار الغذاء الصالح على البدن فراهةً ونعمة، فلسفي النزعة العلمية لا العقلية، يذوده افتتانه بالنص والواقع عن أن يكون فيلسوفًا عقليًا، ولولا ذلك لكانه، فهو يؤمن بالنص، ويؤمن بعمل العقل في النص، ثم لا يزيد إلا بمقدار، جمهوري العشرة ولكنه خصوصي الزعامة، يرى أن لها- لا للزعيم- حقوقًا تحفظ النظام، وتوزّع الأعمال على الكفاءات، وتقف بالمتطفلين عند حد، فهمت هذا من مجموع أحواله ومن ملابستي لبعض أنصاره، فصورته بهذه العبارات، وأنا أرى أن الفرق بين الزعامة والزعيم شيء دقيق، ودقته هي التي غرّت الزعماء بأنفسهم، وغرّت الأتباع بهم.
وهو هيوبة للتحدّث بالعربية، مع دقة فهمه للقرآن والحديث وكتب الدين، واقتداره على تطبيقها، ويرجع سبب ضعفه في الكلام بالعربية إلى قلة استعماله لها في الحديث والكتابة، فهو مع كثرة مؤلفاته التي تبلغ العشرات لم يكتب كتابًا واحدًا بالعربية. ١٨٦/٤.
٣٠- وحكومة باكستان- وإن كانت إسلامية المظهر- مدنيةُ المخبر، لم تزل تسير على النُظم التي وضعها الإنكليز للهند، وهي تريد أن يكون دستورها إسلاميًّا لأن الشعب يريد ذلك، أو لأن معظم الشعب يريد ذلك، ولكنها تريده تدريجيًّا ومع التسامح والتسهّل، ومراعاة مقتضيات الأحوال؛ وهناك طائفة من المستغربين لا تريد الدستور الإسلامي، ولكنها تعمل في الخفاء غالبًا لقلّتها بالنسبة إلى الشعب، ويعتقد المتبصّرون أن هذه الطائفة تلقى تأييدًا أجنبيًّا قويًّا، ولا تتّسع هذه الكلمة لترجيح إحدى الفكرتين، وإن كان لنا في ذلك رأيٌ صارحنا به بعض المسؤولين في ذلك الحين. ١٨٨/٤.
٣١- القرآن كتاب الكون، لا تفسّره حق التفسير إلا حوادث الكون. 
والقرآن كتاب الدعوة، لا تكشف عن حقائقه العليا إلا تصاريف الدهر. 
والقرآن كتاب الهداية الإلهية العامة، فلا يفهمه إلا المستعدّون لها. والقرآن «لا يبلى جديده، ولا تنقضي عجائبه». ٢٢٦/٤.

الأحد، 28 يناير 2024

(أول سفري خارج المملكة العربية السعودية)

(أول سفري خارج المملكة العربية السعودية)

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
منفذ الحديثة- الأحد- ١٤٤٥/٧/١٦.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com 

في يوم السبت بتاريخ ١٤٤٥/٧/١٥ غادرنا طبرجل برفقة الزميل أبي حاتم الشراري إلى عمان عاصمة الأردن، كان أول سفر لي خارج المملكة العربية السعودية، وكانت الأجواء قبل منفذ الحديثة في القريات وعند المنفذ وبعده أجواء غيوم وأمطار، واصطحبت معي كتاب (مقدمات الشيخ علي الطنطاوي، جمعها ورتبها وقدم لها وعلق عليها/ مجد مكي، دار المنارة، ط ٢- ١٤٣٢.
وهو ٥٠٠ صفحة، وقرأت منه مئتي صفحة.
وأكتفي هنا بنقل أربع فوائد منه:
- اللغة عماد كل أمة وسنادها، والقضاء أول ما تعقد عليه خناصرها، إذا عدت مفاخرها. ١٢٠.
- وكل متعلم تخطر على ذهنه إذا قرأ كتابا أو سمع حديثا أو تأمل في الوجود، خواطر إن قيدها وحبسها بقيت ذكرا له، وذخرا للناس.
- ومتى كان موطن الجسد أحب إلى المرء من موطن الفؤاد؟. ١٥٤.
- ربحنا الوقت، وخسرنا العواطف والتأملات. ١٥٥.
قلبي ما خلا من جوهر الحب، ولكن هموم العيش وطول الألفة قد غطيا جوهره بالغبار. ١٥٥.
 وقد كنت أريد هذا السفر من زمن، وقدر الله أن يكون بصحبة أبي حاتم - وفقه الله -.
وللسفر فوائد عديدة، منها ما قاله الشافعي - رحمة الله عليه -:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا * وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد
 سلكنا بعد الحديثة طريق الملك سلمان وهو بمنحة من الملك سلمان حفظه الرحيم الرحمن، ثم طريق الموقر متجهين صوب قصر عمرة ثم الخرانة.
 وقصر عمرة بني في عهد الوليد بن يزيد بن عبدالملك بن مروان الأموي قبل نهاية القرن الأول، وهو مهيأ للاستحمام في الصيف.
 وقصر الخرانة بعد قصر عمرة تقريبا بخمسة كلم، مخصص لإيواء المسافرين، ويعتقد بأنه أقدم خان في العصر الإسلامي، وقد أسس في عهد عبدالملك بن مروان الأموي.
 مررنا على الأزرق ثم الموقر ثم سحاب - مجرد مرور -.
ثم مررنا بكهف أهل الكهف وصلينا الظهر والعصر في مسجد أهل الكهف، ودخلنا كهف أهل الكهف، وفيه فتحة للشمس، وباب صغير، وقربه عين ماء في ساحته.
 ثم عرجنا على جبل القلعة وشاهدنا الكنيسة البيزنطية ومعبد هرقل والقصر الأموي وبجانبه المسجد وساحاته، وقد ملئت خضرة، والماء ناقع، وفي طريقنا إليه مررنا من أسفل الجسور العشرة، وهي من أهم المعالم الأثرية في عمان الأردن.
ومما لفت نظري "كافتريا صدام حسين"، وصورته كذلك على بعض السيارات، وشارع باسم "جمال عبدالناصر"!
ومعلوم للمطلع على المذاهب والأفكار، والناظر ببصيرته على الواقع الإسلامي والعربي، والواقع العالمي بشكل عام، ضلال هذين الرجلين الحاكمين، وخطرهما على الدين والعربية والعرب والأخلاق والفضائل. ومعلوم من جاء بهما ومسكهما الحكم، صدام حسين حاكم العراق، وقبله معلمه ومن مكنه أكثر من حكم العراق جمال عبدالناصر، هما صناعة أمريكية صليبية، وفضحت شعاراتهما، ولم يعد يصدق دعوتهما إلا منافق أو مطموس البصيرة أو جاهل أو أحمق ومغرور، وقد شهد على صدام بعض رفاقه في حزب البعث العربي الاشتراكي- فرع العراق، مثل/ حامد الجبوري، وصلاح عمر العلي، ومن أراد الاستزادة، فليبحث في برنامج "شاهد على العصر" على اليوتيوب.
 وفي صباح الأحد بتاريخ ١٤٤٥/٧/١٦ في طريقنا إلى مركز الإمام محمد ناصر الدين الألباني مررنا بالجسر المعلق.
 وصلنا المركز وهو يحوي على خزانة كتب تحتوي على أكثر من أربعين ألف كتاب في مختلف العلوم الشرعية واللغوية والأدبية، والتاريخية والطبية، وفيها مصلى وقاعة محاضرات، ومكان مخصص للنساء، ولديهم الدورات المستمرة يتخرج فيها الطالب في ثلاث سنوات بواقع ثلاثة أيام أسبوعيا يأخذ فيها ست محاضرات، وسنتان للتخصص.
تأسس المركز عام ٢٠٠١، تقريبا عام ١٤٢١، على يد ثلة من طلاب الألباني - منهم المحقق الكبير الشيخ فلسطيني الأصل/ مشهور حسن آل سلمان وفقه الله ورعاه، والشيخ علي الحلبي رحمه الله -.
وسألت المسؤول الذي فتح لنا باب المركز - الشيخ إسلام قشطة -: هل الشيخ عنده خبر عن إقامة المركز؟ قال: عرضوا عليه الفكرة فرفض، لكن أسس بعد وفاته.
وهو في هذا يذكرني بالعلامة المحدث يمني الأصل، مكي النشأ/ عبدالرحمن يحيى المعلمي المولود سنة ١٣١٤ تقريبا، ووفاته ١٣٨٦ تقريبا -، حيث طبعت كتبه وآثاره بعد وفاته بخمس وعشرين سنة تقريبا وحصل لها من الذيوع والانتشار ما الله به عليم.
ثم غادرنا إلى الأزرق
، ومررنا بالزرقاء متجهين إلى الأزرق في عودتنا ظهر الأحد ١٤٤٥/٧/١٦، وودعناها والأمطار تهطل علينا في جو شتوي رائع.
 ووصلنا منفذ الحديثة للدخول على بلادنا المملكة العربية السعودية تقريبا في تمام الساعة ٤٥ ٥ دقيقة بحمد الله تعالى، وكانت رحلة ممتعة مفيدة للغاية، تركت في نفسي أبلغ الأثر.

الخميس، 25 يناير 2024

(حقيقة الزهد)

(حقيقة الزهد)

بقلم/ أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الخميس- ١٤٤٥/٧/١٣
Abdurrahmanalaufi@gmail.com 

قال الخلال: بلغني أن أحمد سئل عن الزاهد يكون زاهدا ومعه مئة دينار؟ قال: نعم على شريطة إذا زادت لم يفرح، وإذا نقصت لم يحزن.
وقال أبو طالب: سئل أحمد وأنا شاهد: ما الزهد في الدنيا؟ قال: قصر الأمل، والإياس مما في أيدي الناس.
وقال أحمد - أيضا -: الزهد على ثلاثة أوجه، ترك الحرام وهو زهد العوام، والثاني: ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص، والثالث: ترك ما يشغل العبد عن الله عز وجل، وهو زهد العارفين.
وسئل: ما الفتوة؟ فقال: ترك ما تهوى لما تخشى.
وقال لشجاع بن مخلد: يا أبا الفضل إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنها أيام قلائل.
وعن سفيان أنه قيل له: يكون الرجل زاهدا وله مال؟ قال: نعم، إن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر.
وقيل لبقراط: بم فضلت أهل زمانك؟ قال: لأن غرضي في الأكل الإحياء، وغرضهم في الحياة ليأكلوا!.
وعن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعا: (الدنيا دار من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له).
وأنشد الوزير ابن هبيرة الحنبلي:
يا أيها الناس إني ناصح لكمُ * فعوا كلامي فإني ذو تجاريبِ
لا تلهينكم الدنيا بزهرتها * فما تدوم على حسن ولا طيب.
(انظر: الآداب الشرعية، لابن مفلح الحنبلي، ٢٣٠/٢، ط ٣- ١٤١٩، الرسالة).

الأربعاء، 24 يناير 2024

عشرة مشاهد للعبد فيما يصيبه من أذى الخلق

(عشرة مشاهد للعبد فيما يصيبه من أذى الخلق).

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الأربعاء- ١٤٤٥/٧/١٢.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com 

أنقل هنا كلاما عظيما للإمام الهمام ابن قيم الجوزية تحت فصل عقده عن تحسين الخلق مع الخلق، قال - رحمة الله عليه -:
وهاهنا للعبد عشرة مشاهد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه:
أحدها: مشهد القدر.
الثاني: مشهد الصبر.
الثالث: مشهد العفو والصفح والحلم.
الرابع: مشهد الرضا.
الخامس: مشهد الإحسان.
السادس: مشهد السلامة وبر القلب.
السابع: مشهد الأمن، وهو أن يأمن ما هو شر من ذلك إذا ترك الانتقام والمقابلة.
الثامن: مشهد الجهاد، وهو أن يشهد تولد أذى الناس له عن جهاده في سبيل الله وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وإقامة دين الله.
التاسع: مشهد النعمة.
العاشر: مشهد الأسوة، وهو أن يتأسى بخيار عباد الله في تحمل الأذى.
الحادي عشر: مشهد التوحيد، فإذا امتلأ القلب منه، لم يشهد أذى الناس له، فضلا عن أن يشتغل قلبه وفكره وسره بتطلب الانتقام والمقابلة.
انظر: مدارج السالكين، ط٢، ١٤٤١، عطاءات العلم، ٥١/٣، بتصرف يسير.

السبت، 20 يناير 2024

فوائد فقهية- (شروط الاجتهاد)

فوائد فقهية- (شروط الاجتهاد)


بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- السبت- ١٤٤٥/٧/٨.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com 


تناقشت مع أحد أساتذتي في الاجتهاد وما إليه، وها أنا ذا أنقل طرفا مما يتعلق بهذا الصدد:
 قال ابن النجار الحنبلي في "شرح الكوكب المنير"، ٥٥٧/٤، ٥٦١:
"فَصْلٌ
"لا يُفْتِي إلاَّ مُجْتَهِدٌ". عِنْدَ أَكْثَرِ الأَصْحَابِ، وَمَعْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِقَوْلِ مَنْ تَقَدَّمَ.
 وَقَالَ أَيْضًا: يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْقُرْآنِ، وَالأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ وَالسُّنَنِ.
 وَقَالَ أَيْضًا: لا يَجُوزُ الاخْتِيَارُ إلاَّ لِعَالِمٍ بِكِتَابٍ وَسُنَّةٍ.
...ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ: "لا يَكُونُ فَقِيهًا حَتَّى يَحْفَظَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ" وَحَمَلَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالاحْتِيَاطِ.
وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ "الأُصُولُ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الْعِلْمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَلْفًا، أَوْ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ".
 وقال الغزالي في "المستصفى، ٣٤٢ وما بعدها، بتصرف" عن تعريف الاجتهاد:
"وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ بَذْلِ الْمَجْهُودِ وَاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ"
وذكر شرطين للاجتهاد:
أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِمَدَارِكِ الشَّرْعِ، وأن يكون عدلا مجتنبا للمعاصي.
إلى أن قال:
"وَالْمَدَارِكُ الْمُثْمِرَةُ لِلْأَحْكَامِ كَمَا فَصَّلْنَاهَا أَرْبَعَةٌ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْعَقْلُ".
وقال بأنه لا يجب معرفة جميع ما في الكتاب، بل يكفي ما تتعلق به الأحكام، وهو قدر خمس مئة آية، ولا يشترط حفظها عن ظهر قلب، بل أن يكون عالما بمواضعها.
والسنة كذلك، فيعرف الأحاديث التي تتعلق بالأحكام، ولا يلزمه حفظها بَلْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَصْلٌ مُصَحَّحٌ لِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَحْكَامِ، كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَمَعْرِفَةِ السُّنَنِ لِأَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيِّ، أَوْ أَصْلٌ وَقَعَتْ الْعِنَايَةُ فِيهِ بِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَحْكَامِ.
إلى أن قال:
" أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فَعِلْمُ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ، أَعْنِي الْقَدْرَ الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ خِطَابُ الْعَرَبِ وَعَادَتُهُمْ فِي الِاسْتِعْمَالِ إلَى حَدٍّ يُمَيِّزُ بَيْنَ صَرِيحِ الْكَلَامِ وَظَاهِرِهِ وَمُجْمَلِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَمُطْلَقِهِ وَمُقَيَّدِهِ وَنَصِّهِ وَفَحْوَاهُ وَلَحْنِهِ وَمَفْهُومِهِ.
 وَالتَّخْفِيفُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْلُغَ دَرَجَةَ الْخَلِيلِ وَالْمُبَرِّدِ وَأَنْ يَعْرِفَ جَمِيعَ اللُّغَةِ وَيَتَعَمَّقَ فِي النَّحْوِ، بَلْ الْقَدْرَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَسْتَوْلِي بِهِ عَلَى مَوَاقِعِ الْخِطَابِ وَدَرْكِ حَقَائِقِ الْمَقَاصِدِ مِنْهُ".
وذكر كذلك الناسخ والمنسوخ.
وفيما يخص السنة قال:
"مَعْرِفَةُ الرِّوَايَةِ وَتَمْيِيزُ الصَّحِيحِ مِنْهَا عَنْ الْفَاسِدِ وَالْمَقْبُولِ عَنْ الْمَرْدُود".
إلى أن قال:
"وَمُعْظَمُ ذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ فُنُونٍ: 
عِلْمُ الْحَدِيثِ وَعِلْمُ اللُّغَةِ وَعِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ.
 فَأَمَّا الْكَلَامُ وَتَفَارِيعُ الْفِقْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمَا".
إلى أن قال:
"إنَّمَا يَحْصُلُ مَنْصِبُ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَانِنَا بِمُمَارَسَتِهِ، فَهُوَ طَرِيقُ تَحْصِيلِ الدُّرْبَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَلَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ الْآنَ سُلُوكُ طَرِيقِ الصَّحَابَةِ أَيضا".
وبين بأن تلك الشروط في المجتهد المطلق، وأن الاجتهاد يتجزأ، ولا يشترط الإجابة على كل سؤال أو استفتاء.

-------------------------
المراجع:
١- (شرح الكوكب المنير، تحقيق/ محمد الزحيلي ونزيه حماد، نشر/ مكتبة العبيكان، ط ٢، ١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ مـ).
٢- (المستصفى للغزالي، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، نشر/ دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٣هـ - ١٩٩٣م).

الخميس، 18 يناير 2024

فوائد فقهية- (أعضاء السجود)

فوائد فقهية- (أعضاء السجود).
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الخميس- ١٤٤٥/٧/٦.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com 

كنا في مجلس، سألني أحدهم: رفعت رجلي أثناء السجود ناسيا وأعدتها، هل صلاتي صحيحة؟ قلت: نعم، قال: ابن باز يقول الصلاة باطلة، قلت: لا تسألني مرة أخرى لتختبرني، غضبت وغضب، فكأن الدين كله هو ابن باز، وليست مسألة فقهية خلافية!
هرعت إلى مكتبتي في بيتي لما عدت، ووقفت على ما يلي:
في المغني لابن قدامة - عليه رحمة الله -: أن السجود على الأعضاء السبعة ليس واجبا عند أبي حنيفة ومالك والشافعي في قول، وأحمد في رواية - رحمة الله على الجميع -. ١٩٤/٢، ط ٣- ١٤١٧، دار عالم الكتب.
وابن عثيمين في كتابه "الشرح الممتع على زاد المستقنع" قال بأنه إذا رفع أحد أعضاء السجود حال السجود في بعض الوقت، فهذا محل نظر، والأحوط ألا يرفع. ١١٦/٣، ط ٢- ١٤٣٢، دار ابن الجوزي.
وقال شيخه العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي - عليه رحمة الرب العلي -: "ويستحب أن يمكن جميع الأعضاء من الأرض". شرح عمدة الأحكام، ١٦٥، ط ١- ١٤٣١، دار التوحيد.
والعلامة عبدالله بن صالح الفوزان - حفظه الرحيم الرحمن - يقول: "فإن رفع العضو ثم وضعه في أثناء السجدة فقد أدى الركن، لكن لا ينبغي له ذلك، لأن الأصل أن تبقى الأعضاء على الأرض مدة السجود". منحة العلام شرح بلوغ المرام، ١٠٥/٣، ط ٧- ١٤٣٧.