قيد الخاطر - (المسجد الأقصى للمسلمين).
آدم عليه السلام أبو البشر، ونوح عليه السلام أبو الأنبياء، وأول رسل الله إلى أهل الأرض، وأبناؤه أربعة، سام وحام ويافث، وكنعان وهو الراجح، وهو الذي غرق، وقيل؛ بل اسمه: يام.
أرض فلسطين كان سكانها الكنعانيون، وكنعان من ولد سام بن نوح على الراجح، وهم من العرب. وقد نزحوا من جنوب الجزيرة العربية إلى الشام ثم فلسطين، وهم أول من سكنها وعمرها، ووضع فيها الأسوار الموجودة إلى الآن، وقد كان ذلك قبل الميلاد بخمسة آلاف إلى ستة آلاف سنة.
وهم الجبارون المذكورون في القرآن، كما قال تعالى: (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين)، أي: بنو إسرائيل قالوا لموسى - عليه السلام -.
وهم قبل إبراهيم عليه السلام بألف وست مئة سنة استوطنوا فلسطين.
وإبراهيم عليه السلام له إسماعيل وإسحاق، ومن ذرية إسماعيل - عليه السلام - العرب، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من العرب، وهو أفضل الخلق، ومن ذرية إسحاق يعقوب - عليه السلام -، وهو إسرائيل، وهذا لقبه، ومعناه: عبدالله، ومن ذريته يوسف - عليه السلام -.
ولما تجبروا على أنبيائهم واستكبروا، وارتكبوا الفضائع في حقهم كقتلهم وتعنتهم عليهم؛ غضب الله عليهم ولعنهم، ولما تعنتوا على موسى - عليه السلام -؛ كتب الله عليهم التيه في الأرض، وضربت عليهم الذلة والمسكنة، مع قول الله - حاكيا عن قيل موسى -: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم)، فالله كتبها لهم في ذلك الزمان، إن كانوا على قدر الأمانة وتحملها، فلما لم يكونوا حقيقين بهذه الخيرية التي قال الله عنها فيهم: (وفضلناهم على العالمين)؛ أفاض بها على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله...)، فاليهود ليس لهم في فلسطين حق وطني ولا حق ديني، فلينتبه لهذا المغفلون أو المستغفلون، أو المهزوزون بثقافات الأغيار.
والأرض لله، يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، كما في الآية الكريمة (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)، فهي لمن يقيم شرع الله في كل زمان وفي كل مكان بحسب القدرة والإمكان. انظر ج ١ من (سلسلة "تاريخ بيت المقدس"، للشيخ الدكتور/ سرور بن مذكر العجمي وفقه الله).
فاستحقاق إعمار الأرض بحسب درجة المعمر في العبودية لله وتقواه، والإسلام بمعناه العام هو دين الأنبياء جميعا، أما ببعثة نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -؛ فكما قال الله: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)، والإسلام بمعناه العام؛ يستلزم دخول الإسلام بمعناه الخاص، وهو اتباع محمد - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم -.
والمسجد الحرام أول بيت وضع للناس، ثم المسجد الأقصى، كما في صحيح البخاري ومسلم.
أقرب ما قيل في تأسيس المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ أن من بناه هو آدم - عليه السلام -، ثم إبراهيم - عليه السلام - وإسماعيل - عليه السلام - جددا بناء البيت الحرام، وجدد هو وإسحاق ابنه أو يعقوب المسجد الأقصى، وبني في زمن سليمان بن داوود - عليهما السلام -.
احتلت الرومان أرض الشام في عصر عيسى - عليه السلام -.
ثم جاءت الدولة البيزنطية ورئيسها قسطنطين، ودخل في النصرانية.
اليهود في عهد بختنصر تفرقوا؛ لأنه دمر فلسطين، وانتشر بعضهم في الجزيرة العربية والشام، وكانوا في محل نكارة عند النصارى والرومان وغيرهم.
ومن الخطأ القول بأن فلسطين ليست قضيتي؛ بل هي قضية كل مسلم؛ لأنها أرض مباركة بنص الوحيين، ونبينا - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - بشر بفتح بيت المقدس، كما في الحديث: (اعدد ستا قبل وقوع الساعة) وذكر منها: (وفتح بيت المقدس).
وكانت هناك مناوشات بين فارس والروم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بشر بانتصار الروم على الفرس، واليهود كانوا يقفون مع الفرس ضد الروم، ولما انتصر الروم؛ حرموا على اليهود دخول الأرض المقدسة.
وبعث نبينا - صلى الله عليه وسلم - وبدأت تباشير الفتح مرة أخرى.
وفي خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - انشغلوا بحروب الردة، وفي عهد عمر - رضي الله عنه - فتح بيت المقدس. كان جيش الروم يقدر بمئتي ألف، والمسلمون ثمانون ألفا كما في بعض الروايات.
كان ذلك في وقعة اليرموك الشهيرة، فانسحب كثير من الروم من الشام ومن "إيليا" التي هي القدس، ومعناها بالسيريانية "بيت الله"، وهم يقدسون مكانا قريبا من المسجد الأقصى يزعمون أن فيه صخرة صلب عليها عيسى - عليه السلام -، وهي في كنيسة تسمى "كنيسة القيامة". حاصر أبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما - والجيش الإسلامي الروم الذين في بيت المقدس أربعة أشهر وذلك في سنة ست عشرة من الهجرة
وفي عام ٤٩٢ احتل بيت المقدس بتخطيط من أوربان الثاني الكاثوليكي، واستمر احتلالهم البغيض للقدس ثمانية وثمانين سنة، وطردوا كل المسلمين واليهود، ومنعوا فيها الأذان والصلاة، وأدخلوا اسطبلات الخيل داخل المسجد الأقصى. وقامت عائلة زنكي تركية الأصل بمحاولة تقوية نفسها، وأن يسترد المسلمون الأقصى السليب، وكان منهم يوسف صلاح الدين الأيوبي، وعمه شاركوه. وفي سنة ٥٨٣ وقعت معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وانتصر فيها. استمرت محاولات الحملات الصليبية احتلال القدس مدة ثلاث مئة سنة، وفي بعض الأحيان يستردونه قليلا، ولكن يحرره المسلمون.
وبعد الأيوبيين دولة المماليك، وفي بدايتها قطز وبيبرس، وبدأت بعد سقوط بغداد بسنتين عام ٦٥٨، وحمى الله بها القدس مدة ستين ومئتي سنة. ثم قامت الدولة العثمانية سنة ٩٧٥. في سنة ١٨٩٨ - ١٣١٨ هجريا تقريبا تأسس الكيان الصهيوني بقيادة هرتزل؛ لاحتلال بيت المقدس، بالاستعانة بالصليبيين؛ لأن عدوهم واحد
١٩١٧-١٣٣٧ هجريا تقريبا انتهت سلطة العثمانيين على بيت المقدس، وكان البيت المقدس تحت حكمهم أربع مئة سنة.
وهرتزل مؤسس الكيان الصهيوني، هو صحفي نمساوي، وفكرته قائمة على إقامة دولة قومية لليهود فقط في فلسطين، وإذا لم تتحقق؛ ففي أي مكان آخر، وكان يتصل بالأغنياء من اليهود خاصة في أوربا. وفعلا، جمع أغلب الأغنياء اليهود في سويسرا، المتشجعين لفكرته، وهم يملكون اقتصاد أمريكا وأوربا في ذلك العهد، واقترحوا أن تقام دولتهم في فلسطين، فإن لم يكن؛ ففي الأرجنتين؛ وإلا؛ ففي أوغندا.
اليهود كانوا منتشرين في العالم الإسلامي، في الجزيرة العربية، وفي اليمن والعراق وتركيا وفارس وأفريقيا، ومحرم عليهم دخول مكة والمدينة والقدس البلدة القديمة. كانت أغلب الحروب بين المسلمين وغير اليهود من النصارى والمغول وغيرهم.
هرتزل الملعون حاول إغراء عبدالحميد الثاني آخر الخلفاء العثمانيين، لكنه لم يفلح.
البرلمان العثماني تغلغل فيه أناس هم في الظاهر بشر، وفي الحقيقة هم الأفاعي والحيات، منهم كمال باشا، المعروف ب "مصطفى كمال أتاتورك"، وهم من جمعية الاتحاد والترقي الماسونية الصهيونية الشيطانية. ١٩٠٩- ١٣٢٩ هجريا تقريبا؛ عزلوا السلطان عبدالحميد الثاني، وعينوا مكانه أخاه محمد رشاد الخامس. البرلمان النحس هذا قرر خوض الحرب العالمية الأولى بالوقوف إلى جانب ألمانيا، الأكثرون من العثمانيين كانوا رافضين لذلك؛ لضعف الدولة اقتصاديا. وكانت بريطانيا تأمل في دخول العثمانيين نار الحرب؛ لتسقطها.
كان الشريف حسين ملكا على الحجاز بتعيين من السلطان عبد الحميد الثاني، وقاد الثورة العربية الكبرى على العثمانيين؛ لإغراء بريطانيا له، حيث أغراه المندوب الإنجليزي في مصر ميكماهون. وكان لورنس العرب يتنقل بين بوادي العراق والشام في زي المستكشف الجغرافي، وهو جاسوس بريطاني يهودي خبيث.
ميكماهون كان يراسل الشريف حسين، ويغريه بالثورة على العثمانيين وأنه من نسل الدوحة المحمدية، فما علاقة الأتراك بحكمكم؟ ومن هذا النحو من الكلام المعسول، حتى لان له الشريف حسين، ولكن تساءل من أين لي المال والسلاح، فقال عليك العزم، وعلينا المال والسلاح.
كان في ذلك الوقت تعصب تركي عند البشاوات، وكانوا يعاملون العرب تعاملا قاسيا وشديدا، ويفخرون بعرقهم التركي عليهم، فولد ذلك كرها للأتراك وللعثمانيين. ثم قامت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين، لتكون خلافة إسلامية عربية في الشام والجزيرة العربية والعراق، ولك أن تضحك وتبكي، فقد خانت بريطانيا العهد، ولم تسلم للشريف حسين تلك الدول، ولكن أعطت لابنه عبدالله شرق الأردن، ولابنه فيصل العراق.
وحد المؤسس صقر الجزيرة العربية عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود رحمه الله المملكة العربية السعودية.
ولما مرض الشريف حسين في قبرص؛ عاد إلى الأردن، وتوفي، ودفن في القدس.
١٩١٦- ١٣٣٦ هجريا تقريبا قامت الثورة العربية، واستمرت لعامين. والحرب العالمية الأولى قامت ١٩١٤- ١٣٣٤ هجريا تقريبا.
سايس- بيكو، سايس وزير الخارجية البريطاني، وبيكو وزير الخارجية الفرنسي، أثناء الثورة العربية؛ خططوا لاقتسام البلدان الإسلامية التي خرجت عن سلطة العثمانيين، ومن ذلك القدس، تكون تحت الانتداب البريطاني، بينما فرنسا تحكم سوريا ولبنان، وبريطانيا تحكم العراق.
ولم يعلم بذلك العرب ولا الشريف حسين.
وأنا قرأت في كتاب (أعمدة الحكم السبعة؛ للورنس) قوله: خدعنا العرب، أغريناهم بالثورة على العثمانيين، ثم تقاسمنا بلدانهم.
١٩١٧- ١٣٣٧ هجريا تقريبا؛ كان وعد بلفور، وزير الخارجية البريطاني بأن يقيم لليهود وطنا قوميا في فلسطين، لعنه الله.
١٩١٧- ١٣٣٧ هجريا تقريبا إلى عام ١٩٤٨- ١٣٦٩ هجريا تقريبا؛ أعلن قيام الدولة الصهيونية، وخلال هذه السنوات دخل مئات الآلاف من اليهود إلى فلسطين، وأعلن إنهاء الانتداب البريطاني الشيطاني على فلسطين.
في أمريكا وروسيا وأوربا غالب الأغنياء من السياسيين هم يهود، أو مشاركون لليهود، والآلة الإعلامية بأيديهم غالبا، ولديهم حسن تخطيط وبعد نظر، ويستعينون بكل ممكن في سبيل تحقيق أهدافهم، ومن قواعدهم المشؤومة (الغاية تبرر الوسيلة)، لعنهم الله.
ملخص من دروس (بيت المقدس، للشيخ د. سرور بن مذكر العجمي وفقه الله، منشورة على اليوتيوب).
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طيبة الهدى والنور - السبت - ١٤٤٤/١٠/٢
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق