الاثنين، 25 ديسمبر 2017

خواطر حول قول تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم)

(خواطر حول قوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم")

(إن الله لا يغير ما بقوم) أي: من ذلة وهوان وصغار، وهزيمة وفشل، من حال سيئة (حتى يغيروا ما بأنفسهم) فيحسنوا فيما بينهم وبين خالقهم، ومربيهم، وسابغ نعمه عليهم، ودافع نقمه عنهم، ومبتليهم بالخير والشر، والسراء والضراء، فيخلصوا له العبادة وحده دون ما سواه، ولا يشركوا به شيئا، ويعلقوا قلوبهم به، ويتصلوا به - في كل أحوالهم وسائر شؤونهم وكافة تصرفاتهم -؛ ليجدؤوا الملجأ الآمن، والركن الشديد؛ الذي ما آوى إليه أحد؛ فخيبه؛ بل يرجع بالخير كله، والفوز كله، ويحصل السعادة من أيسر طريق؛ تلكم السعادة التي ضلت البشرية في البحث عنها؛ فشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله؛ فحكموا القوانين والتشريعات الوضعية؛ التي لم تحقق للإنسان الرخاء، والمعيشة المرضية - كما يزعمون -؛ بل على النقيض من ذلك؛ حيث تطورت بعض تلك البلدان - الغربية أو الشرقية -؛ ولكن على حساب الروح، وما الإنسان بغير الروح بشيء؛ إنه جثة هامدة؛ فحصل الخواء الروحي في تلك المجتمعات؛ فكثرت فيهم مصادمة الفطر بما يقترفون من موبقات، وما يرتكبون من جرائم خلقية وضيعة دنيئة؛ تمجها العقول الراجحة، والأنفس الطاهرة الزكية - فضلا عن المتدينين أنفسهم -؛ فكثرت فيهم وقائع الانتحار، والاغتصاب، وفتكت بهم الأمراض المستعصية، وانترشت فيهم الأمراض النفسية، وتفككت الأسر، وتهدمت الأخلاق، فما المدنية والحضارة والتقدم والرقي بشيء في جانب خواء الإنسان الروحي!

وكذلك على المسلمين - إذا أرادوا أن يغير الله ما بهم - أن يصلحوا فيما بينهم وبين خلق الله - المسلم والكافر، البر والفاجر، حتى الحيوانات -؛ فإن الله استخلفنا في الأرض، وأنزل علينا الكتب، وأرسل إلينا الرسل؛ لنحقق العبودية له - جل وعلا - (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي: يوحدون (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) لماذا (إن الله هو الرزاق) المتكفل بالأرزاق، الذي قال: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين). هود.

يرزق - سبحانه - المؤمن والكافر، البر والفاجر، يرزق الحيوانات والبهائم، وعلى قدر العمل بالأسباب، والتوكل على رب الأرباب، ومسبب الأسباب، وخالق خلقه من تراب؛ يكون الرزق!

ثم قال: (ذو القوة المتين) هو القوي الذي لا يغالبه أحد؛ فوجب - إن أردتم العز والفلاح والنصر - أن تلجؤوا إليه، وتعوذوا وتلوذوا به، وتستمسكوا بحبله المتين، وتسيروا على صراطه المستقيم، وألا تغتروا ببنيات الطريق، وألا تنخدعوا بما ليس لكم أن تنخدعوا به؛ تنخدعوا بالأكثرية الباطلة، ولا تسيروا خلف الأقلية الحقة؛ فإن الحق هو الحق، ولو كنت وحدك!

وليس شرطا أن يكون الحال دائما؛ فمن المحال بقاء الحال على ما هو عليه؛ فالله يقلب الأيام، ويداول بين الناس؛ ليختبرهم (وتلك الأيام نداولها بين الناس) لم؟ (وليعلم الله الذين آمنوا) على الحقيقة والواقع، وليس بالادعاءات الكاذبة، والأقوال الفارغة، فالإيمان قول وعمل واعتقاد، لا انفكاك عن هذه القسمة الثلاثية، وشواهد نصوص الوحين ناطقة بذلك.

ثم قال: (والله لا يحب الظالمين) لأنفسهم أو لغيرهم، ومن ظلم الإنسان لنفسه: ألا يقودها بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ بل يكون إمعة؛ إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤوا أساء، فهو في واد سحيق من الجهالة والضلالة، لا يعتبر بقوله تعالى: (فما آمن معه إلا قليل). العنكبوت.
ولا بقوله: (وقليل ما هم). ص.
ولا بقوله: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
ولا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد) أي: في يوم القيامة، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -.

فالاعتصام بالكتاب والسنة، والعض بالنواجذ على سنة الخلفاء الراشدين المهديين -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - واقتفاء أثر السلف الصالح، الذين قال فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم : (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم...)؛ هو الكاشف للغمة، والمحقق للنصر، وبدون تطبيق منهج الله في الأرض؛ فإن الله يضرب على الأمة الذل والهوان، والفشل والهزيمة والنكال، حتى تسقط هيبة المسلمين في أعين أعدائهم؛ فتحتل بلادهم، وتحاز خيراتها، وتذل وتستعبد، وما ذلكم إلا لما لم يغير المسلمون من أنفسهم؛ فركنوا إلى الدنيا؛ جمعوا كنوزها، واغتروا بزخرفها، ولم يعلموا حقيقة ما هم فيه؛ فإننا في هذه الدنيا في ابتلاء عظيم، وما الدنيا في جنب الآخرة بشيء (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور). الحديد.

فالفرار الفرار إلى دار القرار، السباق السباق إلى جنة عرضها السمات والأرض؛ أعدت للمتقين.

ثم قال ربنا: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) لا أحد يقف أمام قوة الله وبطشه، وغضبه وانتقامه، وسخطه وعذابه؛ فالخالق - بلا أدنى ريب - أقدر من المخلوق، والمخلوق هو العاجز الضعيف، والإنسان ضعيف بنص الكتاب والسنة (وخلق الإنسان ضعيفا). النساء.

فعلينا منع عقاب الله أن يقع بنا، وسخطه أن يحل علينا؛ فنقوم بواجب النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم - كما صح في الحديث -، لنحقق الخيرية في قوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله...). آل عمران.
وفي قوله: (والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). العصر.

فعند ذلك يتحقق للأمة النصر والظفر، وتقف شامخة عزيزة، في حين أنها قبل ذلك تقف صاغرة مهانة ذليلة؛ لأنها عملت في كون الله بمراد الله، ولم تنخدع بحضارة الغرب الزائفة، وبريقها الآسر؛ لأنها تعلم أن قول الله - عز وجل -: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون). الروم. متحقق فيهم؛ نعم الغرب تقدم في مجالات عدة؛ فاخترع واكتشف، وطور وأبدع وأنتج، فنأخذ منه ما لا يتعارض مع ديننا وقيمنا الإسلامية؛ هذا ما يأمر به الإسلام، ولكن لن يتحقق لنا العز بدون الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفهم السلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وألحقنا بهم في دار كرامته، ومستقر رضوانه ورحمته، آمين -.

وكتب/

أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
ظهر الاثنين ١٤٣٩/٤/٧.

الأحد، 24 ديسمبر 2017

مقابلتي في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

(مقابلتي في الرئاسة العامة  لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

وفي صبيحة يوم الأحد، الساعة الثامنة والنصف، بتاريخ ١٤٣٩/٤/٦ كانت مقابلتي في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة النبوية.

وصلنا في تمام الموعد - الساعة الثامنة والنصف صباحا - وتوافد المقدمون، وما زال العدد في ازدياد، حتى أدخلنا المقابلة في الساعة الثانية عشرة مساء!

كان من ضمن الأسئلة:

عرف بنفسك.

قلت:

باسم الله...معكم/ عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
خريج جامعة طيبة- دراسات إسلامية.
مسقط رأسي: الدوداء؛ تبعد عن جنوب غرب المدينة ٦٠ كلم تقريبا.
خطيب منذ عشر سنوات غير رسمي.
أخذت المركز الأول في فرع المقالة الاجتماعية على  مستوى منطقة المدينة المنورة.
وأكتب الشعر.

سألوني: ما هي الأصول الثلاثة؟

قلت: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه - صلى الله عليه وسلم -.

سألوني: ما هي مراتب الدين؟

أجبت: هي الإسلام والإيمان والإحسان.

سألوني: ما حد الكبيرة؟

قلت: كل ذنب توعد عليه بلعن أو غضب، أو حد، أو عقوبة في الدنيا أو في الآخرة.

سألوني: ما أبرز صفات الخوارج؟

قلت:

١- التكفير بالكبيرة.
٢- التنطع في الدين.
٣- الخروج على الحكام الظالمين المسلمين.

قال: وإذا كانوا كافرين؟

قلت: أكيد، من باب أولى.

سألوني: من تحضر له من المشايخ؟

قلت: الشيخ/ عبدالمحسن العباد، وعبدالمحسن القاسم، وصالح سندي، وعامر بهحت.

وسئلت أيضا: وما هو الشعر الذي تكتبه؟

أجبت: كتبت في توحيد الله، وفي الوطن.

سألوني أن أسمعهم؛ فاخترت بعض الأبيات من مقطوعة (لذ بالجلال الواحد الديان) وهي:

لذ بالجلال الواحد الديان ** تلق المسرة والقطوف دواني
سبحانه من خالق من رازق ** من منعم هو صاحب السبحان
سبحانه في ملكه في خلقه ** سبحانه في صنعة الأكوان
سبحانه رب الجلال وإنه ** عنا غني مالك الإحسان
سبحانه ملك الوجود بقهره ** وأذل كل معاند شيطان
فالرب في عليائه متفرد ** هذا الذي مسطور في القرآن
وهو الرحيم تباركت أسماؤه ** وهو الحليم بإنسه والجان
فاعبده واقصد بالمراضي عفوه ** تعط المزيد بجنة الحيوان

وألقيت عليهم - كذلك - بعضا مما نظمته في الوطن، وهي:

وطني هويتك والهوى أضناني ** والنفس لبت داعي الإيمان
وطني أتيتك مسرعا مترنما ** والقلب في شوق وفي خفقان
وطني سأبقى ما حييت مجاهدا ** بالعلم أدحر راية الشيطان
وطني سموت بنايف في عدله ** وقد ارتقيت المجد بالسلمان
وطني أيا صرح العلا قد شاده ** عبدالعزيز منارة الأوطان

ولم أكمل، فكأنهم استحسونها.

سألوني: هل تكتب في الخوارج والتكفيريين والعلمانيين؟

أجبتهم: أكتب في الوطن بشكل عام.

والحمدلله من قبل ومن بعد؛ فالآن ننتظر النتيجة؛ حيث أن هناك مقابلة نهائية في الرياض، والسنة القادمة تكون دراسة الدبلوم - لمدة سنة - بمكة المكرمة، ويصرف للدارسين مكافآت، وبعده يكون التعيين في المدينة النبوية - بحول الله وقوته، وفضله ومنته، وإحسانه ورحمته -.

وكتب/

أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الأحد ١٤٣٩/٤/٦.

كتب أصولية محورية؛ للشرقاوي

(كتب أصولية محورية؛ للشرقاوي)

سألت د/ أحمد الشرقاوي - حفظه الله ورعاه - عن كتاب يكون أصلا معتمدا أقرؤه وأدرسه وأكرره مرة بعد مرة في أصول الفقه؛ فكانت إجابته:

الكتاب المعتمد يختلف من شخص لآخر ومن سياق لآخر.

ومما يناسب المبتدي ولا يستغني عنه المنتهي:

١- الورقات؛ لأبي المعالي الجويني:

متن مبارك من المتون التي وضع لها القبول، ضمنها مؤلفها جملة من عيون وأمهات مسائل علم أصول الفقه.

ومن أنسب شروح الورقات للمبتدي:

  شرح المحلي، وشرح الحطاب المسمى: (قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين).
     
ومن شروح المعاصرين:

شرح الورقات؛ للشيخ عبد الله الفوزان.

٢- قواعد الأصول ومعاقد الفصول:

ومن شروحه المقربة للمراد منه:

شرح الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان.

٣- المختصر في أصول الفقه؛ لأبي الحسن علي بن محمد المعروف بابن اللحام:

من شروحه المقربة للمراد منه:

شرح د. سعد بن ناصر الشتري.

٤- مذكرة الإمام الشنقيطي.

٥- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول؛ للشوكاني.

ومن أنفس الكتب للمتوسط والمنتهي :

١- مختصر الروضة وشرحه؛  للعلامة الطوفي.

٢- شرح الكوكب المنير؛ لابن النجار

٣- البحر المحيط للزركشي.

٤- المستصفى لأبي حامد الغزالي.

٥- أصول السرخسي .

٦- كشف الأسرار؛ لعبد العزيز البخاري.

٧- قواطع الأدلة؛ لابن السمعاني.

٨- الموافقات؛ للشاطبي.

٩- الرسالة؛ للشافعي.

  - رحمهم الله تعالى جميعا -.

عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الجمعة ١٤٣٩/٤/٤.

السبت، 23 ديسمبر 2017

ملكة التفسير وبركتها

📖 *ملَكةُ التَّفْسِيرِ السَّلَفِيَّةِ وبَرَكَتُها*📖

مَنْ أدامَ مطالعة تفاسير السلف السالمة من التأويل والتفسير بالرأي ثم عُرِض عليه شيء من التفاسير العصرية فإنه سيجد لها مرارة تقتضي مَجَّها بما  اكتسبه من مَلَكة تفسيرية سلفية.
👈🏻وتلك بركة النظر في تفاسير السلف كتفاسير الأئمة:  الطبري والسمعاني والبغوي رحمهم الله جميعاً.
🌴وكذلك ما سار على منوالها من التفاسير السلفية المتأخرة عنها كتفسير الإمام ابن كثير رحمه الله .
🎍أو التفاسير السلفية المعاصرة كتفسير الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله " أضواء البيان"، وتفسير الشيخ السعدي رحمه الله "تيسير الكريم المنان" .
🍂وما عدا ذلك من التفاسير العصرية فلا تخرج عن التفسير بالرأي أو هي دونه.
ولا تكاد تخلو - أو غالبها- من سلبيات التفاسير  المتقدمة والمتأخرة كالتأويل والتفسير العقلي والإشاري والاستشهاد بالقصص الإسرائيلي والأخبار الموضوعات في التفسير ونحو ذلك. .
💡وذلك أن مراتب التفسير المعتبر أربعة:
- تفسير القرآن بالقرآن.
- تفسير القرآن بالسنة.
- تفسير القرآن بالمأثور عن الصحابة.
- تفسير القرآن بلغة العرب.
🌿والتفاسير السلفية المنوه عنها سابقاً لم تخرج عن هذه المراتب
👈🏻 مع سلامة عقائد أصحابها، 
👈🏻 وسلامتها من التأويل وغيره من مسالك التفسير الممنوعة .
🥀بينما التفاسير العصرية لا تكاد تعتمد هذه المراتب .
🍂 وغالبها تعتمد التفسير بالرأي أو التفسير الإشاري أو التفسير الرقمي - إن صح تسميته بذلك-.
❌ كما أن كثيراً من أصحابها المعاصرين لا يسلم من خلل عقدي أو منهجي.
ومما زاد الطين بِلَّةً تقحم هذا الفن الشريف ممن ليس التفسير صناعته، ولا العلم الشرعي بضاعته.
فلا التفسير منه ،
وليس هو من التفسير في قبيل ولا دبير.
والله أعلم.

كتبه/ سعود بن مصلح الصاعدي
المدينة
١٤٣٩/٤/٦

الجمعة، 22 ديسمبر 2017

إضاءات منهجية لطالب العلوم الشرعية

(إضاءات منهجية لطالب العلوم الشرعية)

الحمدلله، وصلاة وسلاما على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذه إضاءات منهجية لطالب العلوم الشرعية؛ كتبتها على عجالة، راجيا من الله حسن النوال، وسلامة المقصد؛ فأقول - مستعينا بالله، مستلهما منه العون والرشاد -:

١- الإخلاص بركة الأعمال، ولا ثمرة للعمل بدون الإخلاص؛ فليتعاهد المسلم - وطالب العلم خاصة - قلبه ألا تتزاحم عليه المرادات الباطلة - من حب شهرة، ومنصب، وجاه، ومال، وتكثير أتباع...-؛ ليملأ قلبه بمحبة ربه، والتعظيم والإجلال له؛ ليكن في خلوته وباطنه خيرا من جلوته وظاهره؛ ليحرص - ما أمكنه - على أن تكون له خبايا صالحة مع الله؛ ليتعاهد صلاح قلبه دائما وأبدا؛ ليجدد إسلامه في كل آن وحين.

٢- المجاهدة في سبيل طلب العلم، والحرص على نيله بأيسر السبل الموصلة إليه، وعدم تضييع الأوقات فيما لا طائل من ورائه؛ بل يصبر طالب العلم، ويرابط في حلق الذكر، ويسعى - جاهدا؛ ما استطاع إلى ذلك سبيلا - على عدم الانشغال بغير العلم؛ فيتعلم ويعلم؛ لينال الخيرية المذكورة في حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

٣- معرفة المقصود من العلم - وهو العمل -؛ يهون كثيرا على طالب العلم؛ فإنه إذا عرف ذلك؛ بورك له في علمه، ووفق وسدد، وهذا لعمر الله هو المطلوب لكل مؤمن عاقل حصيف، عارف بالله حقا.

٤- سؤال أهل العلم والاسترشاد بتوجيهاتهم، ولقد أنزل القرءان الكريم على قلب أمين من في الأرض - صلى الله عليه وسلم - بواسطة أمين من في السماء - جبريل عليه السلام -؛ فلذلك من طريقة السلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم - أخذ العلم عن الأشياخ؛ فيتخذ طالب العلم شيخا له؛ يلازمه أينما حل وارتحل؛ ليفك له المغاليق، ويحل له الإشكالات؛ وليأخذ من سمته وهديه ودله؛ ليتأثر بأخلاقه وسلوكه؛ فالأفعال أبلغ من الأقوال، وهذا لعمر الله من أهم المهمات (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه...). الكهف.
وقال تعالى: (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا). الكهف.

فحري بطالب العلم أن يتخذ له شيخا صالحا على معتقد أهل السنة والجماعة، وأن يصبر نفسه مع الصلحاء، وأن لا يلتفت لزخرف الحياة الدنيا؛ فما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون؛ فينآى بنفسه عن مجتمع الباطل إلى مجتمع الحق، وعن مجتمع الجهل إلى مجتمع العلم، وعن مجتمع الظلام إلى مجتمع النور، ولا يكن من الغافلين، ولا يخوض مع الخائضين؛ فإنه قد هيء لأمر عظيم، فالأمة تؤمل فيه الآمال

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له ** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

٥- ليعلم طالب العلم أن العلم ليس بالاستكثار؛ بل العلم ما نفع، والتكرار من أنجع الوسائل في تثبيت العلم وضبطه؛ فيحرص - حرصا بالغا - على تكرار العلم، وإدامة النظر فيه، وألا يشتت ذهنه بالتنقل بين الكتب؛ فإن ذلك أدعى لضياع العلم، فتكرار الكتاب الواحد، ودراسته مرة بعد مرة؛ خير من التشتت والضياع بين الكتب؛ فلا تكن كمن أراد بناء قصر؛ فهدم مصرا، أو ينطبق عليك المثل القائل: (لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى!!!).

فالعلم بالتكرار لا بالاستكثار، والزيادة في العلم تكون بأمور، من أهمها:

صفاء النفس، وسمو الروح، واتقاد الذهن، وحضور البديهة، وحسن السمت، وكثرة الصمت، وقول الحق ولو على نفسك، وطاعة الله، واتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتأسي به في كل صغيرة وكبيرة، دقيقة وجليلة، وعكوف القلب على محبة الرب والخوف منه والرجاء والطمع فيما عنده...، والعزلة أحيانا، والانقطاع والتبتل، وانكسار النفس وتذللها لخالقها، والإلحاح على الله في الدعاء، وأداء الفرائض، والمحافظة على النوافل، وصلة الرحم، وحب المساكين، والرحمة بالضعفاء، والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والصدقة، وملازمة العلم والعلماء، وإدامة النظر في الكتب، وكثرة المطالعة، وأن يتذكر طالب العلم أن (قليل منضبط؛ خير من كثير منفلت) وأن (خير العمل؛ أدومه وإن قل).

فيختار كتابا - يكون أصلا معتمدا - في كل فن - في العقيدة، والتفسير، والفقه، والحديث، وعلوم الآلة -؛ فمثلا مما ينصح به في العقيدة: التمهيد؛ شرح كتاب التوحيد؛ للمؤلف الشيخ/ صالح آل الشيخ، أو فتح المجيد، أو تيسير العزيز الحميد، وكذلك شرح العقيدة الواسطية؛ للرشيد.

وفي الحديث: زوائد عمدة الأحكام على بلوغ المرام، بشرح الشيخ/ عبدالله الفوزان.

وفي مصطلح الحديث: نزهة النظر؛ شرح نخبة الفكر؛ لابن حجر؛ مع تعليقات الألباني - رحمهما الله -.

وفي الفقه: ينصح بحاشية الروض؛ لا بن قاسم، أو منار السبيل؛ لابن ضويان، والأولى كبيرة، ومنار السبيل به ثلاثة آلاف دليل تقريبا غير الآثار، أو شرح عمدة الفقه؛ للشيخ/ عبدالله بن عبدالعزيز بن جبرين - رحمه الله -.

وألا يتوسع في علوم الآلة؛ فهي في العلم كالملح في الطعام، وأن تكون الكتب الكبيرة - التي هي مراجع للفن؛ كالمقارنة بين المذاهب الخ - مرجعا له عندما يريد فهم مسألة ما على وجه البسط والإطالة الخ.

بقلم/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
الجمعة ١٤٣٩/٤/٤

بعضها مستفاد من مقطع صوتي على قناة الشيخ/ وليد بن راشد السعيدان - حفظه الله ورعاه - على قناته على اليوتيوب؛ بعنوان: (بماذا تنصحون المبتدئ في فني التفسير والسيرة).

السبت، 16 ديسمبر 2017

أبيات في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلى الإله على محمد خير من
وطئ الثرى في العالمين كثيرا
**
يا رب صل على الحبيب محمد
ما غرد القمري على غصن الشجر
**
يا رب صل على الحبيب محمد
ما حج للبيت العتيق وأحرما
**
يا رب صل على الحبيب محمد
والآل والصحب الكرام الأماجد
**
يا رب صل على الحبيب محمد
ما لاح في فلكيهما القمران
**
يا رب صل على الحبيب وآله
والصحب طرا أجمعين تواليا

شعر/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.
١٤٣٩.

الاثنين، 20 نوفمبر 2017

طريقة دراسة الكتب الستة؛ للعلامة الخضير

(من المنهجية في الحديث: الاختصار من أهم وسائل التحصيل؛ للعلامة الخضير)

فتبدأ بالصحيح وتقرأ الترجمة الكبرى، كتاب كذا، ثم الترجمة التي تليها باب كذا، هذه الترجمة التي ترجم بها البخاري من عنده هذا فقهه، وبه يتمثل الفقه السلفي، فقه أهل الحديث، فإذا أتيت إلى الحديث فـي الموضـع الأول، وقرأت ترجمة البخاري واطلعت على ما ساقه البخاري من آثار موقوفة ومقطوعـة عـن الصـحابة والتابعين في توضيح هذه الترجمة، كلام نفيس تستغني عنه وتقتصر على المختصرات؟
المختصر من وجهـة نظره رأى أنك لست بحاجة إلا إلى ما ذكر، لكن أنت قد تكون بأمس الحاجة إلى مـا حـذف، فـإذا قـرأت الترجمة وفهمت فقه البخاري، ثم فهمت فقه السلف الذي دعم به البخاري فقهه، ثم أتيت إلى الحديث المرفوع بسنده وأنت بحاجة ماسة إلى معرفة رجال الصحيح ليوفر لك الجهد إذا مر عليك هؤلاء بكتـابٍ لـم تلتـزم صحته، أنت عندك حديث في مسند أبي داود ما تدري هو صحيح وإلا لا؟ لكن تعرف أن هؤلاء الرواة مـن رواة الصحيح، مروا عليك وأنت تدرس صحيح البخاري، لكن لو اقتصرت على المختصر ما استفدت، إذا ما أمسكت الحديث الأول بهذه الطريقة ثم ذهبت إلى أطرافه والحمد الله الكتاب مخدوم، الحديث الأول خرج فـي
سبعة مواضع، ترجع إلى هذه المواضع، شوف تراجم البخاري على هذا الحديث، واستنباط البخاري من هـذا الحديث، وهذا فقهه، استنبط من الحديث فوائد كثيرة جداً، أودعها في هذه التراجم، ودعم هذا الفقه بفقه السلف من الصحابة والتابعين، وأردفه بالحديث المرفوع، ولا يمكن أن يكرر البخاري حديثاً بإسـناده ومتنـه فـي موضعين إلا نادراً، يعني في عشرين موضع فقط، يعني خمسة آلاف أحاديث مكررة، ما فيهـا مـا كـرره البخاري بإسناده ما فيها إلا عشرين فقط، وأما الباقية فلا يكرر حديث إلا لفائدة، سواء كان في متنـه أو فـي إسناده، ولو في صيغ الأداء، فتجده أحياناً يقول: عن فلان، وفي الموضع الثاني يقول: حدثنا فـلان، طالـب العلم بحاجة ماسة إلى معرفة هذه الأمور، إذا كان يريد أن يكون طالب علم بحق.
إذا انتهيت من اختصار البخاري على هذه الطريقة، أنت الآن اطلعت على المواضع السبعة واختصرت علـى أوفاها، وصار علمك بما حذفه المختصر كعلمك بما أثبت، هذه من أعظم وسائل التحصيل، العلم يحتاج إلـى معاناة وحفر في القلوب، لا يقول طالب العلم: أن هذه الطريقة في البخاري وحده تحتاج إلى سنة، نعم تحتـاج إلى سنة، لكن كثير على البخاري أن يصرف فيه سنة؟ ليس بكثير على البخاري أن يصـرف فيـه العمـر، فضلاً عن سنة.

إذا انتهيت من الحديث الأول تأتي إلى الحديث الثاني، الحديث الأول من وافق البخـاري علـى تخريجـه إذا أردت أن تدرس الكتب الستة في آنٍ واحد، أو تقول: واالله الآن أدرس البخاري إلى أن أنتهي منه وأرجع إلـى مسلم، الأمر إليك، لكن إذا أردت أن تدرس الكتب الستة في آنٍ واحد ولا تستكثر أن تصرف عليهـا خمـس سنوات، والمسألة مفترضة فيه من ضمن حفظ القرآن، والقرآن أيضاً يحتاج إلى شيء مـن المعانـاة لفهمـه وتدبره، ومراجعة التفاسير الموثوقة عليه، ومعرفة إعرابه وبيانه، وما ورد في تفسيره من أحاديـث وأقاويـل سلف هذه الأمة، القرآن يحتاج إلى معاناة، لكن نحن نمثل الآن بالحديث.

إذا درس البخاري وحده -والأمر إليه- يأتي إلى مسلم، فما خرجه البخاري وعندي أن طالب العلم المتأهـل للاختصار يبدأ بالكتب الستة جميعاً، فإذا عرف الحديث الأول في الصحيح وجمعه فـي مواضـعه السـبعة، واختصر منها على أوفاها، وذكر التراجم كلها، وذكر أقاويل السلف المدعومة لهذه التراجم، واقتصـر علـى أوفى المتون، وعرف ما حذف كمعرفته بما أثبت وأبقى، ينظر من وافق البخاري وخرج هذا الحديث كمسـلم مثلاً، ويصنع بهذا الحديث عند مسلم كما صنعه في البخاري، ويشير إلى ذلك في صحيح مسلم إلـى أن هـذا الحديث تمت دراسته، ويأخذ من الزوائد، زوائد العلم النبوي علم الحديث في صحيح مسلم ويضيفها إلـى مـا دونه في مختصره للبخاري، ويقول: زاد مسلم كذا، في الأسانيد كذا، في المتون كذا، في صـيغ الأداء كـذا، ترجم عليه شراح مسلم بكذا؛ لأن مسلم ما ترجم الكتاب، وهذا من أفضل الطرق التي يدرس بها علم الحديث حتى يستوعب البخاري ومسلم، ثم ينظر فيمن وافقهما من أصحاب السنن، ويفعل به ويصنع معه نظيـر مـا صنعه بالصحيحين، ولا ينتهي من الكتب الستة بهذه الطريقة، إلا وعنده كتاب في عشرة مجلدات مـثلاً، فيـه الكتب الستة بكاملها، من غير تكرار بطريقته هو، وبالمعاناة يرتقي العلم وينحفر العلم في قلبه.

أما مرور الكرام مجرد قراءة سريعة أو اعتماد على مختصرات آخرين.

مختصـر الروضة للطوفي، أو مختصر التحرير...هما من أمتن كتب الأصول وأمتعهما...

اختصار/
أبو عبدالملك، عبدالرحمن بن مشعل المطرفي.

الاثنين ١٤٣٩/٣/١