الاثنين، 25 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (تفسير الجلالين كتاب مركزي في التفسير)

قيد الخاطر- (تفسير الجلالين كتاب مركزي في التفسير)

قال الشيخ أد/ مرضي بن مشوح العنزي - وفقه الرب العلي -:
"في كل فن لا تتجاوز في التكرار كتابا أو كتابين؛ تبدأ بكتابٍ سهل ثم إذا أتقنت أساسيات هذا الفن فكرر كتابًا واحدًا أو كتابين بالكثير..
سألتُ أحد أساتذة التفسير عن كتب التفسير المعاصرة: فقال: أنا لا أتجاوز تفسير الطبري، أكرره باستمرار.
سأل أحد طلبة العلم الشيخ الجبرين - وأنا أسمع- عن التدرج في كتب الفقه: فقال: الكتب مكررة، فالزم كتابًا واحدًا".
قال أبو عبدالملك:
واستنصحت شيخنا الشيخ المفضال د/ صالح بن عبدالله العصيمي - وفقه الرب العلي - عن كتب مؤصلة تدرس باستمرار في كل فن، ومنها التفسير، فقال "تفسير الجلالين".
والذي فهمته أن الكتب المطولة والمتوسطة تكون للقراءة والتوسع، ومثل "تفسير الجلالين" فعلا صالح للدراسة والتحفظ، وأن يكون أصلا ومنطلقا لما بعده.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
طبرجل- الاثنين- ١٤٤٧/٣/٢.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الأحد، 24 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (من قلة الذوق التقدم على من في صف الانتظار بلا استئذان)

قيد الخاطر- (من قلة الذوق التقدم على من في صف الانتظار بلا استئذان)

من قلة الذوق وقلة الأدب وقلة المروءة، بل وقلة العقل والدين: أن تتقدم على من هو أمامك في صف الانتظار، والبعض لا يستفسر ولا يسأل من الذي أمامه، ولا يستأذنه، يتقدم عليه بكل صفاقة وجه، وقلة دين وعقل وأدب ومروءة، والواجب عليه لزوم الأدب، وألا يتقدم غيره بدون موجِب، وأن يتعلم الآداب الإسلامية حتى لا يكون عرضة للنقد، بل وتحمل الوزر، والله المستعان. 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الأحد- ١٤٤٧/٣/١.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

السبت، 23 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (الأريحية في النقاشات)

قيد الخاطر- (الأريحية في النقاشات)

أرى في بعض المجالس ما يكون من خطأ في أسلوب بعض النقاشات، فالأصل فيها الأريحية، ومع ذلك البعض - هداهم الله - ينفعلون وينجرون في سياقات غير مجدية أو نافعة، حيث تأخذ منحنى آخر غير الأريحية والبساطة، فيتحول مجلس النقاشات إلى احتدام ونزاع، وصراع وشقاق، وتسمع الأصوات تعلو، والغضب يحتد، والأسلوب ينحدر إلى ما لا تحمد عقباه، والبداية كانت في مقاطعة المتحدث، أو التكبر عن الاستماع له أو الإنصات، أو التعليق على حديثه بسخرية، أو التعقيب على فكرته خارج سياق فكرته، فتأخذ الأمور خط سير آخر مختلف تماما عن المراد أصلا وهو "الأريحية"، فتحل "الجدية" محل "الأريحية"، حتى يطول النقاش، ويحتدم الصراع، ويجري الشيطان في عروق الإنسان، وتقع في الصدور حزازات، وفي النفوس أشياء مما يفرح بها العدو، ويحزن لها الأخ والصديق، والسبب في كل ذلك عدم - أو قلة - المروءة، وعدم - أو ضعف - فهم السياق -، وضعف القراءة عن آداب المجالس والحديث.
وقد صح في "سنن أبي داود" رحمه الله عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا)، والمراء: هو الجدال، فلا يجوز - أو لا ينبغي - الجدال على أي شيء، أو كثرة الجدال، أو إذا رأيت كون الجدال لا خير فيه في لحظته، حيث سيجر إلى مفسدة أعظم، أو إلى ما لا طائل تحته، فتركه في تلك الحال هو المتحتم على العاقل، لا الفارغ الذي يريد الجدال لمجرد الجدال.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- السبت- ١٤٤٧/٢/٢٩.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الأربعاء، 20 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (أن تبدأ يعني أن تصل)

قيد الخاطر- (أن تبدأ، يعني أن تصل)

أن تبدأ، يعني أن تصل، المهم لا تكن كالماء الراكد الآسن، تحرك، أنجز، أبدع، فكر، استنتج، حلل، قارن، واصل المسيرة، واكتب السيرة، المهم المواظبة والاتزان.
تذكر: ما عليك النتائج، وليست إليك النهايات.
عليك أن تعمل بروح التحدي والإصرار والصدق والعزيمة والمحبة، واحذر "مرض الكمال" و "فيروس المثالية"، فما عاق عن الفضائل إلا تطلب الكمال، أو نشدان المثالية.
والعاقل لا يكلف نفسه غير العمل الصالح الخالص، ولا يهتم للنتائج، ولا ينظر إلى النهايات إلا على سبيل الأخذ منها وقودا لمواصلة السير، واللحاق بالركب.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الأربعاء- ١٤٤٦/٢/٢٦.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

تعليق على وفاة ابنة وزوجة عبيدالله الشراري ووفاة سعود القحطاني

(تعليق على وفاة ابنة وزوجة عبيدالله الشراري ووفاة سعود القحطاني)

في يوم الأربعاء بتاريخ ١٤٤٧/٢/١٩، توفيت ابنة وزوجة المواطن السعودي/ عبيدالله بن عوض النصيري الشراري - رحمهم الله جميعا - إثر صاعقة رعدية في عسير - حسب صحيفة صدى الإلكترونية -.
وفي يوم الاثنين بتاريخ ١٤٤٧/٢/٢٤ توفي الشاعر السعودي سعود بن معدي القحطاني في سلطنة عمان في محافظة ظفار في جبل "سمحان"، بعد انزلاقه - غفر الله له -.
الأول من شمال المملكة العربية السعودية من "القريات" تابعة إلى "منطقة الجوف" في أقصى شمال المملكة العربية السعودية، ونزل به الموت في جنوب المملكة العربية السعودية حيث سافر للنزهة.
والثاني من جنوب المملكة العربية السعودية سافر إلى دولة عمان، واختطفه "قصَافُ الرقاب" الموت الذي لا يعرف صغيرا ولا كبيرا، ولا فقيرا ولا وزيرا، ولا رئيسا ولا مرؤوسا.
تتمثل أمامي الآية العظيمة: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم...)، والأخرى: (وما تدري نفس بأي أرض تموت).
فعلم القدر لا يعلمه إلا الله، وهو سر الله في خلقه، والقدر والرزق يطلبان ابن آدم حتى يدركانه، ومع ذلك أكثر ما يهم الناس ويغمهم هي هذه القضية "قضية القدر والرزق!"، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 
وفي هذا المقام أنصح بكتاب "شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل؛ لابن القيم رحمه الله"، فإنه من أعمدة الكتب في الحديث عن تلك القضية.
قال رحمه الله: "وتحقيق الأمر أن الشر نوعان: شر محض حقيقي من كل وجه، وشر نسبي إضافي من وجه دون وجه.
فالأول لا يدخل في الوجود...فظهر أن دخول الشر في الأمور الوجودية إنما هو بالنسبة والإضافة، لا أنها من حيث وجودها وذواتها شر". ٢/٨٩، بتصرف يسير. 
ومعنى قوله واضح جدا، يعني أن الله منزه عن تقدير شر محض، فلا يقدر ربنا إلا الخير، فالشر هو بالنسبة إلى أفعال العباد، وهو شر نسبي إضافي، فلا يوجد شر مطلقا في الوجود من كل وجه، حتى المعاصي وما تؤول إليه، ليست شرا محضا، فانكسار العاصي، وترتب الثواب على التوبة، وأنها تنزع مادة العجب من المعرض، فيعلم أنه مخلوق ضعيف، كل ذلك من حكم تقدير المعصية، وأن الله لا يقدر إلا الخير لعباده.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الثلاثاء- ١٤٤٧/٢/٢٥.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com 

بقلم

الأحد، 17 أغسطس 2025

اقرأ فديتك تالي القرآن

(اقرأ فديتك تالي القرآن)

اقرأ - فديتك - تاليَ القرآنِ * فلك الكرامة تُوِجت بأمان
ولك السعادة مغنما بمفازة * تنجو به من حالك النيران 
اقرأ وردد ما استطعت فإنما * بشراكَ ذاك اليومِ بالفرقان 
وترى السعادة رأي عين ها هنا * محصورة في الذكر للرحمن
شنِّف مسامعنا وروِّ قلوبنا * واصدح - فديتك - يا فتى الإيمان
ما العز إلا في الكتاب وإنه * نور البصائر والهدى الرباني 
وشفاء أمراض وجُنًّة مؤمن * متمسك بشريعة الديان 
ومواعظ تُتلى تهادى في الورى * والحصن حقا من هوى الشيطان
فاشدد يديك بحبله مستعصما * فهو السبيل لجنة الرضوان
والشكر لله الكريم فحقه * أعلى الحقوق بشرعة العدنان
ثم الثناء موجه بتحية * للحر والموصول بالعرفان
أعني (سعيدا) قومنا في حفلنا * أرسى الدعائم ثابت الأركان 
هو (فالحٌ) والوصف فيه مُحقّقٌ * أنعم به من صاحب الإحسان
و (مُغامسيٌّ) في الدنا قد أشرقت * أنواره بالحسن كالقمران 
فلتهنأنَّ أيا كريم فربكم * رب رحيم واسع الغفران 
ولتنصروا دين النبي محمد * بالمال والآثار والأبدان 
فينيلكم ربي بواسع فضله * أعلى الجنان بحلة الإيمان
ثم الصلاة على الحبيب وآله * والتابعين سبيلهم بأمان
ما لاح بدر في السماء وأفْقِها * أو زاغ ظل الشمس بالميلان
وعليه سلم ربنا وملائكٌ * صلوا عليه وسلموا بتفاني

شعر/
عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الأحد- ٢٣ صفر- ١٤٤٧
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
بمناسبة:
حفل تكريم الطلاب الفائزين بجائزة الشيخ د. سعيد بن فالح المغامسي - حفظه الله ورعاه - لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية.

السبت، 16 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (الإنسان الناضج)

قيد الخاطر- (الإنسان الناضج)

نقل الأخطاء والاستبشار بها، وتهويلها وتضخيمها، والمكوث أياما أو أشهرا أو سنينا في الحديث عنها، وكأنها محل استغراب، وموضع عجب، وكأن الله لم يقدر الخير والشر، وكأن البشر غير معصومين، وكأنك - أيها الآكل من لحوم إخوانك والمسلمين - معنيا بنبش أخطاء الآخرين، ونقلها وإذاعتها، كأنك لست مكلفا بإصلاح نفسك أولا!.
إن كل ما تقدم هو من سمات عدم - أو قلة - النضج لدى الإنسان، فالإنسان الناضج لا يهول الأخطاء، ولا يستبشر بها، لأنه حكيم، وفي شغل شاغل عن تتبع سقطات الغير "وما أنا من المتكلفين".

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- السبت- ٢٢ صفر/ ١٤٤٧.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الخميس، 14 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (الكرم)

قيد الخاطر- (الكرم)

المن بالعطاء ينافي السخاء، وما من كريم.
ومنة ساعة؛ تفسد كرم سنة.
وخير الجود: من الموجود، ولا خير في التكلف والتصنع. 
وأعلى الكرم: الكرم بالحال واللسان.
وكثير من الناس يظن الكرم في بسط الموائد، ثم يفري بلسانه فري الجاحد المعاند، فأين هذا من الكرم؟!
إذا لم تكرم الناس بالقول الحسن، فلا حاجة لهم في ما يملأ البطن. 
إكرام الناس بالحال والقول باللسان، أولى من ما يمد على الخِوان، وأبقى ذكرا، وأحسن معشرا.
والخلاصة: الكرم من أخلاق الأنبياء - عليهم السلام -، فإبراهيم - عليه السلام - جاء في قصته: (فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين).
ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كان أكرم الناس حالا ومنطقا ولسانا.
بل الكرم من أخلاق رب العزة والجلال، ومن أسمائه تعالى: الكريم.
والوصية: إن لم تكن كريما، فتخلق بأخلاق الكرماء، والتخلق يصيِّر الخلق طبعا:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * إن التشبه بالكرام فلاحُ.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الخميس- ١٤٤٧/٢/٢٠.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

فوائد حديثية- (الفتنة نائمة)

فوائد حديثية- (الفتنة نائمة)

من الأحاديث المشتهرة: "الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها".
قال الألباني في "السلسلة الضعيفة، رقم (٣٢٥٨): منكر.
ومن الأحاديث الصحيحة في هذا الباب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تكون فتنة، النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، فمن وجد ملجئا أو معاذا، فليستعذ". صحيح مسلم، رقم: (٢٨٨٦).
وفي "صحيح أبي داود، للألباني، رقم (٤٢٦٣)" قال عليه الصلاة والسلام: "إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر، فواها".

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الأربعاء- ١٤٤٧/٢/١٩.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

من أكثر الأبيات التي أعجبتني- (اليا نصحت قليل العرف وازريت)

من أكثر الأبيات التي أعجبتني- (اليا نصحت قليل العرف وازريت)

من أكثر الأبيات التي أعجبتني لشاعر حرب الكبير/ عبدالله بن زويبن - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأعقب وأعقب في ذريته خيرا كثيرا -:

اليا نصحت قليّل العرف وازريت * قل الدروب وساع ومْع  السلامة 
صدك تقل ما اوحيت لو انك اوحيت * عن الردية طيب ما هو رخامة 
والله ما تندم عليها ليا اقفيت * اقفاي ذيب عن وليشة هلامة


بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الاثنين- ١٤٤٧/٢/١٨.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الاثنين، 11 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (التركيز من أكثر عادات الناجحين)

قيد الخاطر- (التركيز من أكثر عادات الناجحين)

أن تعرف ماذا تختار - في ظل هذا السيلان التقني، والتراكم المعلوماتي - من أهداف أو توجهات أو مسارات علمية أو عملية، وأن تبني شخصيتك بعناية، وأن تكون مثالا حسنا، وقدوة صالحة في ميدانك الذي توجهت له وأبدعت فيه، وشعرت بامتنان عظيم أن كنت فيه، فسخرت طاقاتك وعقلك ومعارفك لأجله، ولم تمد عينك لميدان غير ميدانك، لأنك تعرف قدر نفسك، وقدر طاقاتك ومواهبك و "رحم الله امرءا عرف قدر نفسه"، فاكتسبت خبرات وتجارب عديدة في مضمار ميدانك، وفي إطار أهدافك، وفي حدود توجهاتك، لأنك تؤمن بأكثر عادات الناجحين - خاصة في هذا الزمان المتسم بالتشويش - ألا وهي "عادة التركيز"، ومن ركز؛ أنتج، وأبدع، وعلى المستوى النفسي حصّل الطمأنينة من أوسع أبوابها - بعد تحقيق العبودية لرب البرية -، فذاك مما يتميز به الصفوة المختارة الذين أبدعوا، ولأمجادهم بنوا وشيدوا، سواء في المجال العلمي أو المجال العملي، وعلى المستوى الإنساني بكافة أطيافه وتوجهاته، فهو قدر كوني، و "من سار على الدرب وصل".
واليابان خير مثال في عصرنا، فأميز ما يتميزون به "الجدية والانضباط" يعني "التركيز"، وقد وصلوا مستويات عليا في النظام العالمي المادي، فهم قدوة لكل عامل في هذا الجانب العملي المادي. وانظر - فضلا منك - كتاب الشيخ العالم الزاهد القدوة د. سعد بن عبدالرحمن الحصين "سيرة مسافر سعودي".
وأنصح هنا بعموم كتب الشيخ د. مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي، وأخص منها كتاب "التركيز، أكثر العادات أثرا في حياة الناجحين"، من إصدارات دار القلم.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الاثنين- ١٤٤٧/٢/١٨.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الأحد، 10 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (تأثير العلاقات السامة)

قيد الخاطر- (تأثير العلاقات السامة)

أعيذك من حالة الموت قد يكون أهون من العيش فيها: أن تعيش في وسط لا يفهمون الطيب إلا ضعفا، وتنجح إن عاملتهم بخبث أو بقسوة، ذاك أشد ما يكون على المرء من وقع يحيل التطبع إلى طبيعة مع الوقت، فيخرج الإنسان عن آدميته ليصبح وحشا كاسرا في مسلاخ إنسان، لا يعبأ بمشاعر، ولا يقدر عواطف، قد تمركز حول ذاته، فأنشأ حولها هالات العظمة والتقديس - وذاك من تلبيس إبليس -، فرأى نفسه محور الكون، وربان السفينة، والقائد التربوي، والمصلح الاجتماعي، إلى آخره من جوانب الهالة والتضخيم، وما هي في الحقيقة إلا انعكاس حقيقي لصورته الإنسانية المزيفة المتخيلة، والخوف أن تتجلى تلك الأمثلة المريضة واقعا، وأن تصبح ظاهرة مع الوقت!.
إن "العلاقات السامة" مرض خطير، وله تأثير كبير على العقل والنفس والروح، والأخلاق والسلوك، وهو ينخر في صميم الدين.
وإن تلك العلة لها أسباب ظاهرة وخفية، منها:
* ضعف التربية والتعليم.
* قلة تعميق المعاني الإيمانية في القلب.
* الانصراف إلى الدنيا.
* الصدمات النفسية.
* ضعف العلاقات الاجتماعية.
* عدم فهم جوانب التميز في الشخص.
وغيرها كثير.
ومن الحلول الناجعة: تعميق المعاني الإيمانية في القلب، بقراءة القرآن الكريم وسنة النبي الكريم - عليه أفضل صلاة وأتم تسليم -، بتدبر وتعقل، وقراءة سير الصحابة والتابعين والعلماء، وأرشح لذلك بعض الكتب:
* الداء والدواء لابن القيم.
* سير أعلام النبلاء للذهبي. 
* صور من حياة الصحابة، للدكتور/ عبدالرحمن بن رأفت الباشا.
* صور من حياة التابعين، له.
وغيرها الكثير.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الأحد- ١٤٤٧/٢/١٧.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

السبت، 9 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (الاهتمام بالأدب من أعمدة الشريعة)

قيد الخاطر- (الاهتمام بالأدب من أعمدة الشريعة)

الاهتمام بالأدب - شعرا ونثرا - من أعمدة الشريعة والعربية لمن يفقه، وما هذا الانفصام النكد الذي نراه في كثير من طلبة العلم بين العلم الشرعي والأدب، إلا من قلة فهمهم لهذا، وهو كون الشريعة والأدب تصب في مصب واحد: ألا وهو اللغة العربية، وأن الأدب طريق معبِّد لفهم اللغة والتاريخ، زيادة على كونه يعزز الذائقة، ويسمو بالنفس، ويلطف من كثافة الدم، ويحسن الخطاب ويجمله، فيلذ عندما يستقر في أسماع المتلقين ومن ثم يصل إلى قلوبهم هنيئا مريئا.
ومن أبرز من رأيت من العلماء الذين جمعوا بين حسن الفهم للشريعة فهم علماء كبار على الجادة، وبين الأسلوب الأدبي الراقي علماء المغرب الإسلامي، وأخص منهم: البشير الإبراهيمي، الخضر حسين، ابن عاشور، ابن باديس.
ومن الشام: فقيه الأدباء وأديب الفقهاء الشيخ الحبيب المشهور لدى الخاصة والعامة بلطف أسلوبه وجميل حديثه: علي الطنطاوي - رحم الله الجميع -...
ومن المملكة العربية السعودية بلا نزاع العلامة المحقق المدقق المصنف البارع/ بكر أبو زيد، حتى لقب ب "ذهبي العصر"، وشيخه/ محمد الأمين الشنقيطي - رحم الله الجميع -...
وشيخنا المفضال د. صالح بن عبدالله العصيمي - حفظه الرب العلي - أسلوبه شرعي أدبي، وهو الذي أوصى بالنهل من علوم وكتب علماء المغرب الإسلامي الذين عددتهم قبل قليل، لعلمهم الشرعي، وأسلوبهم الأدبي.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
السبت- الدوداء- ١٤٤٧/٢/١٦.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الجمعة، 8 أغسطس 2025

(يا طليق الروح بشرى)

(يا طليق الروح بشرى)

البحر: مجزوء الرمل.

(يا طليق الروح بشرى) * إن بعد العسر يسرا
إن أمر الله آت * فادخر عزما وصبرا
إن أمر الله آت * ويجلِّي العذبُ مرا
إن أمر الله آت * ذاك حق ليس نكرا 
ويقيني في إلهي * تشرق الآمال فجرا
ويزول الآه عنا * إن صدقنا فيه شكرا
واعتصمنا بملاذ * هو ربي جل قدرا
هو ربي في علاه * ويثيب الله أجرا
وهنيئا ومريئا * تملأ الأسماع تترى 
لك تهدى بورود * (يا طليق الروح بشرى)

شعر/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الجمعة- ١٤٤٧/٢/١٥.
بمناسبة:
خروج حميدان التركي من سجون أميركا قبل هذا اليوم، بعد تسعة عشر عاما قضاها مظلوما مكلوما. وكان في رسائله الصوتية يوقع "طليق الروح"، فاستعرتها في هذه الأبيات.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

قيد الخاطر- (التعاملات الإنسانية بين "المادة" و "الإسلامية")

قيد الخاطر- (التعاملات الإنسانية بين "المادة" و "الإسلامية")

أكتب الآن هذه الخاطرة وأنا على "الوسادة"، وهي من الألفاظ الشائعة عند العامة، وهي لغة فصيحة...
أقول:
في منطق العقل وعند العقلانيين: التعامل مع الناس يكون وَفق المصالح، وهو تعامل مقايضة، كما يقولون في المثل الشعبي: "اقطع لي، واقطع لك"، يعني: أفدني، وأفيدك، تبادل مصالح...
في منطق الشرع الأمر أسمى من ذلك في العلاقات الإنسانية، فهي "إنسانية" لا "مادية"، ولا انفكاك بين الإنسانية والإسلامية، فكل إسلامي، هو بالضرورة إنساني، يقول تعالى: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)...
ففي المنطق المادي العلاقات الإنسانية "تبادل مصالح"، وفي المنطق الإسلامي "يا عُقْبةُ، صِلْ مَن قَطَعَك، وأَعْطِ مَن حَرَمَك، وأَعرِضْ عمَّن ظَلَمَك"، المسند، فهي "تبادل مصالح"، ولكن وفق مقتضيات الشريعة الغراء، تعامل إسلامي، لا مادي، وقليل من عباد الله من يمشي وفق شريعته الكاملة، فلا يخطو إلا على "قانون المادة"، لا يصاحب ولا يتعامل، ولا يأخذ ولا يعطي إلا وفق "المادة" و "المادة" فحسب!
وقد رأينا هذا الصنف من الناس كثيرا - لا كثرهم الله -، يدعي الصحبة، ولكن عند المواقف تتكشف الحقائق، والحقيقة تكشف الزيف، وتخرج المخبأ، وتدل على بعض ما في الصدور...فمنهم، ومنهم، ومنهم، القائمة تطول ولن أعدد تلك المواقف الآن، في مقال قادم إن شاء الله أفصل في ذلك بحول الله...

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الجمعة- ١٤٤٧/٢/١٥.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

شذرات من بطون الكتب- (مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة)

شذرات من بطون الكتب- (مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة)

"اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ:
* الْإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.
* وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ.
* وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِهَا.
* وَأَنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
* وَأَنَّهُ أَمَرَ بِالطَّاعَةِ وَأَحَبَّهَا وَرَضِيَهَا؛ وَنَهَى عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَكَرِهَهَا. 
* وَالْعَبْدُ فَاعِلٌ حَقِيقَةً وَاَللَّهُ خَالِقُ فِعْلِهِ.
* وَأَنَّ الْإِيمَانَ وَالدِّينَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ.
* وَأَنْ لَا نُكَفِّرَ أَحَدًا مَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِالذُّنُوبِ وَلَا نُخَلِّدَ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَحَدًا.
* وَأَنَّ الْخُلَفَاءَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ.
* وَأَنَّ مَرْتَبَتَهُمْ فِي الْفَضْلِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ.
* وَمَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ: فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ".

مجموع الفتاوى، لابن تيمية، مجمع الملك فهد، ١٤٢٥، ١٦٢/٣.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الأربعاء- ١٤٤٧/٢/١٢.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

شذرات من بطون الكتب- (مختصر أصول أهل السنة والجماعة)

شذرات من بطون الكتب- (مختصر أصول أهل السنة والجماعة)

من كتاب "لقاءات الباب المفتوح"؛ لابن عثيمين - عليه رحمات رب العالمين -، في "المكتبة الشاملة"، بتصرف.
سئل ابن عثيمين:
ما هي أصول المسائل التي مَن خالفها فقد خالف منهج أهل السنة والجماعة؟
فذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر في كتابه "العقيدة الواسطية" خمسة أصول لأهل السنة والجماعة خالفهم فيها أهل البدع، كالخوارج، والنواصب، والروافض والمعتزلة والمرجئة، والقدرية والجبرية، والممثلة والمعطلة، وأن أهل السنة والجماعة وسط في تلك الفرق بين الغالي والجافي.
وهنا سرد مختصر لتلك الأصول:
الأصل الأول: في الأسماء والصفات.
إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل.
الأصل الثاني: في القدر.
الإنسان مخير من جهة، مسير من جهة أخرى، ولا يخرج عن مشيئة الله تعالى.
الأصل الثالث: في أسماء الإيمان والدين.
الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.
الأصل الرابع: حكم مرتكب الكبيرة.
تحت المشيئة.
الأصل الخامس: في الصحابة - رضي الله عنهم -.
هم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين، نترضى عنهم جميعا، ولا نقدح أو نغلو في أحد منهم.
الأصل السادس: طاعة ولاة الأمر بالمعروف وإن جاروا وإن ظلموا، ولا يخرج على الوالي الكافر إلا بشروط وهي:
* العلم بمخالفة الوالي. 
* كونه كفرا ظاهرا.
* كونه كفرا لا يعذر فيه بالتأويل. 
* كون الدليل على كفره دليلا قاطعا. 
* توفر القدرة على إزالته.
* ألا يترتب على إزالته ضرر أكبر.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الأربعاء- ١٤٤٧/٢/١٢.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (مناقشة المغضب)

قيد الخاطر- (مناقشة المغضب)

من أخطاء بعض الناس في التحدث أو الحوار: مناقشة المغضب واستفزازه، فهذا ليس يجوز شرعا ولا عقلا، كأن يسأله سؤالا حساسا، أو يشعره بخطئه، فالتقويم في حال الغضب لا يستقيم، بل قد يزيد الطين بلة، والمريض علة.
والخلاصة:
تحين أوقاتا للنقاش أو الحوار الهادي مع من تريد إصلاحه، ولا تستفزه ولو بحق، فليس المهم إيقافه على الحق بأي طريقة، وليس المهم النصيحة، المهم "كيفية النصيحة"، وهذا يجهله أكثر الناس فيقول: "أديت الذي علي!"، وما علم المسكين أن النصيحة لا تكفي بمجردها عن كيفية أدائها، واختيار الزمان والمكان المناسبين، وهذا يدخل في "باب سد الذرائع"، كما قال تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم...)، فاستفزاز المغضب ومناقشته، قد تؤدي لزيادة عناده، وتماديه في غيه لا رشاده، فليتدبر هذا، فإنه من أنجح الأشياء في المناقشة والحوار، وكثير من يخل به، لغلبة - لا أقول الجهل - بل الجهل المركب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الثلاثاء- ١٤٤٧/٢/١١.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

قيد الخاطر- (العيش كرجل)

قيد الخاطر- (العيش كرجل)

من يريد أن يعيش رجلا، عليه أن ينسى "صدمات الماضي"، خاصة ما كان في الطفولة، نعم هذا تنظير، والهيمنة للواقع على التنظير، فالواقع له سطوته وشدته وتحكمه، لكن الرجل فعلا من يتعالى على كل معضلة، ويحل كل مشكلة، المهم لا يستسلم.
نعم له مشاعر، له أحاسيس، لكن يتحكم في عواطفه ومشاعره. فالرجل فعلا عصي على الخضوع لمشاعره وأحاسيسه حتى تسيطر عليه، بل يسيطر عليه عقله.
فالرجل إذن عقلاني بالدرجة الأولى، والمرأة عاطفية بالدرجة الأولى. 
الرجل يستلهم من الماضي الدروس والعبر، ويؤمن بالتجارب، ويخضع ويتواضع للحق والحكمة والصواب.
الرجل ينصت ويسمع، يبذل ويضحي، يفتش عن كل محروم ليواسيه، فهو كائن اجتماعي، مؤثر، نعم ويتأثر، لكن لا ينعزل عن إفادة أسرته ووطنه، ومجتمعه وأمته.
الرجل يخطط ويدرس وينفذ، يستشرف المستقبل، ليبني غدا زاهرا، ولا يعيش كلا على أسرته أو وطنه، أو مجتمعه أو أمته.
الرجل يملك نفسه عند الغضب، والهوى، والحزن، ولا تتمادى به انفعالاته النفسية.
الرجل هو الحر فكرا، المتقد عقلا وذهنا، من يبني بعلمه، ويهدي بحلمه، ويسكِّن بهدوئه.
الرجل حقا من يقول بملء فيه "نعم" أو "لا" في موضعها، ولا يحفل بغير كرامته في حدود تحكيم الشرع والدين والعقل والمروءة. 
الرجل أول ما يحتكم للعقل، والمرأة أول ما تحتكم للعاطفة، وسيرة أمهات المؤمنين مليئة بالمواقف التي تبين أن المرأة تحتكم إلى العاطفة أكثر من الرجل، ولذلك هي "صانعة الرجال"، لأنها تدعم الطفل بعاطفتها حتى يكبر سويا في عقله، فلا يحتاج إلى حنان أعظم من الأم إلا إن كان في "الزوجة"، والزوجة امرأة لا رجل...
الرجل حقا هو ما ذكرت.
وسمات الرجولة تستحق أن تفرد في كتاب، وهذا ما حمله الخطاب على عجلة من أمري، وتشتت من فكري.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
المدينة- الأحد- ١٤٤٧/٢/٩.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

تعليق أ. عدنان السقاف على مقالي "العيش كرجل").

(تعليق أ. عدنان السقاف على مقالي "العيش كرجل").

لقد أبدعتَ يا أبا عبد الملك حين حرّرت مفهوم الرجولة من مجرد الملامح والهيبة، وصغته خلقًا وتكليفًا، فالرجولة عقلٌ نيرٌ يسكنه الهدوء لا الغضب، وتقديرٌ للحق لا تهورٌ بالمشاعر. وإن في كلمتك هذه صدىً لقول النبي ﷺ حين وصف المؤمن بأنه “قويٌ في دينه، لينٌ في طبعه، حكيمٌ في فعله”، كأنك في روح النص تنفخ شهيق السُنّة في صدر الرجولة.
في تجاوز الماضي لا إنكاره:
القول بنسيان "صدمات الطفولة" يثير في النفس مشاعر متباينة. فالإسلام لا يأمرنا بمحْو الماضي، بل يدعونا لجعله ترياقًا للحكمة لا جرحًا يتقيّح، والله تعالى يقول: “والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة”، فما كانت الصدمة إلَّا معبرًا للوعي؛ إن أحسنا استثماره، وكانت التجربة قنطرة إلى الصبر. كما كان يوسف عليه السلام رجلًا لم تهزمه الطفولة في الجب، بل مكّنته في القصر والسجن.
الرجولة بين العقل والعاطفة:
لقد وصفت الرجل بأنه عقلاني والمرأة عاطفية، وهذا التقسيم - وإن كان له بعض الجذور في التجربة - إلَّا أن الكتاب والسنة لا يجعلان المشاعر عيبًا، ولا العقل حكرًا، بل قال تعالى: “وخلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”، فالعاطفة مكون من السكينة، وهي قيمة قرآنية نبيلة لا انفعال مذموم. والرجولة في الإسلام ليست في كبت الشعور، بل في تهذيبه وتزكيته، كما جاء في قوله تعالى: “قد أفلح من زكاها”.
الرجولة في سياق الأمة لا الفرد:
نعم، لقد أصبت إذ وصفت الرجل بأنه كائن اجتماعي، يبذل ويخطط ويعلّم ويصلح؛ فإن الرجولة في القرآن لا تُفهم إلَّا في سياق الأمة، كما في قوله تعالى: “من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه”، فالرجال الصادقون تجاوزوا الذوات وارتقوا إلى مراتب التكليف؛ فصاروا أعمدةً لغيرهم، لا عالةً عليهم.
الكرامة والشرع في ميزان الرجولة:
وأما قولك: “الرجل حقًا من يقول نعم أو لا في موضعها”، فهو صورة دقيقة للرشد، فالرجل يتزن قوله بين جلال الشرع ووقار المروءة، فلا يذلّ، ولا يطغى، بل يحفظ نفسه في مقامات العدل، ولا يرضى الهوان، ولا يُستدرج إلى الصلف، فهو في كل ذلك حارسٌ لحدود الله، متأدبٌ مع خلقه.
✨ يا أبا عبد الملك، لو شاء القلم أن يفرد لكل سمة من سمات الرجولة بابًا؛ لجاء الكتاب موسوعةً لا تكفيها المجلدات، ولكنك بهذا الخطاب الموجز؛ قد غرست النواة، وسقيتها من ماء الفكر الصادق، والمرجعية الإسلامية المتينة، فبارك الله في قلمٍ يذود عن الفضيلة، ويدعو إليها بأدبٍ وفكرٍ وخلق.

عدنان السقاف.

تعليق أ. عدنان السقاف على مقالي "العيش كرجل").

(تعليق أ. عدنان السقاف على مقالي "العيش كرجل").

لقد أبدعتَ يا أبا عبد الملك حين حرّرت مفهوم الرجولة من مجرد الملامح والهيبة، وصغته خلقًا وتكليفًا، فالرجولة عقلٌ نيرٌ يسكنه الهدوء لا الغضب، وتقديرٌ للحق لا تهورٌ بالمشاعر. وإن في كلمتك هذه صدىً لقول النبي ﷺ حين وصف المؤمن بأنه “قويٌ في دينه، لينٌ في طبعه، حكيمٌ في فعله”، كأنك في روح النص تنفخ شهيق السُنّة في صدر الرجولة.
في تجاوز الماضي لا إنكاره:
القول بنسيان "صدمات الطفولة" يثير في النفس مشاعر متباينة. فالإسلام لا يأمرنا بمحْو الماضي، بل يدعونا لجعله ترياقًا للحكمة لا جرحًا يتقيّح، والله تعالى يقول: “والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة”، فما كانت الصدمة إلَّا معبرًا للوعي؛ إن أحسنا استثماره، وكانت التجربة قنطرة إلى الصبر. كما كان يوسف عليه السلام رجلًا لم تهزمه الطفولة في الجب، بل مكّنته في القصر والسجن.
الرجولة بين العقل والعاطفة:
لقد وصفت الرجل بأنه عقلاني والمرأة عاطفية، وهذا التقسيم - وإن كان له بعض الجذور في التجربة - إلَّا أن الكتاب والسنة لا يجعلان المشاعر عيبًا، ولا العقل حكرًا، بل قال تعالى: “وخلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”، فالعاطفة مكون من السكينة، وهي قيمة قرآنية نبيلة لا انفعال مذموم. والرجولة في الإسلام ليست في كبت الشعور، بل في تهذيبه وتزكيته، كما جاء في قوله تعالى: “قد أفلح من زكاها”.
الرجولة في سياق الأمة لا الفرد:
نعم، لقد أصبت إذ وصفت الرجل بأنه كائن اجتماعي، يبذل ويخطط ويعلّم ويصلح؛ فإن الرجولة في القرآن لا تُفهم إلَّا في سياق الأمة، كما في قوله تعالى: “من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه”، فالرجال الصادقون تجاوزوا الذوات وارتقوا إلى مراتب التكليف؛ فصاروا أعمدةً لغيرهم، لا عالةً عليهم.
الكرامة والشرع في ميزان الرجولة:
وأما قولك: “الرجل حقًا من يقول نعم أو لا في موضعها”، فهو صورة دقيقة للرشد، فالرجل يتزن قوله بين جلال الشرع ووقار المروءة، فلا يذلّ، ولا يطغى، بل يحفظ نفسه في مقامات العدل، ولا يرضى الهوان، ولا يُستدرج إلى الصلف، فهو في كل ذلك حارسٌ لحدود الله، متأدبٌ مع خلقه.
✨ يا أبا عبد الملك، لو شاء القلم أن يفرد لكل سمة من سمات الرجولة بابًا؛ لجاء الكتاب موسوعةً لا تكفيها المجلدات، ولكنك بهذا الخطاب الموجز؛ قد غرست النواة، وسقيتها من ماء الفكر الصادق، والمرجعية الإسلامية المتينة، فبارك الله في قلمٍ يذود عن الفضيلة، ويدعو إليها بأدبٍ وفكرٍ وخلق.

عدنان السقاف.

قصة قصيرة- ("الأسد المريض" في "وادي الذئاب)

قصة قصيرة- ("الأسد المريض" في "وادي الذئاب").

كانت روضة من رياض الجنة، يسودها الأمن، ويلفها السكون، وهل شيء أعظم في الوجود من الأمن؟!
ثم كانت أحداث وأحداث، حتى سطا القوي فمزق الضعيف، وأخذ البريء بتهمة المدان، ونُصبت المشانق، وحزت الرؤوس، وكسرت العظام، وقلعت الأظافر، وفقئت العيون، وكان ما يستحيى من ذكره وما لا يحسن التصريح به، اغتالوا الفضيلة، وزرعوا الرذيلة، وصودرت العقول، بل هجرت العقول المفكرة من تلك البلاد، وقرب الخائن، وأبعد الأمين، وكانت شهوة الأسد في تلك "الرياض" التي استحالت بهمجيته وسطوته إلى "غابة" في المشي وراءه بكل خنوع وذل، وألا يصدر من أي فرد من أفراد تلك الغابة المروعة إلا ما يهوى سماعه، وما يروق لخططه وفكره، فلا يرضى أن يهمس أحدهم همسا دون إذنه، وكل من عارضه، هشم عظامه، وقطع رأسه، أو يتركه حيا يذوق مر العذاب من زبانيته الظلمة المتوحشين، الذين يتوقون لرائحة الدم، ويعشقون الدم، ويسبحون ويهللون إن رأوا شلالات الدم تسيل في "وادي الذئاب"...
استهل "حكم العرش" بالتهديد الشديد، واختزل "فكرة الوطن" في شخصه البليد، ثم مضى يتبختر في مشيته مع زبانيته، لا يرى إلا نفسه، ولا يسمع إلا نفسه، ولا يقدس إلا نفسه، يتوق أن يسمع دوما "القائد الخالد"، "صائد الرجال"، "زعيم الأمة العربية"، وألقاب هي في الحقيقة أبعد ما تكون عن شخصية هذا "الأسد المريض"، بل هي مناقضة له تماما...
كان أسدا شرسا، عنيدا، لا يؤمن بالحوار، ولا يسترشد بالرأي، حتى قال عنه مرة خال هذا الأسد: كل أسد في كل غابة عنده مستشارون يستشيرهم، إلا ابن أختي، عنده مستشارون، هم يستشيرونه!!!
وكانت تلك "الغابة" محكومة بحكم أناس أقل من حكم هذا "الأسد المتعجرف" ظلما، ثم لما سطا حزب هذا "الأسد" على العرش، صفى كل معارضيه، حتى من المصفقين له، بل أعز أصدقائه، لأنه لم يرق له، فهذا الأسد - كما صرح مرارا وتكرارا - يعرف خائنة الصدور بما تبديه نظرات العيون، وحركات الأيدي!
تحول حكم "الغابة" في عهد هذا "الأسد المريض" من حكم "الحزب الواحد" و "الفكرة الواحدة" إلى "حكم العائلة والعشيرة"، إلى "حكم القائد الواحد"، وتبخرت الشعارات الحزبية في هواء مفعم بالسموم والحشرات...!
حفرت الذئاب في "وادي الذئاب" لهذا "الأسد المريض" كل حفرة، ونصبوا له كل "فكرة قاتلة"، فاللعب مع الذئاب - ليس ذئبا ولا ذئبين - أمر خطير للغاية، لا يحسن عواقبه هذا اللاعب ب "الأوراق المكشوفة"، المصدر لكل خطاب غبي، متزمت، متصادم، فهو "أسد شرس"، نعم، لكنه لا يحسن "سياسة المراوغة" فلو كان أمام "ثعالب"، لسقط في الفخ، فكيف بذئاب في "وادي الذئاب"؟!!!...
لعب "الأسد المريض" لعبته، ولعبت "الذئاب" مع الأسد، فنصبوا له الكمائن، وحفروا له الحفر، وشقوا له الأخاديد، وفي سلسلة طويلة مدروسة ب "فكر الذئاب" و "مكر الثعالب"، سقط "الأسد المريض" في الشَّرَك، بعد استنزاف ثروات تلك "الرياض" التي حولها بطغيانه إلى "غابة"، لا تسمع فيها إلا "صوت القائد"، و "فكر القائد"، ولا تقرأ فيها سوى "خطاب القائد"، و "أهداف القائد"، وذلك الشعار "عاش القائد"، وكأن البلاد لا تقوم إلا على الشعارات والصيحات والهتافات، دون العمل والتخطيط، والفكر والتنفيذ، والشورى، والتفاهم...!
المهم في "وادي الذئاب" سقط "الأسد المريض"، بعدما سطا على كل ضعيف، وقهر كل مقهور، واستبد بالعرش، ولم يعترف بالحوار، واتخذ من الصدام منهج حكم وتدبير، سقط غير مأسوف عليه، لظلمه وطغيانه، لكنه فاجأ الجميع باستسلامه، ولم يطلق زئيره كما كان يفعل في الماضي، حيث صك الآذان بقوته وعنفوانه، وصوته المنادي بالنضال في الميادين، وعدم الانسحاب، ومن ينسحب خطوة، كان مصيره الإعدام، والقتل، وأن يموت تحت التعذيب، لكن الميزان في فكر "القائد الخالد" أن يموت كل شيء، ليحيا هو، فالخلود له دون الأتباع والرعاع والسفلة من رعيته، هذه الأفعال هي بمثابة "شاهد عيان" على تلك الحقبة الزمنية التي حكمت بها تلك الغابة، فكان مصيرها التخريب والحرق، والتطاحن وحفر الحفر من بعض الرعية لبعض، دون مراعاة لحرمة وطن، ومسيرة شعب، وهذا ما يورثه كل "أسد مريض" في "وادي الذئاب" عندما يلعب ب "الأوراق المكشوفة" أمام "ذئاب" و "ثعالب"، يتقنون اللعبة، ويعرفون الكر والفر، وهم "رواد المسرح" و "قادة الإخراج"، و "أبطال التمثيل"، فماذا يحسن "الأسد المريض" أمام كل هذه الجموع المحتشدة بكل فكر متقد، وذهن متوثب، وهو لا يحسن غير شيء عظيم واحد "تكشير الأنياب المهترئة" بفعل عوامل التعرية، وما معه إلا كل سلاح مهترئ صدء، حتى الزئير لم يكن كما كان في الماضي، فقواعد اللعبة قد تغيرت، والحرب تدار من وراء ستار، ولا حكم للصوت مع السلاح، فهو يجهد الحنجرة والحبال الصوتية دون أدنى فائدة، ولا تسمع الصوت في "وادي الذئاب" إلا إذا اشتد الألم، فهنا قد تنفع الصيحات للتنفيس عن شدة الألم فحسب، لكن أنى لل "الأسد المريض" أن يفهم "قواعد اللعبة" أو "قانون الحبل" أو "نظرية الإقناع" أو "فنون الحرب" وهو لا يحسن أن يسمع سوى زئيره؟!
في النهاية: سلم "الأسد المريض" ما خلف من "ميراث عفن" لألد أعدائه، ولكن لدهائه أكمل "المسرحية"، واجتر في رصيده "أتباع كل ناعق" وهم "فروخ الدجال"، فصفقوا "يحيا القائد"، "عاش القائد"، وهو الذي طعن الوطن في خاصرته، والفكر في صميميته، واغتال كل عقل مفكر، ومنع أي رأي مستبصر، وهو الذي باع "الجمل بما حمل" عندما سقط جريحا مصروعا في "وادي الذئاب"، لعنجهيته وسلطويته، واستبداده بالرأي، وما تثيره خطاباته "التقدمية" من جعجعة، وصدق المثل العربي القائل: "جعجعة ولا أرى طحينا!".
المهم في "وادي الذئاب" أن يسقط "الأسد المريض" فعلا، لكن تنصب له "تماثيل" و "أصنام"، حتى يلعبوا من "خلف الكواليس" بعقول الرعاع من "أتباع كل ناعق"، فيصيرونهم بفعل مكرهم ودهائهم إلى "مجرد أدوات" يلعب بها "المخرج"، ويوجهها كيف يشاء...
 ففي "وادي الذئاب" على "أتباع كل ناعق" شيء واحد: "التصفيق الحار"، لكل "صنم"، أو "تمثال"، هم يصدرون الأفكار، و "أتباع كل ناعق" يصفقون لكل "فكرة قاتلة" و "فكر مسموم"، لأن المخرج في "وادي الذئاب" لا يريد عقولا مفكرة، يريد أن يصفقوا ويهللوا لكل "فكرة فاشلة" نبعت من واديه "المشلول"، لتستقر في أرض عدوه، فلها يزرع، ولها يخطط، ولها ينفذ عبر "أتباع كل ناعق"، وقد وفر على نفسه عناء "العسكرة" و "التجييش"...!
يكفي في "وادي الذئاب" أن تصدر "كلب شارع" ليصبح "الأسد المريض"، فيخرج "أتباع كل ناعق" - يتسللون عبر كل سبيل فاشل وطريق ملغوم - يهللون ويسبحون بحمد "الأسد المريض"، حتى يجثو "الجمل بما حمل"، فيتقاسمه كل مريض، ومن ليس بسوي، فعندها قل بصوت بالغ التأثير: على الوطن السلام، وعلى العقول "أحسن الله عزاءكم"، إذا تحكم "الأسياد" في العبيد، وعبثت الذئاب، وسطت الأسود، ومنعت الكلمة، وألجم الخطاب، وأغلقت الأفواه، في تلك الحال قل: عاش "الوطن"، ومات "الصنم"، وإذا كان للذئاب والتعالب مكر، فلأصحاب العقول النيرة فكر، وإذا كان سلاحهم الظلم، فسلاح المفكر عدالته وعقله، وهل أمضى سلاحا من عقل وفكر، وهل سيف أشد وقعا من "العدالة" وهل حكم فوق "حكم الحق"؟!
فلكل حر: اهتف بصوت العدالة: عاش الوطن في ظلال العقل والفكر والعدالة.
لكل حر: قل: هذا عقلي ليس للبيع ولا للإيجار.
لكل حر: هذا ضميري، وهذي حريتي، أذود عنهما بكل غال ونفيس.
لكل حر: العقل والفكر والعدالة والضمير، لا تشترى ولا تباع، إلا في "وادي الذئاب"...
لكل حر: بوابة الأحرار "الأمثال"، وبوابة الذئاب "الحبال"، وما لا يُغلب ب "الحبل"، يغلب ب "المثل"، فاستقوِ بالكلمة على "جور السيف"، ولا تبع ضميرك في "وادي الذئاب"، مهما كلف الثمن، فما الحر إلا بضميره، وإن رأى "أتباع كل ناعق" في ازياد، فما هم إلا ك "الجراد"، وما الأحرار إلا ك "الرياح" تهب على "الجراد" فتطيره كل مطار "وإن غدا لناظره لقريب"، كما تقول العرب...

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الثلاثاء- ١٤٤٧/٢/١١.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الاثنين، 4 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (زيادة العلم والقلق)

قيد الخاطر- (زيادة العلم والقلق)

كلما زيد الإنسان في علمه وفقهه، وأدبه وثقافته، وأوتي حسن اطلاع وفهم للواقع وطبيعة المجتمعات، كلما زيد في قلقه، أو خوفه، أو توجسه - كأنه يمشي في حقل مليء بالألغام -، فالجاهل يتخبط ولا عليه، يمشي سبهللا، كيفما اتفق، ولا يدقق، ولا يحقق، ولا يحلل، كما أشار إلى ذلك المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله * وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
بخلاف العالم أو المثقف، يقرأ كثيرا، ويفتح له في باب السؤال والاستنتاج، والتحقيق والتدقيق، والتحليل والحكم، وقد يظل عشر سنين أو أقل أو أكثر، وربما يموت، ولم يصل إلى حكم قطعي في قضية أو عدة قضايا، فلذلك صاحب العلم والمعرفة، صحيح يتعب كثيرا، لكن يتنعم بتعبه، وذاك الجاهل، صحيح مرتاح، لأنه لا يدقق ولا يحقق ولا يحلل كالعالم، لكنه يشقى بجهله ولا بد، فأن تعيش عالما مدققا محققا، طالبا للعلم والأدب والثقافة والمعرفة، وتجهد العقل بالتفكير، خير من أن ترتع في رياض الجهل، التي تعقب التخمة والتضخم والتعالي والغرور، والترف والزور، وذاك سوء على سوء، لأن مبرر التعالي منتف عند الجاهل، ولا يعني ذلك مشروعية التعالي للعالم، لكن داعيه لدى العالم أقوى بكثير من داعيه لدى الجاهل، فتدبر يا رعاك الله. 
قلت ذلك عن معايشة وتجربة في سياحتي في رياض العلم، وساحات المكتبات، وغوصي في بطون الكتب.
 والحل:
 لا تقلق، ولا تصادم ما يكون من انفعالات بسبب كثرة المقروء ومناقضته للواقع مثلا، وامشِ الهوينا، وفكر، واعمل، وجاهد في سبيل العلم والثقافة والأدب والفكر والمعرفة بوسطية الإسلام ومنهج القرآن، تفلح.
هذب نفسك بآيات القرآن، وأحاديث النبي العدنان - عليه الصلاة والسلام -، واجلدها بسياط المواعظ والتذكير، وتواضع للحق، وارحم الخلق، تبلغ طريق السلامة، وما عليك من ندامة، والسلام. 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- الاثنين- ١٤٤٧/٢/١٠.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

الأحد، 3 أغسطس 2025

قيد الخاطر- (خواطر متفرقة)

قيد الخاطر- (خواطر متفرقة)

١- العطاء في المنع، أوسع من المنع في العطاء، وأبرك، وأنفع، فما زوي عن المؤمن من خير يرجوه، فلن يراه - بيقينه وإيمانه - إلا في صالحه ومنفعته دينا ودنيا، وما يعطاه من خير - يظنه ظاهريا كونه خيرا - لا يكون في حقه خيرا إلا إذا استعمله في طاعته سبحانه، أو أدى به إلى معصيته، لكن آلت به إلى الانكسار والندم والتوبة.
٢- من لا يؤمن بالتغيير، يكثر من التبرير.
٣- ما ينقصنا من العمل أكثر مما ينقصنا من العلم.
٤- العمل روح العلم.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- السبت- ٨ صفر، ١٤٤٧.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

شذرات من بطون الكتب- (الطريق السالم إلى الله تعالى)

شذرات من بطون الكتب- (الطريق السالم إلى الله تعالى)

بين يدي كتاب جليل القدر، عظيم الخطر، ألا وهو (الطريق السالم إلى الله تعالى).
مؤلفه/ أبو نصر، عبدالسيد بن محمد البغدادي الشافعي، المعروف ب "ابن الصباغ"، ت سنة ٤٧٧، رحمه الله. 
تحقيق/ حسام صلاح، و د. أحمد البشير. طباعة دار الفتح، ط١، ١٤٤٥.

وهذا الكتاب جاء تلبية لسؤال يسأل فيه السائل: ما هو الطريق السالم من الشوائب إلى الله تعالى، فبين في كتابه إجمالا ما هو الدين، وأهم الاعتقادات والعبادات، وكذا السلوك، في ترتيب متناسق دون توسع - بخلاف الغزالي في الإحياء -.
ومن مميزاته: تصدير المباحث أو الفصل بآية أو حديث، وقلة الأحاديث الضعيفة فيه - مقارنة بالإحياء -، وصغر حجمه كذلك.
أما عقيدته، فقد قال بعضهم سلفي العقيدة، ونصر محقق الكتاب أنه أشعري. 
وهذه بعض الشذرات من هذا الكتاب الطيب المبارك:

١- أفضل الأمة العلماء، فإنهم ورثة الأنبياء، قال الله سبحانه: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم). ١٣٩.
٢- وإنما يتمكن الإيمان من القلب بطول الفكرة. ١٥٤.
٣- وقال الحسن: "باليقين عبد اللَّه، وباليقين طلبت الجنة، وباليقين هرب من النار". ١٧١.
٤- ليس الغرض من الصلاة أفعال الأبدان، والأذكار باللسان، وإنما الغرض الذكر بالقلب والخشوع. ١٨٠.
٥- وقالت امرأة عثمان حين دخل عليه: "لئن قتلتموه، لطالما أحيا الليل بركعة يقرأ فيها القرآن". ٢١٣.
٦- وروي عن الأوزاعي أنه قال: كان علي بن عبدالله بن عباس يسجد كل يوم ألف سجدة. ٢٣٦.
٧- واعلم أن جماع الخير في الزهد في الدنيا، وحبها رأس الخطايا. ٢٦٧.
٨- وحكي أن المسيح - عليه السلام - قال: "الدنيا قنطرة، فاعبروها، ولا تعمروها". ٢٧٠.
٩- عادة الله تعالى مع عباده أن الخائف من الفتنة، معان، لأن ذلك من الطاعات والعبادات. ٢٧٩.
١٠- وقد قيل: "من أيس من شيء، استغنى عنه". ٣٠٥.
١١- قال الحسن رحمة الله عليه: "حق لامرئ الموت مورده، والساعة موعده، والوقوف بين يدي الله عز وجل مشهده، أن يطول حزنه وحسرته". ٤٥٩.
١٢- وقال الحكم: "من كثرت ذنوبه، ولم يكن له من العمل ما يكفرها، ابتلاه الله بالحزن، ليكفرها عنه". ٤٦٣.
١٣- الحياء من الناس طبع، والحياء من الله سبحانه معرفة وعلم، فمن لا يحركه طبعه للحياء، لا يحركه علمه. ٤٧٥.
١٤- وقال بعض الشعراء:
قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشبِ * إن الحريص على الدنيا لفي تعب
لو كان يصدقني ذهني وفكرته * ما اشتد حرصي على الدنيا ولا نصبي 
أسعى وأكدح فيما لست أدركه * والدهر يقدح في زندي وفي عصبي. ٤٨١.
١٥- وقال بعض العلماء: "قد يدخل الرجل ذنبُه الجنة". ٥٢٩.
١٦- الكبائر لا تكفرها الصلوات في الشريعة. ٥٣٣.
١٧- واعلم أن الدعاء المسموع كان عن الإخلاص والخضوع، ولا يسمع الدعاء والقلب ساه. ٥٥٤.
١٨- ينبغي أن تنصح أخاك المسلم وتأمره من فعل الخير بما ينفعه، وإن لم تفعله أنت. ٦٠٢.
١٩- وقيل لمحمد بن المنكدر: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان. ٦٠٦.
٢٠- وقيل لبعض الحكماء: فلان بعيد الهمة، قال: إذن لا يرضى بمنزلة دون الجنة. ٧٣٢.

تم بحمد ربي تعالى. 

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
الدوداء- السبت- ٨ صفر، ١٤٤٧.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com